|
في أطول حوارٍ أُجري معه :حامد المالكي في مواجهة مع علي وجيه
علي وجيه
الحوار المتمدن-العدد: 2876 - 2010 / 1 / 2 - 12:07
المحور:
الادب والفن
يصعب تقديم حوار كهذا ؛ رُبَّما لامتزاج الجنون بالعمل الصحفي ؛ والتجريب بالرتابة ؛ والمألوف مع نقيضه ؛ وأن تحاور كاتباً يكتبُ صفعاته المؤرخة على الورق لتمتدّ إلى كل المشاهدين ؛ أرى تقديم هذا الحوار مغامرة : لندعه بلا مقدّمة فهذا أفضل : أليس كذلك؟؟؟... واجهه: علي وجيه
- حامد المالكي : أرى – في أعمالك – عمليّة أرشفة : قد تكون أرشفة جمعية مثل مسلسل "فوبيا بغداد" الذي أرشفتَ به أزمات العراق بصورة عامة و مسألة اغتيال الأطباء بصورة خاصة ؛ وفردية مثل مسلسل " الرصافي " وغيره ، هذه الآليّة تكاد تكون جديدة جداً على الدراما العراقية،أن تمارس أرخنة بلد أو أرض ؛ ألا تتفق معي؟ • كل نص درامي هو نصٌ أرشيفي ؛ حتى نصوص الخيال العلمي هي أرشفة لوهم الإنسان والموجود بداخل هذا الكاتب أو ذاك ؛ أفلام الرعب كذلك : هي أرشفة لحالة الخوف التي سيتلقاها المتلقّي ؛كل نص درامي هو نص أرشيفي شئت أم أبيت ؛ الكوميديا هي الأخرى أرشفة للضحك والتراجيديا أرشفة للحزن ؛ وهناك – بالطبع – دراما السيرة التي شأنها شأن كتب السيرة ؛ والتي هي أرشفة للشخصية والمرحلة التي عايشتها والمكان الذي عاشت فيه ؛ وهي بالنهاية ليست حقيقية بل هي وجهة نظر الكاتب الدرامي في هكذا نصوص ؛ فكلّ نص درامي هو حالة أرشفة. - المكان : وحسب آراء النقّاد المتعددة ؛ هو القطرة الأولى في ذات الكاتب ؛ و هو باني اللُبنة الأساسيّة في قلم الكاتب : والمكان هو من يخلق الشخصيّات : أُريد أن أسألك عن المكان الذي تستقي منه شخصيّات أعمالك ؛ طبائعهم ؛ أشكالهم ؛ إلخ..؟ * المكان ليس مرتبطاً ببلدٍ القصة أو حدث القصة ؛ بل المكان لا يرتبطُ سوى بالعاطفة.. - إذاً : إلى من تنتمي عاطفة حامد المالكي؟ * كل نص له عاطفة ومكان خاص ؛ وهو في النهاية مكانٌ مُتخيَّل حتى إن كتبتَ "المكان : بغداد" ؛ لا يُمكن أن تكون بغداد الحقيقيّة بل بغداد المُتخيَّلة في ذهن الكاتب. - كـ"يوتوبيا"؟ * لا ؛ هي مدينة طيّبة وخبيثة ؛ جميلة وقبيحة ؛ كلّ التناقضات الموجودة في العالم موجودة فيها ؛ كلّ هذا أنت تصنعه في ذهنك ككاتب درامي ؛ العملية تشبه كتابة الرواية ؛ الإختلاف في النهج وآليات الكتابة فحسب،لكن الجهد الخلاّق هو واحد ؛ يعني أنّك تقول في الرواية "حدث في بغداد" : لكن أي بغداد؟ ؛ بغداد الذاكرة وليس الحقيقيّة : المكان هو العاطفة والذاكرة ؛ وأنا أميل للمكان الذي يمتلك شَحْناً عاطفيّاً عالياً لكي يبرر القصّة الدراميّة ؛ لو أراد أحد أن يتعلم السيناريو عليه أن يتعلم هذه القاعدة " الشحن العاطفي يولّد عملاً درامياً عالياً" لذا خلدت تراجيديات الإغريق وشكسبير ؛ أبسن العظيم ؛ تينس وليامز ؛ وغيرهم،في كل مسرحية كان هناك نص درامي يمتلك كمّاً هائلاً من الشحن العاطفي : تفسير هذا الشحن العاطفي يحتاج إلى ساعات طوال.. - قرأتُ لك قصصاً قصيرة ؛ مقالات ؛ قصائدَ نثرية ؛ وعلمتُ أنَّك مصوّر فوتوغرافي ؛ صحفي ؛ والكثير من الإختصاصات ؛ حامد المالكي إلى أيٍّ من السياقات ستنتهي،الرواية او السيناريو؟... * سأنتهي كاتباً روائياً ؛ يُعجبني ماركيز ونجيب محفوظ اللذان بدءا كتابة السيناريو وانتهيا إلى روائيّينْ ؛ أعتقد أن الجلوس لساعات طويلة أمام الطاولة وكتابة (1200) صفحة – وهي عدد صفحات المسلسل التلفزيوني - خلال فترة قياسية تُعطي تمرينا هائلا للكتابة الروائية؛نرجع للموضوع الشحن العاطفي مُجدداً : كتابة 200 صفحة روائيّة رُبما تأخذُ وقتاً أكثر من وقت كتابة 1200 صفحة لحملها شحنا عاطفيّاً؛انفلات الخيال في الرواية مُشكلة وليس حرّية كما يعتقد البعض ، في التلفزيون ليس هناك انفلات في الخيال ؛ لكل شيء ضوابط : مثلاً لا أستطيعُ كتابة مشهد جنسي – تلفزيونياً – لا تُوجد ممثلة عراقية تُمثّل هذا الدور ولا يوجد ممثل يجسّد ذلك،ولانملكُ رقابة تسمح بهذا المشهد وأمثاله،ولانملك عائلة تُشاهد هذا المشهد! ؛ في الرواية أستطيع كتابة مشهد كهذا بكل بساطة ، الحريّة المُنفلتة مُشكلة ؛ في الأدب وفي الحياة ؛ كما نرى في العراق،كلّ مشاكل العراق موجودة في الرواية!.لذلك سأنتهي روائياً...بدأتُ بمشروعي الروائي – على مهل - ، عندما أجد نفسي روائيا فـ"خلاص" ، سأطلّق السيناريو بالثلاث ومن دون رجعة. - بالثلاث!!! • بالثلاث. - قلتَ قبل قليل " هناك ضوابط في التلفزيون" لكن جذب إنتباهي أمر ؛ هو اللُغة الشعرية في حوارات شخصيّاتك ؛ ألا تعتقد هذا ابتعاد عن الواقع ويُعطي هُلاميّةً للشخصيّة؟ فضلاً عن أنه يضرّ – رُبَّما – بمسألة الأرشفة التي ذكرتَها ؟ في مسلسل "البقاء على قيد العراق" لاحظتُ أن 90 بالمئة من الشخصيّات كانوا شعراء من حيث يشعرون ولا يشعرون!!... • اتفقنا أن النص الدرامي هو نصّ أرشيفي ؛ لكنني أميل إلى كتابة الحوار بطريقة شاعرية وخصوصاً في المشاهد المُحتدمة – وليس دائما – وأضربُ لك مثالاً عن مسلسل هو (البقاء على قيد العراق)،كتبتُه رسالة إلى الشعب العراقي لكن للأسف عُرض في محطةٍ نسبة مشاهدتها قليلة وهي السومريّة ولا أعرف لماذا! برغم أنها معتدلة وربّما هي القناة الوحيدة غير المموّلة لأسباب آيدلوجيّة وسياسيّة ؛ أردت من هذا العمل أن ألامس شغاف قلب العراق ؛ الشعب ؛ الناس ؛ كنتُ أريد منهم أن يتفرّجوا على المسلسل ويسمعوا قصيدة من الشعر الشعبي العراقي فبدأت أستخدم الصور الشعرية وكل عناصر الشعر الشعبي في حوارات المسلسل الشعبية لشدّ الإنتباه وهذا ما نجحتُ فيه وكان أكثر الناس معجبين بلغة الحوار في هذا المسلسل ؛ أنا أهتم بالحوار بشكل عالٍ وأعتبر النص الدرامي الجيّد هو النص الحواري الجيد ؛ البعض يعتقد أن الأهم هو القصة لكن وصلت الى قناعة هي النص الدرامي الجيد هو الحوار الجيد ؛ ولو جردتَ مسرحيات شكسبير من قوة الحوار الشكسبيري لأنتهت مهما كانت ثيماتها جيدة. - لمن تكتب يا حامد؟ • لا يحتمل السؤال جواباً فلسفيّاً ؛ الجواب بالطبع هو أكتب للناس.. - لكن في مسلسل ( الحُب والسلام ) والذي قرأتُهُ ك"سيناريو" وجدتُ إشارة إلى "خريف البطريرك " لـ"ماركيز" وهي إشارة تصبّ في مركز الرواية وليس استشهاداً بالعنوان ؛ هذا من جهة،وقصيدة النثرلـ"بودلير" ؛ كلاسيكيّة القصيدة العموديّة!" من جهة أخرى ؛ فهذه الأشياء لا يعرفها كل الناس يا حامد...! * البطل في هذا المسلسل هو مثقف وشاعر فيضطر الى التكلم في هذه الأمور ؛ "خريف البطريرك" ثيمة أساسية في المسلسل لأن الضابط الذي يقرأ أحداث هذه الرواية سوف يجد التشابه بينها وبين أحداث العراق 1984 فيقرر الهروب من الجيش ؛ في هذه المسألة نوع من الإستفزاز! ؛ لكي يبدأ المُشاهد بالبحث – بعد مشاهدة المسلسل – عن "خريف البطريرك " ليكتشف بنفسه أسباب هروب الضابط من الجيش ؛ استفزاز معرفي للمتلقي ؛ يجب أن يحمل النص الدرامي مقوّمات النجاح ؛ الحوار الجيّد،والقصة الجيدة،وكمّاً هائلاً من الدهشة والإستفزاز... - إذاً : على ذكر بطل المسلسل ؛ في المشهد الأوّل من سيناريو المسلسل البطل نجدهُ مجنوناً ؛ مُثقفاً ؛ شهيداً ! ؛ محاولاً للإنتحار ؛ قاتلاً ؛ الثيمة الوحيدة التي لم تتغيّر في البطل طوال المسلسل هي ثيمة المثقف ؛ ما الذي أراد أن يقوله حامد المالكي عن المثقف في هذا المسلسل؟!... * الحرب تولد الجنون و أنا اعتقد أن كل من دخل الحرب يحتاج إلى مصح نفسي حتى وإن بدا متوازنا،وأكبر المجانين ليسوا الضحايا فقط،بل هم من صنع الحرب والموت ؛ في النهاية لا يوجد منتصر في الحرب سوى الموت ؛ البطل بدأ مثقفا ودخل إلى الحرب (جندي مُكلّف)لأنه خريج كليّة الآداب ؛ يقرأ في الجبهة الرواية والشعر ويهرب من الحرب إلى دول أخرى ويعمل حارساً شخصيّاً لإحدى السيّدات ويبقى مثقفا يقرأ ؛ في رأسه مشروع ثقافي رُبَّما هو نفس المشروع الذي في رؤوسنا الآن! ؛ أما الجنون فلم يصبح مجنونا بل كان مجنونا منذ المشاهد الأولى حين تخيّل وجود الشبح في الجبهة ؛ عندما بدأ بسماع الأصوات الأصوات في رأسه ؛ الجنون كان بذرة في داخله سُقيتْ بماء الحرب ؛ وتطوّرتْ في حقل الغربة حتى انتهى به الحال نزيلاً في مُستشفى للأمراض النفسية في سوريا ؛ الحرب في النهاية تورث الجنون ؛ أعتقد أننا – في النهاية – كلنا مجانين بسبب هذه الحروب..!. - أنت مجنون إذن!! • رُبّما ؛ فليفحصني أحدهم! ؛ أذكرُ أنني راجعتُ طبيباً نفسياً في فترةٍ من فترات حياتي! - وصريحٌ أيضاً! • ليس لديّ خيار آخر. - إذاً أيّها الصريح : أراكَ دائماً تحاول كسر الأنواع المختلفة من كل" تابو" ؟! • أعتقد أن الإنسانية قد وصلت إلى مرحلة تهشيم كل المحرّمات ؛ الدينيّة والجنسيّة والإنسانية ؛ واعتقد أن العراق كما كان سبّاقا عن باقي الدول العربية بالتحولات الفكرية والثقافية والسياسية والإجتماعيّة طوال تأريخه ؛ سيكون سبّاقا بكسر التابو والمحرّم ؛ كلما حدث شيء داخل الدول المجاورة للعراق فهو بتأثير الحدث العراقي حتى بالعواصف الترابيّة ؛ بدأنا بكسر التابو في الشعر والرواية وحتى الجلسات الأدبية رغم بروز التابو السياسي وبالنهاية بدأنا – وأتمنى أن أحمل شرف اللواء الأول لتكسير التابو – وإن كانت النهاية رصاصة من مغفّل لا يعرف معنى..... - كلمة التابو أصلاً...!!! • بل معنى الحياة ؛ ذهب من قبلنا الكثير من العظماء ؛ حسين مروة وفرج فودة ومحمد باقر الصدر وعلي شريعتي وكل من حاول التغيير يُقتل بدءاً من الحسين وصولاً إلى الشعب العراقي ؛ نريد التغيير فيقتلوننا كلّ يوم بالمفخخات ؛ لا بأس فقد جاء عصر كسر التابو ؛ إلغاء المحرّمات ؛ وسيكون العراق منارة في هذا المجال ؛ ثقْ في كلامي هذا... - هناك ثيمتان تتكرران في أعمال حامد المالكي التي تُعالج الوقت الحالي أو المعاصر ؛ هي ثيمة الحرب العراقية الإيرانيّة من جهة و منطقة الشام وتغرّب العراقي فيها من جهة • رُبّما بتأثير الإغتراب الذي عشتُهُ والذي أعتبره تجربة مهمّة عكس ما يتباكى من أجله المتباكون ؛ أنا لا أبكي من الغربة ! ؛ أنا أحب الغربة! لأنّها أنتجتْ مشروعي الإبداعي ؛ يجب أن يستثمر الإنسان كل شيء حتى الخراب ؛ الغربة خراب استثمرتها في مشروعي الإبداعي لذلك أعمالي الأخيرة تناولت الغربة لأنني كنتُ في لُبّ العاصفة ؛ ومَنْ يصف العاصفة بشكلٍ حقيقي غير الساكن لبّها؟ ؛ رُبَّما عندما أكون في مكانٍ آخر لا سيما وأنني قد عدتُ إلى الوطن سأكتب مواضيعَ سيكون الوطن والداخل فيها موضوعي الأثير لأنني سأسكن في عاصفة الداخل... - والحرب العراقية الإيرانية؟ • لأنني كنتُ طفلاً فيها ولأنني كنتُ أقف بباب البيت وأحسبُ عدد النعوش التي تدخل إلى مدينة الثورة وذات يوم أحصيت في ساعةٍ واحدة ستيّن نعشاً مُغطى بالعلم العراقي فاكتشفتُ أن في الدقيقة الواحدة يموت عراقي! ؛ فبقيت هذه الذاكرة ؛ أتذكر الشهيد جاري الذي فتح أهله نعشه فهربت حتى أمه من رائحته ؛ والكثير من هذه الذكريات التي انطبعت في ذهن طفلٍ صغير ولا بُدّ أن – حسب فرويد – تصبح مشروعا ابداعيا حين يكبُر الإنسان ؛ الطفولة هي سجل البلوغ ؛ وهي عذابات الشيخوخة... - هُناك قولان متنافران ؛ أنتَ من جهة تقول أن الغربة قد أنتجت مشروعك الإبداعي ؛ ويقول النقّاد من جهة أخرى أن المُبدع ينطفئ إن ابتعد عن بئر ذاكرته ومكانه وشرارة عمله الإبداعي ؛ رُبّما لأنّك حديث الغربة لم تنطفئ؟ • قلتُ "ذاكرة الحرب وتفاصيل الغربة " ؛ مازجتُ بين الذاكرة والحدث اليومي ؛ مسلسل الحب والسلام تدور أحداثه عام 2007 وهذا هو مشهده الأول ؛ لكن موضوع القصة هو الحرب العراقية الإيرانيّة وتحديداً عام 1984 ؛ الذاكرة في خدمة الحدث الآني وتعكزه على الذاكرة... - مرحلة الحرب العراقيّة الإيرانية بستانٌ لم يحرثه الكتّاب؟ • ولهذا كنتُ السبّاق في هذا المجال دراميّاً ؛ وأحدهم حاول سرقة نصي... - مَنْ هو؟ • ( بلا مبالاة) شخصٌ ما ؛ وقدّم لنفس الجهة الإنتاجية بنفس الفكرة فضحكت عليه الجهة الإنتاجية ؛ كان قد اكتشف أنني قد دخلتُ إلى بوابة جديدة لم يكتب بها أحدٌ وهي حرب الثمان سنوات ؛ طبعا هذه المرحلة لم تُخدم روائياً ؛ الروايات التي كُتبت عنها روايات تعبوية كُتبت بأمرٍ من وزارة ثقافة صدام ؛ وشعرياً لم يؤرخها سوى بعض الشعراء فقط لكي يطلبوا لجوءاً سياسيّاً في فترة التسعينيّات ؛ ولم يكتبوها بدافع الهم وأرشفة الألم ؛ آن الأوان ألاّ نفكر بالحرب المعاصرة التي نعيشُ بتفاصيلها يوميّاً ؛ علينا أن نبدأ من الحرب العراقية الإيرانية ؛ لماذا؟ وكيف حدثتْ هذه الحرب وماذا ربحنا وخسرنا منها لكي نفهم الحرب الأخيرة... - الناقد د. حسين سرمك حسن يقول بأنّ "أدب الحرب يُكتب بعد الحرب" • وهذا صحيح تماماً ؛ الأفلام التي تناولت الحرب العالمية في الستيّنات والسبعينات كانت سيئة ؛ الثمانينات والتسعينات كانتْ أقل سوءاً ؛ الأفلام التي أُنتجت حالياً ما بعد سنة 2000 كانت رائعة يقف في مقدّمتها (انقاذ الجندي رايان) ؛ (خيط الدم الأحمر الرفيع ) وغيرها ؛ نفهم خراب الحرب بعد نصف قرن..!. - أشعر أن حامد المالكي لم يصل إلى ذروته بعد؟ • الذروة هي الموت ؛ والموت هو حياة جديدة ؛ لم يرجع منه أحد ليخبرنا ما هذه الحياة ؛ عندما أموت سأصلُ إلى الذروة التي تسألَني عنها...!. - ما هو مشروع العمر؟ • لا يوجد مشروع ؛ الحُلم حلمٌ مُستمر ؛ غير محدد.. - حامد المالكي شاعراً؟ • مُحاولات بدأت مع حُبّي لصبيّة حينما كنتُ صبيّاً ؛ و تقمص لمحمد الماغوط الذي اكتشفتُه طفلاً ؛ وتقليد لأدونيس ومحمود درويش ؛ سكنني عروة بن الورد ؛ آخيتُ المتنبي ؛ كُلّها مشاريع في الدُرج لم يطّلع عليها إلا عدد قليل من الأصدقاء ؛ نشرتُ بعض النصوص بأسماء مستعارة ؛ أحد أصدقائي وهو الشاعر عبد الخالق كَيطان قرأ الإسم المستعار هذا فأرسل لي رسالة وكان معجباً كثيراً بالنص فقلتُ له : هذا أنا حامد المالكي اتركْ الأمر سرا ؛ فردَّ : مثلك يجب أن يكون شاعراً ؛ وهذه شهادة منه ؛ لكنني أخشى من الشعر... - لماذا؟ * أعتقد أن كل عراقي مشروع شاعر ؛ لأن الشعر مرتبطٌ بالفجيعة ونحنُ نعيشُ الفجائع ؛ وهكذا يُصبح التنافس صعباً في بلد كله شعراء. - لنترك الأمور الذهنية وسياقات الكتابة ولنرجع إلى أرض الواقع ؛ حامد المالكي أثناء كتابة السيناريو : هل ترسم الشخصيّة لممثّلٍٍ في ذهنك؟ أم تجبر الممثل على التطبّع على شخصيّتك المرسومة؟ * عندما أكتبُ لا أفكّر بهذه التفاصيل ولا أفكّر سوى بتفصيلٍ واحد : يجب أن أغسل يديّ بصابونٍ طيّب الرائحة قبل الكاتبة ؛ أما بقيّة الأشياء لا تسألني عنها ؛ كيف أكتب؟ لا أدري ؛ لمن أكتب؟ لا أدري ؛ في البدء أسكبُ أفكاري بالورقة وبعد ذلك تبدأ المعاناة التعامل مع مخرج قد لا يفهم النص ؛ أو ممثلين قد لا يخلصون لعملهم نظراً لتدنّي الأجور وبسبب الجهل في بعض الأحيان : هذه معاناة أخرى ؛ الشيء الوحيد الذي أفكّر به هو غسل يدي بالصابون أما بقيّة الأشياء فهي من اختصاصات "الديكة"... - مَنْ هو الممثل الذي يجيد تجسيد وصبّ شخصيّة حامد المالكي التي يرسمها داخل بوتقة تمثيله؟ * اخترتُ الممثل (أياد راضي) لتأدية دور البطولة في مسلسل (الحبّ والسلام) ؛ أدّى 690 مشهد من مجموع 1200 مشهد ؛ أي أنّه قام بتمثيل أكثر من نصف العمل وكانت الشخصيّة تراجيديّة رغم أنّه معروف كممثل كوميدي ؛ أعتقد أن أياد راضي أفضل ممثل في العراق (مُستدركاً ) بل أفضل ممثل أنجبه العراق ؛ آلاء حسين حينما أراها في أعمالي : أطمئنُّ ؛ كاظم القريشي مقلُّ معي لكنه يفهمني قبل أن أكتب بسبب علاقتي الوطيدة معه ؛ الكثير من الشباب أتوقع أنّهم سيكونون خير معين لي ؛ مستبشرٌ بـ(مرتضى حنيّص) ابن الشهيد حسن حنيّص ؛ هذا الشاب اتوقع له مستقبلاً كبيراً ؛ مستبشرٌ بـ(أسراء البصّام) مشكلتها لم تتعامل مع مخرج يستطيع اخراج كوامنها كممثلة ؛ الشباب سيكونون كذلك ؛ (سهى سالم) كانت معي في (فوبيا بغداد) كانت ممثلة تجيد اللعب على كلمات النص ؛ (سهى سالم) ممثلة كبيرة أفضل من فهمني مُخرجاً وممثلاً هو (حسن حسني)... - في (فوبيا بغداد)؟ * و (سارة خاتون) و كمخرج في (رسائل من رجل ميت) ؛ فهمني كمخرجٍ وممثل وسر نجاح فوبيا بغداد هو أنّ الممثل كان حسن حسني... - حامد : أريد أن أشاكسك قليلاً ؛ يُقال أن حامد المالكي سيناريست محظوظ وتوفّرت له ظروف لم تتوفّر لكتّاب السيناريو الباقين؟ * (ضاحكاً) لا أعلم ما هذه الظروف! ؛ كاتب السيناريو لا تتوفر له الظروف! ؛ يتوّفر له المخرج الجيّد ولا زلتُ أبحثُ عن مخرج جيّد (تامر اسحق) السوري الذي أخرج لي الحبّ والسلام رُبَّما يكون هو المخرج الذي أبحث عنه ؛ لكن على العكس لم تتوفّر لي أي ظروف ؛ أُنتجتْ اعمالي جميعها في الخارج وهذه كارثة... - كما هو معروف أن المبدع العراقي لا ينجح إلا في خارج العراق ؛ لا يوجد مبدع عراقي واحد حالفه الحظ في الداخل ؛ أنا أتحدث عن الظروف الخارجيّة.. * إذاً : أنا لستُ محظوظاً ؛ بل أن أعمالي جميعها صُوِّرتْ في سوريا! - مسألة أخرى : يُقال أن حامد المالكي غني؟ * نعم ؛ لم لا؟ - انطلاقاً من مقولة "صيت الغنى...."؟! * لا ؛ أنا مرتاح مادياً ؛ أنا مثابر... - إذاً ألا تدخلُ المثابرة والإكثار في مجال الصنعة ؟ * الكتابة صنعة ؛ ومن اعظم الكتب التي قرأتُها هي (صنعة الرواية)... - لـ(كولن ولسن)؟ * نعم ؛ والكتابة صنعة ؛ السيناريو صنعة ؛ السينما صنعة ؛ الفن صناعة ؛ حتى التشكيل صناعة ؛ بدءاً من تحضير القماش ؛ الخلفيّة ؛ اللون واختيار اللون الجيّد والفرشاة الجيّدة ؛ صناعة تصبّ في المشروع والعمل الإبداعي ؛ رُبَّما الشعر وحده لا يحتاج إلى صناعة بل يحتاج إلى ورقة وقلم و فنجان قهوة وحبيبة ولحية كثّة و حقيبة على الكتف والجلوس في المقاهي...!. - على ذكر الحبيبة : هل أنت عاشق دائم؟ * "عشرون ألف امرأة احببتُ" ، هذا مقطع لنزار قبّاني أُردّده دائماً ؛ لا أتصور الحياة بدون امرأة . - لكنك تملك "عشرين ألف امرأة"؟ * وهذا هو سر الحياة ؛ من لا يُجيد الحب ؛ لا يجيد العيش في هذه الحياة ؛ الرجل الذي لا يحبّ مشكوك بولائه... - ولاؤه لمن؟ * لنفسه وللآخرين ؛ لا أصادق شخصاً ليس لديه حبيبة ؛ هذا مريب...!. - كيف رأيت دمشق؟ * يقول الفرنسي ميشيل فورولو : "لكل انسان بلدان : البلد الذي ينتمي إليه وسوريا!" ؛ دمشق مدينة سحرت مظفّر النواب والجواهري حتى ان الجواهري عاند في موته فاختار أن يموت بمقبرة قرب السيّدة زينب والتي يسمّونها مقبرة الغرباء ؛ أبى هادي العلوي إلا أن يكون جليسه آخر الليل هناك ؛ وأعتقد أن مظفّر النواب يرفض العودة إلى العراق لأنه لا يريد أن يفارق صديقيه : الجواهري والعلوي ؛ ثمّ من قال لك أن دمشق مدينة؟ - امرأة؟ * نعم ؛ امرأة مشاكسة بعينين ساحرتين وجدائل من دهشة ؛ دمشق امرأة ترتشف معك القهوة في مقهى الروضة ؛ الجاسوس الوحيد عليكما هو (أبو حالوب)..!. - على ذكر مقبرة الغرباء ؛ دائماً ما يترك المبدع جزءاً من نفسه في أعماله وعلى الورقة ؛ وفي آخر حلقة من (فوبيا بغداد) وجدنا أن البطل قد حفر قبراً له في مقبرة الغرباء ؛ هل رأى حامد المالكي نفسه في البطل؟ * دائماً ما أزور مقبرة الغرباء وأقف على قبور الجواهري والعلوي وجمال الدين وغيرهم وغيرهم من المثقفين العراقيين ودائماً ما أرى في زاوية من المقبرة شاهداً كُتب عليه "هُنا يرقدُ حامد المالكي" ؛ أفتحُ عينيَّ جيداً لأكتشف أن هذا الشاهد مجرد وهم ورُبَّما حالة مستقبلية ؛ مقبرة الغرباء مرتبطة بضريحٍ مُجاور لها يُشبه الأضرحة التي تربّينا على زيارتها في الطفولة ؛ علي والحسين والعبّاس ؛ هو ضريح زينب ؛ يخامرك احساس وأنت تسير بين القبور في مقبرة الغرباء أنَّك في النجف ؛ في اللاوعي تبدأ بالبحث عن قبر والدك فلا تجد غير قبور لأشخاصٍ تعرفهم جيّداً كما تعرف والدك! من خلال كتاباتهم ؛ فتكتشف وتشعر بنفسك في لحظة منفلتة من الزمن جزئياً : أنّك في العراق! ؛ هذا هو سر تعلقنا بدمشق ... لو سألتني : ما الهوية التي تحملها في جيبك؟ لقلتُ لك العراق ؛ أين تحب ان تعيش؟ لقلتُ لك دمشق ؛ هذه الثنائية الغريبة.. - يقول الجواهري : اني شآميٌّ إذا نُسِبَ الهوى واذا نُسبتُ لموطني : فعراقي * نعم ؛ لكنني أذكر قصيدة مظفّر النوّاب عن نهر بردى ؛ الآن بردى جاف ويشبه ساقية صغيرة ؛ أقف عليه يوميّاً من جهة المسجد الأموي وأتذكر هذه القصائد ؛ لا أرى نهراً ، أرى ساقية ! لكنني أشمُّ رائحة بحر !... - وصفتَ دمشق بـ" امرأة مشاكسة بعينين ساحرتين وجدائل من دهشة" ؛ ماذا عن بغداد؟ * بغداد امرأة جميلة جداً لكنها لم تستحم منذ أربعين عاماً!... - ممّاذا؟ * من الكثير من الدرن الذي علّقه الآخرون عليها ؛ من الدم ، البارود ، الصراخ ، الألم ؛ ثم جاء الله ليكمل سلسلة الألم هذه بعاصفة ترابية وزنها 2 مليار طن ! ؛ أي قسوة هذه؟ - مدن أخرى سكنتْ حامد المالكي؟ * القاهرة لأنها مدينة ليلية وأنا أنسان ليلي ؛ وبيروت لأنها المكان الوحيد الذي يصلح فيه أن تكون وحيداً.... - وحيداً؟؟ في بيروت؟! * الوحدة في بيروت : صخب ؛ الوحدة في بيروت حياة كاملة ؛ أحبّ دائماً أن أجلس على مصطبة في شارع السريدير وأقرأ في كتاب ؛ هذا الطقس لا أمارسه إلا في بيروت - البرتو مورافيا يقول :"أنتَ في وحدتك بلدٌ مزدحم!" * هذا ما كنتُ أريد أن أقوله ؛ لكن لا يحق لي أن أقوله إلا في بيروت - ماذا عن البصرة؟ * البصرة أنتمي إليها عاطفيّاً وجذرياً لكنني أخشى من البصرة من سوادها ؛ البصرة التي اعرفها هي بصرة جزيرة السندباد و الخشّابة وفؤاد سالم عندما كان صبيّاً ؛ بصرة السيّاب وهو يحمل كتابه تحت إبطيه عابراً جيكور ؛ أما البصرة الجديدة فأنا خائفٌ منها ؛ رغم أنني وبعد سقوط صدّام فورا اشتريتُ قطعة أرض فيها لأبني بيتي المستقبلي ؛ كنتُ أتوقع أن تكون دبي العراق لا زلتُ أحلم بهذا ؛ البصرة أهم من دبي كموقع وربّما ستكون في العشر سنوات المقبلة البوابة الرئيسيّة الإقتصادية للخليج العربي ؛ أتمنى هذا الشيء للبصرة لكن بعد أن تتخلّص من كل مظاهر العنف الذي نعرفه ؛ لو تخلصت منه ستصبح أفضل من دبي ؛ ستصبح عاصمة الشرق التجاريّة... - ممثلٌ تتمنى أن يُجسّد أحد أدوارك؟ * يحيى الفخراني - شاعر يهزّك؟ * الماغوط - كتاب لا تملّ من قرائته؟ * رائحة الجوّافة ؛ نهج البلاغة ؛ العهد القديم - حلم حياتك؟ * لا أعلم! - رواية تتمنى أن تكون كاتبها؟ * خريف البطريرك - مكان تحب أن تُدفن فيه؟ * حديقة بيتي - مطرب واحد يجعلك تبكي؟ * أندريا بوشيلّي : مغني أوبرا - ملحّن تسحرك أنامله؟ * السنباطي - كوكب حمزة؟ * أكبر مكاسب غربتي - صباح عطوان؟ * كاتبٌ مُجد ورجلٌ مهذّب حدّ اللعنة - يوسف العاني؟ * رجل قدّم حياته للمسرح - سمرقند؟ * الصديقة الوحيدة التي أضحك أمامها بكل قوّتي ولا أعرف لماذا! - حامد المالكي؟ * مزعج - لو لم يكن حامد كاتباً لكان....؟ * سائق تكسي - لماذا؟ * أتجول في الطرقات كثيراً وفي اليوم الواحد أتعرف على العشرات - لكن هذه رغبة الكاتب بداخلك؟؟! * هي كتابة من نوع آخر فيها حوار وفيها قصة وفيها مشاهد وفيها ثيمات متعددة عدد الناس الذين يركبون معك - صفة تكرهها في حامد المالكي؟ * العناد - صفة تحبّها في حامد المالكي؟ * العناد - قصيدة تهزّك دائما؟ * رائعة الفرزدق ؛ ميميّة الفرزدق - على ذكر ميميّة الفرزدق ؛ يقول الفرزدق : لم يقل لا قطّ إلا في تشهّدهِ لولا التشهّد لكانت لاءه نعمُ لمن تقول "لا"؟ * هذا سؤال صعب ؛ حينما قرأتُ هذا البيت حاولتُ أن أمارسه على أرض الواقع ؛ فاكتشفتُ أن من الصعب ألاّ تقول لا في حياتك ؛ الشخص الذي لا يقول (لا) في حياته ؛ يكتبُ عنه الفرزدق قصيدة وهذا شيء عظيم... - أعني هنا (لا) الرفض * وهو المعنى الذي يقصده الفرزدق ؛ من الجود ألاّ يقول الإنسان لا ؛ رافضاً أو ناهياً ؛ في حياتي الكثير من الـ(لا) ولو أردتُ تعدادها لاحتجتَ إلى ساعات طويلة من الإستماع وربّما : البكاء... - لمن تقول (لماذا؟)؟ * للعديد من الأشخاص الذين تسللوا إلى حياتي كاللصوص وخرجوا منها منتشين دون أن يعلموا أنهم قد تحوّلوا إلى مقابر في ذاكرتي على الأقل... - لمن تقول (حرامات)؟ * للكثير من الناس الذين لم أفهمهم جيّداً وأبعدتُهم عن حياتي فاكتشفتُ أنهم كانوا فضلاء وأني قرأتُهم خطأً ورُبَّما غروراً ؛ (حرامات) للكثير من الأشياء التي عُشتها في العراق وكان بمقدوري ألاّ أعيشها ؛ (حرامات) للكثير من الجهد الذي ضاع في مجاملات سخيفة خاصة في العمل! - لنعد إلى دمشق ؛ لو صُبَّتْ دمشقُ كمدينة في امرأةٍ عراقيّة لكانت....؟ * جميل هذا السؤال ( يصمت لمدة طويلة) - الظاهر أنَّك تقلّب الـ"عشرين ألف امرأة" التي عشقتهنَّ؟ * ردّدتُ اسمها في صدري وأكتفي... - أريد أن أسألك عن أم حامد المالكي ؛ ما الذي أورثتْكَ إيّاه؟ * أورثتني مرض القلب والسكّر والضغط وكمّاً هائلاً من الحبّ وحناناً جنوبيّاً وحزناً أبديّاً ؛ كانتْ أمي تُبدلُ ثياب الحداد بثيابِ حدادٍ جديدة ؛ وكانتْ تنشر ثيابها على حبل الغسيل فيقطِرُ دمعها مع الماء ؛ هذه أشياء أورثتُها ؛ سرعة البكاء أيضاً وفرحتُ بهذه الصفة حينما عرفتُ أنّها صفة لعلي بن أبي طالب ؛ كان سريع الدمعة فتباهيتُ بهذه الصفة التي كانت تحملها أمي والتي كانت تزعجنا بها ؛ لأمي رائحة الحائط الذي ترشَّه بالماء عصراً!... - هل تنتمي للفرح؟ * لا أعتقد أن إنساناً يكره الفرح - سألتُكَ : هل تنتمي للفرح؟ * بالتأكيد : وأحياناً لي مجموعة من الأصدقاء نصنعُ فرحنا بالمشاكسات وبالمقالب ؛ الفرح حاجة بايلوجيّة وليست حاجة نفسية... - الآن نحنُ نجلس في منطقة سكنك ؛ حيّ الأمانة : بين منطقة ارستقراطيّة هي شارع فلسطين وبين مدينة تنزفُ فقراً وطيبةً وشعراً هي مدينة الثورة : إلى أي الجانبين تميل؟ * البرجوازية في تفاصيلي اليوميّة ؛ والثورة في تفاصيلي العاطفيّة... - رأيتَ دجلة العراقي بعد عودتِك ؛ ما رأيك بدجلة الذي يبدو وكأنّه مارسَ ريجيماً قاسياً؟ * مَنْ قال لك أن دجلة عراقي؟ دجلة نهر تركي يمرّ في العراق ويضيع هباءً بالخليج ؛ لا يحقّ لنا التغنّي بدجلة طالما ينبع من بلادٍ آخر ؛ يحق لنا التغنّي بدجلة حينما نُجيد الإحتفاظ بمائه - في هذه اللحظة التي نتكلّم بها مرّ رتلٌ أمريكي من أمامنا ؛ ما هي نظرتك للإحتلال؟ * أتذكر قصيدة البرابرة لكافافي "كانوا نوعاً من حل " ؛ أحيانا يكون البرابرة نوعاً من حلّ ؛ ليس كل من يكتب ضد الإحتلال هو ضد الإحتلال ؛ لو سألتَ الرجل في استفتاء عن الخيانة الزوجيّة لقال لك : "أنها شيء فظيع و رهيب وغير جيد" ؛ لكنه في النهاية يمارس الخيانة الزوجيّة ؛ ليس كل ما نصرّح به حقيقي الكثير من المثقفين يدّعون مقاومتهم للإحتلال لأنّه لو فعل العكس سيوضع في خانات أخرى ؛ الكثير من هؤلاء أنا حاورتهم بجلساتٍ خاصّة ؛ يحبّون الإحتلال! ويركضون وراء الإحتلال من أجل مساعدات مالية لجمعيات ومنظّمات وهمية أو لدعم قناته الفضائية أو صحيفته ويتحدث في هذه القناة وفي هذه الصحيفة ضد الإحتلال! ؛ فليس كل ما يُقال ضد الإحتلال حقيقي ؛ لا تُصدّق الألسن صدّق العيون... - أريد أن أسألكَ سؤالاً مجنوناً ! ؛ ماذا يحصل لو حدث انفجار الآن على بُعد مترين ؟ * سأموت.... - سنموت يا حامد! ؛ هل أنت أناني؟ * (ضاحكاً) أخشى عليك ؛ لازلتَ في مقتبل العُمر أو رُبَّما لا أريد لشخصٍ آخر أن يُشاركُني موتي ؛ الموت هو الحالة الوحيدة التي تمارسها دون شراكة... - ما الذي تشعر أنّك لم تقدمه إلى الآن ؟ * الرواية ؛ في كلّ يوم أعاتب نفسي ألف مرّة لأنني لم أبدأ بمشروعي الروائي بعد... - أورثتْكَ والدتك : الضغط والسكّر ومرض القلب ؛ كيف يعيش حامد المالكي مع هؤلاء الأصدقاء؟ * لديك إحساس أن في صدرك قنبلة موقوتة لا تعرف متى ستنفجر - وكيف تؤثر هذه على حياتك ؟ * تجعلك تستعجل الوقت ؛ لكي تنجز همّك بسرعة... - ألا يكون هذا القلب قد تعب من شدة العشق رُبَّما؟ * لا ، تعب من التدخين والسهر - فقط؟! * و القهر - أشعر أن القهر مادّة أساسيّة في كلّ أعمال حامد المالكي؟ * القهر ثيمة أساسيّة في كل تاريخ العراقيين - لديك وعي جمعي؟ * لأنني جزء من الجماعة - أنت مؤرخ لآلام الآخرين؟ * لا ؛ بل محاول للتفسير - وما الاستنتاج الذي وصلتَ إليه؟ * الألم قدرنا نحن في العراق - هل هناك حلّ برأيك ؟ * القيامة! - فقط؟ * "أيامي أيام سقم وانتهت وأيامك أيام نعيم وانتهت : مُلتقانا القيامة" هذا ما قاله عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي لأبي جعفر المنصور من سجنه ؛ أعتقد أن لدينا أعداء : فنقول لهم : "أيامنا أيام سقم وستنتهي وأيامكم أيام نعيم وستنتهي : مُلتقانا القيامة" ؛ سيأتي مكان ما ويوم ما ؛ سنحاسب فيه كل من سرقوا منّا الفرح ... - على ذكر الأعداء : ألاحظ أن لحامد المالكي أعداء كثيرين؟ * أنا لا ألاحظهم ! ؛ أتمنى أن تدلني عليهم كي أعقد معهم صفقة تسامح لعلّي أخطأتُ في حقّ بعضهم - هل هناك أسباب رُبَّما لظهور هؤلاء الأعداء؟ * أنا لا أعرفهم فكيف أعرف أسبابهم؟ - هل هناك محاربين؟ * لا أدري.. - ما الكاتب الذي يخشاه حامد المالكي؟ * كسيناريست؟ - نعم * لا يُوجد! ؛ يوجد كتّاب أخشى قرائتهم ؛ دستوفسكي ؛ وليم فوكنر ؛ غائب طعمة فرمان و السيّاب ... - أراكَ ترتدي سلسلة فضّية على رقبتك دون أن تضع فيها قلادة ؛ ما الذي ستعلّق عليها لو علّقت عليها شيئا ما؟ * عبارة " كُنْ آمناً" - لو وشمتَ ساعدك ماذا ستضع؟ ولا يهم متن ساعدك أُكتب ما شئت وضع ما تشاء؟ * أرسم ضحكة ابنتي زبيدة ؛ وعيون ابني حسن عندما يزعل ؛ وتأمّل ابنتي رويدة و ضحكات ابنتي الحوراء ؛ ثم عقال أبي وشيلة أمي ...وفراشة!.. - ألا تكتب مثلاً كالمساجين "الصبر جميل"؟ أم أنّك تكره الصبر؟ * أكره الصبر... - وماذا تكره أيضاً؟ * القناعة - و؟ * التواضع! - لماذا تكره التواضع؟ * لأنه يشبه المذلّة! - لكن سيقال عنّك شخص مغرور ووووو * (ضاحكاً) ليقولوا! ؛ خيراً من أن تُذلّ - مَنْ صاحب الفضل على حامد المالكي؟ * الكثير من الذين صبروا على نزقي وأولهم عائلتي ؛ ثمّ حامد المالكي نفسه الذي صبر على طلبات حامد المالكي السخيفة!... - حامد المالكي : لو أصبحتَ مُشاهداً موضوعياً لحامد المالكي كيف سترى حامد المالكي؟ * شخص يسير لوحده لا يفهم الناس ولا يفهمونه ؛ في النهاية ينزوي في غرفة صغيرة فوق السطح يشرب العرق وينام!... - هل هذا يعني أن هناك تغرّباً بينك وبين نفسك؟ * لحدٍّ ما ؛ نعم - هل تعتقد أن هذه الغربة النفسية هي التي جعلتك لا تتأثر بالغربة الخارجية حين انتقلتَ من بغداد إلى دمشق؟ * كنتُ أضحك على كلّ من يتكلم عن الغربة! ؛ أكره أغنية سمعتها في حياتي (عندي وطن) لحسام الرسّام لأنني فوراً أجيبه : لم لا ترجع إلى بلدك و "تفضنا"؟ - مطرب تكرهه جداً؟ * الكثيرون ؛ خاصة هؤلاء الجدد الذين يملأون ملاهي دمشق والذين لا يلتزمون بقضية الإنسانية ؛ أكره كلّ من يغني عن الحب! - لماذا؟؟ * ثمّة أمور أخرى أهم في الحياة نستحقّ أن نغني عنها... - أغنية ترددها دائما؟ * ليس أغنية وإنما ثيمة موسيقيّة صغيرة من فيلم (المريض الإنكليزي) والذي وضع موسيقى هذا الفلم شخص لبناني يُدعي (غابرييل يارد)... - ماذا عن أغنية؟ * يا حريمة - لكن "يا حريمة" أغنية عن الحب؟ * لو تأملتَ الحب الموجود في هذه الأغنية لعرفت أنه نوع آخر من الحب ؛ يتحدث عن سرقة الإبتسامات ؛ أعتقد أنها أقسى أنواع السرقة... - هل هناك مازوشيّة في تعاملك مع نفسك؟ * كلاّ : أحبّ نفسي كثيراً فكيف أؤذيها؟ - هل أنت مدلل؟ * جداً ؛ ومتهم بالبرجوازية - لكنك تكتب للفقراء ألا تعدّ هذا تناقضاً أو ازدواجيّة؟ * أنا من عائلة فقيرة ؛ لكن ينظرون لي على أني برجوزاي ؛ ربّما لأنني أدخّن السيجار وأضع العطور الفرنسيّة ؛ وأسكن حينما اسافر في فنادق الدرجة الأولى ؛ لكن الحقيقة أنا أحب نفسي... - هل هذه عقدة نقص بسبب البيئة الفقيرة؟ * رُبّما! - هل تكره الفقر؟ * أليس هو الرجل الذي تمنّى الإمام علي قتله؟ - لكن الفقر موازي للإبداع دائماً؟ * مَنْ قال هذا؟ - اعطني مُبدعاً واحداً لم يكن فقيراً!! * يقول سارتر "الحريّة شرط الإبداع" وأنا أقول "الغنى شرط الإبداع" - الغنى؟ * طبعاً : عندما تكون عائلتك مكتفية ماديّاً ليس أمامك إلا أن تجلس بعد فنجان من القهوة وبعد أن تغسل يديك بالصابون الطيّب وتكتب... - ما هذا الطقس الصابوني! * لا أعلم ؛ رُبّما أخشى أن تتلطّخ الورقة بأشياء أخرى غير الحبر.. - لم أرَ حامد المالكي يكتب عن الفرح؟ يعني حتى في أعمال حامد المالكي العشّاق يسكنون في خيمة ويُهدَّدون كما في (البقاء على قيد العراق)؟ * ولو بقينا في هذا المستوى من الغباء لسكنّا كلّنا في خيمة ؛ العراق خيمة كبيرة فيها شعبٌ يلطم و حتى في لحظات الضحك نقول : (اللهم اجعلها ضحكة خير) لأننا لا نصدّق إننا نضحك ؛ لأننا نتوقع أن تعقبها فاجعة! - حامد : كلمة أخيرة على شرط أن تكون كلمة واحدة؟! * كُنْ آمناً - كلمة واحدة؟؟! * سأنام!
[email protected]
#علي_وجيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحت ضوء (فوانيس) كامل الركابي
المزيد.....
-
رحيل الفنان المغربي محمد الخلفي عن 87 عاما بعد صراع مع المرض
...
-
-العائلة- في سربرنيتسا.. وثيقة حنين لأطلال مدينة يتلاشى سكان
...
-
فيلم عن فساد نتنياهو وآخر عن غزة.. القائمة القصيرة لجوائز ال
...
-
“بداية الفتح” مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 38 مترجمة بالع
...
-
“صدمة جديدة للمشاهدين” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 176 مترجمة
...
-
“كشف حقيقة ليلى وإصابة نور” مسلسل ليلى الحلقة 15 Leyla مترجم
...
-
-الذراري الحمر- يتوج بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية
...
-
بليك ليفلي تتهم زميلها في فيلم -It Ends With Us- بالتحرش وال
...
-
“الأحداث تشتعل” مسلسل حب بلا حدود الحلقة 47 مترجمة بالعربية
...
-
في ذكرى رحيله الستين.. -إيسيسكو- تحتفي بالمفكر المصري عباس ا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|