عبدالوهاب عزاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 11:54
المحور:
الادب والفن
أتأمل الصمتَ..
السوادَ العابر المترنّح على الحافة
طيوراً لها عيونٌ صفر ومناقيرُ داميةٌ
تودّع عينيَّ في مستنقع النوم
أغرق كمحرمة
تتبلّل وتنفرد
وتجري مع الريح نحو الأسفل
أفرد ساقيَّ
وأغمض الرموش
أتأمل النظرات الهاربة من سائل التحميض
من عيون أشخاصٍ يبتسمون في القعر
والحمض يتسرب بين تجاعيد الوجه
النابت في الظلمة السائلة
كحنان الأمهات الميتات
دائمات الابتسام
الخارجات من ظلمة الحوض
إلى ظلمة الأدراج
والصدور
في القعر تلتقي العيون صدفة
والأرجوحةُ عالقةٌ في الهواء
الطفلة فوقها
بتنورةٍ مزركشة ككرنفال
ترفرف
الطفلة التي ستمسي أماً
بعد عشرين عاماً
تمص الكآبة فوق سرير مظلم
الحياةَ تنبض..
والريح تتكور
في الجذع الهرم
الذي سيُقطع بعد عامين
ليُغرس فوقه برج "سيرياتل"
الشارعَ الرفيع
كياسمينة على خيط وهم
الممتد كثياب الحداد
سيهوي وينفرط
وتتناثر الحبات
أجزاء صور في سائل التحميض
وسكة "النيغاتيف" تترنح
المقطورات تملؤها العيون
والابتسامات
والفرح الكاذب أمام التماثيل والطبيعة الخرساء
والحزن يرسُب في القعر
كطحلٍ يتحرك مع المياه
يدور
يعلو
ثم يرسب ..
اليدَ الصغيرة فوق زجاج نافذة
ترسم غيمةً
يتجمع حولها ذكور الغيم
اليد الطرية المتعرقة
بجلدها الناشب عند الأظافر
ورعشتها الرقيقة
تلمس السماء
وتسحب قوس قزح من الزجاج المكسور
حبةَ المطر التي لم تصل
معلقةً في الهواء
قنبلةً طريّةً
العينَ المغمضة أمام فلاش الموت
العينَ التي رأت في الظلام..
في سائل التحميض أسبح
وفي حلقي غلاصمُ ترنُّ
تقود الذكريات
في الطريق الوعر
أتلون بالأبيض والأسود
بالمرارة والضوء
وأرسبُ
كوشمٍ خافتٍ
في سائل التحميض
عن القدس العربي
#عبدالوهاب_عزاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟