أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 1/5















المزيد.....

موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 1/5


تنزيه العقيلي

الحوار المتمدن-العدد: 2867 - 2009 / 12 / 24 - 13:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سأحاول في خمس حلقات – أو بما قد يزيد - أن أتناول بالدراسة والمقارنة تلك النصوص القرآنية التي تبين موقف الإسلام من الآخر المغاير في العقيدة، أو أريد - من موقع إيماني ببشرية القرآن، وبالتالي بمحمديته، لا بإلهيته - أن أستجلي من كتاب محمد هذا الموسوم بـ(القرآن)، موقفه هو أي محمد تجاه من لم يؤمن به نبيا، وبكتابه وحيا، وبدينه رسالة إلهية. إنه إذن بحث عن موقف القرآن من الآخر المغاير، والذي يحب القرآن أن يسميه - ولا أقول يشتمه - بنعت (الكافر).

ولا بد من أن نحاول توخي الموضوعية في هذا البحث، فنقر بضوء وتألق ما هو مضيء ومتألق، ونؤشر على ظلمة وهبوط ما هو مظلم وهابط، بحسب تقديري، وهو من غير شك تقدير نسبي يحتمل الصواب والخطأ.

هناك من النصوص القرآنية الجميلة التي تتناول الآخر، مما يمثل تألقات رائعة من مواقف إنسانية وعقلانية، هي في غاية المرونة والليبرالية تجاه الآخر المغاير دينيا. ولكن هناك نصوص أخرى - وهي الغالبة والطاغية - في غاية القسوة والتشنج في الموقف - دنيويا وأخرويا - من هذا الآخر (الكافر) بمحمد وإسلامه وقرآنه.

لنبدأ بالنصوص ذات الموقف الإيجابي من الآخر. ولو إني لم أجد موقفا إيجابيا، لا شائبة في إيجابيته، تجاه الآخر (غير المسلم)، إلا في نصين اثنين فقط. أما النصوص التي تشتمل على شيء من الإيجابية والانفتاح والتسامح مع الآخر، فهي في جزئها المُجتزَأ إيجابية، لكن سرعان ما نكتشف حقيقة الموقف المتأزم والرافض والمقصي، إما دنيويا وأخرويا، وإما المتسامح دنيويا والمتوعد أخرويا، تجاه من بدا أن هناك ثمة إيجابية وانفتاحا ومرونة في التعامل معه. قلت هناك نصان، أحدهما تكرر في موقعين، مما يمكن الكلام إما عن نصين، وإما عن ثلاثة نصوص. وهي لا تساوي شيئا يذكر بقياسعا إلى مئات النصوص المأزومة تجاه «الذين كفروا» بدين محمد.

النص الإيجابي الأول المتكرر مرتين، يحصر إيجابيته تجاه ثلاث فرق، يمثلون ما ينعتهم القرآن بأهل الكتاب، أي أتباع الدينات الإبراهيمية فقط، دون شمول غيرهم بهذا الموقف المنفتح نسبيا. فقرأ في سورة البقرة 62:
«إِنَّ الَّذينَ آمَنوا والَّذينَ هادوا والنَّصارى والصّابِئينَ مَن آمَنَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ».
ونقرأ نصا مشابها في سورة المائدة 69:
«إِنَّ الَّذينَ آمَنوا والَّذينَ هادوا والصّابِؤونَ والنَّصارى مَن آمَنَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ وعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ».

لا أريد أن أناقش الخطأ النحوي والإملائي في كلمة (الصابؤون)، فالخطأ مركب، أولا تكتب الهمزة على الياء، لكون ما قبل الهمزة (الباء) مكسورا، والكسر أقوى من الضم، فالصحيح (الصابئون)، ثم الخطأ النحوي، حيث الصحيح (الصابئين) للعطف على المنصوب بـ«إنَّ».

هنا يتجلي موقف إيجابي تجاه المسيحيين «النصارى» واليهود «الذين هادوا» والصابئة «الصابئين»، بدرجة مساواتهم مع المسلمين «الذين آمنوا»، إذا ما حققوا الشروط الثلاثة، الإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر، والعمل الصالح. وهذه الآية تمثل إنصافا إحدى التألقات الفلسفية لكتاب محمد، فهي تعطي الضمانة لمن استخدم عقليه الفلسفي والأخلاقي، أو لنقل عقله فيما هي (العقلية)، أو (العقل الفلسفي) الحاكم على الصواب والخطأ، وضميره فيما هي الأخلاق أو البعد الإنساني، أو ما يمكن تسميته بـ(العقل الأخلاقي) الحاكم على الجميل والقبيح جمالا وقبحا معنويين. أقول هذا لأن الوصول إلى الإيمان بالله يمكن أن يكون عبر العقل الفلسفي بدليل (واجب الوجود) المستند على مجموعة قوانين عقيلة، كقانون العلية، واستحالة التسلسل في العلل إلى ما لا نهاية، أو الأرجح ما لا بداية. هذا الإيمان الفلسفي الذي يترتب عليه إيمان فلسفي آخر تابع وملازم له، ألا هو الإيمان بالجزاء في ثمة حياة أخرى «اليوم الآخر»، كلازم من لوازم الجزاء، والذي هو بدوره لازم من لوازم العدل الإلهي، والذي هو بدوره لازم من لوازم الكمال الإلهي، والذي هو بدوره لازم من لوازم دليل واجب الوجود. هذا ما يتعلق بالعقل الفلسفي، أما ما يتعلق بالعقل الأخلاقي، فيتجلى هنا بمصطلح (العمل الصالح) بعبارة «وعمل صالحا»، فهو من لوازم الضمير أو العقل الأخلاقي، أو الفطرة الإنسانية. هذا كله لا يحتاج إلى دين. ولكن لماذا حصر النص الطمأنة «لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» ونص البشرى «لهم أجرهم عند ربهم» في هذه الفرق الأربع (المسلمين والمسيحيين واليهود والصابئة)؟ ربما يقال إن ذكرهم لا يجب فهمه على نحو الحصر، بل من قبيل الأمثلة أو المصاديق على أرض الواقع. بل يمكن أن يشمل المفهوم حتى المؤمنين اللادينيين. ولعل ما يؤيد هذا الفهم ما جاء في سورة الأحقاف 13-14: «إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللهُ ثُمَّ استَقاموا فَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ، أُلائِكَ أَصحابُ الجَنَّةِ خالِدينَ فيها جَزاء بِما كانوا يَعمَلونَ».

ومع هذا هناك مع التسليم بصواب ما جاء في النص، فإنه صواب نسبي لا يخلو من ثغرة فلسفية تنتقص من العدل الإلهي والرحمة الإلهية. إذ وبحسب الفهم الفلسفي العقلي المجرد للعدل والرحمة الإلهيين، فإن العنصر المعوَّل عليه عند الله هو الثالث من العناصر الثلاثة، أي (العمل الصالح)، أو بتعبير آخر إنسانية الإنسان وحدها، حتى لو كان ملحدا بسبب أن عقله لم يستوعب الأدلة على وجود الله، ومع هذا سلك في حياته سلوكا إنسانيا، مما يجعله محبوبا وقريبا من الله، فالله سبحانه ليس له عقدة تجاه من لم يوصله عقله إلى الإقرار بوجوده. وهنا لا بد من أن أشير إلى أهم ثغرة فلسفية للقرآن – كما هو الحال مع غيره مما يسمى بالكتب المقدسة-، حيث يجعل القرآن الإيمان معيارا للجزاء، بينما الإيمان ليس أمرا اختياريا على الأغلب، وحتى لو كان اختياريا، فليس من إنسان يملك ضمانات للوصول إلى الإيمان بما هو حق وحقيقة وصواب، إلا بشكل نسبي، غير قطعي، وغير نهائي، وغير مطلق، وغير مضمون الصواب.

وسنجد في القرآن كما هائلا من النصوص ذات الموقف السلبي تجاه غير المسلمين من أتباع الديانات الإبراهيمة المُسمَّين بـ«أهل الكتاب»، ومع هذا هناك فلتات نادرة جميلة، هي التي يركز عليها المؤمنون بإلهية القرآن ونبوة محمد، ومع هذا لهم نزعة عقلية وإنسانية، كذلك النص الجميل الذي ينبه إلى عدم جواز التعميم والإطلاق في الحكم على أهل الكتاب. فالتنبيه إلى عدم جواز التعميم والإطلاق شيء جميل، ولكنه مع هذا يختزن أن الأصل في الموقف تجاه من يسميهم القرآن بأهل الكتاب، هو التكفير والإدانة والإقصاء، فهم كفار، ولكنهم الكفار الأفضل من غيرهم، إذ يسميهم «الذين كفروا من أهل الكتاب».
نص النهي عن التعميم والإطلاق هو ما جاء في سورة آل عمران 113 -114:
«لَيسوا سَواءً؛ مِّن أَهلِ الكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتلونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيلِ وَهُم يَسجُدونَ، يُؤمِنونَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُسارِعونَ في الخَيراتِ، وَأُلائِكَ مِنَ الصّالِحينَ».
ولا أكرر ما ذكرته عن إشكالي على جعل معيار التقييم هو المعيار الديني (الإيمان)، وبشكل خاص بمعناه الديني، والمقترن بالعمل الصالح، والذي يشتمل على بعد إنساني عام، إلا أن معياره هو المعيار الديني، وليس المعيار الإنساني المتجرد، على قاعدة ما يسمى بالحسن والقبح العقليين.
ابتدئ بكتابة البحث في كانون الأول 2009
وتم في 23/12/2009






#تنزيه_العقيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آيات تحدي القرآن بالإتيان بمثله
- المحكمات والمتشابهات في القرآن
- صلاة المذهب الظني وصلاة عقيد التنزيه
- صلاة المذهب الظني 4
- صلاة المذهب الظني 3
- صلاة المذهب الظني 2
- صلاة المذهب الظني 1
- المذهب الظني 3/3
- المذهب الظني 2/3
- المذهب الظني 1/3
- تدريس الدين
- تأويل ممكن لقصة آدم وحواء القرآنية
- قراءة أخرى لنصوص القرآن
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 2/2
- مطابقة دائرة الوجود والعدم ودائرة أحكام العقل الثلاثة 1/2
- الصراع بين الأنا الحقيقية والأنا المتوهمة
- مناقشة لرسالة في إخوان الصفا
- مقدمة الطبعة الكاملة طبعة بلا تقية
- موضوعات قصيرة في ضرر الدين على الإنسان
- طريقتان في محاولة فهم الخالقية وعلاقتها بالحكمة والعدل


المزيد.....




- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - تنزيه العقيلي - موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 1/5