أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماهر الجعبري - القانون الفلسطيني عندما يرعى الرذيلة ويمنع الفضيلة














المزيد.....

القانون الفلسطيني عندما يرعى الرذيلة ويمنع الفضيلة


ماهر الجعبري

الحوار المتمدن-العدد: 2856 - 2009 / 12 / 12 - 15:08
المحور: حقوق الانسان
    



في الرابع من تموز من هذا العام تحولت رام الله إلى ما تشبه الثكنة العسكرية ردا على نشاط ثقافي، وفي السادس والعشرين من هذا الشهر تتحول رام الله إلى ما يشبه الكازينو الراقص في نشاط قد يسميّه البعض ثقافيا: حدثان جمعهما المكان الجغرافي، بينما يفرقهما الموقف القانوني ورد الفعل السلطوي، بعد أن تناقضا في المضمون الثقافي والوقْع الحضاري.

الحدث الأول تعلّق بفعاليات مؤتمر "الخلافة هي إقامة الدين وتوحيد المسلمين" الذي دعا له حزب التحرير، الذي ينشط في قارات الأرض كلها منذ عقود، ويرفض سياسة العار القاضية بالتعري والانبطاح أمام المشروع الأمريكي، ويعمل على كشف عورات الأنظمة أمام الأمة كي تثور على مستبدّيها.
بينما يتعلّق الحدث الثاني بفعاليات "مسابقة ملكة جمال فلسطين"، التي تدعو لها شركة فلسطينية، لعل القراء سمعوا باسمها أول مرة لدى الإعلان عن المسابقة، وهي فعاليات ستُكشف فيها عورات المحصنات من النساء، اللواتي سيُطلب منهن أن تتعرى أو ربما أن تنبطح لتتناولها الأيدي الفاسقة بالقياسات، بعد أن تحوّل المرأة إلى بضاعة ذات مواصفات معيارية، ومن ثم لتدجن الناس على استمراء المنكرات، ولتطبع وصمة عار في صورة فلسطين أرض الرباط، فتحولها من أرض ينتهك المحتل أعراضها، إلى صورة فتيات شبه عاريات، يرّخص قادة "المشروع الوطني" لامتهان كرامتهن وعفتهن على شاشات الفضائيات. ليكبر السؤال: ما هو ذلك المشروع الوطني الذي ترعاه تلك القيادة وإلى أين يسير ؟

قد يتعلق الموقف القانوني من ظاهرة التجمّع في النشاطين بقانون رقم 12 لسنة 1998 الخاص بالاجتماعات العامة، وقد يحاجج القانونيون أن القانون ينطبق على أحدهما ولا ينطبق على الآخر، قد يتفقون في تحقيق مناط القانون وقد يختلفون، ولكن الذي لا خلاف فيه أن الحدث الأول يدعو إلى فضيلة لا خلاف عليها مع أي مسلم صاحب لب سليم، بينما يروّج الحدث الثاني لرذيلة لا خلاف على حرمتها مع أي مسلم صاحب فطرة سليمة لم تشوّهها برامج التغريب الممولة من الجهات المانحة.

وعندما تتجه الأنظار لمن يطبق القانون، نجد أنه قد استنفر قواته وحوّل رام الله في الحدث الأول إلى ثكنة عسكرية لمنع عقد الفعاليات، بينما ينتدب في الحدث الثاني مسئوليه لإنجاح الفعاليات، ولعله ينتدب كتيبة من "المقاتلين القدامى" لحماية "ملكة جمال فلسطين"، وهي تتعرى على شاشات الفضائيات.
ومن هنا يبرز التناقض القانوني، لمن يطبّق ذلك "القانون"، ومن قبله يبرز التناقض الثقافي بين الفضيلة والرذيلة، حسب مقياس حضارة الأمة الإسلامية ووعيها. فليس ثمة شك أن صاحب القانون، وصاحب "السلاح" المرخّص الذي يحمي القانون، قد انحاز إلى نشاط الرذيلة الذي يكشف عورات المحصنات فحماه، بينما انحاز ضد نشاط الفضيلة الذي يكشف عورات الأنظمة فمنعه ! وهو تحد مقيت لمشاعر الأمة وأفكارها.
والحقيقة أن التناقض القانوني لا يقف عند هذا الحد: فقبل أيام نقلت وسائل الإعلام أن جلسة لإحدى المحاكم العسكرية في رام الله قد تمخضت عن حكم بالإعدام رميا بالرصاص والفصل من الخدمة العسكرية، لأحد منتسبي أجهزة الأمن الفلسطينية بعدما أدين بالتخابر مع العدو وفقا لمواد القانون الفلسطيني، بينما لا نجد أحدا يرفع دعوى قانونية ضد أمين عام الرئاسة الفلسطينية الذي لم يقتصر على التخابر مع ليفني، إحدى قادة الحرب اليهودية على غزة، بل صافحها بحرارة في المغرب قبل ثلاثة أسابيع أمام عدسات الإعلام، متحديا مشاعر المسلمين، فيضيف إلى جرم التخابر جرم الإصرار والمجاهرة.
.
وبالطبع لا يفكّر أحد برفع دعوى قضائية ضد أي من قادة المشروع الوطني وهم يتخابرون ويتحاورون مع قادة الاحتلال اليهودي، ولا ضد قادة الأجهزة الأمنية الذين أوكلت لهم مهام التنسيق الأمني مع الاحتلال من خلال التخابر مع العدو.
فهل هنالك تخابر يعاقب عليه القانون وآخر يسمح به القانون ؟ ولعمري لا أدري ماذا كانت فحوى مرافعة ذلك المتهم بالتخابر مع العدو، فلو أبدع محاميه لكان قال أمام القاضي أن موكله ينتمي إلى أجهزة لا تستلم قطعة سلاح واحدة إلا بعد التخابر مع العدو لإدخالها! ومن ثم لكان توجب على القاضي أن يستدعي القادة قبل الجنود الصغار.
ويستمر التناقض القانوني عندما يحمي صاحب السلاح "القانوني" كل مستوطن "مسلّح" يدخل مناطق القانون الفلسطيني، فيعيده ويسلمه إلى "العدو" سالما غانما، بينما يقتل أو يسجن ويجرّم كل "أخ" يحمل سلاحا يريد أن يصد به هجمات المستوطنين، وهم يستشرسون كل يوم، ويعتدون على سكان البلدات الفلسطينية، بل ويحرقون مساجد المسلمين كما حصل صباح الجمعة، في تناقض قانوني آخر.
بل ويحرس صاحب السلاح القانوني كل دورية احتلال تدخل أرض القانون الفلسطيني وهي تتبختر فوق تراب فلسطين، كما رصدت عدسات وكالة معا الإخبارية في بيت لحم يوم الأربعاء 23/9/2009، بينما يطلق الرصاص في الخليل على جنازة تحمل "شهيدا نحسبه كذلك"، سقط برصاص صاحب السلاح القانوني، وهو يقول "لا لمؤتمر التطبيع في أنابوليس"، في تناقض قانوني وحضاري صارخ.
وتطول قائمة تناقضات الممارسات باسم القانوني، ولائحة التعارضات مع وعي الأمة، وبالتالي فمن العبث أن تتم مناقشة القانون إذا كان تطبيقه مزدوجا، وإذا كان صاحبه مستعدا دائما لأن يطأه بقدمه كلما عارض هواه، أو تعارض مع "أجواء العلاقات الدولية"، ومع سياسة استجداء التمويل لهذا لمشروع الوطني، ومع "المناخ السياسي العالمي"، الذي يعتبر ما تقرره حضارة الإسلام والشرعية الإسلامية إرهابا، وما تفرزه ثقافة الغرب والشرعية الدولية انفتاحا وعصرنة.
ومن ثم، فإن الأولى من المراجعة القانونية لوزير العدل، الدكتور علي الخشّان، الذي قابلته كأستاذ جامعة قبل أن يصير وزيرا لعدل ضائع، هي المراجعة الأخلاقية والمهنية حول "قسمة ضيزى"، فهل يتحول الأكاديمي القانونيّ إلى شاهد زور على انتهاك القانون، وعلى امتهان ثقافة الأمة ؟ سؤال يبقى في ذمة الصحافة، إن لم يجرؤ صاحب القانون على فتح منبره الإعلامي للمحاسبة السياسية.



#ماهر_الجعبري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض ...
- اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
- الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
- الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف ...
- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- منظمة حقوقية يمنية بريطانيا تحمل سلطات التحالف السعودي الإما ...
- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماهر الجعبري - القانون الفلسطيني عندما يرعى الرذيلة ويمنع الفضيلة