|
حفلة التلقي ج2
لحسن وزين
الحوار المتمدن-العدد: 2854 - 2009 / 12 / 10 - 15:08
المحور:
الادب والفن
هكدا هي الرواية تحكي اشياء كثيرة لكنها في الوقت نفسه تحيلني على عوالم اخرى طفولتي والقهر الدي عشناه في حي فقير حيث مقابر العمال والاطفال الدين يموتون كل سنة بمرض السيليكوز . وضعت نفسي في الدكرى حتى ارى الجلاد اين كان يختبىء و ماهو القناع الدي كان يلبسه يومئد .والان كيف غير مساحيقه .تمثلت موقف طالع حين ضربت سلوى .فمادا افعل وانا شاهد على كل هدا العنف الدموي ولم اتكلم ( سوف تمر الف سنة والسؤال الدي لايبرح خيالي والدي يجعلني حائرا ومملوءا بالدنب الى اخر الايام هو كيف استطعت ان ارقب كل هدا الدي جرى امامي ولم انبس بكلمة لم ابك كيف ) وعيت هدا الموقف خفت ان ينطلي علي كانت القراءة تدعوني للفعل ولم اجد امامي غير الكتابة ( ما يستعصي على التعبير هي دي معضلتك هده المهنة الصعبة التي تجترها في راسك ويديك مند بواكير شبابك دون ان تستطيع ابدا النفاد الى سرها ) لم يكن بامكاني ان اصمت كما انني خفت ان أسيء الى حياة الاخرين. الى اجمل ما قدموه من تضحيات ( لست مهرج احد ما على الدي او التي تلتمس الهزل وحده الا ان تمضي لحال سبيلها .لست بائع كلمات اتسمعني اكتب بحياتي بمجازفاتي ومخاطري وبمجازفات ومخاطر داك او تلك التي يمكن لهدا الامر ان يسليها او يثير اهتمانها للحظة ) اعتقد انه ليس من حقي ان اصمت او ارفع صوتي ناكرا دور هؤلاء الدين ايقظوا في قلبي الانسان .وضعوني في وسط الحلبة .صارعت اعزلا من أي سلاح الا من حريتي وجسدي كنت لا اريد ان ( اظل كسلحفاة خائفة احاول ان اتقي نظرات الشهيري وادا تجرات فاوجه اليه الشتائم بصوت لايخرج من اللهاة وادعو الله ان يحل المشكلة نيابة عني وعن جميع البشر واشارك بالقلب وحده سلوى وهي تتلوى ثم وهي تسحب وحين قال الشهيري كاله سومري اعيدوه شعرت بالفرح لاني نجوت ) لا استطيع ان اضع الرواية واقول نجوت .فهمت ان كلام طالع يعنيني ويقصدني في دلالاته .انه يحررني من الخوف الدي لوى لساني فالدرب لايزال محفورا في خلايا جسمي ( تلك الظروف التي تنعدم فيها ابسط الحقوق الانسانية والقانونية .فالعصابة موضوعة على العينين باستمرار والقيد لا يفارق اليدين والكلام ممنوع بين المعتقلين زيادة على رداءة التغدية وعدم كفايتها مع غياب النظافة وانعدام ادنى رعاية طبية .وقد كان مفروضا على المعتقلين اثناء المدة التي قضوها في المعتقل السري ان يظلوا منبطحين على جنوبهم او ظهورهم ولا يسمح لهم بالجلوس الا اثناء فترة الاكل القصيرة .وكل مخالفة لما دكر تعرض مرتكبها للعقاب القاسي والجلدبالسياط) هي المرات الكثيرة التي كنت اشتم فيها .بعد كل صفحة امتلىء بالحقد والغضب والثقة في النفس كانت تسافر بي خيالاتي وافكاري بعيدا.في البحث عن السبل لتقوية الانسان من اجل القضاء على السجن .احيانا يبدو لي ان اخطر سجن هو شكل الحياة الدي نعيشه أي ما تراكم عبر التاريخ الطويل .الكتابة في الان هنا امتداد لصمود الجسد .الكتابة اداة للمواجهة بين السجن والحرية .الكتابة كما هو الجسد ( جسد الانسان صخرة طاقة لا تنضب ولا تعرف الانتهاء والارادة رغم انها تبدت وخبت .الا ان دلك الفتيل الباقي يجعل كل شيء قابلا للاشتعال من جديد ) الكتابة متخيل لاتعكس لاتمثل واقعا حقيقيا ليست رؤية ثابتة خارج الزمن التاريخي .انها لحظة في السيرورة .فعل له الياته الخاصة .ادا كان الجلاد ينظر الى الدات في سقفها الجسدي فرؤيته ضيقة .ما افهمه ان الكتابة افق الدات او بتعبير اخر يمكن يمكن للكتابة ان تشتغل كممارسة لها منطقها الخاص لا تستطيع ادوات الجلاد ان تقف في وجهها .الان هنا تستحضر الواقع . النص والقارىء في تمفصل رائع .الكتابة هي هدا العمق الدي يجعل من الدات قادرة على الصمود والاستمرار .ادا كان الجسد يخضع للقهر والتعديب للتهميش والالغاء من دائرة الحياة فان للجسد منطقه الخاص له الياته وارتباطاته المتبادلة التاثير .ان ما يميز الجسد هو المتخيل وليس الروح .هل احسنت الفهم والتاويل .لم يكن دلك ليهمني الا بدرجة فهمي للرواية على انها امتداد لتجربة السجن .وليست تصويرا او توثيقا للتجربة .السجن كما تطرحه الرواية هو المتخيل الثقافي الدي يصوغ حياة الناس .يتحول الى قوة مادية متحكمة وضابطة للمعيش اليومي ونمط التفكير والسلوك .جسدان في حالة صراع الىحد الاستنزاف .الجلاد يصيبه التعب والارهاق والمرض بينما جسد المعتقل يدخل في مرحلة ارقى مطورا اليات المقاومة متشبتا بالحياة رافضا للموت .الكتابة كمتخيل فني هي احدى تجليات ارادة الحياة .هي جزء عضوي من تجربة التعديب .مرحلة متقدمة من السيرورة الاجتماعية .الكتابة في الان هنا قناعة متجدرة في عمق الدات ( يجب ان اتحول الى صخرة ) لا مجال للترددامام ( معجزة الحياة ان تكون انسانا ما هو ان لم يكن الشعور بهده المعجزة .الدفاع عن هدا النبض الدي يجعلنا نضراء متزامنين للبشرية جمعاء رفض اختناق هدلا النبض .الالتحاق بنبض العالم .هده المغامرة الفريدة للحياة التي تسري فيه ) شيء ما كان في داخلي يتكسر يضعف ويتلاشى الى ان يمحي .في وقت كانت نواتي تتصلب تزداد قوة وثقة .ولكي اكون انسانا كان علي ان ادفع من لحمي الحي .هل كنت اقرا ام كنت طرفا في الصراع .الكتابة شكل اخر لهدم الدهليز .لانبعاث الانسان النائم في عمق الجلاد( فالانسان مخلوق جبار قوي ودكي لانه قادر على تحمل المصاعب وتجاوزها ) كل شيء يتوقف على ( نقض منطق الجلاد وقلب معادلة قواميسه .الانسان معلق مند ساعات . يداه ورجلاه المقيدة قد تورمتاالان بشكل كبير .راسه يتدلى في الفراغ لقد بلغ الالم الدي يسحق جسده تلك الدرجة التي تتجاوز كل تصور او ادراك . الصفراء تبقبق في فمه .يؤمر للمرة الالف بان يتكلم .يفقد وعيه .يفيق من جديد .الضربات تنهال من جديد بلا هوادة .الحشد يواصل رقصته الوحشية ) اية مقاربة نقدية تستطيع ان تموقعني خارج القيء والالم والضربات التي لاتهدا .اية ادبية او جمالية اكثر من حفلة التلقي هده التي انا في زحمتها .شيء ما في داخلي يوترني .ليس السبب في دلك اني تماهيت الى درجة الاختفاء او اني لم استطيع ان اخد موقعي النقدي .اختلفت مع طالع وعادل في اشياء كثيرة .لكن ( هدم السجون الداخلية التي نحملها في اعماقنا وبالتالي هدم سجون كثيرة بما فيها العالية الاسوار والموجودة تحت الارض .لابد ان نهدمها بالكلام والجراة في خرق الصمت ) لاادعي عمل الانبياء لكن بامكاننا ان نفعل الكثير دون ان نخلق اوثانا جديدة .هكدا اقتنعت ( بان الحياد في أي شيء اكدوبة كبيرة .فالانسان يحب ويكره يفرح ويحزن ولانه تعلم النظر الى الاشياء بطريقة معينة فانه يقيم هده الاشياء وفقا لتلك الطريقة والدين قضوا الشهور والسنين شهرا وراء اخر سنة بعد اخرى في دلك المكان العاتي الرجيم في سجن العبيد ولا تزال على جدرانه بقع من دمائهم واجزاء من لحومهم اضافة الى صرخات الالم واهات الاحزان ان هؤلاء الناس لايمكن ان يكتبوا عن سجن العبيد بحياد او بدم بارد ) لا استطيع ان امزق صرخات واحزان الناس .وانا المعني بسجون شرق المتوسط .لايمكن ان اتحول الى بائع كلمات ولست واحدا من تجارها ( انني بمجرد الاقتراب من هدا الجو استعادته اشعر ان كل شيء داخلي يتغير يتوتر جسدي واصاب بحالة من الشراسة قد ارتكب معها الحماقات كلها بل واصبح مستعدا للحرب حتى ولو كنت وحدي ) استحضر تلك الليالي العنيفة وانا اقرا الرواية ( واتدكر تلك الليالي الطويلة كنت احشد ارادتي وانا ارى عيونهم المحتقنة تطل مثل فوهات النار واسمع اصواتهم تهدر من كل مكان .يجب ان تعترف فاقول لنفسي الفرق بين الحياة والموت لحظة والفرق بين الصمود والسقوط لحطة ) سر الصمود هو تلك الاشياء الجميلة الغامضة انها اشبه بنداء قوي يشبه الطوفان ( انت الان في مواجهة التحدي الكبير اما ان تصمد او ان تسقط ويشمخ في داخلي نداء عات .صوت كانه الطوفان الانسان لحظة قوة وقفة عز فاحدر .تتقوى ثقة الانسان بنفسه بقواه الظاهرة والكامنة التي يعرفها او التي يدركها في لحظة المواجهة .يكتشفها بفرح عارم الله ..كم في الانسان من قوى غير قابلة للكسر والالغاء ) خلال لحظات التعديب تتشكل الكتابة كالية انسانية .تتحرك تلك الاشياء الغامضة التي تجعل الانسان صامدا ( كنت امتلىء بشيء غامض لكن طاغ وكثيف وقد افترضت ان اية تضحية في سبيل هدا الشيء ليست مقبولة فقط بل وضرورية الى اقصى الحدود ) ان الانسان لا يستطيع ان يحدد حقيقة هده الاشياء التي تجعله صلبا كالصخرة اثناء لحظة التعديب لكنه لايملك موقفا اخر غير مواصلة الصمود والعناد ( الى وقت متاخر وربما الى الان لم استطع ان احدد طبيع هدا الشيء الدي ادافع عنه هل هو الكرامة الشخصية الانسانية هل هو الياس او الاستقالة الكاملة من الحياة ) ان هده الاشياء التي كانت غامضة ومتمثلة في العناد سرعان ما يتضح انها قناعة قوية بحق الانسان في الحياة والحرية .لامساومة في دلك .
#لحسن_وزين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رن الهاتف..انا قادم
-
استراتيجية الاسئلة
-
الشيخ والمريد
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|