أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - بصحبة زوربا














المزيد.....

بصحبة زوربا


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2877 - 2010 / 1 / 3 - 21:28
المحور: الادب والفن
    


دعاني أحد الأصدقاء لتناول العشاء في أحد المطاعم اليونانية، قلت له بأنّي أفضّل الذهاب لأيّ مكان آخر. أصرّ صاحبي على معرفة السبب، فأخبرته بأنّ اليونانيات غالبًا ما يتسبّبن لي بالإحراج. دهش صاحبي لكنّه أصرّ على المضيّ إلى هناك.
جلسنا ليس بعيدًا عن الساحة المخصّصة للرقص، وأشحت بوجهي طِوالَ الوقت عن الساحة، وانهمكت في تناول وجبة شهية من السمك. طلبت القهوة وكنت أتمنّى مغادرة المطعم في أقرب وقتٍ ممكن. لكن صاحبي طابت له الموسيقى اليونانية وسرعان ما أخذ روّاد المطعم بتكسير الصحون المخصصة لهذا الغرض، للتعبير عن بهجتهم وفرحتهم. طلب صاحبي عدّة صحون وأخذ هو الآخر يكسر ليعبّر عن الحنق والقهر الناميين في ذاته. الجدير بالذكر بأن هذه العادة حُظِرَتْ في بعض الدول الأوروبية لتقي المرتادين من أذى الزجاج. لكنّ اليونانيين مبدعين، وقد تمكنّوا من استبدال صحون الزجاج بأخرى غير مؤذية.

خرجت إلى ساحة الرقص بضعة فتيات يونانيات وأخذت ينقرن الأرض بمهارة فائقة. آخر مرّة ارتَدْتُ خلالها مطعمًا يونانيًا، قذفت إحدى النساء الراقصات محبس شعرها فوق الطاولة أمامي، وحين سألت مضيفي اليوناني عن مغزى هذا التصرّف، أجاب بأنّها دعوة للرقص. يا لها من طريقة تعبّر من خلالها المرأة عن رغبتها بالتواصل مع الرجل الذي تعجب به. قلت له وماذا إذا رفضت مراقصتها، فقال بأنّ هناك عشرات الأعين التي تحدّق بك الآن يا صديقي. لعنته في ذاتي وذهبت لأتيه بين خطوها وحركاتها المعقّدة. تُرى، هل أصلنا حقيقة من جزيرة كريت كما يدّعي البعض افتراءًا، للتشكيك بأصولنا الكنعانية؟ همست تلك المرأة ببضعة كلمات ناعمة وواعدة، وأنا لم أفهم شيء من قاموسها. قلت لها (أفخاريستو) وتعني شكرًا.

شكرتها على جرأتها لدعوتي، شكرتها على حضورها الأنثويّ الجميل الذي ملأ أمسيتي عبقًا. عادة ما يلاحق الرجل المرأة التي يعشق ويحبّ، ولكنّ الفتيات القادمات من حضارة عريقة وقديمة لا يتوانين لحظة واحدة في التصريح عن رغباتهن. إنّها الحياة بكلّ هواجسها وحزنها وتناقضاتها ترتسم أمامي وأنا أدلق فنجان القهوة استعدادًا لمغادرة المكان. وعندها صدحت موسيقى كانت مألوفة لديّ. زوربا حلّ بيننا بجرأة وسخاء. ونهض الجمع للرقص على أنغامه.

كانت تضع في شعرها عدّة ورودٍ حمراء، وكأن زوربا قد أشعل في روحها قناديل الحياة والعبث، لم تبعد أنظارها عنّي. كنت أقرأ في ذاتها بصمات من طاقة شابّة لا تنفذ، وأنا الرجل الأربعيني، أرغب بممارسة الكسل والبقاء جالسًا فوق كرسيّ مريح. امتدت أصابع يدها نحو خصلات شعرها، أخرجت الورد من معاقله وعصفت كياني بابتسامة قبل أن يتطاير الورد فوق رأسي ومقعدي، تبع ذلك تصفيق حادّ، لكنّه زوربا، ذاك الذي رقص وسط الخراب لتنفلت روحه المتمرّدة نحو الأبديّة. كيف أرفض دعوتها وقد ضحّت بالورد الذي كان يزيّن رمز أنوثتها! أتقن الرقص بالكلمات، والقفز فوق خيمة الدنيا دون رقيب. لكن زوربا في تلك اللحظة لامس روحي، فقاد خطواتي خلال رحلتها الأنثوية العاصفة نحوي، انحنيت لألامس الأرض وأضرب فخذي! وكانت هي تدور كالفراشة حول نيراني، وكانت هي تدور حول قوافي قصائد ما تزال تنتظر عناوينها وبحورها، قصائدٌ هائمة في فضاءات الهوى دون رقيب.





#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عودي يقتلني إبداعك (1)
- كلّ هذا من أجل رجل!
- الأزواج الأربعة وأنسنة المجتمع
- من قال بأن الغول مات!
- الزنابق والأعناق المكسورة
- أحلامٌ في مهبّ الريح
- كلوشار
- صفعات
- الشاعر البلغاري بيتكو براتينوف
- مائدة في رابعة الزمان
- ليس من عادتي البكاء
- رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
- الرحلة رقم (001) الحلقة الثانية
- الرحلة رقم 001
- العرب يحسنون الخسارة
- ملك الغجر
- لا شيء سوى الجنس!
- جدوى خطّة سلام الدكتور أفنان القاسم
- ما بعد الأبديّة بفرسخ
- تلك المرأة


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - بصحبة زوربا