أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - عودي يقتلني إبداعك (1)















المزيد.....

عودي يقتلني إبداعك (1)


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2872 - 2009 / 12 / 29 - 16:39
المحور: الادب والفن
    




كان يعتبر نفسه أكبر مدافعٍ عن النساء، ولم يكن يترك مناسبة أو محفل دون أن يدلي برأيه ويصرخ بملء صوته دفاعًا عن المرأة!. هي الوردة والحلم المنشود. هي الفرح القادم من صمت الحياة الثقيل.
سألته عن اسمه فَرِحَة، فأجاب:
- سامِر. ودسّ في يدها بطاقة صغيرة تحمل رقم هاتفه.
لم تمانع بالطبع من أخذها وبخجل شديد أخفتها في حقيبتها الصغيرة.
- أرجو أن تستخدمي المعلومات الموجودة في البطاقة .. المرأة يجب أن تتمتّع بكامل حقوقها وأن تختار طريقة حياتها بحريّة مطلقة. لا تتركي قلبك وحيداً في زخم العواطف يا زينب. هذا هو اسمك على ما أظن. أليس كذلك؟
هزّت رأسها موافقة، ما أجمل حديثه؟ هذا رجلٌ مختلف تمامًاً
كانت زينب شجاعة ومرحة وتفكّر بطريقة مختلفة عن قريناتها، وقرّرت سبر أغوار هذا الرجل .. قرّرت قراءة روحه والسباحة في مياهه العذبة. كانت تتوق للتواصل معه ومجادلته ومقارعته والنظر إلى عينيه طويلاً. وكانت تتوق أن تتوه يديها الصغيرتين بين كفّيه القويّتين. كانت تتطلّع إلى شفتيه وكأنّهما نجمتي صباح تهتدي بنورهما إلى عالم اللّذة والإبداع والتألّق.
- ما أعذب حديثك .. أنت رجلٌ مميّز.
طوّقها بذراعه ومسّد شعرها طويلاً ولامست أصابعه ثدييها الناهدين .. وعندها أخذ الرجل في ذاته يتحدّث وليس سامر المثقف والأديب.
- سحرك لا يقاوم يا زينب. وغرقت شفتاه في ثغرها.
تراجعت قليلاً .. أصابتها الدهشة حين شعرت برجولته تحتويها دون مقدّمات أو إشارات أو حتّى ..
- كنت أظنّك مستقلّة! هل تخشين من الحريّة يا زينب؟
- لا .. أنا لا أخشى حريّتي ولكنّي لا أرغب بالمضيّ إلى السرير بهذه السرعة.
أدرك سامِر بغريزته أنّ الوقت لم يَحِنْ بعد لامتلاكها. لقد تسرّع بعض الشيء. إنّه اللقاء الأوّل. بعد بضعة أيام دعاها لمشاهدة إحدى المسرحيات الفكاهية. لبّت دعوته على عجل، ولم تسمح له بعد ذلك سوى بالإمساك بيدها. طبعت قبلة على خدّه قبل أن يغيّبها الظلام ليس بعيدًا عن المنزل. لم يهاتفها خلال الأيام القليلة القادمة، ولم يتواجد في الأماكن المألوفة حتى لا يصادفها أو يقابلها على عجل. شعرت بالإهانة واحتارت في تصرّفاته. وقرّرت الاتصال به فربّما كان مريضًا.
- لا يا زينب .. أنا بخير. ولكنّي بصراحة .. أشعر بأنّك تهضمين حقّي كرجل. أنا أحبّك وأعشق كلّ ما فيك حتّى غضبك ومشاكساتك ورفضك الخجول.
- لقاؤنا الليلة .. قالت زينب وقد أسقط في يدها.

أخذها بين ذراعيه وضغط جسدها ملهوفًا وسرعان ما تعرّى الجزء العلويّ من جسدها. كان يعصر ثدييها وينتقم للجوع الكامن في كلّ خلاياه الشرقيّة. كان يقبّل وجهها وشفتيها ..
ارتدّت إلى الخلف فَزِعَة وصاحت قائلة وقد ضمّت يديها إلى صدرها:
- أنا عذراء يا سامِر .. أنت مسؤول عنّي الآن. هل نسيت بأنّي امرأة شرقيّة؟ ماذا سأفعل دون عذريتي في هذه الغابة؟
- وحريّة المرأة المنشودة، والتمرّد والارتقاء ..
- لا .. هذا كثير يا سامِر .. تزوّجني أرجوك.
- حسنًا . ولكنّي سأمتلكك قبل ذلك.
- هل ستقدم على الزواج منّي حقّاً؟
- نعم .. أنا أحبّك وهذا جلّ ما أريد.
كان له ما أراد. امتلكها تلك الليلة وفضّ بكارتها وأشبع رغبته، وفي اليوم التالي سارع لانجاز معاملات الزواج بعد أن حصل على موافقة أهلها. وبعد شهرٍ من الزمان أصبحت زوجته رسميًّا.

شعرت زينب بالراحة فقد تزوّجت الرجل الذي كانت تتمنّى أن تمضي ما تبقّى من حياتها برفقته. وأخذت تكتب القصص وتنظم الشعر. وكانت مفاجأته كبيرة حين أدرك بأنّ زينب أصبحت سيّدة المنابر وأخذت صورتها وقصصها تتصدّر الصفحات الأولى للصحف واسعة الانتشار.
- لماذا أجدك يا سامر حزينًا؟ أنت ستصبح أبًا بعد بضعة أشهر.
- آه .. هذا ابني الذي تحملينه في بطنك وأحشاءك!
وكأنّه يعني عكس ما يقول. شعرت بالحزن والخوف يسيطر على روحها وكيانها .. إنّه يشكّ في إخلاصي له .. يظنّ بأنّ الطفل الذي أحمله بين أحشائي ليس من مياهه. ربّما كانت مشاعرها خاطئة ولكنّه صاح في وجهها يومًا:
- حان الوقت أن تختاري ما بيني وبين المنابر والصحف. عليك أن تتخلّي عن كلّ هذا البريق الكاذب الذي اختلقته حول شخصك التافه يا زينب؟
.
يا لها من صفعة .. سامر يخشى حريّتها وقدرتها على البقاء بعيدًا عنه وعن عالمه. هي التي كانت وما تزال ترافقه إلى قاعات المحاضرات وصالات المراكز الثقافية، وبالرغم من التعب الذي كان يُنْهِكها كانت تسارع إلى المطبخ بعد ذلك لتعدّ له الطعام، بينما يقضي هو ساعات طويلة في إجراء مكالمات مع أصدقاءه ليستمع إلى كلمات منمّقة تعظّم شخصه وعبقريته. والآن أصبحت زينب تلك المرأة الضعيفة المتعبة والحامل في شهرها الخامس نجمًا ساطعًا في سماء الأدب والإعلام.
- أريد مشاهدة بريدك الإلكتروني الخاصّ.
نظرت إلى عينيه بازدراء وقالت بحزم واضح:
- لكَ ذلك. وسأذهب لأحضّر لك القهوة.
كتبت كلمة السرّ على عجل وظهر الرقم الذي يشير إلى عدد الرسائل التي تنتظر القراءة والردّ. 120 رسالة وبعد ثوانٍ أصبح العدد 122 رسالة. تركته وذهبت لتحضّر القهوة. عادت إليه بعد بصف ساعة ووجدته واضعًا يديه على خدّيه وكأنّ نهاية الدنيا قد حانت.
- من هو عوض عبد الفتاح. من يكون سمير طبيل وأبو فريد والأستاذ سنان؟
- لا أدري يا سامِر. بعضهم كتّاب ومثقفون ومنهم المعجبين والمنافقين.
- وكيف حصلوا على عنوانك البريدي؟.
- نشرته في بعض المواقع من أجل التواصل الإبداعي .. ولكن كما ترى فأنا الآن لا أفتح الرسائل وأحذف معظمها في سلّة النفايات الإلكترونية. أردّ على جزء صغير منها فقط، أردّ على الرسائل المتعلّقة بكتاباتي وأقرأ العروض المقدّمة من دور النشر والصحف والمجلات.

لم يشرب قهوتها ذلك المساء، ومضى إلى الفراش وحيدًا دون أن يحادثها وأدار لها ظهره الليل كلّه. لم يهنأ بنومٍ هادئ تلك الليلة وكان يتقلّب كالملدوغ في الفراش .. وشخر وضرب حافّة السرير في حلمه وشتم وعربد واستيقظ والعرق يتساقط من جبينه.
- كان من السهل عليك التخلّي عن عذريتك دون زواج يا قحبة .. أليس كذلك؟
- لا .. لم يكن من السهل التخلّي عن حياتي وخياراتي يا سامر. وأنا لست قحبة. هو الخيار الأول والأخير الذي اتّخذته في حياتي. خيار أن أكرّس حياتي من أجلك. كنت وما أزال لك وَحْدَك، لم انظر إلى رجل آخر ولم اعرف سوى شفتيك وعالمك.
لطمها على وجهها وصاح:
- لا منابر، لا رجال، لا قصص ولا إبداع زائف .. هل هذا مفهوم؟
- عند المساء سنتحدّث.
- لا يوجد هناك مساء ولن أعود عن كلامي.
ومضى غاضبًا مزمجرًا. تركها شاحبة وحيدة كما لم تكن في يومٍ من الأيام، كانت كالغريق الذي يبحث عن قشّة في خضم المياه العاتية. كيف تقنعه بأنّها إنسان يعشق البيت الذي بناه ولن تحيد عن عشّ الزوجية؟ كيف تقنعه بأنّ الكتابة والإبداع هو حقّها الطبيعي وجميع هذه الرسائل لا تعني شيئًا. إنّه التواصل البسيط والحديث مع عوالم تحلم هي الأخرى في خلق جسرٍ من تبادل الآراء والتجارب؟ إنّها الحياة بيومياتها الحلوة والمرّة. هل هذا هو الرجل الذي عرفته قبل بضعة سنوات .. المدافع عن حريّة المرأة وحقّها في الوجود؟

لقد قرر وضعها في جحرٍ ضيّق وحكم عليها بالوحدة والعزلة المطلقة. ويحاول الآن انتزاع غذاء الروح من بين يديها. إذا كانت خطيئتها أنّها وافقت على معاشرته قبل وضع توقيعها رسميّا على وثيقة الزواج، فهي على استعدادٍ تامّ للذهاب إلى مكّة وطلب الغفران والتوبة برفقته. لكنّها ليست على استعداد للتخلّي عن عالمها وأدبها مهما كلّفها ذلك من ثمن باهظ والذي قد يكون حياتها الزوجية.
عند المساء وجد ورقة على الطاولة وبجانبها وردة. كانت قد كتبت له بالبنط العريض:
- أرجو يا زوجي العزيز أن ترسل هذه الوردة إلى حبيبي سامر.






#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلّ هذا من أجل رجل!
- الأزواج الأربعة وأنسنة المجتمع
- من قال بأن الغول مات!
- الزنابق والأعناق المكسورة
- أحلامٌ في مهبّ الريح
- كلوشار
- صفعات
- الشاعر البلغاري بيتكو براتينوف
- مائدة في رابعة الزمان
- ليس من عادتي البكاء
- رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
- الرحلة رقم (001) الحلقة الثانية
- الرحلة رقم 001
- العرب يحسنون الخسارة
- ملك الغجر
- لا شيء سوى الجنس!
- جدوى خطّة سلام الدكتور أفنان القاسم
- ما بعد الأبديّة بفرسخ
- تلك المرأة
- قلبٌ واحدٌ لا يكفي


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - عودي يقتلني إبداعك (1)