|
مصر – الجزائر المباراة التي أزالت الأقنعة
الفيتوري بن يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2859 - 2009 / 12 / 15 - 16:19
المحور:
كتابات ساخرة
لم تكن مباراة مصر والجزائر الفاصلة – تقديم مصر عائد إلى أنها من ربح القرعة في مكان إقامة المباراة – تحمل بالنسبة لي أكثر من كونها مباراة في كرة القدم بين فريقين وان كانت ذات أهمية كبيرة لطرفيها باعتبار أن الفائز فيها سيكون الفريق الإفريقي السادس الذاهب إلى كأس العالم عن القارة الإفريقية ومن هنا لم أجشم نفسي عناء متابعة أصداءها الإعلامية قبل إن تلعب وان طاف على مسمعي من البعض طرف من صور الشحن الإعلامي المتبادل بين إعلام البلدين المستند إلى وقائع سابقة إن صح جزء منها فمعظمها مجرد وقود كاذب لهذا الشحن المبالغ فيه وهو ما أدى إلى حادثة رشق حافلة الفريق الجزائري بالحجارة قبل المباراة التي لعبت في مصر وهي حادثة أتفهمها بغض النظر عن كونها وقعت فعلا كما يجزم الجانب الجزائري أم أنها مجرد افتعال جزائري كما يؤكد الطرف المصري في ظروف هذا الشحن . ومن هذا الباب – عدم الأهمية – لم أتابع أيا من المباراتين سواء التي أقيمت في مصر أو تلك الفاصلة التي أقيمت في السودان بشغف وان كنت شاهدت جزء من كل منهما ولم يستوقفني فيهما شيئا اللهم إلا تعليق حازم الكاديكي الذي كان مصريا أكثر من المصريين . المهم انتهت المباراة الفاصلة فانتقلت إلى قناة النيل الرياضية لمعرفة رد الفعل وكان منطقيا جدا وعقلانيا جدا رغم انه أولي ، أما القناة الجزائرية فلم يكن بها أي تحليل باعتبار أنها كانت تنقل الأفراح الشعبية من ملعب المباراة ومن مختلف المدن الجزائرية . مع تقدم الليل ازدادت أفراح الجزائريين واخذ الإعلام المصري منحنى آخر بدأ على شيء من الخجل في القناة الرسمية ونزع برقع المنطق في برنامج في دائرة الضوء الذي بدا مقدمه و أظن إن لم تخني الذاكرة أن اسمه كان إبراهيم حجازي فاشلا جدا في تقمص دور المفجوع على المذبحة التي تعرض لها المصريين في السودان والتي كانت حصيلتها إصابة أربعة أشخاص بجراح طفيفة لم تحتج تدخل طبي – لم ينجح الإعلام المصري أن يقدم صورا لأكثر من هؤلاء الأربعة – وفي اليومين الثاني والثالث اتسعت الدائرة لتنتقل العدوى إلى بقية القنوات المصرية وينزل أشخاص على شاشتها كنت أكن لهم شيئا من الاحترام إلى حضيض الإسفاف والابتذال مثل أن أم روراة يهودية مدفونة في حيفا وان صحيفة الشروق تمثل النسخة العربية من صحيفة معاريف ، وليت هذا الإسفاف توقف حدود الجزائر بل تعداه إلى ما كل عربي وان مصر تستطيع أن تمحو عن الخريطة من تشاء و أنها هي من قاتل وحدها و أنها من حرر الأرض ووو . على الجانب الآخر لم ينحدر الإعلام الجزائري إلى المستوى الذي وصله الإعلام المصري ليس عن تعفف وإنما انشغالا بنشوة الفوز واعتقد انه كان سيكون على نفس الدرجة من الإسفاف والابتذال لو خسرت الجزائر ، وسيكون الإعلام المصري في نفس حال الإعلام الجزائري . و أنا هنا وبعد هذا السرد الذي قد يكون مملا ومكررا لست في وارد الرد على هذا الإسفاف و لا تخطئة هذا وتصويب ذاك و إنما فقط أريد أن أقول إن ما جرى على خلفية هذا المباراة يعكس واقعا مرا نعيشه منذ مئات السنين يمثل أولا في سيطرة العواطف على تفكيرنا إلى درجة تعطيل عقولنا تماما ومن ثم نبحث عن أسباب إخفاقاتنا بالآلة الخطأ وطبعا ستكون النتيجة كارثية وبعيدة عن الواقع ، وثانيا أن الآخر بالنسبة لنا إما منفي تماما إذ كان اضعف منا أو نافيا لنا تماما إذا كان يمثل طرف أقوى حتى نحس بعدم وجودنا أصلا أمامه وثالثا أن المواطن العربي المهزوم أمام الآخر الأقوى ليس أمامه كي يجد ذاته أو جزء منها على الأقل إلا أن ينتصر على من هو اضعف منه ومادام الانتصار عسكريا غير مقدور عليه لأسباب لا ترجع إلا إلى عدم قدرته على دفع الثمن الذي يكلفه النصر العسكري فلا بأس أن يكون هذا الانتصار حربيا في مجال الرياضة وطبعا مع التخلي عن أخلاق الحرب ورابعا أن مواطننا البائس المحاصر بكل شيء والممنوع من كل شيء ليس أمامه للتنفيس عن كبته إلا أن يصب جام غضبه على شقيقه الذي يعيش نفس ظروفه وهي رخصة تعطيها له أدوات الحكم ليس حبا فيه و إنما خوفا من انفجاره العاطفي ذات مرة وهو ما لا يعيشه غيره باعتبار أن الرياضة عند هذا الغير مجرد وسيلة للتعارف والتسلية والترفيه ثانيا وقبل ذلك كله الآن مشروع اقتصادي .
#الفيتوري_بن_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استقلالية القضاء في الوطن العربي بين النظرية والواقع
-
السنة والشيعة - الإصلاح الممكن
-
الاصلاح المستحيل
المزيد.....
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|