|
هل يأتى حل عقدة خلافة الرئيس على يد الدكتور يسرى الجمل؟!
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2859 - 2009 / 12 / 15 - 16:19
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أخر نكتة يرددها المصريون أن معاونى الرئيس حسنى مبارك نقلوا إلى علمه أن نجله "علاء" قد حقق شعبية كبيرة جداً بعد تصريحاته النارية الخاصة بمباراة كرة القدم بين مصر والجزائر فى أم درمان لدرجة أن البعض رشحه لخلافة والده فى منصب الرئاسة. وبما أن هذا المنصب كان محجوزا لشقيقه الأصغر جمال فان الرئيس وقع فى حيرة شديدة. وما كان منه إلا أن طلب الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر ليسأله الفتوى والمشورة فى هذه المعضلة حتى لا يظلم أحد الشقيقين. لكن فضيلة الشيخ قال أنه لا يعرف وسيلة شرعية لتحقيق هذا العدل المنشود بين الأخ وأخيه، ونصح الرئيس بأنه قد يجد الحل عند قداسة بابا كنيسة الإسكندرية والكرازة المرقسية الذى احتار بدوره فى هذه المشكلة العويصة. لكنه اقترح على الرئيس الاتصال براهب بالغ الدهاء فى أحد الأديرة النائية. وبالفعل استدعى الرئيس هذا الراهب الداهية الذى رد بابتسامة عريضة على سؤال السيد الرئيس قائلا: هذه مشكلة بسيطة جداً يا سيادة الرئيس وحلها ميسور جدا وستجده عند الدكتور يسرى الجمل. رد عليه الرئيس باستنكار: يسرى الجمل وزير التربية والتعليم؟! أجابه الراهب بثقة: نعم يا سيدى.. إذهب اليه وستتأكد من صدق ما أقول. استدعى الرئيس وزير التربية والتعليم الذى استمع باهتمام شديد إلى السيد الرئيس، وقال له أن الراهب على حق، لان الحل سهل جداً. كيف؟! قال الدكتور يسرى الجمل: يا سيدى الرئيس.. مثلما قمنا بحل مشكلة المدارس بتقسيم التلاميذ على فترتين، فانه يمكن للسيد علاء ان يتولى الفترة الصباحية ويتولى السيد جمال الفترة المسائية. أليس هذا حلاً عادلاً؟! *** انتهت "النكتة".. ولم تنته المعضلة، فالشعب المصرى يلجأ إلى "سلاح" النكتة فى أحيان كثيرة كبديل عن التحرك المنظم والتراكمى من أجل تحقيق هدف معين. وفى مواجهة اللت والعجن فى قضية التوريث التى أصبحت مثل الاسطوانة المشروخة، وفى مواجهة النخبة الحاكمة والمحكومة على حد سواء، لم يبق أمام الناس سوى السخرية من أنفسهم ومن المسألة برمتها. وهذه السخرية ليست مفتعلة أو بلهاء، فلعلنا لم ننسى بعد أنه فى ظل هستيريا تداعيات تلك المباراة الملعونة التى تحولت – بفضل الإعلام الرياضى وإعلام الإثارة فى البلدين – إلى معركة حربية، ظهر – بالفعل – من رشح علاء مبارك لخلافة والده. صحيح أن "علاء" لم يتحدث فى ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبالتالى فانه لا يتحمل مسئولية هذه المطالبة، غير أن كلماته الانفعالية التى افتقرت إلى الدبلوماسية وربما اللياقة أيضا كانت بمثابة الشرارة التى أشعلت فتيل هذا الاقتراح الذى يدل على فجاجة قطاعات من النخبة المصرية، وإدمانها للنفاق، أو غرقها فى بحار من الجهل النشيط، أو تخبطها وافتقارها إلى الحد الأدنى من وضوح الرؤية. ولأن الاقتراح يتسم بالسذاجة السياسية ان لم يكن العبثية والعدمية فى آن واحد، فان بعض الخبثاء فسروه على أنه محاولة ماكرة للرفض غير المباشر لترشيح جمال مبارك لخلافة والده. لكن الأمر الجدى فى هذه الاقتراح الذى لا علاقة له بالجدية من قريب أو بعيد هو أنه أظهر الفوضى الكاملة فى صفوف النخبة تجاه هذه المسألة الخطيرة، إلا وهى مسألة خلافة الرئيس، وهى الفوضى التى اتضحت معالمها بصورة أكبر بعد أن دخل الدكتور محمد البرادعى على الخط. فقامت الدنيا ولم تقعد وأصبح الرجل هدفا لهجوم بالغ الضراوة من كل الصحف القومية ومن دوائر الحكم أو الدوائر المرتبطة بها بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ووصل هذا الهجوم إلى درجة من الابتذال مشابهة للابتذال الذى انطوت عليه الحملة الإعلامية الخائبة على الجزائر والتى أضرت بمصر أكثر مما أضرت بالجزائر. فمن يتصور أن الصحف القومية اتهمت هذا الرجل بأنه سويدى الجنسية، وهذا غير صحيح بالمرة، فى حين أن عددا لا بأس به من أركان الحكم من مزدوجى الجنسية بامتياز! ومن يتصور أن الدكتور البرادعى الذى حصل على جائزة نوبل قد اتهمته هذا الحملة الغبية بأنه كان "بليدا" وتلميذا "خائبا" و"آخر دفعته"، وتناسى من حاولوا تلويث سمعة البرادعى أن الرئيس حسنى مبارك نفسه منحه أعلى وسام فى مصر، لا يمنح الا للملوك والرؤساء فهل حصل على هذا الوسام لأنه "خايب" و"بليد"؟! حتى عمله كمدير للمنظمة الدولية للطاقة الذرية – وهو منصب رفيع ومن أهم المناصب العالمية – لم يسلم من التجريح والطعن. بل إن أحد "الفلاسفة" قال أنه البرادعى لم يكن المدير الأفضل لهذه الوكالة الدولية الخطيرة. وأكثر من هذا تم اتهامه بتسهيل العدوان الأمريكى على العراق نتيجة التقارير التى كتبها عن امتلاك نظام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين لأسلحة دمار شامل. وهو اتهام باطل وكاذب تفنده المستندات التى تؤكد أن البرادعى احتكم إلى ضميره ولم يخضع لإرهاب وضغوط وابتزاز الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس السابق، وغير المأسوف عليه، جورج بوش، وانه قدم تقارير موضوعية كانت سدا منيعا أمام الأمريكيين وحرمتهم من الحصول على ذريعة كانوا يحتاجونها بشدة تعطيهم "شرعية" للغزو الاستعمارى للعراق. وأساءت هذه الحملة الغوغائية تفسير بيانات البرادعى الخاصة بإعلائه استعداده للترشح لرئاسة الجمهورية فى ظل ظروف محددة، حيث أكد على أنه – إذا دخل سباق الانتخابات الرئاسية- لن يدخله إلا كمستقل، مؤكدا – فى تصريحات خطيرة نشرتها "المصرى اليوم" الخميس الماضى – أنه لا يعتبر مسألة الرئاسة مسألة شخصية وإنما تتعلق بمصير وطن، مؤكدا أن ما يسعى إليه فى إطار شرعى هو أن تصبح مصر دولة ديموقراطية تقوم على الحداثة والاعتدال وإعلاء شأن العلم والممارسة السياسية والديموقراطية، مجددا رفضه خوض الانتخابات دون تعديل الدستور الى يحرم الشعب من اختيار من يمثله دون عوائق. هذه رؤية محددة وواضحة المعالم، يمكن أن توافق عليها أو تعارضها، لكن لا يسعك إلا ان تحترمها، فلماذا إذن هذه الحملة الإرهابية الضروس؟! *** والمؤسف أن هذه الحملة الإعلامية البعيدة عن الموضوعية والمهنية لم تجد من يتصدى لها أو يرفضها من داخل الحزب الوطنى - فى حدود علمى – سوى الدكتور حسام بدراوى الذى يستحق التحية والتقدير لتغريده خارج السرب وتمسكه بموقفه المحترم. *** فى ظل هذا التردى الشامل للنخبة الحاكمة والمحكومة.. يبدو أنه لم يعد هناك متنفسا للمصريين العاديين سوى السخرية .. وسلاح النكتة. لكن إلى متى؟!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلام لا يعلم ولا يتعلم:استنساخ الفشل والغوغائية وابتذال الو
...
-
سائق حافظ المرازى.. الفيلسوف
-
مصابيح التنوير والابداع التى تنطفئ
-
نتائج خطيرة لدراسة ميدانية مهداة للنخبة الحاكمة والمحكومة:«ا
...
-
السائرون نياماً .. على أرض -المريخ-؟!
-
درس من أوباما فى مسئولية الدولة عن صحة أبنائها
-
هل يتساوى الشهيد الذى ضحى بحياته مع لاعب الكرة الذى سيتقاضى
...
-
إنها مجرد لعبة.. فلماذا كل هذا الصخب؟!
-
قطار -الخصخصة- وصل إلى تاريخ الحركة الوطنية!
-
كنيسة -الوطن-.. أم حائط مبكى -الطائفة-؟!
-
نريدها دولة -طبيعية-.. هل هذا كثير؟!
-
التهمة هي انتهاك الحق في الصحة والحق في الحياة
-
مستقبل مصر: إلهام التاريخ وكوابح الحاضر
-
تبرع يا مسلم لبناء إنسان
-
لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!
-
محمد السيد سعيد: وكل هذا الحب.. وأكثر
-
موقعة ذات النقاب .. أهم من حرب 6 أكتوبر
-
صحافة الفضائح .. وفضائح الصحافة
-
حديث ليس فى الرياضة: الأولمبياد يسبح فى »نهر يناير« البرازيل
...
-
اختفاء النصف السفلي لإنسان!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|