أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بودريس درهمان - حول اقتصاد الجنس بالمغرب















المزيد.....

حول اقتصاد الجنس بالمغرب


بودريس درهمان

الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 02:43
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يمكن لأي خبير اقتصادي مغربي، كما يمكن لأي صحافي متمرس أو أي محلل و متتبع نبيه أن يسرد معطيات اقتصاد الجنس سواء بداخل دول الاتحاد الأوروبي أو بداخل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول المتقدمة، كما يمكن لهؤلاء الخبراء و المحللين أن يحددوا بدقة حجم الرأسمال المتداول بداخل هذا القطاع. هذا الحجم اللايتصور من الرأسمال المالي المكون من عائدات اقتصاد الجنس يغري بعض السياسيين و الإعلاميين بل و يغري حتى الحكومات الوطنية بداخل دول العالم المتخلف، خصوصا الحكومات التي لازالت أنظمتها القضائية و التعليمية و الصحية تحتل أسفل درجات الترتيب في السلم العالمي.
هذا الحجم الهائل من الرأسمال الجنسي جعل اقتصاد الجنس يزحف رويدا رويدا على عقول و أذهان المغاربة، و أصبح أباطرته يعبدون الطرق و الممرات بداخل نظامنا الاقتصادي الغير مهيكل. الأباطرة يقومون بهذا، في حين بعض الخائفين على سمعتهم من التلوث سرعان ما يعملون جاهدين على دفع التهمة عنهم عبر كتابة المقالات: فكم من صحافي و كم من كاتب عمود رأي و كم من مثقف يتناول موضوع الجنس فقط بدافع إبعاد التهمة عنه في حين كان أولى و أصح أن يتناول أحد هؤلاء هذه الظاهرة من وجهة النظام الاقتصادي المستنبت المرعي و الموجه لخلق فرص الشغل الملوثة و تدمير البنية الأخلاقية و البنية النفسية الممانعة للأفراد و الجماعات...
الدراسات التاريخية لظاهرة اقتصاد الجنس في المغرب غير موجودة تماما لسبب بسيط و هو أن هذا الاقتصاد لم يكن موجودا قط في التاريخ المغربي؛ لقد كانت هنالك عاهرات و قوادات و كان هنالك شواذ و لكن اقتصاد الجنس لم يكن قط موجودا.
خلال سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي مثلا، تقريبا في كل المدن المغربية، و في كل القرى و المداشر كان هنالك ثلة من العاهرات و القوادات و ثلة من الشواذ. كانوا يلازمون أماكنهم المعهودة و لا واحد من أفراد المجتمع الأسوياء كان يولي لهم أي اهتمام، غير المنحرفين و الشواذ طبعا؛ أما في الحاضر فأصبح لهؤلاء العاهرات و القوادات والشواذ عصبونات اجتماعية و طرق سيارة للمعلومات بالإضافة إلى معامل و أندية للتفكير، ناهيك عن أباطرة أشداء يقدمون لهم كل الحماية و الدعم...
هؤلاء الأباطرة الجدد أصبحوا مخيفين، فالدولة تحارب حاليا أباطرة تجار المخدرات و لكن تحارب كذلك حتى أباطرة تجار الجنس، لأنها أقتنعت أخيرا بأن معظم هؤلاء هم مصدر الانفلاتات الأمنية التي تقع في معظم المدن المغربية. بعض وسطاء هؤلاء الأباطرة "المجنسين" sexués أصبحوا يحثون المتهورين من الشباب و بعض المنحرفين من الراشدين على القيام باستعراضات جنسية وسط الشارع العمومي لدرجة أن بعضهم في بعض المدن المغربية التي تعرف ازدهارا ملحوظا اصبحوا يمارسون اللواط بلا حياء و لا حشمة
لقد اكتسح هؤلاء الوسطاء "المجنسين" تقريبا كل المجالات المتعلقة بالتمثلات بما فيها حتى المجال اللغوي حيث أمموا لأنفسهم المفردات و التعابير، و أصبحت
المفردات التي يستعملها المتكلم العادي الغير مجنس ذات حمولة جنسية تحيل إلى الثقافة التي يريدون استيطانها بداخل أذهان و عقول ما تبقى من أسوياء هذا المجتمع. بواسطة هذا القاموس يهيئون المخيال الجماعي و يكتسحونه.
التحولات الرأسمالية التي اجتاحت معظم مناطق العالم، بعض تجلياتها بدأت للتو تهب على نظامنا التداولي التاريخي و من بين هذه التجليات تشكل الرأسمال الجنسي و النظام الاجتماعي الجنسي. هذه التحولات الرأسمالية هي جوهر المعضلة. الصحافيون و المثقفون و المعبرون عن أرائهم الذين يحاولون دفع التهمة عنهم فقط معتمدين في ذلك على تصريح إنشائي مكتوب في مقالة صحفية يخص قضية الشواذ مثلا، مثلهم مثل أولائك الأشخاص الذين لا يروا سوى نقطة سوداء بداخل لوحة مزركشة. هذه اللوحة المزركشة هي لوحة اقتصاد الجنس المروع الذي يربح المسافات تلو المسافات من أجل استعبادنا و تشييئ ما تبقى من كرامتنا التي استباحتها الرساميل الجبانة الأخرى. هذه اللوحة المزركشة فيها حانات اقتصاد الريع و كباريهات اقتصاد الريع، فيها كل شيء، فيها الانتاجات السمعية البصرية،و القصص الخيالية حول الأسوياء، فيها الاستيهامات، فيها كل ما تريدون، المعامل الصناعية السرية، المتاجر المختصة في تسويق أدوات الجنس، من ألبسة و أصفاد و كرباشات و غيرها من الضمادات والعقاقير الصيدلية المقوية للرغبة و المقوية للعضلات. اقتصاد الجنس اقتصاد متكامل يتداخل فيه الصناعي بالأمني و الإعلامي بالثقافي و السياسي بغيره.
الشريحة الاجتماعية الجديدة لاقتصاد الجنس مثلها مثل كل الشرائح الاجتماعية الملتصقة عضويا بالرأسمال، هي فاقدة لوجودها المستقل و تعيش على الاستيهامات مثلها مثل شريحة العبيد بداخل النظام العبودي البائد. هذا النظام تميز تاريخيا بسيطرة السيد على باقي العبيد حيث كان هذا السيد يستبيح أجسام العبيد و يستبيح عقولهم بل و يستبيح حتى أجسام نسائهم و أجسام أطفالهم و رغم ذلك في الأحاديث اليومية لهؤلاء العبيد كانوا يتحدثون عن فحولتهم الجنسية و عن رجولتهم. كان هذا تاريخيا أما اليوم بداخل المجتمعات الحديثة و بداخل المملكة المغربية بالخصوص فجمعية واحدة هي من استطاعت أن تنظم نفسها بصراحة و تقف بكل شجاعة أمام وسطاء اقتصاد الجنس الذين يريدون استعباد أجسام الأطفال الأبرياء. هذه الجمعية هي جمعية "ما تقيسش ولدي" أما جمعيات و منتديات الدفاع عن الحريات الفردية فهي جمعيات لم تأخذ بعين الاعتبار الأساس المادي و القانوني الذي يتأسس عليه اقتصاد الجنس، فهذا الاقتصاد يؤسس ذاته عبر بعض المطالب المتعلقة بالحريات الفردية؛ لأنه خلال المرحلة التاريخية التي تكون فيها الكتلة الجماهيرية المسماة شعب غير قادرة على فرض خياراتها سواء لجهلها بمصالحها أو لعدم قدرتها على المواجهة و التدبير ، خلال هذه المرحلة تصبح فيه بعض المطالب حول الحريات الفردية أساس مادي صلب لاكتساح اقتصاد الجنس لباقي الاقتصاديات الأخرى المنتجة. هذا النوع من الاقتصاد يزحف حاليا على المجتمع ليأكل مما تبقى من رصيده التاريخي و الاجتماعي.



#بودريس_درهمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية الصحراء و ربيع الشعوب المغاربية
- كيف يسير العالم؟
- الديمقراطية المغربية من المدرسة السلوكية الى بيداغوجيا الاهد ...
- الحكم الذاتي... الخيار الأوروبي بالقانون
- New World Order النظام العالمي الجديد؟؟؟
- الإشاعة واقتصاد الريع
- رباعيات خيام العولمة
- مشكل الصحراء بين -قيمة- الاتنية و مبدأ -القرابة التشريعية-
- أمنتو حيدر و المعاهدات الدولية
- الشبكة في ظل زمن النهايات
- من أجل تسريح التاريخ
- ضحايا التاريخ النظام العالمي الجديد
- الإطار التاريخي السياسي العام لبناء العقل الوطني
- حول فكرة -الجمهورية-
- الاستفتاء لا يتضمن مبدأ -تقرير المصير-... بداخل تشريعات الدو ...
- القضية الأممية المشبوهة
- أمنتو حيدر و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- نظرية التواصل الجماهيري و المجتمعات الاسلامية
- خسارات القوميين


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بودريس درهمان - حول اقتصاد الجنس بالمغرب