|
لماذا اعلنت الحرب على القاعدة في اليمن ؟
بكر أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2871 - 2009 / 12 / 28 - 10:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
كان من المستغرب ن تظل الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى التمرد الحوثي باعتباره شان يمني داخلي بل زادت الأمور غموضا حتى بعد دخول السعودية هذه الحرب وهي ألتي تعتبر ضمن دائرة المصالح الأمريكية التي يجب حمايتها حيث ظلت أمريكا تنفي أية علاقة بين الحوثيين وإيران رغم العداء الظاهر والواضح بين البلدين . من المفهوم أنه لا يمكن جر أمريكا إلى كل صراع داخلي ناتج عن فشل الأنظمة المركزية في دولها، فالولايات المتحدة الأمريكية ليست دولة مرتزقة تلبي إي نداء للحرب ، بل هي دولة عظمى قائمة على النهج الرأسمالي الذي يسعي في العالم فيما يعود بالفوائد الاقتصادية عليها أو فيما يحمي نطاق دولتها ومصالحها أولا وأخيرا ، ومنطقة الشرق الأوسط هي أحد تلك المناطق التي تعتبر من دائرة النفوذ الأمريكي الذي لا يمكن التهاون فيها إطلاقا على الأقل المناطق النفطية في الخليج العربي ،ولهذا عجزت اليمن عن استقطاب أمريكا لحمايتها من هذا التمرد الذي من الواضح أنه أقوى بكثير مما تصوره البعض أو حاولت المنظومة الإعلامية تصويره ، كما أن دخول السعودية في هذه الحرب فشل أيضا في لفت انتباه الأمريكان وظلوا على موقفهم الجامد والبارد وظلوا يرددون في كل مرة أنه لا علاقة بين إيران والحوثيين في اليمن بشكل يوحي أنه هنالك مطالب واستحقاقات يجب أن يلبيها النظام في صنعاء قبل كل شيء وإلا فليظل يحارب الحوثيين إلى ما لا نهاية .
ماذا كانت تريد واشنطن من صنعاء ، حتما ما يهدد الولايات المتحدة الأمريكية ليس الحوثيين بل تنظيم القاعدة الذي وجد له ملاذا آمانا في اليمن ، ولان النظام المركزي في صنعاء هو فعليا عاجز بقصد أو بغير قصد عن حكم كافة الأراضي اليمنية فهو لم ولن يستطيع أن يقوم بمحاربة القاعدة كونه أولا يجهل أماكن تواجدهم وثانيا هنالك شكوك تتحدث عن تورط قيادات كبيرة في النظام اليمني متعاطف مع الفكر المتطرف الذي تبثه القاعدة وتؤمن به ، بل هنالك من يذهب ابعد من ذلك ليقول بان وجود القاعدة في اليمن هو ضرورة وحاجة ماسة للنظام اليمني حتى يبتز به الجميع . علاقة القاعدة بالنظام اليمني هي علاقة مفضوحة وخاصة بعد تلك الأفلام السيئة الإخراج التي جعلت من اخطر المطلوبين في هذا التنظيم يفرون من السجون اليمنية بشكل مكرر ومستمر وظهورهم في الأسواق والشوارع وهم تحت حماية مسلحة بل وصلت حد حضورهم جلسات محاكم لرفاقهم وخروجهم من القاعة دون أن يعترض طريقهم احد . لذا كان من البداهة أن تقوم الولايات المتحدة بتقليص حجم المساعدات الذاهبة لليمن كما أنها ألغت مركز اليمن كمكان لعقد المؤتمرات الدولية أو الإقليمية وبدأت بنشر الكثير من التقارير التي تصف اليمن بأنها دولة فاشلة سياسيا واقتصاديا وأن مسالة سقوطها هي مسألة وقت ليس إلا . كما كان من المتوقع ونتيجة لكل ذلك أن تقف واشنطن موقف المتفرج من الحرب الحالية التي يشنها الحوثيين ضد " الدولة " وتظهر لا مبالاتها وعدم اكتراثها بما يدور في منطقة غاية في الأهمية لنفوذها ومصالحها القومية .
طرأ تحول شديد خلال الأيام الماضية فالنظام اليمني ولأول مرة يتحرك بهذه الشدة والعنف تجاه تنظيم طالما أتهم بأنه حليفا له بل قام مؤخرا بقصف جوي مركز ضد مواقع يعتقد أنها معسكرات تأوي إفراد تنظيم القاعدة في اليمن وهذا حدث بشكل مفاجئ وغير متوقع خاصة أن الدولة تخوض حربا ضروس تجاه الحوثيين ولم تستطيع أن تحسم معركتها الأولى فكيف بها تدخل حربا أخرى قد لا تقل شراسة عنها ، بل ربما هي الأكثر عنفا إذ إن هذا التنظيم لا يتواني أبدا بنقل معاركة إلى صدور المدنيين وفي الأسواق وفي أي مكان متاح وهذا يعني تشتيت التركيز العسكري الذي هو بالأصل يعاني من حالات نقص وتخلف شديدة حيث أنه يخضع لأنظمة قديمة وخطط باردة وبالية وتكتيكات عفى عليها الزمن كم أن قادة الجيش اليمني يمتلكون سمعة سيئة وروائحهم تزكم الأنوف من الفساد الذي شل مقدرة الجيش وجعله عاجزا عن حسم أي معركة يخوضها.
إذا هنا نقطة غاية في الأهمية حدثت في اليمن بل تحول لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال وهو قرار الدولة أخيرا بمحاربة القاعدة في وقت هي تحارب الحوثيين ، وربما متابع بسيط قد يعتقد أن هذا استنزاف لمقدرات وثروات البلاد فمن غير المنطقي دخول حربين في وقت واحد في دولة تعد هي الأفقر وأكثر ترهلا على مستوى العالم لكن سيزول هذا التساؤل المشروع إذ وضعنا في الاعتبار أن فتح جبهة جديدة ضد القاعدة يعني بشكل من الإشكال دعم دولي للنظام اليمني في حربه ضد الحوثيين بعد أن فقد هذا النظام شرعيته في الداخل وصار جميع الفرقاء في اليمن متفقين على ضرورة زواله ، بل قد نفهم جيدا أن دولتنا لا تستطيع ونتيجة لعجز مؤسساتها لعسكرية تحديد مواقع القاعدة بتلك الدقة ما لم تكون قد وصلتها إحداثيات تواجدهم عبر الأقمار الصناعية الأمريكية التي تجوب المنطقة والتي حددت بالضبط أماكن المعسكرات المنتشرة ، كما أن هذه الحرب ضد القاعدة سيجعلنا نسمع عما قريب تصريحات واردة من البيت الأبيض تتهم إيران علانية بتدخلها في اليمن ومحاولة العبث بأمنه .
من جهة إيران حتى وأن أنكرت فمن مصلحتها أن يعتقد الجميع وعلى رأسها الولايات المتحدة ألأمريكية بأنها هي من تدعم الحوثيين لأن هذا سيعزز من موقفها في أية مفاوضات قادمة مع الغرب إذ إنها باتت الآن تمتلك حزمة من الأوراق تستطيع أن تساوم به وان تفرض شروطها أيضا وتبقى المشكلة الحقيقية في إيران هي الثورة الخضراء التي يقوم بها شعبها ضد نظام بالي يؤمن بالغيبيات بشكل مهووس وغير عقلاني فأن تجاوزت إيران هذه الثورة فلن يستطيع أحد الوقوف في وجهها .
إذا رأس القاعدة مقابل الدعم ضد الحوثيين والمساهمة في القضاء عليهم ، هي مقايضة واضحة بانت بنودها ومؤشراتها بشكل واضح ، وأن كان البعض يرى هذه المسألة بأنها مشروعة وقد تفيد النظام ، إلا أن المواطن اليمني العادي والنخب الثقافية والسياسية ترى أن هذه اللعبة وعملية الابتزاز والمقايضة بكل ما يمكن هي عملية أضرت في اليمن كثيرا ولم تساهم إلا بتمديد عمر النظام المستبد القابع في رأس هرم السلطة منذ ثلاثون عاما دون أن يحرك ساكنا إلا في مقاتلة معارضيه ولا يقدم أية مرونة إلا للدول التي تعلن دعمه له شخصيا ولنظامه ودون ذلك فهو قابل للبيع والتنازل حتى صار الحديث عن سيادة يمنية هو محل تندر وسخرية من الجميع .
سؤال مشروع : مسألة تعليق الحوار الوطني التي أعلن عنها النظام هل سببها الصفقة بينه وبين واشنطن ، فصار يضع كل بيضه في البيت الأبيض متخليا عن شعبه وعن ابسط حقوقهم ؟ سؤال لا يحتاج إلى كثير من الذكاء للإجابة عليه .
#بكر_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيء فيك يشبهني
-
سحب ورقة التوت السعودية عن نظام صنعاء
-
في اليمن : إذ لا شيء بعد خط النهاية
-
اليد الفارسية في اليمن ...أقطعوها .
-
خيانة الرئيس اليمني من منظور بيت الأحمر
-
سياد بري وسوهارتو ...والرئيس اليمني .
-
يمن ما بعد الرئيس
-
متى يفهم الرئيس اليمني انه هو سبب هذه المشاكل ؟
-
هل ستنزع ايران القناع عن وجهها
-
اين العدالة الدولية عن مجازر الجنوب في اليمن
-
لا أعبث ...ولكني أعشق الحياة
-
بين تقديم الروح فداءً للوحدة اليمنية وعدمية المعارضة .
-
في اليمن اما الكي او بتر العضو الفاسد
-
كيف تكون إنفصاليا حتى النخاع ووحدويا جدا في آن معا ؟
-
ترانيم ليست في محلها
-
نجل الرئيس ...مرتشي
-
نعم لمفاخذة الرضيعة
-
رغم المصالحة إلا أنها اسوء قمة عربية
-
عزل دول الأعتدال العربي أمر في غاية الأهمية .
-
كم تبلغ قيمة حذاء الصحفي منتظر الزيدي
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|