|
الزهايمر الفكري عند الجلبي
علي الأمين السويد
الحوار المتمدن-العدد: 2861 - 2009 / 12 / 17 - 17:57
المحور:
كتابات ساخرة
بينما انشغل الناس في تحديد ماهية الديمقراطية وهل هي في صالح الناس أم هي سيف يحرم القلة من ممارسة حقوق طبيعية كفلتها الشرعة الدولية لكل البشر تحت بند حرية المعتقدات وحقوق الإنسان، ينبري بعض الكتاب العرب الذين يعتقد أنهم يحملون شهادات علمية عالية في فقه الدين الإسلامي للمطالبة ليس فقط بإزالة المآذن بل بإزالة المساجد من أصلها وعلى رأسهم السيد/مستر خالص ألجلبي الذي نشر مقالاً يشنع فيه على المسلمين بناء المآذن والمساجد ويشنع على السويسريون طلبهم إزالة المآذن فقط ويطالبهم بمنع بيوتٍ يذكر فيها اسم الله.
فالجلبي يبدأ مقالته ب_: "أرسل لي مراسل هيئة الإذاعة السويسرية (سويس انفو) القسم العربي مرتاعا عن حملة قام بها اليمين لمنع بناء المنارات بجنب المساجد؟! قال الرجل في تساؤله إن حملة ضمت توقيع 113 ألف سويسري لحمل الحكومة على قرار منع بناء المآذن. ومضى الأخ في خيالاته أن الدور قادم على المساجد!! وهذا يعني أن إقامة الحجارة أهم من مخيم الأفكار والطوب أهم من القلوب." هذه العبارة فيها خلل بدهي صارخ، فما علاقة كون السيد مراسل المحطة الإذاعية مرتاعاً أو كونه يتخيل أو يتوقع بأن دور المنع قادم ليشمل المساجد من جهة وبين كون الفهم خاطئ للدين حين يظن أن إقامة الحجارة أهم من إقامة القلوب من جهة أخرى؟ فاستنتاج ألجلبي الذي بدأه بــ "وهذا يعني.....القلوب" استنتاج غير منطقي ولا يقبله حتى مراسل هيئة مراسل الإذاعة السويسرية كائنا ما كانت ديانته أو معتقداته. و مستر خالص ألجلبي عودنا أن يرى الأمور من الزاوية التي يهوى ولا يهمه الدقة في تعبيره أو الأهم من تعبيره توثيقه لمعلوماته الذي إن فـُــقد لدى أي متحدث، فقد ذلك المتحدث مصداقيته، فقوله "ولأن المسلمين حين يبنون المساجد يرفعون المنارات فينشرون الذعر بين الأوربيين، بمساجد هائلة تهبط عليهم ببراشوتات من سماء البترودولار كما قال جارودي يوما" فمثل هذه المعلومات لا يتجرأ عاقل على التحدث أو الجهر بها إن لم يكن مستنداً إلى دراسات أو استفتاءات تبين موقف الأوروبيين كلهم والذين يصل عددهم إلى أكثر من 300 مليون إنسان من بناء المساجد و المآذن و ما إذا كانت هذه الأبنية تثير الرعب في نفوسهم أم لا، فان لم يقدم السيد ألجلبي مستنداته على هذه المعلومات وهو على ألأغلب لن يفعل لأن إجراء دراسات من هذا النوع لا يخفى على احد هذه الأيام، فليسمح لنا لأن نقول عن معلوماته التي يتحفنا بها بأنها ليست بارشوتاتية فحسب بل و نيزكية أيضا ولا بأس بتذكيره أيضا ببعض الكلمات العربية التي تفيد إلى الإشارة إلى الجزء وليس الكل مثل كلمة "بعض" أو" ثلة" أو "مجموعة" بدل قوله "كل الأوروبيين".
ثم يقول :"وأنا شخصيا أميل إلى بناء مراكز إسلامية متواضعة جدا، كما فعل المصطفى ص ببناء مسجده من سعف النخيل وأرضه من رمل، وبدون منارة!! وهي في سويسرا لا مانع بكرتون وخشب بسيط مضغوط، بشرط العزل الجيد والأناقة الخفيفة والجمال والتواضع حلية المتقين."
طبعاً من غير المعروف ماذا يقصد بـ المصطفى ص، فحين يذكرُ رجل يدعي انه داعية ومفكر إسلامي في حديثه تعبير "المصطفى ص، أو محمد ص" يُفهم أنه يضرب مثالاً عن رجل مصطفى أي تم اختياره لأمرٍ ما اسمه غير محدد كـ ص مثلاً وينسحب الأمر على محمد ص أيضا وكان بإمكانه أن يقول طبعاً محمد ص أو ض أو ط أو ظ ...الخ.
وذلك لان عالم الدين والداعية الإسلامي يتوقع منه أن يظهر التزاماً بما صرف عمره عليه، أي في دراسة الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم والتعرف إليه وتعريف الناس به، فكان من ألأولى للجلبي أن يذكر تعبير الصلاة على النبي كاملاً غير منقوص حتى يفهم من ذاك هوية الرجل المقصود إلا إذا اكتشف بعد طول دراسة أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يستحق عناء كتابة تعبير الصلاة عليه كاملاً.
وكداعية ومفكر إسلامي يبرهن مرة أخرى على بداهة مريضة بالزهايمر الفكري ربما سببها التقدم الزائد في العمر، وهذا المرض تعرضه اقتراحاته المثيرة التي منها إغلاق المساجد وفتح أكشاك للدعوة وشرب القهوة إن لم تتطور هذه القهوة إلى مشروبات أقوى فيما بعد. فلنقل للجلبي الذي يرى بإنشاء مراكز إسلامية متواضعة وجميلة للدعوة و إرشاد المسلمين وغير المسلمين، وهو بالمناسبة هنا يعود عن سخريته من مراكز الإرشاد الإسلامي في الغرب الذي تحدث عنها سابقا والذي يبدو أنه قد نسي موقفه الساخر من تلك المراكز في كندا، فلنقل له حسنا يا مستر جلبي، وراك وراك، لقد دعينا الناس ووعيّناهم بدينهم وخلصناهم من مضغة الإرهاب وصاروا مؤمنين بالله على كيفك، فأين سيقيم هؤلاء الصحابة شعائر دينهم؟ في مركزك "الكيربي الجميل" أم في سيارة نقل بضائع؟ أم على الصيف؟ أم أن الدين الذي أوصلته للمؤمنين لا يتطلب منهم الصلاة ورفع الأذان؟ أو ربما تكون قد سننت بأن الصلاة غير واجبة في المساجد وذلك لان وجوب الصلاة في المساجد هي بدعة بترولية وهابية شيطانية.
نعم يا مستر جلبي فليس المهم إقامة الحجارة ولكن المهم إقامة القلوب ولكن يا داعية الإسلام المخلص بعد إقامة القلوب يتوجب إقامة الحجارة كي تحوي أصحاب تلك القلوب المعمورة، فان كانت تلك القلوب معمورةٌ على غير أن تبني مساجد للصلاة فيها فلا يوجد أي داع إلى إقامة المساجد على الإطلاق. المشكلة إذا كان الناس يؤمنون بالله حقا ويريدون أداء الصلاة، فهل يقول لنا الداعية إلى الله مستر الجلبي أين يصلى الناس؟ أم أن الإنسان يفقد حقوقه الإنسانية ما ان يصبح مسلما فلا يحق له التصرف حتى بولائه؟
السيد خالص ألجلبي يشنع على العرب بما فيهم وبما ليس فيهم ليرضي حاجة في نفسه، ولكنه يمتدح الغرب على كل أفعالهم، فمثلاً العرب أولاد العنزة الجرباء لا يعرفون الديمقراطية، وحين أخطأ الفلسطينيون وقاموا بانتخابات ديمقراطية جلبت فئة من الناس إلى الحكم صار اسمها ديمو ضراطية بحكم أطلقه الغرب الديمقراطي على عملية شهد الغرب نفسه لها بالنزاهة ولكن وبما أن الغرب رب أو اله يعبد من قبل بعض الناس فله الحق أن يسمي الأشياء على هواه ولأنه لم تعجبه الديمقراطية الفلسطينية صار اسمها ديموارهابية.
فالتلون حسب الحاجة بات سمة الغرب القوي الذي لا يردعه أي رادع وهو حين ينصر قضية عربية ما، يكون نصره مثل لعبة التنزيلات في بعض المولات التجارية. فعندما تستشعر إدارة المول mall بان الايرادات المادية قد انخفضت قليلاً تعمد إلى اتباع سياسة اسمها التنزيلات في الأسعار ويوزعون الإعلانات التي تشير إلى خفض هائل في مادة أو مادتين قد لا تشتريهما كزبون في الشهر مرة أو في الشهرين بينما تحافظ المواد الأساسية على سعرها وبالرغم من ذلك يهرول القوم إلى ذلك المول مبتسمين ضاحكين شاكرين أصحاب المول على هذا الكرم الزائد بالرغم من أن الزبون أي زبون ومن المحتمل جداً أن يكون مستر خالص ألجلبي قد لا يشتري المادة التي صار عليها التخفيض.
في الوقت الذي يتفتح العرب على تعلم أ ، ب كيفية قيادة المعارك الديمقراطية والسياسية، يرتفع صوت من لم يمل من نعت أقرانه بالتخلف والتوحش ليسِّود صورة بني جلدته حيث يصدق عليه المثل الذي يقول له ولأمثاله "احترنا يا أصلع من وين نمشطك."
#علي_الأمين_السويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نظرة في -أضاحي منطق الجوهر*- للدكتور حمزة رستناوي
-
رسائل وعناوين خاطئة (1)
-
الإعجاز و الإفلاس
-
يأخذ ويرد حتى من علي (ر)
-
الراعي الجديد
-
البهيمية! و ما أدراك ما البهيمية؟
-
كيس خيار
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|