|
رأس المال: حكاية حب
محسن ظافرغريب
الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 19:06
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
رأس المال: حكاية حب Capitalism: A Love story
"مرحبا أيها الحزب!"، فيلم من العصر السوفيتي، استعارت الشاشة اللبنانية عنوانه، فكان فيلم مرحبا أيها الحب، بطولة المطربة نجاح سلام، والممثل المصري يوسف، شقيق مريم فخر الدين بطلة فيلم عبدالحليم حافظ: "حكاية حب"!.
Michael Moore مخرج Capitalism: A Love story يعلق بتحليل مبسط في سياق منطقى وشرح تعليمي يناقش ويحاور ويتساءل ويسخر ويتحدى ويحرض ويسلط مساقط ضوء محملة بظلال مساءلة تتناسل كأزمات حية، كخلايا سرطانية تنقسم بالإنشطار الذاتي، دون أن يتأثر رأس المال، صاحب أفلام:" دحرجة الكرات في كولومباين" و"فهرنهايت 11/9" و"سيكو".
يدور فيلم Capitalism: A Love story (كوميديا سوداء)، بإيقاع سريع في ساعتين حول الأزمة الافصادية العالمية التي نتجت عن انهيار المصارف ومؤسسات المال الكبرى وعشرات الأفراد، والشهادات موثق بالمقابلات المصورة والأرقام والإحصائيات، ولقطات بالأبيض والأسود من بدايات عصر التلفزة، من أفلام أو شرائط دعائية مباشرة للرأسمالية، تصورها كنظام يكفل الحريات الشخصية وتمتع المواطن بحرية الرأي والتعبير، أزمة بدأت في الولايات المتحدة الأميركية أواخر العام الماضي، لنسحبت تداعياتها على عالم العقد الثاني للألفية الثالثة للميلاد.
يبدأ العرض بتحذير ساخر للمشاهدين مما سيشاهدون!، ومذيع تلفزي يطلب منهم الانصراف عن المشاهدة إذا كانوا من الصغار أو ضعاف القلوب!.
يعقب ذلك مشهد عناصر رجال شرطة يحاولون تحطيم باب مسكن في "ديترويت" بولاية ميتشجان في 9 شباط 2009م، حيث يقومون بإخلاء أسرة فقيرة من المسكن الذي استولت عليه بعد أن عجزت عن العثور على مسكن إنساني كما يحدث في العراق في ظل ذل الإحتلال الأميركي وتتشبث الأسرة السوداء بالمسكن وينظم أفرادها اعتصاما يجذب الصحافة ويثير تعاطف الرأي العام، وتنسحب الشرطة، وينتصر الفقراء!، وهو ما حدث أيضا في مهد الحضارات والخيرات العراق المدني الأقوى من العسكري والديني!. يحاور المخرج Michael Moore مدير احدى وكالات بيع العقارات الذي يدافع عن منطق هذه الوكالات في طرد السكان غير القانونيين، أيا كان الأمر، لأنه بهكذا أسلوب فج، تتم حماية ملكيات الشركات والأفراد المقدسة. استيلاء على مئات الآلاف من المنازل لعجز أصحابها عن سداد القروض، والكشف عن تجربة العمال في مصنع للخبز وكيف تمكنوا من إدارة المصنع بمنطق التشاركية (القذافية!) في الأسهم والأرباح وكون العامل يحصل على 65 ألف دولار سنويا (أكثر من الطيارين المبتدئين).
يروي المخرج Moore أمام الكاميرا كإبن مخلص لأسرة من الطبقة الوسطى تمتع في طفولته بحياة مرفهة ويصلنا بلقطات تصور الازدهار الصناعي والتوسع العمراني في بناء المصانع والمدارس والمستشفيات وإنشاء حدائق التسلية للأطفال وكل وسائل الحياة الفارهة كما في محميات خليج حاضرة البصرة الطيبة الخربة الحلوب الحالم ذووها الذاوون على بركة من نفط ودم ودموع، بدبي البداوة، وبنسبة تمثيل حقيقية في مجلس النواب بدل 24 مقعد، وعودة رفاق غربة دولة الرئيس المالكي المتنكر لمرارة لأمس القريب!، بحلاوة كرسي مهتز بشروط الإذعان والإذلال والإختلال المفضي بداهة للإحتلال.
يصاحب ذلك مؤثر صوتي وموسيقى معبرة، يقرر أن الولايات المتحدة أضحت القدرة الدولية الأولى، ولا تجد غضاضة في التدخل العسكري تحت يافطة ديمقارطية شبيهة بشورى الأحزاب الإسلاموية لأصحابها ساسة الفسادات، سادات السمسرة والمتاجرة بأسلاب الوطن الذبيح على شاطىء الفرات، وبدم أحفاد أتباع الحسين، كما عير الرئيس المالكي؛ أمس خصوم إنتخابات آذار 2010م، بالمتاجرة بدم العراقيين! كذا!!، ليزور كتابة التاريخ، وشهوده أحياء لاشهود ضمير الزور.
ويضرب الصوت؛ إدارة الرئيس "رونالد ريغان" مثلا على علاقته برجال المال والأعمال في بورصة، شارع وول ستريت، وقد استوزر أحد أبناء هذا الشارع وزيرا للتجارة، قدوة وزير تجارة دعوة المالكي ربيبه رفيقه الداعية السوداني الفاسد، واستحالة السوق المالية العالمية إلى أكواريون زراعة للحيتان هاضمة الأسماك، هنيئا مريئا في قسمة رأس مال ضيزى،
خطة وضعها عدد من كبار رجال البنوك على رأسهم "آلان جرينسبان" الذي وصف بأنه أهم رجل في أميركا، للاستيلاء على أكبر كم من أموال الناس ورهن منازلهم من مؤسسة إلى أخرى وتشجيعهم على اعادة الاقتراض بأرقام كبيرة دون أي ضمانات سوى ثمن العقار نفسه الذي أصبح صفرا بعد اشتراك عشرات الشركات في ملكيته، وتحذير المباحث الفيدرالية عام 2004م من وقوع تحايلات مالية هائلة أدت لإثراء فاحش للبعض، وتجاهل إدرة الرئيس بوش التحذير. وتسمية "رشوة" عدد من أعضاء الكونجرس من لدن وول ستريت، عن طريق اشراكهم في العمليات المالية، واستفادة فرد واحد مثل "لاري سومرز" من هكذا تلاعب، فحقق بمفرده 115$ مليون دولار، ومقاومة الرأي العام الأميركي لرغبة بوش في دعم البنوك بـ700$ مليار دولار من أموال دافعي الضرائب (ضحايا البنوك) والضغط على الديمقراطيين في الكونجرس إلى أن استجابوا، ومسك ختام الفيلم عضو الكونجرس من الديمقراطيين تحرض الناس بشكل مباشر أمام الكونجرس، على عدم التخلي عن منازلهم في أي وقت بعد عجزهم عن سداد القروض، والتصدي للبنوك، وإنزال الهزيمة بهم. وقاض فاسد تم رشوته لإرسال أكثر من 6500 من القاصرين الأبرياء إلى أحد مراكز الاحتجاز، التي تدار من قبل الراشي واعتصام عمال أحد المصانع إلى أن ترضخ لهم الإدارة وتدفع لهم رواتبهم المتأخرة بعد أن كانت تطالبهم بتحمل مسؤولية الخسائر التي نتجت عن الأزمة الاقتصادية. وتدخل الرئيس "باراك أوباما" لدعم قضية هؤلاء العمال التي تحولت من موضوع محلي لقضية وطنية كعراقيي الخارج. متفائلا بقدوم أوباما، بأن: هذا أوان الشد فاشتدي زيم!، لأن يقوم أوباما بتفعيل حزمة الحقوق التي أقرها الرئيس الأميركي روزفلت التي يقول إنها (لم تنفذ قط) وتشمل حق جميع الناس في الحصول على مسكن لائق ووظيفة مناسبة وحياة كريمة.
وينتهي الفيلم بمخرجه Moore بلف شريط أصفر من تلك التي تستخدمها الشرطة لإغلاق أماكن وقوع الجرائم مكتوب عليه عبارة "مكان جريمة- ممنوع الدخول"، لكن كي يلفه حول مقار الشركات المالية في حي المال (وول ستريت) في نيويورك، ويدعو لاستبدال الرأسمالية بالديمقراطية. وعلى حين غرة يحلنا صوت الضمير إلى إفلاس وانهيار شركة جنرال موتورز الشهيرة لصناعة السيارات في عقد ثمانينات القرن الماضي، بدخول الكاميرا مقر الشركة ومنعه كما يحصل في العراق الأميركي، ويقول انه ظل ممنوعا لعقدين من الزمن من دخول مقر الشركة، يعود أخيرا ليحاول مجددا مقابلة مدير الشركة، كي يطرد أيضا. وإن 250 عاملا في الشركة طردوا منها في مثل هذه الأيام من أعياد سيد الروح قبل أعياد الميلاد 2008م وإن هذه كانت بداية انهيار الهيكل الكبير على الجميع حسب تعبير الرئيس المالكي أمس!.
وقد ظل الرئيس "بوش الإبن" يدافع عن النظام الرأسمالي بعد أن فقد أكثر من 7 ملايين فرد وظائفهم.
ونشاهدر الطيار الذي نجح أواخر العام الماضي في الهبوط بطائرته على سطح مياه نهر هدسون وأنقاذ أكثر من 270 راكبا من موت محقق وتحول إلى بطل من هذا الزمان في أميركا، لكن الطيار ليس سعيدا، فقد تحدث أمام الكونجرس كي يكشف ظروف العمل السيئة التي يعمل فيها الطيارون، والرواتب الضعيفة التي يحصلون عليها، واستغلال الشركات لهم وتشغيلهم ساعات طويلة، مما يتناقض مع مباديء السلامة. ويقول أحد الطيارين إنه اضطر لاقتراض أول مائة دولار، ويشكو طيار آخر من خفض النفقات عاما إثر آخر في شركات الطيران وتأثيره على سلامة المسافرين، ويحقق فيلم في حادث سقوط طائرة أدى إلى مقتل 50 شخصا بسبب الشروط السيئة للعمل، وكيف استفادت البنوك من هذا الحادث في الحصول على أموال التأمينات، وتروي امرأة أن البنك حصل على مليون ونصف مليون دولار بعد مصرع زوجها.
وأن هناك نوعا من بوالص التأمين على الحيوات، عكس ما مألوف،" ترحب بموت الأشخاص المؤمن عليهم" لأنها تحصل من ورائهم على فوائد مالية ضخمة، لأن المؤمن يكون قد وقع على التنازل عن أي عائد في حالة الوفاة قبل سن معينة خاصة في حوادث تحدث أثناء العمل. ويتحدث إلى قساوسة ورجال دين عن الرأسمالية يستطلع آرائهم فيها، ونسمع ادانة واضحة للرأس مال يعتبرها أحدهم "أس شر العالم"، ويوضح آخر سبب تمسك الناس بالرأسمالية بأنه ترويج كبير لوسائل الإعلام، رغم أنها تتناقض مع تعاليم الانجيل.
ويظهر ممثل يلعب دور المسيح لكنه يجيب على أسئلة الحواريين بعبارات تروج للرأسمالية و وول ستريت، سخرية.
و"تضليل الرأي العام" خصوصا شبكة CNN التي يواجهها Michael Moore بشكل مباشر ويستجوب أبرز مراسليها، ويتهمه بتضليل الناس فيما يتعلق بموضوع الحرب على العراق، وأسلحة دمار شامل لم تكن سوى صدام وعائلته وعصابته أمثال "علي كيمياوي"، أعلى الأميركان كعبهم وكأسهم الأوفى، ولم يعل كعب علي كيمياوي بالشنق، ولم يحطه وصحبه إحتياط الإحتلال المضموم، من جيب الصدر في عل بعد!. ومشهد خيالي آخر لأسرة على العشاء وكلبا صغيرا يقفز ويظل يكرر القفز لأعلى مرات عدة كي يلتهم قطعة جبن صغيرة يقبض عليها كلب آخر كبير بأسنانه، لكن دون أن يتمكن الكلب الصغير أبدا من انتزاعها، كما هو حال كلاب المحاصصة!.
فيلم Capitalism: A Love story يرفع سبابة الإتهام بوجه الساسة وقبة الكنجرس الأميركي، على طريقة ملصق الدعوة للإنخراط في الحرب الكونية الثانية، وشعار: نحن نأكل ونشبع نيابة عنكم، وعلى الوطني أن يتجشأ وحواصله خاوية ويهاجر كالطير، ويموت مهيض الجناح.
#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شتات بين مارق ومرتد
-
فيلم اللمپجي
-
Valkyrie
-
الشرق الأوسط ليس للبيع
-
في ذكرى Auschwitz
-
العراق في مؤتمرللمناخ
-
أعياد سيد الروح
-
الظالم سيفي
-
الأدب المكسيكي و Pacheco
-
قناة اللافتة وبيان البنيان
-
فضائحية العريبي وغمز من قناة العربي
-
Oeroeg
-
Alphonse de Lamartine
-
مئوية مولد IONESCO
-
وزارة الهجرة وماذا عن
-
المشاعة الإفتراضية والفضائية
-
من حرث الثورة والحملة الفرنسيتين
-
فشل المالكي يثير جدوى الحرب أساساً
-
إعلام وأعلام المهجر ضد المالكي
-
الإتحاد الأوربي جار صديق
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|