علي شكشك
الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 19:43
المحور:
القضية الفلسطينية
وحدها, بطاقةِ الحقِّ وحدها, ببراءةِ الحقيقة وبياض الصمت, وجلالِ العدل, وانسيابِ البداهة, تنسابُ صورتها ويختالُ مخيالها في مسارب الضمير, فإذا كان "الإنسانُ على نفسه بصيرة", فإنّ الوعيَ البشريَّ يتلمّسُ الحقّ ولا يستطيع أنْ ينكرَه تماماً حتى ولو حاولتْ نفسُه أنْ تسوِّلَ له غيرَه, حتى ولو التبسَ بالمصالح والمكائد والغفلة والغشاوة والظلم, حتى ولو كان الظلمُ تاريخاً وفاقعاً إلى الدرجة التي مورس فيها علينا من قِبَلِ القوى التي امتلكت العالم في بدايات القرن الماضي, حتى ولو كان الشرُّ طاغياً إلى الدرجة التي نُحسها نحن, فقط نحن, ويعرف بعضَه الآخرون,
بِطاقةِ الحقِّ وحدها تتربعُ القدسُ على مناخات السياسة في الكون, وتقترح ذاتها وتتقدس في البنود والقرارات, وتختفي في الاقتراحات, حتى تكاد تبين ولا تبين, تكشف لمحة من حسنها وتختفي, تراودنا عن استقرارها في الأجندات الكبرى, تمدُّ يداً من فضاء, مازال متسعٌ من الروح لاحتوائه, ومن الهوى لاجتذابه, فالعالم موقن باستمرارها فينا وانبعاثنا منها أو موتنا فيها, فكيف لا نكون كما تشتهي, يداً من هباء, أو نكون كما نشتهي, على وشك الاشتهاء,
بِطاقةِ الحق وحده تتجلى, وتمنحُنا نصفَها وحدنا, فلعلّ نصفَنا الآخر ذاته يتجلى ويمنحُ باقِيَه لما استترَ من نصفها, فقد يكون الأمرُ أنها مثل سرّهاِ تكشف عن بعضها ليلتئم البعضُ بالبعض, سرّ التجلّي وشرط الولاية, لا كتمٌ ولا بوحٌ, مثلها في الغواية, ومثلها في الهداية, وهي لا تنثني ولا تنحني سِوى لتصوغَ الرواية وتُثبتَ في متنها متنَها, وعلى الهامش ما تعسّرَ في ثنيّات الحكاية, والوقتُ فيها مجردُ شرخٍ على حجرٍ في جدار, والأرضُ أقصر من مئزرٍ أو دِثار, والناسُ موّالٌ ورسمٌ للكلام, والكلُّ فصلٌ من تفاصيلِ الخطاب من البداية للنهاية,
فصلُ الخطاب, تقاسيمٌ على الجبهات, سوناتا بلون الروح, مدىً مفتوح, جدرانٌ وأشباحٌ وأوراقٌ وآياتٌ, وإنسانٌ يراود شوقه, يَفنى ويَبقى, على أبوابها يفارقُ ظلَّه, يشقى ويشقى, وهي صامتةٌ كالظلام, وبراءة الحقيقة وجلال العدل وانسياب البداهة, فما حاجتها للكلام, وهي تنسابُ صورتُها ويختالُ مخيالُها في مسارب الضمير ويشرب من بصيرته, فإذا كان "الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره" فإنَّ بياضَ صمتها شَغِفٌ للسماع, شرطَ حُسنِ الكلام.
#علي_شكشك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟