|
مغامرات كهيعص - روايه ( 9 )
أمجد المصرى
الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 15:17
المحور:
الادب والفن
كان أزميل جالسا فى بهو القصر يستريح بعد الجهد الشاق الذى بذله ، و لما سمع طرقا على البوابة أسرع بفتحها فأقبل الخادمان ........... بادرهما : هل أتممتما المهمة ؟ أجاب أحدهما ( متلعثما ) : نعم ياسيدى ، أخذنا ناقة و حمارا كانا مربوطين عند دار أبى قاسم و انطلقنا بهما ، وعند بيت ابن عبد العتبة وجدنا عمالا و حراسا غير ساهين ، فمضينا و تركنا الناقة و الحمار ببيت عبد الوزة ..... و انصرفنا عائدين أزميل : لا بأس ، اليوم بدأ العمل الحقيقى ، اليوم انتهى عهدكما بالمهام الصغرى ، أنت يا عباس صرت ( عباس النعمانى ) رئيس الحرس و عامل القصر ، أما أنت يا ياقوت فقد صرت ( ياقوت النعمانى ) رئيس العسس و عامل التجارة ، هذا القصر هو مقامنا و عما قريب تبدأ تجارتنا ياقـوت : فلتسمح لى يا سيدى أزميل ، لم أفهم جيدا أزميل : من الآن تدعواننى و يدعونى الناس بــ ( الشيخ نعمان القبانى السكندرى ) صاحب هذا القصر ، و رب التجارة التى سوف تديرها يا ياقوت، ستفهمان المزيد فيما بعد ، أما الآن فلا وقت ، سنتركك الآن يا عامل القصر ، هيا بنا يا ياقوت 0 إلتقط أزميل ثوب الجارية الذى كان قد أتى به ، ثم خرج و ياقوت فى أثره ، و امتطيا الناقة قاصدين دار بهيجة تحت لهيب الشمس ، فى الطريق أمر أزميل ياقوتا : عندما نصل توثق الناقة و تطعمها حتى أرسل فى طلبك ، و لما اقتربا ارتدى أزميل ثوب الجارية فوق ملابسه ثم واصلا طريقهما ، تسلل أزميل فى ثوبه التنكرى الى باب المنظرة ، ثم خلعه قبل أن يطرق الباب مناديا صوفيا فتحت صوفيا الباب و وجهها الجميل يعلوه البشر و البشاشة و عطرها يفوح فى أرجاء المكان ، و بادرته قائلة : أحسنت أن لم تتأخر ، فقد وافتنى السيدة بهيجة منذ قليل بطعام شهى لكلينا أزميل : هذا جيد ، أعدى المائدة و ضعى قارورة و كأسين من الصندوق الذى بالركن ريثما أغتسل و أبدل ثيابى و بعد قليل من الوقت كانا قد اعتدلا أمام مائدة الغداء صوفيا : أراك تخرج كل يوم و تعود مجهدا ، لعل العمل يسير على ما يرام أزميل ( و هو يتناول طعامه ) : بل على أفضل ما يرام ، اليوم ستسمعين أخبارا ستسعدك كثيرا صوفيا : أية أخبار سعيدة ؟ أرجوك أن تخبرنى فأنا متلهفه لسماعها أزميل : لتخبرينى أولا ، هل تجيدين ركوب الخيل ؟ صوفيا : نعم أزميل ( مقاطـعـا ) : بعد الغروب تأتى السيدة بهيجة و بعلها لمقابلتى ، و بعد انصرافهما لنا حديث طويل ، هل تقبليننى زوجا لك يا صوفيا ؟ صوفيا ( متوقفة عن تناول الطعام من أثر المفاجأة ) : لا أجد الكلمات التى تعبر عن فرحتى ، بالطبع أتمنى أن أكون زوجة لك ، يالها من مفاجأة سارة أزميل : حسنا ، فلنرفع كأسينا و نشرب نخب الأسرة الجديدة ، دعينا نكمل تناول غدائنا و الليلة لدينا الوقت لنكمل حديثنا صوفيا : أكمل أنت طعامك يا حبيبى ، أما أنا فقد أشبعتنى الفرحة ، بل أسكرتنى سمع أزميل طرقا على الباب ففتح فإذا بها بهيجة التى بادرته قائلة : حسنا أن لم تتأخر ياعزيزى أزميل ، هل أعجبك الطعام ؟ أزميل : نعم خالتى العزيزة ، شكرا لك ، أين معمر ؟ بهيحة : معمر حاضر و بانتظار أن تطلبه ، متى تريد أن نلتقى ؟ أزميل : فلترسلى من يرفع الطعام أولا ، و لتأمرى بتسليم العبيد و الأمتين إلى عاملى ياقوت القابع بالأسفل مع ناقتى و بعدها يكون لقاؤنا ، آه ، أريد أن أرى ياقوتا قبل تسليمه العبيد بهيجة : على الرحب و السعة يا عزيزى ... ... و انصرفت بعد أن دخلت صوفيا إلى مخدعها ، أقبل ياقوت مهرولا فبادره أزميل قائلا : ستسلمك السيدة بهيجة عبيدا ، أسرع بهم و بالناقة إلى القصر للمبيت هناك ، الرجال بالقبو السفلى و المرأتان بغرفة الخادمة بالطابق العلوى ، و فى الصباح تأتى بالناقة و ترفع الهودج على سنامها ، هيا انصرف قبل حلول الظلام بعد انصراف ياقوت أقبلت بهيجة و معمر ، و معهما خادمة رفعت الطعام و انصرفت أزميل ( ملتقطا صك المرابحة من الصندوق ) : مرحبا بالسيد معمر ، مرحبا بالسيدة بهيجة ، مرحبا بالشريكين العزيزين ، تفضلا بالجلوس ، أما و قد ذهبت السكرة و أتت الفكرة ، فلا مناص من توقيع هذا الصك قبل مواصلة العمل معمر ( داهشا ) : مـا أنا بفـاهـم أزميل ( مقاطعا ) : أعرف ، ما أنت بفاهم ، و ما أنت بقارئ ، عليك الانتباه ، ستبدأ زوجتك فى تلاوة نص الصك و بعدها أوضح لكما بعض النقاط بهيجة ( تتلو الوثيقة بصوت مسموع ) : صك مرابحة و شراكة ... ... ... إلخ أزميل : الآن أخبرك يا معمر أنك بتوقيعك على هذا الصك ستصبح أغنى أغنياء قومك ، و بعد حين ستكون ملكا على هذه البلاد ، و سيصبح هذا الدار مقر ملكك و بيت مالك ، سيهابك و يخشاك الجميع ، و سيخضع لك الكبير و الصغير معمر : ما أنا بفـاهـم أزميل ( فارغ الصبر ) : ليس مطلوبا الآن أن تفهم ، المطلوب أن تلتزم بكل ما آمرك به ، و إن لم تك راغبا ، فما أسهل أن أرفع إسمك من الصك و أضع إسم عبدى ياقـوت و ينتهى الأمر بهيجة : عليك بالتوقيع يا معمر ، إنها هـدية أهدتها لك السماء ، عليك بقبولها قبل أن يغضب السيد أزميل معمـر : ما أنا بـفـاهـم ، لكنى سـأوقع أحضر أزميل المحبرة و أقلام البوص ، و وقع بإسمه و بخاتمه ، و ناول بهيجة ففعلت ، و ناولت معمرا فأخرج خاتمة المدلى بحبل مربوط برقبته و ختم ، ثم وضع إبهام يمينه فى المحبرة و بصم على الصك أزميل : هذا آخر عهدك بذلك الاسم الذى وقعت به ، غدا أوافيك بخاتم يحمل إسمك الجديد ، لقد مات كهيعص يوم بعث معمر إلى الحياة ، آه ، علمت يا معمر أن عمك أبا قاسم قد فقد ناقة و حمارا صباح اليوم اختفيا من بيته معمر : كيف حدث ذلك ؟ و من سرقهما ؟ أزميل : لم يسرقهما أحد ، فقد علمت أن عفريتا قد تلبس الحمار ، ففك عقاله ثم فك عقال الناقة و سحبها ، و هما الآن فى دار عـمـك و نسيبك عبد الوزة ، عليك الانطلاق الآن إلى بيت أبى قاسم لتخبره بما حدث ، و توضح له أن عبد الوزة لم يسرق أنعامه بل سرقها الـعـفـريت معمر : السمع و الطاعـة و لكن ماذا لو سألنى عمى كيف علمت ؟ أزميل : قل له رأيت ذلك فيما يرى النائم ، هـيا انطلق بهيجة ( بعد انصراف معمر ) : يالها من خطوة هامة و قد تمت ، أراك تسير بخطى ثابتة أزميل ( وقد أخذ الصك ليعيده إلى الصندوق ) : مازال علينا أن نسرع الخطى يا خالة ، اليوم أو غدا سأرحل عن دارك تاركا المنظرة للسيد معمر فهو أحوج منى بها ، و عليك الرحيل أيضا للإقامة مع بناتك فى بيتك القديم بهيجة : إلى أين سترحل و أين ستقيم و أنت الغريب عن هذه البلاد ؟ أزميل ( مناولا خالته كأسا ) : لقد ابتعت قصرا فخيما فى الأطراف من رجل يدعى قاعود الحارث ، لقد تعرفت بولده مسعود الحارث ، التاجر بالاسكندرية ، رافقنى رحلة عودتى إلى هنا و أخبرنى بموت أخيه الوحيد سعد و بمرض أبيه الكهل و برغبته فى بيع القصر و العودة بأبيه إلى الإسكندرية يقضى باقى أيامه فيها و يستشفى على يد أطبائها الحكماء بهيجة : أعرف ذلك القصر و أعرف ذلك الرجل الجليل و ولديه ، و الآن فهمت لماذا اعتكف و ولداه و لم يعودوا يظهرون بين الناس ، و متى يرحلان و يسلمانك القصر ؟ أزميل ( متجها إلى صندوق أحضر منه الصك ) : رحلا منذ يومين بعد أن حررا لى هذا الصك ، وقد أصبح القصر فى حيازتى بهيجة ( وهى تحملق فى صك الحيازة ) : أصبح إسمك ( نعمان القبانى السكندرى ) فما الحكمة من ذلك ؟ أزميل ( ملتقطا الصك من يدها ) : هذا هو الإسم الذى سأظهر به بين الناس و أزاول التجارة و أكتسب مبرر وجودى فى هذه البلاد ، أما أزميل فسوف يظهر عند اللزوم فقط لتوجيه معمر و تعضيده ، و ربما لترهيبه إن اقتضى الأمر ثم أردف قائلا : أعرف أنى أثقلت عليك كثيرا و لكن ، هلا أسديت لى معروفا ؟ بهيجة ( مداعبة ) : بالطبع ، و لكن أرجوك ألا ترسلنى فى رحلة كالتى أرسلت معمرا فيها أزميل : بل أريد تجهيز فرسى و فرس آخر ، فسوف أغادر بعد قليل لأقضى ليلتى بالقصر ، و فى الصباح يأتى الشيخ نعمان القبانى فيطلب شراء الصناديق التى بالمنظرة و التى بالمخزن السفلى و نقلها إلى القصر بهيجة ( منصرفة ) : دعنى أنصرف لأعد لك الخيل و أخلى الطريق قبل أن أذهب لأنال بعض الراحة
أسرع أزميل الى أحد صناديقه فأخرج ثياب فارس و سيفا فى غمده ثم استدعى صوفيا و قال لها : عليك بسرعة ارتداء هذه الثياب و تقلدى السيف ، و اجعلى العمامة تخفى شعرك تماما ، و لا تتركى ثيابك و أغراضك بالمخدع بل ائت بها معك فلن نبيت الليلة هنا ، أسرعى يا صوفيا عادت صوفيا بعد قليل متنكرة فى هيئة فارس عربى ، فوجدت أزميل أايضا فى ذات الهيئة وقد أعد جوالا جلديا كبيرا وضع فيه بعض أشيائه و راح يحكم غلق صناديقه خاطبها أزميل ( مداعبا ) : هيا أيها الفارس الجميل ، ضع ملابسك بالجوال حتى نغادر حمل أزميل الجوال و أغلق باب المنظرة و هبط و صوفيا فى أثره فامتطيا الفرسين و انطلقا حتى بلغا القصر
#أمجد_المصرى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مغامرات كهيعص - روايه ( 8 )
-
أدب الإسلام , عبد الله بوفيم نموذجاً
-
مغامرات كهيعص (7 )
-
مغامرات كهيعص - أجزاء ( 7 )
-
مغامرات كهيعص - روايه ( 6 )
-
مغامرات كهيعص - أجزاء ( 6 )
-
مغامرات كهيعص - روايه (5)
-
مغامرات كهيعص - أجزاء ( 5 )
-
مغامرات كهيعص - روايه ( 4 )
-
مغامرات كهيعص - أجزاء (4)
-
مغامرات كهيعص - روايه (3)
-
مغامرات كهيعص - أجزاء (3)
-
ردود أفعال على (مغامرات كهيعص)
-
مغامرات كهيعص - رواية ( 2 )
-
مغامرات كهيعص - أجزاء (2)
-
توابع كهيعص
-
مغامرات كهيعص - روايه تنشر أجزاؤها تباعاً
-
مغامرات كهيعص - أجزاء (1)
المزيد.....
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|