أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إدريس حنداري - أزمة المآذن في سويسرا في الحاجة إلى نقد مزدوج لثقافة التطرف















المزيد.....

أزمة المآذن في سويسرا في الحاجة إلى نقد مزدوج لثقافة التطرف


إدريس حنداري

الحوار المتمدن-العدد: 2859 - 2009 / 12 / 15 - 23:50
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


رغم ما أثير في السنوات الأخيرة من نقاش مستفيض؛ في جميع دول العالم؛ حول ما يسمى عادة بحوار الحضارات؛ أو التحالف بين الحضارات؛ أو التواصل الحضاري... رغم هذا النقاش المستفيض؛ يبدو أن هناك حركية يمينية متطرفة تغزو الغرب؛ و تسعى إلى تغيير منحى البوصلة؛ في اتجاه التطرف و الانكفاء على الذات .
و يؤسس هذا التوجه الجديد/ القديم نشاطه المعادي؛ لكل ما ليس أوربيا على صعود المد السياسي اليميني المتطرف؛ في مجموع الدول الأوربية؛ و الذي يبدو أنه بدأ يهدد أوضاع التعايش السلمي؛ السائد بين مختلف الأجناس و الطوائف و الديانات في هذه الدول .
لقد سمعنا كثيرا عن التطرف اليميني في فرنسا مع (جون ماري لوبان)؛ و في إيطاليا مع الحزب اليميني الذي يدعو إلى تشديد الخناق على المهاجرين؛ و نفس الشيء حدث في إسبانيا؛ التي انتقلت فيها البلوى اليمينية إلى اليسار الحاكم... لكننا لم نأبه للتطرف الآتي من دولة؛ كنا نعتبرها لوقت قريب؛ بأنها نموذج للتعايش و الاختلاف و التعددية؛ مثل كندا في أمريكا الشمالية تماما !!
لقد أسست سويسرا لنموذج سياسي و اجتماعي منفتح؛ و قد زكى كل ذلك النموذج الاقتصادي السويسري؛ الذي كرسته البنوك السويسرية؛ التي تودع فيها أموال العالم بجميع العملات.
لكن هذه الصورة النمطية التي كوناها عن سويسرا؛ لم تكن في الحقيقة صورة صحيحة؛ لأن هذا الانفتاح الموهوم؛ و هذه الحرية الاقتصادية؛ تخفي الكثير من التطرف تجاه الأقليات؛ و خصوصا الإسلامية منها .
لقد أقدمت سويسرا على استفتاء شعبي؛ حول مدى قبولية أو رفض بناء المآذن؛ و كانت النتيجة أن السويسريين يعارضون هذه المآذن. من الناحية الشكلية؛ من حق كل دولة أن تستفتي شعبها؛ عن رأيه في قضايا تهمه؛ و من واجبها أن تعمل برأيه في هذه القضايا. لكن الأمر جوهريا يتجاوز هذا المستوى؛ لأن القضية أعقد و أكبر من الاستفتاء في حد ذاته.
لنتساءل مثلا: هل بإمكان الدولة السويسرية؛ أو أية دولة أخرى؛ أن تفكر حتى؛ في استفتاء شعبها؛ عن رأيه في قضية تخص المعابد اليهودية مثلا ؟ أم إن تهمة معاداة السامية ستكون لها بالمرصاد ؟
إذن لماذا هذه الاستباحة المبالغ فيها لكل ما هو إسلامي؛ بتهم تافهة و مزورة؛ من قبيل محاربة التطرف و الإرهاب الإسلامي؛ هل المآذن مثلا رمز للتطرف و الإرهاب؛ حتى يمنع تشييدها؟ أم إنها على العكس من ذلك تعتبر من أهم الرموز المعمارية لحضارة عظيمة؛ شملت آسيا و إفريقيا و أوربا؛ و هذه المآذن التي تحارب في سويسرا؛ تجني من خلالها إسبانيا أرباحا خيالية بالعملة الصعبة؛ عبر الترويج لها سياحيا .
إن الكنائس المسيحية و المعابد اليهودية منتشرة في مجموع الدول العربية و الإسلامية؛ و من بين روادها مواطنون عرب مسيحيون؛ في مصر و لبنان و العراق... و يهود في المغرب؛ و في إيران حتى؛ و في جميع هذه الدول يتم التعامل مع هذه الأماكن المقدسة بإجلال و احترام؛ و تخصص مجموعة من الدول العربية و الإسلامية ميزانيات لتشييدها؛ و تحظى بعناية خاصة؛ مثلها مثل المساجد تماما. لكن هل يقبل الغرب المسيحي- اليهودي أن تنتهك حرمات هذه المعابد ؟
كلها تساؤلات؛ لا نسعى من خلالها إلا إلى تأسيس خطاب نقدي مزدوج؛ ينتقد الذات؛ و ينتقد الآخر في نفس الآن؛ مع الانتصار –طبعا- للقيم المشتركة بين بني البشر؛ و التي تجسدها جميع الديانات و الشرائع .
إن مسألة المآذن التي أثيرت مؤخرا في سويسرا؛ ليست في الحقيقة سوى الشجرة التي تخفي الغابة المتوحشة؛ التي ترفل في اللاشعور الجمعي للغرب؛ غابة تفرج عن وحوشها المفترسة؛ كلما تعلق الأمر بقضية ترتبط بالإسلام و المسلمين.
و إذا عدنا إلى افتحاص الصورة؛ التي نسجتها نخبة الغرب عن الإسلام و المسلمين؛ يمكن أن نستوعب بشكل جيد هذا الرعب؛ الذي يشكله الإسلام للغرب.
فقد صاغ هكتنكتون كتابا كاملا (صدام الحضارات) حذر فيه الغرب من العدو الأخضر القادم؛ و الذي لا يختلف في شيء عن العدو الأحمر(الشيوعية) المندحر؛ لذلك يجب أن تستعمل نفس الوسائل القديمة في المواجهة القادمة؛ و الغاية المحورية هي المحافظة على طهرانية الغرب المسيحي-اليهودي؛ من دنس الشرق الإسلامي- الكونفوشوسي.
لذلك يجب على الغرب أن يحافظ على تماسكه و نسقيته؛ باعتباره يشكل نهاية للتاريخ؛ و تتويجا للتطور الإنساني؛ منذ العصور البدائية الأولى؛ و إلى الآن يقول الكونفوشوسي على الطريقة الأمريكية (فوكوياما).
إن كل تطرف في الواقع يزكيه تطرف مماثل على مستوى الفكر؛ و نحن هنا لا نجانب الصواب؛ حينما نعتبر أن الحركة اليمينية المتطرفة في الغرب؛ تعتبر صياغة إيديولوجية متماسكة؛ لمجموع الأفكار التي طرحت منذ هيجل؛ و مرورا بالمرحلة الاستشراقية؛ و انتهاء بفوكوياما و هكتنكتون. و هي أفكار انطلقت من مركزية أوربية شوفينية؛ تعتبر أن الغرب هو مركز الحضارة؛ التي يجب أن توزع بالتقسيط على شعوب العالم؛ و قد قادت مثل هذه الأفكار حركة استعمارية متوحشة خلال القرن التاسع عشر؛ و هي ما تزال لحدود الآن تقود حروبا تدميرية بشعة؛ باسم نشر الديمقراطية و الحرية خارجيا؛ و في نفس الآن تقود داخليا حركة يمينية متطرفة؛ تعادي كل ما هو مغاير و مختلف عن النموذج الأوربي؛ بادعاء الخطر الذي يشكله هذا المختلف و المغاير على النموذج الطهراني للغرب.
إن التطرف –في الحقيقة- ليس له عرق أو دين؛ لكنه في جميع تمظهراته؛ يحضر دائما في مقابل ثقافة الحوار و التعددية و الاختلاف؛ و كلما غابت هذه الثقافة إلا و كشر التطرف عن أنيابه. لذلك يبقى من واجب النخبة المثقفة؛ سواء في العالم العربي/الإسلامي أو الغربي؛ يبقى من واجبها الدفاع باستماتة عن ثقافة الحوار و الاختلاف؛ التي تعتبر جوهر الحضارة الإنسانية الحديثة؛ و لن يتحقق مثل هذا الرهان إلا بامتلاك هذه النخبة لحس نقدي مزدوج؛ يمارس نقدا مزدوجا؛ على الذات و على الآخر.
من هذا المنظور لا يجب علينا أن نقابل تطرفا بتطرف مماثل؛ فخير جواب على التطرف اليميني هو تكريس ثقافة الحوار و التعايش السلمي في الثقافة العربية/الإسلامية؛ و ذلك طبعا يمر عبر احترام الآخر المختلف؛ في ثقافته و ديانته و رموزه؛ لأن الدين الإسلامي في جوهره يحث على هذه القيم الإنسانية النبيلة؛ من خلال الدعوة إلى التواصل الحضاري بين الشعوب و الثقافات؛ و يؤكد القرآن الكريم على هذه القيم النبيلة بشكل صريح و مباشر( و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .



#إدريس_حنداري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوضعية السياسية الجديدة لحزب الله ما بين التصريح الحكومي و ...
- وهم وقف الاستيطان المخرج الأمريكي- الإسرائيلي من المأزق
- حول الملف النووي الإيراني- السوري : تصريح البرادعي – الشجرة ...
- طرد الموريسكيين مأساة إنسانية في عز النهضة الأوربية
- تفجيرات العراق الدامية في الحاجة إلى وحدة وطنية
- هل هي بداية انتصار الفياضية و الدحلانية !؟
- الموقف الأمريكي من الاستيطان ما بين الطاكتيك و الاستراتيجية
- ملتقى القدس- جميعا من أجل فضح الهمجية الصهيونية في المدينة ا ...
- المأزق الإسرائيلي : ماذا بعد المصادقة بالأغلبية على تقرير كو ...
- الحوار السوري السعودي.. أية دلالات ؟ أية آفاق ?
- تقرير كولدستون : المخاض العسير
- في مساءلة دعوى شرق أوسط من دون سلاح نووي
- إيران و إسرائيل- الخليج : التحديات الاستراتيجية القادمة
- في الحاجة إلى حوار حضاري متعدد الأقطاب
- في الحاجة إلى تعريب التشيع
- الخصوصية الروحية المغربية : ما بين السنة و الشيعة
- الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي
- خطر التشيع و التحدي الاستراتيجي الإيراني
- الشيعة و السنة : المذهبية الدينية في خدمة الإيديولوجيا السيا ...
- مفهوم الأمن الأخلاقي : دفاعا عن القيم المغربية المشتركة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - إدريس حنداري - أزمة المآذن في سويسرا في الحاجة إلى نقد مزدوج لثقافة التطرف