|
الاتحاد الاوروبي ... تركيا
محمود المصلح
الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 11:54
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لماذا افاقت تركيا فجأة من سباتها ؟ لماذا تنبهت فجأة الى خطر اسرائيل ؟ لماذا تنبهت الى خطر ايران ؟ لماذا توجهت الى العرب مؤخرا ؟ وهل تخلت عن حلمها بدخول الاتحاد الاوروبي ؟ ولماذا تخلت ؟ . اسئلة لاثارة التفكير ، ونبش عش الدبابيبر الكامن الكامد ، ولحظة لمراجعة الذات ، وبناء تصور منطقي وعقلاني بعيدا عن المشاعر ، لنقف على حقيقة تركيا وما تريده . بداية نعرف جميعا ان تركيا علمانية ، وانها لا تقيم وزنا للاسلام والمسلمين الا بمدى ما يحقق ذلك لها من مصالح ومكاسب بغض النظر عن العقيدة والشريعة وما ترتبط به ويرتبط بها ، كما ندرك تماما مدى العلاقة الاستراتيجية التي ربطت تركيا العلمانية بالكيان الغاصب المغتصب ( بضم الميم وكسر الصاد ) ، ونعرف مدى العلاقة التي تربط تركيا العلمانية بالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا واوروبا عموما . ولقد خبرنا ما قدمته تركيا العلمانية من تنازلات لتلبية شروط الانظمام الى الاتحاد الاوروبي ، تلك الشروط التي ما زالت تزداد يوما بعد يوم ، ولا يخفى ان الشروط جميعها تصب في خانة نبذ الاسلام والشريعة والغاء تطبيق بعض القوانيين التي تمت بصلة ضعيفة الى الشريعة الاسلامية ، علما بان الشريعة الاسلامية مغيبة عن نظام الحكم القائم في جميع المجالات ويحكمها دستورا علمانيا . اوروبا وكما يبدو ويدرك كل عاقل ومتفحص انها لا تريد كيانيا اسلاميا ولو حتى بالاسم ، وكأني بالقيادة التركية وهي تسعى حثيثا نحو اوروبا كاني بها تتناسى او تنسى أن اوروبا لفظت كيانا صغيرا هشا كوسفو ،فلم تحتمل وجودهم على الرغم من انهم مجرد اسلام بالاسم فقط .. وكاني بتركيا وهي تمضي قدما نحو اوروبا .. وهي تحاول ان تنسلخ من جلدها وتلبس جلد اوروبا كاني بها تغض الطرف عن عمد عما يحدث في اوروبا من انتهاك لحريات الفرد المسلم ، من قتل وسلب وتدمير وطرد وسحب جنسيات وضعوا تحت سحب الجنسيات الف خط . بل تعدوا ذلك الى وضع قوانين وتشاريع منهجية للممارسة التمييز العنصري والطائفي والديني ضد الجاليات المسلمة في اوروبا التي باتت صفة الارهاب لصيقة بها لمجرد ان تلبس ثوبا شرقيا بغض النظر ان كان اسلاميا او غير ذلك . تببهت علمانية تركيا مؤخرا لما يهدد مصالحها في الشرق الاوسط ، ولما يلطم مكانتها وتاريخها العريق السحيق الباهر وتنهت الى حجم الدمار الذي لحق بمكانتها جراء الانقياد خلف الذئب الاوروبي ، والوحش الامريكي ، والمومس الاسرائيلية .. تنبهت الى خطر ايران المذهبي ، والاطماع في فرض ارادتها وسيطرتها وفكرها على الشرق العربي ، تنبهت كمن لطمه باب الكهف وهو يجري مضبوعا خلف الضبع كما تروي الحكاية العربية .. تنبهت تركيا مؤخرا وكما يقولون ان تاتي متأخرا خيرا من لا تأتي مطلقا . ادركت تركيا الان ، ان امتدادها الحقيقي هو الشرق العربي ، وان مصالحها مرتبطة بهذا الشرق ،وادركت ان اسرائيل كيان زائل مع مرور الزمن ، وانهم قوة غاشمة مدعومة ، وعند وزن المصالح التركية العربية والمصالح التركية الاسرائيلية دون ادنى شك ستميل الكفة لصالح العلاقات التركية العربية . لذلك سعت تركيا الى التملص بذكاء وحكمة من الارتباطات الامريكية العسكرية ، حينما رفضت مرور القوات الامريكية الى العراق من اراضيها ، وكانت تلك حركة موفقة من قبل تركيا بقادتها الحكمية ، اكسبت تركيا بعدا اخلاقيا واحتراما في العالم العربي الذي لا يزال يحتفظ ببعض الذكريات البغيضة للوجود التركي في البلاد العربية . استغلت تركيا محنة غزة ( كالعادة محنة الشعب الفلسطيني على الدوام مكسب للكثير من الدول المجاورة ) استغلت تركيا محنة غزة .. حينما وقفت في وجه اسرائيل ، في خطابها الرسمي والشعبي ، وموقفها في مؤتمر دافوس والغاء المناورات التركية الاسرائلية مؤخرا . ولعل لجوء تركيا قبل فترة الى العمق السوري وابرام العديد من الاتفاقيات الاستراتيجية وفتح الحدود والغاء التأشيرات بينهما ،وكما فعلت في الاردن ،لعل هذا يصب في خانة ادراك تركيا لحقيقة دورها كلاعب اساسي وليس كمتفرج او تابع اعمى لا يدري اين السبيل ولا يعرف الهدف . هل تخلت تركيا عن دخول النادي الاوروبي ..ام انه تم اقصاؤها عن الاتحاد الاوروبي ..تحت جميع الظروف وفي كل الحالات لا يعد دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي مكسبا كبيرا .. بل ارى توجهها الى امتدادها الحقيقي النابع من تاريخها وتحسين صورتها كدولة مركزية ذات دور فاعل ومحوري في المنطقة مكسب كبير وكبير جدا .. يفوق ما كانت تحلم به من تابعيتها لامريكا واوروبا والغرب .. وبامكانها ان تشكل مع الشرق العربي اذا احسن الشرق العربي عمله وفكره حلفا محوريا قويا من جميع النواحي الاقتصادية والتجارية والزراعية والسياحية والسياسية والعسكرية .
#محمود_المصلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلمدوغ مليونير
-
في مقامات المديح للجلاد..
-
الى عذاباتي...
-
السائق الغريب
-
جرائم الشرف
-
عرب يا رسول الله ...
-
فيصل القاسم والاتجاه المعاكس
-
أيام في بيروت ... 2/5
-
ايام في بيروت ..3/5
-
ايام في بيروت 4/5
-
السقوط في فخ النجاح
-
ايام في بيروت 1/5
-
صديقي العزيز راسم فلاح بامتياز
-
أمي.. معلمة .. ومرشدة ....
-
حرية المرأة بين الاطماع والطموح ...
-
الاحزابالعربية
-
ايام ام كلثوم
-
المدنية
-
ذكريات من المطبخ
-
الحجر بارضه قنطار ..
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|