أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح الشرقي - سعيدة بك...














المزيد.....

سعيدة بك...


صباح الشرقي

الحوار المتمدن-العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23 - 07:37
المحور: الادب والفن
    


ألقت زهرة بظهرها النحيف على الكرسي وعينيها تتفحص كومة الأوراق المبعثرة فوق مكتبها، وقد تناثر منها الألم والأسى، الظلم وجراح الدماء في زمن فقدت فيه معاني الأمن والحقوق والحريات ، في زمن أباح كل المحرمات حتى أبكت الطيور فوق أغصانها وحركت الصخر من مكانه ليرثي أمجاد أمة ضاع في سكون ظلام بهيم وغياهب فج عميق.


هزت زهرة رأسها بقوة عسى أن تطرد تلك الأشباح المرعبة من مخيلتها، لكن سرعان ما وجدت نفسها تسبح في تلك الذكريات رغم أنفها، فأغمضت عيناها لتخفي دموع حسرة انهمرت فجأة على وجنتيها كضربات رعد صاعق فجر معه حمم زلزال غاضب جرفت معها جزء كبيرمن آلامها النفسية الدفينة . فمدت يديها لتلك الكومة وقلبت بعض الأوراق فوقع نظرها على مسودة لائحة طويلة كانت قد أعدتها لبحث أنجزته سابقا، فقرأها بغير اهتمام إلى أن وقع نظرها على حدث جعلها تهتم بفحواها وتحاور ضميرها المتوجع من هول ذلك الكم الهائل من بؤر النزاع في العالم خصوصا العربي وما ترك وراءه من كوارث و حروب و دمار وفساد وطفولة بريئة تكابد المشاق، ونساء تئن تحت قسوة الظلم وشح الموارد، بل ترك وراءه جماهير مستضعفة ترزح تحت استبداد حكام فاشلين وقد رضوا أن يبقوا تحت أثقال الاستبداد إلى ما شاء الله .


أي أمل تبقى في هذه الحياة التي نشرت ظلها الأسود فوق الجهات، فوق كل المنارات حتى قبل وصول فصل الخريف ، ويا للعجب لقد كشفنا عن طواعية عورات عروبتنا، بأفعالنا وسوء إرادتنا وإدارتنا لموارد دولنا الكثيرة والغنية بمعناها الواسع لدرجة أننا كسرنا مرآتنا الجميلة والتي عكست بدورها أبهى وأزهى صور تلك العروبة أمام العالم.


فالصمت عن الظلم يجيز انتهاك الحرمات والمحرمات وقد يكون سببا كافيا لوقوفنا على أنقاض حقوق كرامة عربية مهجورة بيعت في المزاد العلني ودفع العرب ثمنها بعملة موحدة وهو ذلك الصمت المخزي والتبعية المرعبة، صمت نقش صفحات التاريخ بمداد التقزز والغضب والخذلان . فلا جدوى بعد اليوم من نشد الدليل مادامت الأمم غير قادرة للوقوف رجلا واحدا أمام الزوابع في إبانها بل استسلمت لوضعها ورضت به و لم يعد للعروبة ذرة تلتهب بنار الغضب في ثورة جنونية لكرامتها ولعل ما خفي من هذا أدهى وأفظع.


أطلقت زهرة ضحكة مبحوحة وهي تحاور ضميرها المتوجع، كيف ستتخلى عن ذكريات رغم فساوتها؟ اجل تعلقت بها كما يتعلق الرضيع بثدي أمه لأنها تعرفها حق المعرفة وهي التي ذاقت عذاب مخاضها الذي أبهج صدرها واسعد قلبها والتي أدمنت الركوض صوبه كلما شعرت برغبة في الانزواء والبوح وقد تكون قد استوفت حظها منه قبل أن يدركها فضاء تتحرك فيه الأحداث مصحوبة بمراحل لها شروط حسب ظروف تفرض خطوطا حمراء لا يجوز تجاوزها وان حصل العكس أصبح الفرد عاجزا لا يتوفر على أدنى ضمانة تجعل مستقبله آمنا أو على الأقل واضحا.


اعتدلت زهرة في جلستها من جديد ارتجف صوتها فأخرجت تنهيده انفجرت من صدرها وانطلق ما فيها وهي تشعر بأنفاسها تتردد في ثقل وصعوبة فغالبت إرادتها وصرخ لسانها مهما حصل لن ترضى بان تكون نهاية ذكرياتها مثلما كان يسوق المصريين أجمل فتياتهم لتزف عروسا للنيل كي يهبوا الخبز والخصب، لن يعتريها القلق على مصير أوراقها بعد اليوم لأنها مهما سعت لن تجد مكانا يحتويها مع وحدتها خصوصا ساعات انفرادها إلا أن تتفحص و تتذكر وتتألم وتسعد بين أحضان أوراقها المبعثرة .


شكرت الله على اتخاذها ذلك القرار الصائب الذي اهتدت إليه بعد عناء ذهني كبير خلصها بدوره من حمل ثقيل تزحزح عن عاتقها وهوى بعيدا دون رجعة.







#صباح_الشرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جبروت زوج مستبد
- لعنة الله على العجلة
- الواجب يحتم التفاني
- شريط الحياة
- تائهون بين إنجازات علمية مفرحة وفتاوى مرعبة
- متى أصلي في محرابك يا وطني ؟؟؟
- هل يمكن إصلاح صورة أمريكا المكسورة؟
- تداعيات الاقتصاد العالمي أحد الأسباب الموضوعية لموجة للغلاء
- الفقر أكثر قسوة في يوم الفقر العالمي
- المخدرات وتأثيرها على الشباب والمجتمعات
- نساء عربيات غزون عالم مهن الرجال الشاقة
- مؤسسة عسكرية أم ملكية استثمارية ؟؟؟؟؟؟
- مآسي البشرية (( خصوصا المرأة والطفل)) مع فيروس ومرض الإيدز
- من يحمي الأم العازية ويتكفل بحقوق مولود ها؟؟؟
- التعبئة الأمنية القصوى في المغرب ضرورة لاحتواء تحدي الإرهاب ...
- لا للغبن ... لا للظلم ... لا للتجويع من اجل التركيع
- ماذا نعرف عن السوق العالمية لتجارة اللحوم البشرية ؟؟؟
- عنوسة الشباب العربي : عزوف، أم هروب، أم ظروف، أم عجز!!!!
- ذكرى اليوم العالمي للاجئين في شتى أنحاء العالم
- لحظات غضب...ألم...وحزن... عابرة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح الشرقي - سعيدة بك...