جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 16:35
المحور:
كتابات ساخرة
الأطفال يسألون أسئلة نعتقدُ نحنُ أنها ساذجة و في الواقع هي تحدد مستويات تفكيرهم في المستقبل لأنهم في اعتقادي سيسألون بعد عشرة سنين أسئلة أكثر من ذلك وأخطر بكثير , فأسئلتهم من خلق؟ ومن ؟, هي في المستقبل ستتحول إلى سؤال آخر ومهم عن أصل الكون والطبيعة والعناصر المكونة للحياة, وهي في الواقع التاريخ الطبيعي لنمو الانسان العاقل , فالإنسان العاقل كان مستوى تفكيره مثل مستويات أولادي علي وبرديس ولميس, ولقد لاحظت أن لميس غضبت حين قلتُ لها أنها لم تكن موجوده يوم حفل زفافنا أنا وأمها , وهذا يشبه غضب الإنسان البدائي الذي يعتقد أو كان يعتقدُ أنه كان موجوداً يوم خلق الله الكون , وبهذا أجاب الإنسان على أسئلة الإنسان بأنه كان موجوداً ولكنه لم يكن على الأرض بل كان في السماء, وفي كل مرحله متقدمه من عمر الطفل حتى يبلغ سن الرشد لا تحسب من عمر الإنسان لوحده بل تحسب من عمر البشرية ففي كل مره يتقدم فيها مستوى الطفل من التفكير نستطيع أن نقول عنها أنها العصر كذا وكذا حتى ينضج الطفل ويصبح انساناً عاقلاً عندها نقول أنه الإنسان العصري , وهذا يشبه نمو الجنين في رحم أمه ففي كل مرحلة تعتبر مرحلة من مراحل تطور الإنسان العاقل من الحيوان إلى الإنسان , ولكن هنالك أناس يصرون على العصور الحجرية القديمة وهنالك من يصر على العودة إلى عصر الطفولة والبراءة.
*علي 8سنوات برديس 7سنوات , ولميس 3 سنوات.
-بابا .
-يا عيون بابا.
-أياه أكبر انت ؟و لا عموه ؟
-لا يا علي ..أنا أكبر.
-طيب انت وانت صغير كانت أمي على دروسك اتدرسك؟
-لالا أنا بدرّس عشرين وحده زي أمك , بس لو يستوعبن الحكي اللي بحكيه ....على طول بقريهن.
-أسكت..أسكت..ماما أشطر منك ..لوابتعرف كان درستنا على دروسنا .
-يا بابا هذي مهنة أمكم مش مهنتي أنا ويلي الشغل برى البيت في الور ش وويلي الكتابه وآلامها .
وتدخلت الزوجه:
-شو الكتابه متعبه؟
-طبعاً متعبه وكلها آلام .
-وين تعبها ؟.
-أسكتي شو بفهمك ..خليك في حالك .
-طيب مين أجا على الدنيا بالأول يا بابا ..إنت ؟يعني إنت أجيت قبل ماما ؟.
-أنا أكبر من ماما تقريباً 10سنوات.
-طيب وين كانت ماما من زمان ؟ كانت هون؟
-لالا كانت في دار أبوها كانت في دار جدك.
-وانت وين كنت.؟.
-أنا ما كنتش فاضي , كنت مشغول.
-يعني ماما كانت فاضيه؟
-أمكوا طول عمرها فاضيه.
سمعت الزوجه وتدخلت:
-شو قصدك بكلمة فاضيه؟
-ما بقصد شيء ,اطمني على الخالص.
-أنا عن جد كنت هون في هذي الدار .
-طيب وحنا أنا وبرد يس ولميس؟وين كنا يوم العرس ..يوم عرسك أنت وماما؟.
-ما كان حدى منكم موجود.
-طيب يوم عرس عموه مش كنا بالحفله؟
-آه كنتوا ,بس يوم العرس ما كنتوش.
-ولا أنا ولا علي ولا لميس صح يا بابا؟
-طبعاً لميس ما كانتش....كنتوا لسا في علم الغيب.
طبعاً حكيت إنها لميس ما كانتش معنا فصارت تبكي وزعلت وراحت جلست في زاويه من زوايا الغرفه واعتقدت إنها أمها كانت تاركيتها نايمه في الدار ورايحه لحالها على العرس...بعدين ناديت عليها وحكيتلها إنها زمان كانت مع أمها وحضرت العرس تاعنا فضحكت ومسحت دموعها وباستني بوسه رقيقه كلها دلع وشفافيه, واستأنف الأولاد بالأسئله.
-طيب مين جابنا على الدنيا ؟
-أنا وماماتكم جبناكم على الدنيا .
-لالا يا بابا الأم هي اللي بتجيب والأبهات ما بجيبوش ولا بروحوا على المستشفيات عشان يلدوا ,صح؟.
- صح وعندك حق يا برديس.
-يعني الأبهات ما بلدوش؟آه ما بلدوش أنا بعرف إنها الأم هي اللي بتجيبنا والجده جابتك يا بابا صح؟
-لا كيف أنا كان لي دور كبير.
-طيب مين أجا بالأول؟ أنا أجيت قبل خواتي؟
-طبعاً.
-وبعدين؟
-برديس.
-وبعدين؟
-أختك لميس.
-طيب وجيرانا مين أجا بالأول :صادق أجا بالأول ؟ يعني قبل خالتي شيراز؟
-يا بابا شو بعرفني هو أنا كاين الدايه اللي ولّدت الحاره كلها ؟!حلوا عني.
-لا يا بابا ول...ول..احكيلنا مين أجا على الدنيا بالأول؟
-آه صح عمه صادق أجا أول واحد.
-شو؟؟بس خالته شيراز أضخم بكثيييييير ....من عموه صادق , عموه صادق ضعيف وعمته شيراز ناصحه يعني أكبر منه.
- لالا الكبر بالسن مش بالجسم وضخامته.
- طيب مين اللي خلق الناس كلها ؟
- بعرفش؟
- هلا...هلا..كيف ما بتعرفش؟
- بعرفش وخلص.
- طيب أنا بقلك :الله هو الخالق .
- مين حكالك؟وطالما ابتعرف ليش بتسأل؟
- المعلمه بالمدرسه هي اللي حكت .
- طيب طالما انك عارف لويش بتسألني؟
- وكمان نبينا محمد وأبوه عبد الله....
وقاطعتنا لميس وركضت نحونا وقالت: نبينامحمد أبوه عبد الله وأمه آمنه ما أنجبت سواه , وجده عبد المطلب كان عظيم الجاه ...صلى عليه الله.
-ههههه هههه شو هذا هلا من حفظك هذا الحكي؟
-احنا أخذناها بالمدرسه وبنقرأها كل يوم أجت حفظتها منا أنا وعلي.
-طيب يا بابا انت ليش ما بتصليش؟
-لالا..أنا بصلي .
-وين بتصلي؟ ولا شفناك ولا مره زي الجده وماما بتصلي.
-أنا وين وأمكم وجدتكم وين..بعدين كل إنسان حر في دينه.
-اللي بصليش الله يوم القيامه بحطه بالنار.
-يحطه وين ما يحطه أنا شو دخلني.
وتدخلت زوجتي وهي تقول: لا اتردوش على أبوكوا أبوكوا خالص كازه.
-خالص كازي؟ههههه.
- طول عمرك بتعلمي فيهم على أشياء انت والمعلمه تاعت المدرسه ..على أشياء أنا مش راضي عنها ومع ذلك ما أعلنتش احتجاجي على شاني بحترم دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان والقوانين المرعيه واللوائح والتعليمات والإرشادات....إلخ وبس تكلمت معهم كلمتين طلبت منهم عدم الإنصات وفي النهايه أعلنت عن نفاذ وقودي يعني كازي وزيتي وسولري وبطاريتي ليش يا أيتها المرأه الظريفة الشكل؟
-يا زلمه صلي .عشان الله يرزقنا .
-اللهم صلي على 25نبي ..وبعدين؟
-ولا قبلين...
-يعني إذا صلينا الله برزقنا؟
-أكيد.
-طيب هذا جارنا صادق طول عمره بصلي وبصوم هو وزوجته وأولاده وما عندهوش مشي بطال وبحترم الناس والناس بتحترمه ليش الله ما يرزقه ليش الله بعاقبه؟ العام الماضي صام رمضان والسنه صام وحج وذبح أضحيه ,يعني ما إزعلش الآلهة في شيء !!!ليش الآلهة ما ترزقه؟
-فعلاً الكلام معاك خساره.
-الحياه كلها مشروع خسران .
-بابا .
-نعم..نعمين.
-لا ترفعش صوتك على ماما .
-حاضر تؤمري يا أحلى بنت.
-بابا .
-أيوه شو هذا ولا أكثر من أسئلتكم.
-الأبهات بشتغلوا وبجيبوا المصاري, صح.؟.
-صح.
-والأمهات بشتغلنش صح؟
-لا مش صح.
-ماما ما بتشتغلش بس بتشتغل بالبيت وبتدرسنا على دروسنا .
-طيب شغل البيت صعب جداً..لوتعرفوا قديش مامتكم بتتعب كان ركعتم لها قبل الركوع لله , وكان أمرتوني بالصلاه لها قبل الصلاه لله.
وقامت الزوجه وقالت :استغرُ الله فيك يا رجل , الحديث مش هيك الحديث :كان أمرت الزوجه أن تركع لزوجها , هيك حكا الرسول .
-أنا ما دخلني أنا وجهت نظري أن الزوجه تتعب أكثر من الرجل , شوفوا جدتكم اللي هي أمي , شوفوا وجهها الملائكي وشوفوا بعض البريق الذي يشع من عينيها , شوفوا آلام السنين وتعب المخاض خلفتنا جميعاً أنا وتوأمي وأخي والأربع بنات ,ربتنا على الإستقامه وكلهم مستقيمون ما عدى أنا اطلعت ولد شاذ بعترف للمرأه في كل شيء وبكره جبروت الرجال , كلهم محافظون إلا أنا أدعو للحرية ولتقبل الرأي والرأي الآخر , شوفوا التشققات اللي في أسفل أقدام أمي كم هي واسعه , لأنها طوال العمر وهي تعمل في البيت وخارج البيت, شوفواوظائفها طوال النهار كم هي متعبه؟.
-بس احنا ولا مره شفنا أمك (الجده) وهي بتشتغل.
-طبعاًبس بامكانكم أ نكوا تشوفوها .
-كيف؟
-شوفوا الآن أمكم وما تفعله ... بتلاقوها زي جدتكم في الماضي , أمي سيده عظيمه وتستحق لقب السلطانه أوذات الأربع نطاقات وليس النطاقين ,على شان يوم ما دعستني السياره وأنا ألعب شقت الثوب وراحت فتحت البير على شان ترمي حالها منه , ويومما أخذوني الأمن الوقائي والمخابرات كمان شقت الثوب وخافت أروح ولا أرجع , ويوم..كذا شقت الثوب ..ويوم كذا شقت ثوبها ..يعني كانت كل يوما تشق الثوب علينا كلنا ,وشوفوا وجهها في خطين سود من كثر الدموع ,ربتني بدموع عيونها وماربتناش وهي تضحك بالابتسامات , ربتنا وهي تبكي ,وكان بكاءها بالسر أكثر من بكاءها بالعلن .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟