|
حول بيع أراضى مصانع النحاس
محمد عبد الفتاح السرورى
الحوار المتمدن-العدد: 2872 - 2009 / 12 / 29 - 15:13
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
على متن جريدة الأهرام الوقورة كتب الاستاذ فاروق جويدة محذرا من كارثة بيع أراضي مصانع النحاس المصرية الموجودة في منطقة حجر النواتية بمدينة الاسكندرية وها هو الحديث يتجدد مرة أخرى حول هذه الجريمة
تقع أراضي مصانع النحاس المصرية في منطقة شديدة الكثافة السكانية وهي منطقة حجر النواتية كما ذكرنا .... وتحتل هذه الاراضي مساحة شاسعة وكانت يوما ما تعج بحركة العمال وضجيج الآلات وصخب العمل وذلك قبل ان تطولها يد الخصخصة المخربة وخراب التحول الاقتصادي ورغم انني غير محسوب على التيار الاشتراكي ولي عشرات التحفظات عليه سواء من الناحية النظرية أو من ناحية التطبيق إلا أن ما سوف يحدث لأراضي مصانع النحاس المصرية يتجاوز هذا الخلاف الايدلوجي إلى وفاق الوطنية وتوحد المصلحة العليا للبلاد والعباد... يتجاوز الاراء الاقتصادية التي لا ينتهي الخلاف فيها إلى الرؤية الاجتماعية التي لا خلاف عليها.
بوقوع مصر تحت( نير الخصخصة (بعد نير الاستعمار أصبح البيع هو سيد الموقف بيع كل شئ واي شئ أيا كان فإذا كنا لم نستطيع أن نوقف جريمة بيع مصرو تبديد ثروتها الاقتصادية بحكم اننا صدقنا أنه لن يضار عامل واحد من الخصخصة وإذا كنا تخاذلنا وقتها في التصدي لكارثة بيع القطاع العام بالطريقة التي بيع بها.. فيجب علينا الآن ودون تردد أو تأجيل التصدي وبحسم لجريمة (البيع الثاني ...( والبيع الثاني الذي أقصده هو بيع أراضي مصانع النحاس المصرية كأراضي بناء ومن ثم تحويلها إلى مدينة سكنية.
الكارثة ليست فقط في البيع الأول ولا البيع الثاني ولكن الكارثة أيضا أن المنطقة الجغرافية التي تقع فيها اراضي مصانع النحاس المصرية منطقة مكتظة وآهله بالسكان ولا تحتاج بأي حال من الأحوال ولا تحتمل إضاف عبء سكاني إليها
هذه واحدة ... أما الثانية هي إن هذه المنطقة أيضا تحتاج أشد ما تحتاج إلى مساحة خضراء تكون متنفسأ لأهالي هذه المنطقة المأزومة. أنني أعجب من أمر متخذي القرار في بلادنا هؤلاء القوم لا يفتئون في إصدار قرارات ورسم خطط تتعارض في كثير من الأحيان مع مصلحة الناس وتتنافي مع منفعتهم بل وتصيبهم بالضرر في كثير من الأحايين.
أنني اتصدي لجريمة بيع اراضي مصانع النحاس المصرية هنا من منطلقين الأول منطلق عام والثاني منطلق خاص أما المنطلق العام فهو لا يغيب عن ذوي الألباب والعقول السوية منطلق ينبع من الإحساس بأن ما حدث للقطاع العام في مصر يعد جريمة اقتصادية واجتماعية بكل المقاييس ولا دليل على ذلك أكثر من هذه الحالة العصية العجيبة التي تصيب المسئولين في مصر عندما يأتي ذكر العائد من الخصخصة وأين ذهب وبماذا عاد على البلاد من نفع... وهذه الحالة من التشنج التي تصيبهم أجمعين عندما يذكر أمامهم أن سياسة الخصخصة هذه سياسة فاشلة جرت علينا الهوان حتى صار البيع فلسفة لا إجراء ومبدأ لا حل.
أما المنطلق الثاني انطلق من خلاله هو منطلق شخصي بحث فلقد كان والدي رحمة لله يعمل عاملا في هذه المصانع والتي كنت أرى شعارها مرسوما على( النتيجة السنوية )المعلقة على حائط منزلنا لقد كان هذا شعارهذه المصانع في حد ذاته يمثل كل معاني العمل والكفاح وكرامة السعي وراء الرزق كان يمثل كل معاني الرجولة .... لقد كان الشعار لمن لا يعرفه عبارة عن صهريج مائل يسيل منه النحاس المنصهر شعار يدل على عرق الصناعة وليس على رفاهية الاستيراد واستسهال البيع والتفريط... واتذكر ايضا إن والدي أخذني معه ذات مرة ولكني الآن للأسف لا استطيع ان أذهب بأبني الصغير لزيارة مصانع ) جده ) لان هذه المصانع صارت أطلالا وخرابا بسبب الخصخصة و ما جرته علينا من خراب ينعق فيه البوم ويحلق فوقه الغربان.
إذا كنا قد فشلنا جميعا ..فرادي ومؤسسات.... أحزاب ونقابات.... في وقف خصخصة ثروة مصر وبيعها بثمن ) لا يعرفه أحد) هذا إذا فرضنا أن ما بيع له ثمن وهو بالفعل لا يقدر بثمن نقول إذا كنا قد فشلنا في ذلك فيجب علينا الآن ألا نتمم هذا الفشل بفشل آخر وأن نتصدى لهذا الإجراء حتى لا تكتمل هذه الجريمة.
إن صدق الكلام فعلا عن نية تحويل اراضي مصانع النحاس المصرية إلى مدينة سكنية فهذا معناه اننا نسكت عن كارثة حقه وإذا كان ما تم قد تم والبيع صار حقيقة لا مفر منها فعلى الاقل يجب علينا ان ننقذ ما يمكن إنقاذه وإن نحاول وبحمله على جميع المستويات ان نوقف هذا المشروع المدمر للبيئة والذي سوف يضيف عبئا كبيرا على مرافق هذه المنطقة السكنية الكثيفة.
اننا في هذا المقام نطالب بتحويل اراضي مصانع النحاس المصرية إلى مسطحات خضراء أو ملاعب مفتوحة يرتع فيها شباب واطفال المنطقة والمناطق المحيطة والذين لا يجدون الا الشوارع الضيقة كي يلعبون فيها أو يقفون على نواصيها يرقبون المارة ( والمارات) بعيون يملاءها الفراغ واليأس .... حولوها إلى مركز كبير للشباب أو إلى نادي اجتماعي بسيط الاشتراك ... لا تبيعوها اراضي بناء لأنه في الحقيقة ليس بناء بل هدم ... هدم للانسان وللوطن لعل بكلماتي هذه اكون قد وفيت جزءا ولو بسيطا من حق الوطن ومن حق أبي على فسلام عليهما ويحق عليهما السلام
#محمد_عبد_الفتاح_السرورى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضد البرادعى
-
الأقباط والقومية العربية
-
نضال المرأة من أجل الكرامة
-
الطلاق الفورى و الطلاق الغيابى
-
فى نقد العقل العربى
-
الصمت الذى صنع فقها
-
الصحافة الدينية والمرأة
-
دفاعا عن سيد القمنى
-
تناقضات البخارى فى روايات ليلة القدر
-
السلفيةالارثوذوكسية
-
الحرية فى الاسر
-
حول كتاب برهان غليون- محنة العقل العربى
-
عرض رواية مزرعة الحيوانات
-
نقد فكر النقل
-
الاسلام و الحداثة
-
المخيال العربي في الاحاديث المنسوبة الي الرسول
-
النقيضان
-
هذا ردنا - الرد على الدكتور محمد عمارة
-
البدونة
-
العقلية المنبرية
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|