|
المرأة بين إستثمارين: على المظهر أم على الجوهر؟
سهى زين الدين
الحوار المتمدن-العدد: 867 - 2004 / 6 / 17 - 07:17
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
شابة لا يتعدى طولها المتر وخمسين سنتميراً. تمثّل نجوى نموذجاً يفسّر التحوّلات التي تعصف بعشرة في المئة من نساء لبنان، مع بدء تفشي ظاهرة الإنفاق على المظهر وتغلبها على الإنفاق على العلم، في مجتمع تشكل المادة شغله الشاغل. وهو نموذج يقابله نقيض آخر ربما كان على طريق الزوال، لا تزال الشابة فيه متمسكة بمبادئ النضال والكفاح للفوز بما تستحق.
وأدت التساؤلات المطروحة أخيراً عن أولوية توظيف المال وإنفاقه على "المظهر" أو "المضمون"، إلى إحداث هوّة كبيرة بين نموذجي المرأة اللبنانية، يتفرع عن كل منهما فرعان: النموذج الأول هو للمرأة الكادحة، المهتمة بمظهرها أو غير المكترثة له، والنموذج الثاني لامرأة بلاستيكية رصيدها مظهرها، متعلمة كانت أم غير متعلمة.
وبدأت الصورة الثانية تتغلب على الأولى. إذ تجد شابات طموحهن الحصول على إجازة جامعية وركنها على الرّف، وإجراء بعض التعديلات البلاستيكية على مظهرٍ سيعود عليهن لاحقاً بالربح المادي الوفير، عبر تسهيل أمر الحصول على عمل ذي مردود جيد.
في المقابل، تقف جامعيات يتفانين خلف الكتاب لتحقيق "توازن" أو ربما "تفوق" على الرجل قد يمكنهن من تحقيق أحلامهن.
** استثمارات مفيدة
لا تتصور راشيل (25 عاما)ً، وهي شابة حسناء تتابع دراستها العليا في إدارة الأعمال، نفسها يوماً خاضعة لعملية تجميل معقدة كانت أم سهلة، للفوز بوظيفة في بلد ضاق سوق عمله بمن فيه.
تقول: "حزت إجازة في إدارة الأعمال ولم أجد عملاً يناسب مؤهلاتي العلمية"، متسائلة عما إذا كان "مظهرها المحتشم وراء عدم فوزها بوظيفة ملائمة". وهو الأمر الذي دفع الشابة إلى متابعة دراساتها العليا علّ مؤهلاتها تكون عند ذلك مناسبة.
وتعمل الشابة بائعة في أحد أفخم المحال التجارية في بيروت نهاراً، حتى تجمع ما يكفي من المال لمتابعة تحصيلها الدراسي العالي.
تقول: "كانت لي زميلة (نجوى) ممتلئة الجسم، انفها كبير، شفتاها صغيرتان. كانت تعمل نادلة في مطعم للوجبات السريعة منذ كنا في السنة الجامعية الأولى. وفرت قرابة 5 آلاف دولار، لم تبتع لا سيارة ولا دراجة وراحت تجمع القرش تلو الآخر حتى قصدت عند تخرجها أحد أطباء التجميل... وخرجت من عيادته شابة نحيلة ذات مقاييس متناسقة. صبـغت شعرها ووضعت عدسات لاصقة، حقنت شفتيها، وها هي اليوم موظفة في إحدى الشركات المهمة تتقاضى أجر موظف يعمل منذ 20 سنة".
وعلى رغم إقرار راشيل بالاستثمار الجيد الذي قامت به زميلتها وتوظيفها المال على جسدها ليعود عليها درراً تقول: "لا أظن نفسي قادرة يوماً على فعل ذلك. لا أتمتع بقلبها القوي خصوصاً في هذه السن. كما أن شكلي متناسق ولست بحاجة إلى عمليات. الفارق الوحيد هو جدّيتي ورغبتي بعمل مستمر لا يزول مع زوال محاسني".
أما بولا (34 عاماً) التي تملك متجراً صغيراً في الكسليك، فقد أجرت من الـ"تعديلات" و"الزوايد"، ما يكفي لجعلها أقرب إلى مايكل جاكسون، تسخر من نفسها احياناً وتقول ان والدتها تشببها بسيارة سباق متجهة بسرعة فائقة ناحية حائط، قد يسطح وجهها متى اصطدمت به، قبل شد الكابح.
هذه الشابة منعتها الحرب اللبنانية من متابعة دراستها الجامعية لانتسابها إلى كلية تقع عند خطوط التماس. عملت سكرتيرة لدى طبيب ثم لدى سيدة أعمال قبل أن تبدأ باستيراد الملابس من تركيا ثم فرنسا وبيعها في المنزل، فمتجر في الكسليك في جونيه، بعدما أتقنت التعامل مع سيدات المجتمع عبر مهنتها، ومجاراتها إياهن بتشبهها بهن.
** محاربة كل جديد
ويؤكد الجراح التجميلي الدكتور إيلي عبدالحق أن نسبة النساء اللبنانيات اللواتي خضعن لعمليات تجميل على اختلافها، تبلغ 10 في المئة من مجمل المواطنات، مشيراً إلى أن "10 في المئة من مليون ونصف امرأة تعني 150 ألف امرأة وهي نسبة ليست بالقليلة إطلاقاً، خضن التجربة".
ويرفض الطبيب وصف الإقبال على العمليات هذه بالحال المرضية كما يقول البعض. ويضيف: "مع كل ظاهرة علمية جديدة يكثر المعارضون. الكل ينتقد حتى يثبت الاكتشاف إيجابياته". ويمضي قائلاً: "السيد المسيح تعرض للانتقاد لخروجه بأفكار جديدة، فكيف الحال مع العلم؟"، ويعترف بأن "كل ما زاد عن حده نقص" وضرورة عدم الانجراف وراء الهوس بتعديل ما ليس بحاجة إلى تغيير. يقول: "لا بد من الاعتدال في كل شيء، وليس خطأ أن تدرك المرأة عيوبها وتصححها".
ويؤكد عبدالحق بدء اهتمام نساء الدول العربية المجاورة بعمليات التجميل، ذلك أن "25 في المئة من زبائننا من النساء العربيات بدأن يتجملن في لبنان منذ 5 سنوات".
#سهى_زين_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء على العن
...
-
مقتل 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنح
...
-
أولى جلسات توجيه لائحة الاتهام بحق المتهمين في قضية الاغتصاب
...
-
تقرير أممي: جرائم العنف الأسري تقتل امرأة كل 10 دقائق في الع
...
-
ابتكارات لمكافحة العنف ضد النساء في مناطق النزاع والحروب
-
بيان حملة 16 يوم لإنهاء العنف ضد النساء: ثلاثون عامًا على مت
...
-
اعتقال دعاء الأسدي…وملاحقة نساء الانتفاضة
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|