|
عوائق ادماج الامازيغية في المنظومة التربوية بالمغرب
لطيفة دوش
الحوار المتمدن-العدد: 2879 - 2010 / 1 / 5 - 00:55
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ان المتتبع لمسار القضية الامازيغية وخاصة الجانب المتعلق فيها بادماج الثقافة واللغة الامازيغية في المنظومة التعليمية لا يسعه الا ان يؤكد ان مطلب ادماج الامازيغية في التعليم كان من اولى الاولويات للحركة الامازيغية لذلك ومن منظور حرصها الحقوقي التاريخي على الثقافة واللغة الامازيغية، من خلال العديد من المحطات التاريخية وعلى راسها ميثاق اكادير الذي شكل وشدد على العديد من المطالب من اجل الحفاظ واعادة الاعتبار للهوية والثقافة الامازيغية باعتبارها الثقافة والهوية الاصلية للمغرب وشمال افرقيا، ومن منظور مساهمتها منذ العقد الأخير من القرن الماضي من اجل الاقرار القانوني والحقوقي للبعد الهوياتي الامازيغي، وايمانا منها بان قطاع التربية والتعليم يعتبر المدخل الطبيعي للتنشئة الاجتماعية لأجيال المستقبل على ثقافة ولغة الأصول والهوية والثقافة المغربية الامازيغية الاصلية. لذلك فان الجسم الامازيغي متمثلا في اطر الحركة الثقافية لا يسعه الا ان يدق ناقوس الخطر بخصوص مآل هذا المطلب والذي يعتبر شريان هذه الثقافة الامازيغية والمحدد لمآلاتها الممكنة و تبعا لذلك لا يسعنا الا التذكير بانه ورغم مرور اكثر من ستة سنوات على قرار ادماج الامازيغية في المنظومة التعليمية فان التجربة أبانت على العديد من العراقيل والكثير من الالغام الموضوعة في طريق الادماج والتي حالت دون نجاح التجربة ومنها: على مستوى الحماية الدستورية: حيث نجد ان الدستور المغربي لم يستبطن بعد الحق في تكريس الهوية واللغة الامازيغية على اعتبار انها واقع تاريخي وحق من الحقوق الثقافية للانسان المغربي أسوة بالبلدان التي تعيش نفس التجربة الثقافية واللغوية. الشيء الذي ترتب عنه غياب الغطاء القانوني والحقوقي الملزم لمؤسسات الدولة لكي تكون الدولة مرآة للمجتمع التاريخي المغربي. وذلك على الرغم من المطالب المتكررة للاسرة الحقوقية والتي الحت في العديد من المحطات على ضرورة التنصيص على اللغة الامازيغية في الدستور استجابة للمواثيق الدولية لحقوق الانسان وخاصة المواثيق المتعلقة بالحقوق الثقافية والتي تعتبر الخصوصيات الثقافية من اولى الاولويات الجنس البشري حماية للتعددية من العولمة الجارفة وعلى راس هذه المواثيق الاتفاقية 169 لمنظمة العمل الدولي والاعلان العالمي للشعوب الاصلية على الصعيد التشريعي: حيث شكلت المادتين 115 و116 من ميثاق التربية والتكوين الاداة القانونية التي حالت دون تعميم عملية الادماج بحيث اعطى هذا الاطار القانوني حرية الاختيار للسلطات التربوية الجهوية من اجل استعمال اللغة الامازيغية وادماجها في المنظومة التربوية. وهذا ما ترتب عنه انه من اصل 16 أكاديمية في المغرب فان 9 أكاديميات فقط هي التي تتبنى تدريس اللغة الامازيغية وهذه الاكاديميات توجد بالخصوص في مناطق الاطلس اللساني الامازيغي مما يؤكد فلسفة الفصل 115 من الميثاق القائمة على اعتبار تدريس اللغة الامازيغية مجرد اداة للاستئناس وتسهيل الشروع في تعلم اللغة الرسمية.لذلك فان فلسفة ميثاق التربية والتكوين وعلاقته بالثقافة واللغة الامازيغية لم يستجب بعد للهدف المتمثل في الحفاظ على البعد الامازيغي للمغرب باعتبار الثقافة محددا اساسيا للهوية والثقافة المغربية. على مستوى الذهنية المجتمعية: حيث ان المؤسسات الرسمية والغير الرسمية لم توضح بعد وبالملموس الهدف من ادماج وتدريس الامازيغية، والمكاسب الرمزية التي ستترتب عن هذه العملية.ذلك ان عملية الادماج في المؤسسات التعليمية لم تواكبها عملية الادماج داخل مؤسسات الدولة الاخرى والمؤسسات الخاصة من خلال الاستعمال الرسمي لهذه اللغة وما ينبغي ان يواكبه من فرص التشغيل داخل دواليب الدولة والوزارات التي لها صلة مباشرة باللغة الامازيغية كالعدل والداخلية والصحة وغيرها حيث يعاني الانسان المغربي الناطق بالامازيغية مشكلة التواصل وما يترتب عنها من اغترابه في وطنه. وهذا ما يوضح ان الارادة الحقيقية تتطلب وضع مخطط استراتيجي يوضح ان عملية الادماج الهدف منها اعادة الاعتبار للبعد الامازيغي على مستوى مؤسسات الدولة وان التمكن من اللغة الامازيغية يشكل المدخل للحفاظ على الانسية المغربية، وراسمال رمزي يحقق مكانة اجتماعية ويؤدي الى مصاف النخبة عوض النظرة القدحية المتفشية في دواليب الدولة. على مستوى الآليات والميكانيزمات التقنية للادماج: حيث ان المخطط الاستراتيجي بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الاطر والمعهد الملكي للثقافة الامازيغية والذي وضع سنة2003 من اجل ادماج اللغة الامازيغية في الاسلاك الابتدائية عرف بدوره تعثرا كبيرا بحيث ان الهدف المتمثل في تعميم التجربة في أفق الموسم الدراسي الحالي أي 2009-2010 لم يتحقق الشيء الذي ترتب عنه فشل الرهان هذا الفشل المرتبط بعدم جدية الوزارة الوصية في تعاملها مع ملف تدريس الامازيغية والمتمثل في عدم تعاون العديد من الاكاديميات على الصعيد الوطني بل واستهتارها بمسألة الادماج وتدريس الامازيغية اضافة الى مسألة الخصاص في الاطر وحتى حينما يتم تكوين الاطر من قبل المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، فان الحركة الانتقالية كثيرا ما تعيق استمرار تدريس الامازيغية في مدرسة دون أخرى هذا بالاضافة الى ضعف التكوين في مجال تدريس اللغة الامازيغية وما يترتب عنه من عدم تقويم كفاءات التلاميذ المكتسبة في مجال اللغة الامازيغية، وعدم احتساب نتائج التقويم في المعدلات الدورية للتلاميذ في معظم المدارس وما يترتب عنه من غياب الحوافز المادية والنفسية لدى الاساتذة والتلاميذ على السواء. لذلك فان المتتبع لعملية ادماج الامازيغية في المنطومة التربوية لا يسعه الا التذكير بالمواثيق الدولية والخطب والرسائل الملكية التي توجب على الدولة المغربية، ومن اجل انجاح مسلسل ادماج اللغة والثقافة الامازيغية في المنظومة التربوية المغربية، توفير الارادة السياسية الحقيقية للقطع مع ممارسات الماضي بخصوص التعاطي مع الثقافة الامازيغية وذلك من خلال توضيح الغرض الحقيقي من عملية اادماج اللغة الامازيغية في المنظومة التربوية وتوفير الغطاء الدستوري والقانوني من خلال تعديل المقتضيات القانونية التي تحد من عملية الادماج ومنها الفصل 115 من ميثاق التربية والتكوين. والعمل على ايجاد المبررات المادية والمعنوية من اجل التعجيل بعملية الادماج والتعميم والاهتمام بالمحيط السوسيوثقافي، من خلال رد الاعتبار لكل ما هو امازيغي، لما فيه خير للمواطن المغربي والذي يسعى للتنشئة داخل دولة الحق والقانون.
#لطيفة_دوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|