|
مثقف راهن !
يوسف ابو الفوز
الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 22:16
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
دردشة
من مدينة العمارة وعن طريق الانترنيت ، أرسل لي صديق عزيز وزميل من أيام الدراسة الجامعية ، بعض الصور الفوتغرافية القديمة ، فعادت بي الذاكرة ـ عزيزي القاريء ـ الى تلك الأيام التي لن تعود ، أيام البنطلون التشارلس والشعر الخنافس وأغاني "فرقة آبا" والحان كوكب حمزة وصوت قطحان العطاروصولات فلاح حسن ، أيامها كان الحكام العفالقة يتاجرون بشعار الوحدة الوطنية ـ لم تكتشف بعد كلمة التوافق ! ـ ، ووضعوا أنفسهم على يسار الحركة الوطنية فآمن بهم الناس والقوى الوطنية وشهدت الحياة تحالفات سياسية ، وحراكا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا ، تلمّس فيه العراقيون ، في النصف الاول من سبعينات القرن الماضي ، أياما سميت من قبل الكثيرين بالعصر الذهبي للثقافة العراقية ! في تلك الايام ، بمهارة وذكاء تحرك وعمل العفالقة فلم يتحارشوا في البداية بالمثقفين من الديمقراطيين و الشيوعيين ، بل فسحوا لهم المجال للعمل في بعض المؤسسات الاعلامية والفنية، وتحرك العفالقة أيضا لتجنيد البعض من أنصاف المثقفين ، ممن كان الشارع الثقافي يسمي الواحد منهم " مثقف نص ردن " ! وغاب ـ عزيزي القاريء ـ عن بال أهل الرأي والحكمة ـ مثقفين وسياسيين ـ ان العفالقة يعدّون عدتهم للانقضاض على الجميع ، فسرعان ما كشروا عن أنيابهم فتغدوا بالحركة الكردية ثم تعشوا باليسار العراقي ـ وبالطبع ومثقفيه ! ـ وثم قضموا ومصمصوا بقية مكونات الشعب وراحوا يلغّون بدماء الجميع ! واذ نجح العفالقة في ترهيب وترغيب وتدجين اعداد من المثقفين ليعملوا في مؤسسات نظامهم الديكتاتوري ، خصوصا بعد ان ازاح "السيد النائب" بليلة ليلاء " الأب القائد " عن كرسيه ، واطاح بمجموعة من " رفاق الدرب " وتمترس في القصر الجمهوري مهيبا وقائدا ضرورة ، تولى العديد من اشباه المثقفين ، من لملوم "النص ردن" ، أعباء المهام الثقافية الرسمية ، وراحوا يقودون حملة التطبيل والردح للحروب المجنونة وفارس الامة العربية "ابو عيون الذهب"، الذي مزهوا راح يجرّب الطرق المؤدية الى القدس، فتارة تمر عبر عبادان وتارة عبر العبدلي ، بينما الخوازيق ـ يا ويلي ! ـ تتوالى على الوطن والشعب ، ومثقفي "النص ردن" يردحون "أرفع رأسك انت عراقي" !! من هولاء المثقفين "النص ردن" ـ عزيزي القاريء ـ اتذكر لك ، خصوصا هذه الايام ، واحدا منهم لطالما كان محل سخرية زملائه ايام الدراسة الجامعية ، ايام كان يتردد معنا الى مقهى يرتاده الطلبة في جانب من شارع الوطني في مدينة البصرة . كان لهذا المثقف ـ "النص ردن" ـ مكانه الخاص في المقهى ، يجلس فيه متسلطّنا بعد ان يجمع من الاخرين الصحف التي جلبوها معهم ، وبصبر وأناة يقرأها ويفلّسها مثل الباقلاء حرفا حرفا ، لنجد انه مع الايام صار خبيرا في الشؤون السياسية ، وصار يعرف بين رواد المقهى بأسم "الوضع الراهن" لكثرة ما كان يردد هذا المصلح ! في يوم ، انتبهنا الى ان هذا " الوضع الراهن " صار ينزوي بعيدا عنا خلال مطالعاته لاخر التقارير الصحفية ، وان لم يغير من عادة طرح واستقبال الاسئلة. ودفع الفضول بأحد زملائنا لمتابعته ومحاولة معرفة سبب أنزوائه، واذ ان الكثير من الزبائن الطلبة علمّوا صاحب المقهى الطيب على خدمة انفسهم بأنفسهم ، فأن زميلنا ـ الفضولي ـ وهو يخدم نفسه بأستكان شاي، وجد نفسه يتسلل بخفة راقص باليه ليكون خلف صاحبنا "النص ردن" ليعرف بأي تقرير ساخن غارق بحيث لم ينتبه له حين اقترب منه ؟! وتفاجأ زميلنا بنوعية "التقرير الساخن" والخاص ، الذي خبأه المثقف "النص ردن" بين طيات الصحف ، أذ كان "التقرير" فتيا ، في العشرين من العمر، رشيقا ، فاتنا ، بعيون ملونة ، وكما خلق الرب حواء ، على خلفية من الحشيش الاخضر، بصدر عامر وبطن ضامر ، يبتسم بأغراء فتيات البلاي بوي !! اتذكر ألان ـ عزيزي القاريء ـ نموذج هذا المثقف "النص ردن"، الذي تبوأ ايام الديكتاتور المقبور مناصبا ثقافية عديدة ، واتابع هذه الايام أرتفاع حرارة اخبار وصفقات الانتخابات البرلمانية القادمة ، وارى "البعض" من "المثقفين" أمثال صاحبنا "النص ردن"، وقد شمروا قمصانهم ورفعوا اكمامهم ، وصاروا يقدمون خدماتهم لبعض القوائم الانتخابية ـ أحم! ـ التي يبدو انها تدفع بشكل مجز ، ليساهموا في حمى تغييب الحقائق واشغال المواطن بقضايا جانبية وأبعاده عن التفكير بالاسئلة المصيرية ، وليرفعوا عقيرتهم عاليا بالتنظير عن "الوضع الراهن" والحديث عن " الديمقراطية الراهنة" ، لكن هذه المرة يبدو انهم يريدونها بأثواب محتشمة !! وسنلتقي !
#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكاتب عبد المنعم الاعسم : لو امتدحوك فهذا يعني أنك على خطأ
...
-
من أجل الحوار والتمدن … تحية !
-
عَمود بالعرض !!
-
السينما تخلد قصة وفاء كلب ياباني !
-
ديمقراطية الخورمژ !
-
خذ بالك من أنف الديمقراطية ؟!
-
الكلاب المسعورة !!
-
صورة -العدو- البشع في الدراما التلفزيونية العربية -رجال الح
...
-
هل سيشهد العراق فترة حكم الديكتاتورية الطائفية ؟
-
النكات الطائفية !
-
التراث العراقي تراث تعاضدي أنساني
-
لقاء مع المناضل الشيوعي والاستاذ الجامعي الفرنسي باتريك ريبو
-
لقاء مع قيادي بارز من الحزب الجزائري من أجل الديمقراطية والا
...
-
المؤتمر الخامس للأنصار الشيوعيين العراقيين ينهي أعماله في بغ
...
-
وقائع المهرجان الثقافي الثالث للأنصار الشيوعيين بغداد 6 8 آب
...
-
اليسار الفنلندي والخروج من الأزمة !
-
حكاية الفنان كوكب حمزة وامرأة قطار أبو شامات
-
السيد -سيد صباح بهباني - انت مطالب بالاعتذار للقراء أولا !
-
الناشط البيئي ئارارات مجيد رحيم
-
أفياء البدلة الزرقاء
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
المزيد.....
|