|
هل من المعقول العودة لقبول نهج الحل المرحلي الفاشل ؟
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 2870 - 2009 / 12 / 27 - 12:56
المحور:
القضية الفلسطينية
نشرت صحيفة " معريف" اليومية في مطلع هذا الأسبوع استنادا الى مصادر امريكية موثوقة، ان ادارة الرئيس باراك اوباما تراجعت عن نهج بذل المساعي الامريكية لدفع عجلة استئناف مفاوضات الحل الدائم بين الاسرائيليين والفلسطينيين. ويجري الاعتراف صراحة ان ادارة اوباما فشلت في كسر الموقف الرفضي لحكومة نتنياهو ليبرمان - براك فيما يتعلق بوقف جميع اشكال الاستيطان وجرائم التهويد الاسرائيلي الجغرافي والديموغرافي في القدس الشرقية المحتلة وضواحيها، كشرط لاستئناف المفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية حول التسوية السلمية الدائمة. كما ان الحقائق الصارخة تكشف ان من "طعج" وغير موقفه تحت مكابس الضغط الاسرائيلية والصهيونية، وخاصة ضغوطات اللوبي اليهودي الصهيوني الامريكي والعالمي واعضاء الكونغرس الامريكي المؤيدين لاسرائيل الاحتلال والاستيطان ، من غير موقفه هو باراك اوباما الذي أخذ "يغزل رفيعا" ويردد هو ووزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون تبنّي الموقف الاسرائيلي حول الاستيطان الانتقائي الوهمي وتحديد موعد زمني محدد لعشرة اشهر لوقف الاستيطان واستثناء القدس الشرقية المحتلة وكتل الاستيطان من اجراءات وقف الاستيطان والتهويد. وقد اثار هذا الموقف الامريكي الاستراتيجي المنحاز الى جانب العدوانية الاسرائيلية خيبة أمل كل من راهن بوضع " بيضه " في السلة الامريكية ، وأظهر للعالم ان التحالف الاستراتيجي الاسرائيلي-الامريكي لا يجنح للتسوية السياسية السلمية للصراع الاسرائيلي-الفلسطيني-العربي ، الامر الذي فاقم من ازمة وعزلة حكومة الاحتلال والاستيطان الاسرائيلية.
وحسب ما أوردته صحيفة " معريب " ان باراك اوباما " بالغ " بالطلب من حكومة نتنياهو اليمينية وقف جميع أشكال الاستيطان الامر الذي قاد الى نشر الوهم التفاؤلي لدى السلطة الفلسطينية وانظمة الدواجن العربية ، ان اوباما يحمل في جيبه مفتاح الحل الدائم وانه خلال سنتين سيزول الاحتلال الاسرائيلي ودنسه الاستيطاني وتقوم الدولة الفلسطينية المستقلة، وترفرف اعلام الاستقلال الفلسطيني فوق مآذن وكنائس وساحات القدس الشرقية وتعود طيور السنونو من المهجر القسري زرافات زرافات!!
ووفق ما نقلته صحيفة " معريب " فقد توصلت ادارة الرئيس باراك اوباما الى استنتاج وادركت ان الطرفين، الاسرائيلي والفلسطيني، غير جاهزين للتسوية الدائمة حيث ان الحكومة الاسرائيلية يقيدها اليمين المتطرف من دعاة " ارض اسرائيل الكبرى"، والسلطة الفلسطينية ممزقة ما بين حماس وفتح وما بين غزة ورام الله. ولهذا، فحسب رأي الادارة الامريكية فان من الافضل عدم الانهراق بل التروي والتوجه الى خطوات مرحلية محسوبة وموزونة. وخطوات صغيرة ناجحة هي افضل بكثير من خطوات كبيرة فاشلة! واوضحت المصادر التي استقت منها صحيفة " معريب" خبرها ان الرئيس باراك اوباما توصل الى قرار الحل المرحلي بتوصية من دينس روس مستشاره لشؤون الشرق الاوسط الذي شغل عدة مناصب تتعلق بقضية الشرق الاوسط في الماضي ويعتبر المسؤول ذا الخبرة الاغنى في " البيت الابيض " اليوم ، وهو يهودي صهيوني لا يخفي انحيازه وبدبلوماسية ثعلبية الى جانب دعم المواقف العدوانية الاسرائيلية وتجنيد الموقف الامريكي الرسمي لدعمها.
ووفقا لخطة دينس روس يجري تجسيد الحل المرحلي بشكل ميكانيكي ، اذ تنسحب اسرائيل ، قواتها المحتلة ، من المناطق التي حددت حسب اتفاقات اوسلو بالمناطق "ب" وتبلغ مساحتها (20%) من مساحة الضفة الغربية ، وتخضع اداريا للسلطة الفلسطينية ولكن امنيا تحت سلطة قوات الاحتلال الاسرائيلي وحسب الخطة المرحلية فانه بعد انسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من المناطق "ب" تضم هذه المناطق الى المناطق المصنفة بمناطق "أ" أي تحت سيادة السلطة السياسية والأمنية للسلطة الوطنية الفلسطينية ليصبح تحت سيطرتها المباشرة (40%) من مساحة الضفة الغربية . كما يجري تحويل مساحة 20% من اراضي الضفة من المناطق المصنفة "C" أي التي تخضع لسيطرة الاحتلال سياسيا وامنيا الى منطقة "ب" أي تحت السلطة الإدارية للسلطة الوطنية الفلسطينية مع بقاء السيادة الامنية في أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي.
وحسب ما نقلته "معريب" ستنقل الادارة الامريكية اقتراح هذه الخطة للطرفين الاسرائيلي والفلسطيني كمقدمة لإستئناف المفاوضات بين الطرفين. وادارة اوباما مشحونة بتفاؤل ان السلطة الفلسطينية ستوافق على الخطة إذ ستجد من الصعوبة رفض اقتراح نقل مناطق واسعة تحت سيادتها "كأن القضية قضية اراض متنازع عليها!! أ.س." . كما ان نتنياهو سيتحمس للخطة، اذا انها لا تشمل ما يغيظ ذئاب المتطرفين من المستوطنين والفاشيين العنصريين.
ما نود تأكيده أن خطة الحل المرحلي المطروحة ليست اكثر من خطة تآمرية جديدة جرى تنسيقها بين طرفي التحالف الاستراتيجي العدواني الاسرائيلي والامريكي، وذلك بهدف تجاوز الحل العادل للقضية الفلسطينية وطمس ودفن الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف في متاهات الجرجرة الزمنية ومفاوضات " طحن الماء" "وطق الحنك." لدفنها وحرمان الشعب العربي الفلسطيني من حقه في الدولة المستقلة في حدود السبعة والستين وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين حسب قرارات الشرعية الدولية.
لقد جربنا الحلول المرحلية منذ عقد اتفاقات اوسلو المرحلية في العام 1993 وخلال 16 سنة اثبت هذا النهج فشله وكان افضل لخدمة من اهداف المحتل الاسرائيلي الاستراتيجية لرسم وقائع كولونيالية على الارض الفلسطينية المحتلة بتوسيع وتكثيف الاستيطان وتغيير الطابع الجغرافي والديموغرافي للضفة الغربية وللقدس الشرقية المحتلة . لقد كان اكبر خطأ وخطيئة ارتكبت في اتفاقات اوسلو المرحلية الموقعة انه جرت الموافقة على تغريب وتأجيل القضايا الجوهرية للحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية ، لثوابت الحقوق الوطنية- حدود الدولة ، القدس، اللاجئين، المستوطنين ، المياه وغيرها، الى المرحلة الاخيرة من المفاوضات . " وانتظر يا كديش تيطلع الحشيش " فخلال 16 سنة تهربت حكومات اسرائيل من حسم الموقف لانجاز المرحلة النهائية بتجسيد الحل الدائم ، مع ان الحديث حسب اتفاقات اوسلو كان يجري على تسوية نهائية بعد خمس سنوات. والانكى من ذلك ان تغريب الثوابت الوطنية الاساسية للحق الفلسطيني المشروع قد ساعد المحتل الاسرائيلي ليس فقط في ترسيخ قواعد فرض سياسة الامر الواقع الاستعمارية، بل في تشويه طابع وحقيقة الكفاح الفلسطيني العادل وتصويره ليس ككفاح وطني تحرري للتخلص من نير الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي، بل كصراع اقليمي لحماية الامن الاسرائيلي من الارهاب الفلسطيني!
ألعودة الى النهج المرحلي الفاشل يعني تكرار المصير الكارثي للحقوق الوطنية الفلسطينية. فخطة اوباما - روس المرحلية تحرر حكومة الاحتلال والاستيطان الاسرائيلية من الالتزام بأي مرجعية سياسية للحل الدائم في حالة التوصل اليه، بمعنى، افراغ التسوية على اساس الدولتين من مضمونها وترسيخ مقولة دولة فلسطينية بحدود زمنية وبأقل من حدود الخامس من حزيران السبعة والستين. كما ان خطة اوباما - روس المرحلية تحرر حكومة نتنياهو اليمينية من اي التزام في موضوع الاستيطان والتهويد ، فهذه الخطة لا تلزم المحتل الاسرائيلي بقلع وإخلاء أي مستوطنة هشة ولا بأي تجميد انتقائي في المستوطنات. العكس هو الصحيح فإن الخطة المرحلية المطروحة تقدّم لإسرائيل الاحتلال الفرصة الزمنية والظروف الملائمة لإكمال مخطط تهويد القدس الشرقية المحتلة وضواحيها، وتغيير الموازنة الجغرافية والديموغرافية في الضفة الغربية المحتلة لصالح توسيع الاستيطان وزيادة قطعان المستوطنين، وعرقلة قيام دولة فلسطينية مستقلة وطبيعية قادرة على الحياة والتطور.
وأخيرا، فإن خطة اوباما - روس تتعلق بالضفة الغربية وحدها، وكأن قطاع غزة اصبح " دولة قائمة بذاتها " لا يربطها رابط بالضفة الغربية وبالسلطة الفلسطينية. انها خطة تستهدف فيما تستهدف ترسيخ الانقسام الفلسطيني الوطني والاقليمي ومحاولة إغراء السلطة الفلسطينية والرئيس الفلسطيني محمود عباس انها بهذه الخطة تدعم سلطته ضد حماس، وفي وقت يدرك فيه الرئيس عباس والسلطة والشعب الفلسطيني ان عدو السلطة وعباس والشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والشتات هو الاحتلال الاسرائيلي والعدوانية الاسرائيلية المتنكرة للحقوق الوطنية الفلسطينية. ومهمة الساعة اخماد انفاس مبادرة الحل المرحلي بالعمل الجاد لاعادة اللحمة الى وحدة الصف الفلسطينية المتمسكة بثوابت الحقوق الوطنية.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألمدلولات الكارثية لدولة الشريعة اليهودية حسب مقاس نئمان!!
-
في الذكرى السنوية ال 62 لقرار التقسيم: -ألارض مقابل السلام-
...
-
ماذا يجري إعداده لمواجهة الازمة السياسية الخانقة؟!
-
ألاحزاب الشيوعية تطرح وتحلل القضايا الجوهرية في المعترك الكف
...
-
جرح وعد بلفور لا يزال ينزف دماً
-
بالثقة في النفس وبمصداقية المنهج نطرق بقوة أبواب المستقبل!
-
ألحلف الاطلسي يفقد صوابه ويتحطم رأسه على الارض الافغانية!
-
وفقًا للمعطيات الرسمية: ألاقتصاد الاسرائيلي لم يخرج من غرفة
...
-
في الذكرى السنوية ال 90: صيانة الطابع الاممي للحزب الشيوعي ا
...
-
لن تلدغوا الشعب الضحية من جحره مرتين!
-
المناورات العسكرية الامريكية – الاسرائيلية في أرجوحة التطورا
...
-
هل تنجح حكومة الكوارث في قبر تقرير لجنة غولدستون الدولية؟!
-
هل من المعقول ان يكون الذئب حملا وديعا وحمامة سلام ؟!
-
مسرحية اللقاء الثلاثي - مأتم جنائزي للسلام العادل!
-
في أعقاب تقرير الادانة: لصقل الموقف في مواجهة العدوانية الاس
...
-
الفقر والمجاعة من أبرز مؤشرات -النمو الاقتصادي- في اسرائيل !
-
مدلولات الأفق الاستراتيجي الكارثي لحكومة نتنياهو اليمينية !
-
تدفع حكومة نتنياهو اليمينية باتجاه مأسسة نظام ابرتهايد؟!
-
وزير الشؤون الفاشية
-
هل تقود سياسة الحكومة الى تضخم مالي منفلت العقال؟!
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|