أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - الثورات والاقتصاديات المشوهة














المزيد.....


الثورات والاقتصاديات المشوهة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2860 - 2009 / 12 / 16 - 23:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يسمي الدينيون أعمالهم السياسية بالجهاد والانتفاضة وغيرهما من الأسماء، لكنها ليست ثورات، بل هي خلل في العمل السياسي وتشويهات للفعل الثوري الحقيقي، ويعود ذلك لطابع الأبنية الاقتصادية التي وجدوا أنفسهم ضحايا لها، وغير مدركين لطبيعتها، ويقومون بطرحِ شعاراتٍ لا تعي ما هي قوانين (بمعنى العلل الكبرى) لهذه الأبنية المطلوب فهمها والسيطرة عليها.
هناك ثلاثُ قوى لما يُفترضُ أن تكونَ طبقةً متوسطة تقودُ عمليةَ تبديلِ البُنى الاجتماعية المحافظة التقليدية في العالم الإسلامي، وسبق أن رأيناها في البُنية الاجتماعية المصرية، كبنيةٍ عربيةٍ نموذجية تعكسُ هذا التطور، وهي الفئةُ البيروقراطية الحاكمة، المهيمنةُ والمسيطرة على تشكيلِ الفوائض الاقتصادية وتوزيعها، ويجري التوزيع من خلالِها بأشكالٍ لا تقودُ إلى ثورةٍ صناعية تحولية للمجتمع وتقفز به إلى مصافٍ نوعي جديد، بل للتوجه إلى المحافظ النقدية الخارجية وأشكال اقتصادية طفيلية غالباً، وهناك الفئة المكونة من أرباب العمل الذين لا يستطيعون النمو بشكلٍ كبيرٍ وحرٍ بسببِ المافيات الحكومية المتحكمة في الأسواق، وهناك الرأسمالية الدينية التي تتشكلُ من أقطاب الجماعات الدينية وتحتها البروليتاريا الرثة خصوصاً.
وتشكلتْ هذه البرجوازيةُ المتعددة الفئاتِ على تدهورِ الأرياف والحرف وعلى شَللِ ومحدودية الصناعات، وعلى جمودِ التعليم، وعلى منزليةِ العمل النسائي المتخلف، وعلى تكلسِ وسحرية الثقافة.
وكما قلنا كذلك من كون العواصم السياسيةِ المتكونةِ عربياً قامت على غزو البوادي والأرياف المتخلفة، على شكلِ انقلاباتٍ عسكرية، وبعد سنواتٍ من التحولاتِ خلالَ العقود الأخيرة، نقلتْ هذه القوى الاجتماعيةُ المسيطرةُ، تخلفَ البوادي والأرياف ولاعقلانيتها وفوضاها إلى العواصم العربية، لتكونَ مركزَ البوليس والفوضى واللاعقلانية بدلاً من قيادة العقلانية الرأسمالية والتحديثية.
الآن نشهدُ الموجةَ الأخيرة من هذا التدافع الرعوي والانزياح القروي على المدن وعلى العواصم، سواء جاءت قذائفهما من منطقةِ القبائلِ في افغانستان وباكستان، أم من المناطقِ الصحراويةِ والريفيةِ الداخليةِ البائسة في أسيوط وصعدة ومنطقة البربر وغيرها.
وسواءً أكان ذلك هجرةً كثيفةً من صعيد مصر للقاهرة، أم كان نزوحاً كثيفاً من عمال مصر القرويين وعمال باكستان والهند الريفيين للسعودية ودول الخليج العربية.
هذا التدهورُ يعكسُ خرابَ الأرياف العربية الإسلامية وتصحرَ البوادي واجتثاث سكانِها، من دون وجود مشروعات تصنيع ريفية، واستقرار اقتصادي، ومن خلال قياداتِ طبقاتٍ برجوازية مدنية مُفككةٍ، غيرِ قادرةٍ على تكوينِ سياسةٍ تحديثية نهضوية وطنية في كل بلد، بسبب تناقض مصادر ثرواتها، وبسبب التضادات اللاجدلية لتكويناتها الايديولوجية السطحية.
التكوين الثلاثي للطبقات الحاكمة هي حصيلة لتفكك أسلوب الإنتاج. فهو تعبيرٌ عن الخلل الاقتصادي، والهيمنة السياسية غير الرشيدة، والشديدة الأنانية، وضعف الفئة البرجوازية التحديثية العلمانية التي هي تعبيرٌ كذلك عن الضعفِ الساحق للصناعيين، ولخرافية التعليم، مثلما يعبرُ التكوينُ الكبيرُ للبرجوازيةِ الدينية عن أحشاءِ الأرياف والبوادي المقذوفة في المدن والمتوجهة للاقتصاد الطفيلي ومختلف أشكال التسلق.
تمتلك (البرجوازيةُ) الدينية المحافظةُ الجمهورَ الريفي أو الجمهور الرعوي المتخلف الوعي الذي تقذفهُ في المدن ليطالبَ بـ (أسلمة) الحكم، أو ليقومَ بسلخ البشر بالقنابل والسيارات المفخخة في بغداد، أو لينشرَ الحرسَ (الثوري) كي يقطفَ رؤوسَ المفكرين والأحرار في طهران والمدن الأخرى، أو ليزرعَ الموتَ والدكتاتورية بذات السيارات في بيروت ولاهور، وليرفع القرآنَ والآيات على طريقةِ رفع المصاحف في حرب صفين كخدعةٍ للسيطرة على الحكم وليس لتطوير الإسلام والمسلمين، في عملية استيلاء للريف على المدن بأشكالٍ إرهابيةٍ وشمولية تجاوزتْ كلَ المقاييس.
لا أمل في أن تعي (البرجوازيات) الدينية المتخلفة الهوةَ التي تسقطُ بها المسلمين في أغوارٍ سحيقةٍ من الخراب، كما أن البرجوازيات البيروقراطية الحاكمة أبعد من أن تُنقذَ الحال، وهي ناقعةٌ في المكاسب والملذات، وتهريب الأموال، وهي لا تواجه شعوباً متحدة، وقوى لطبقاتٍ متوسطة متماسكة، تفصلُ الشعارات الدينية المفتتةَ لصفوفِها، وتتحدُ بكلِ طوائفِها ومللها، من أجلِ توزيع الثروة على التطور الصناعي والتحول الزراعي وعلى رفع أحوال الطبقات العاملة وانتشال الأرياف من جنونها الاجتماعي.
هذا البرنامجُ هو من فعلِ نضالِ اليسار الديمقراطي بدرجةٍ أولى، لأنهُ قادر على تحريك مختلف الطبقات من أجل مشروع التغيير. علينا أن نقرأ خرائط البلدان الإسلامية وصراع التوجهات هذه في حالات ملموسة محددة لاحقاً من أجل تحديد هذه الجمل العامة.





#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرس: عقدة المشكلة
- حوار مع العفيف الأخضر (3 - 3)
- حوار مع العفيف الأخضر (2 - 3)
- حوار مع العفيف الأخضر ( 1 3)
- جذور الرأسمالية في الخليج
- العمال بين الرأسماليتين
- مخاطرُ الصراعات العسكرية في الخليج والجزيرة
- التناقض الرئيسي في الرأسمالية الحكومية
- لماذا لم يكن الحراكُ الجنوبي في الشمال؟
- تحديات العلمانية البحرينية (1)
- العدو يأتي من الداخل
- عمال المدن وعمال القرى
- إعادة البناء في العالم النامي
- الحرس الثوري والبلوش
- ما قبل وما بعد الرأسمالية الحكومية
- إعادة البناء الوطني
- تعريف العلمانية (3 - 3)
- تعريف العلمانية (2- 3)
- ماركس الرمزي وشبحية دريدا ( 6 - 6)
- تعريفُ العلمانية (1 – 3)


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله خليفة - الثورات والاقتصاديات المشوهة