أمريكا تقدم يد العون..والخلاص أيضا!!!

زهير الفارسي

الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 18:17
المحور: كتابات ساخرة
    

نقلت وسائل الإعلام المغربية عن السفير الأمريكي بالرباط صامويل كابلان قوله أن الإدارة الأمريكية ستضيف أل الدعم المالي المخصص للمغرب دعما آخر غير مالي يكتسب طابعا تقنيا لنقل الخبرات في مجال ممارسة الأعمال التجارية" وأضاف قائلا أن"واشنطن ستستقبل بعض المقاولين المغاربة الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية للوقوف عن كثب على كيفية إدارة الأعمال على الطريقة الأمريكية".ملخص هذا الكلام أن أمريكا تريد أن تأخذ بيد الاقتصاد المغربي ليتخلص من التخلف ويدخل إلى نادي دول"الرفاه".
قبل الرد على هذا الكلام يحسن بن أن نذكر بالظرفية الاقتصادية التي يعيشها الاقتصاد العالمي هذه الأيام تحت قيادة القوة الاقتصادية الأمريكية. هذه الظرفية تتسم بأزمة مالية خانقة أهم تجلياتها : إفلاس الأبناك والشركات وما يستتبع ذلك من طرد للعمال وما يصاحبه من اضطراب في عيش الناس.
إذن وفي هكذا واقع لا يجد ساسة أمريكا غضاضة ولا حتى أدنى تحفظ في تسويق نموذجهما الاقتصادي المسؤول عن الأزمة الاقتصادية الحالية، وذلك عبر إصدار تقارير وتوصيات للدول الفقيرة المنهكة من جراء الاستغلال ، ل"مساعدتها" في الخروج من وضعها البائس.
في عرف العلاقات الدولية تعتبر رغبات وأمنيات الدول القوية تجاه الدول الضعيفة أوامر ملزمة تقال بصيغ مهذبة فقط. هذا ما حدث مع المغرب تماما حينما "رغبت" أمريكا في إقامة اتفاقية للتبادل الحر مع المغرب ، إذ لم يكن للنظام المغربي من بد غير الرضوخ للبنود المجحفة المتضمنة في نص الاتفاق المبرم والذي ستظهر كوارثه بعد دخول الاتفاقية حيز التطبيق.
غالبا ما تلبس أيادي التدخل الأمريكي في الدول الضعيفة قفازات من ناعمة وذلك تارة تحت يافطة الجمعيات الإنسانية والخيرية وتارة باسم التعاون الثقافي حيث يتم تقديم أعطيات تافهة لدور الأيتام في شكل لعب أطفال وأقلام ومحفظات كتب عليها "هدية من الشعب الأمريكي"..إضافة إلى محاولة نشر اللغة والثقافة الأمريكيتين وسط بعض الطاقات الشابة الناشطة في العمل الأهلي وكذا وسط كوادر الإدارة والاقتصاد، ليتقينها أن لا نجاح سيكتب لمحاولاتها التغلغل في المغرب ، خارج وجود شريحة تتمثل الثقافة الأمريكية، إسوة بالنخبة الفرنكفونية الساهرة على المصالح الفرنسية في المغرب.
الآن وقد مرت سنين طويلة على الاستعمار الأوروبي للعالم، أصبح من حقائق التاريخ أن الاقتصاديات الرأسمالية كلها بنيت من خيرات وعرق شعوب المستعمرات السابقة، وقد فعلت ذلك تحت مسميات من قبيل نشر قيم الحضارة والمدنية وسط شعوب "بربرية ومتوحشة"، وقامت بفعل الاستعمار أساسا للتنفيس عن أزماتها الاقتصادية، وذلك بالبحث عن أسواق لتصريف البضائع ومصادر المواد الأولية.
عجزت أمريكا، والرأسمالية عموما، في تلافي الأزمة الاقتصادية وهي لازالت تتخبط فيها ولا تعرف كيف الخروج منها، وليس أمامها، لضمان بقاءها، إلا تكثيف استنزاف خيرات الشعوب المستضعفة تحت مسميات براقة لكنها خادعة ، ذلك أنه لكل مرحلة، استغلال، شعاراتها ومسوغاتها.

#زهير_الفارسي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات