|
((1))في خضم المجهول
عبد الوهاب المطلبي
الحوار المتمدن-العدد: 2852 - 2009 / 12 / 8 - 00:19
المحور:
الادب والفن
كان الوقتُ عصرَ يوم السبت الموافق الخامس من كانون الثاني- وانا احمل صورة َ المحبوبة ِ بين اناملي واطيل ُ النظرَ الى شفتيها الساحرتين..مستلقيا ًفي غرفتي إذ خالجني توقع امر مخيف لا ادري...شعرتُ بضوء العصر يهربُ ووراءَهُ العتمة ُ تحاولُ إبتلاعه ....!! ،الظلمة ُ بدأت ْتدب شيئا ً فشيئاً ربما تعبيرٌ عن اعصار ما يهبّ ُ على البحر..أم هو قادم ٌ من أعماقه ِأو هو سعاله الحاد...،البحرُ بالنسبة ِ لي كائنٌ جديدٌ لا اعرف ُعنه اي شيءٍ...،عمقه ُ عمقُ مشاعرنا المضطربة ِ ...عمقُ العشق ِ الذي اعيشه ُ...فاجأني هديرهُ اشبه بالعواءِ المكتوم ِ في باديء الامر ثم بدأ يشكلُ دويا ً دونَ أنْ يمنحنحنا فسحة من التوطئة ،غير انَّ قلقي سلبني القدرةَعلى البقاء في غرفتي واوحشتني الوحدة ُ الا من طيف زمزم وشوقي لرؤيتها ولو من بعيد..احسستُ أن الباخرة َ ترتج ُ بكاملها ثم بدأت ِ الأمواجُ المجنونة ُ ترفعها الى الاعلى تارة ً و تنزلها الى الاسفل بعنف ٍ تارة ً آخرى ...خرجتُ مرعوبا ً على الفور وانا أقرأ سورة َ الاخلاص وآية َ الكرسي..كنتُ اقرأها في جبهة القتال حين يشتدُ القصفُ من الجانب الاخر.. ونلوذُ بالشق...وفي مثل هذا الجو لايستطيع المرءُ الا البحث عن بشر ٍ يستمدُ الشجاعة َ من وجودهم حتى ولو كان لا يعرفهم اطلاقا ً ودخلت ُ المقهى او المطعم َ وانا ابحثُ عن عيون تأوي إليها غربتي...كانتْ هناك امرأةٌ إستندتْ الى طاولة ٍ في احدى الزوايا من القاعة ِ زائغة َ النظرات ِ ترتجفُ من هول تموج البحر.ذلك.الكائن ُ الخارقُ لم أكن أألفه اقتربت ُمن طاولتها وحييتها: مساء الخير ...وقفت ْ أمامي دون ان تجيب...شعرت ُ بانها مرعوبة ايضا مثلي...كانت اصواتُ البحارة ِ المضطربة ِ ايضا تبثُ القلق َ في نفوسنا بالرغم من انهم يحاولونَ طمأنة َ الجميع وان ما يحدثُ هو ليس َجديدا ً على من يركبُ البحر...حدقتْ المرأة ُ في عيوني هي ايضا ً تريدُ ملاذا ً آمنا ً ، رأيتها تتجه ُ نحوي مترنحة ً ثم القتْ بنفسها علي بعيون تدعوني الى عناقها...امسكتُ بها بكلتا يدي وحاولتُ ان اجلسها الى مقعدٍ قريب امسكت ْ هي بكفي وقالتْ : أنا خائفة ٌ جدا ً ايها الرجلُ الوقورُ...قلت ُ في نفسي وانا اشدّ ُ منكِ رعبا ً..وطمأنتها مازلتْ الباخرة ُ بخير ثم قرأت ُ آية الكرسي بصوت ٍ حاولتْ ان لا يكون مرتجفا ً لا اريد ُ ان تراني مرعوبا ً لا أدري كيف مرَّ الوقتُ فقد سادنا الهدوءُ بعد أكثر من ساعة ٍ ونحنُ نرتشف ُالقهوة َ ... سألتني من أينَ أنت َ ؟: فأجبتها من العراق قالت ْ انا من تونس كنت في الامارات العربية...ثم سألتني الا تصطحبُ عائلتك.معك؟....قلت لها : كلا إنني مسافر ٌ مع نفسي الى المجهول ..كنتُ بحاجة ٍ الى هذه السفرة.. تصوري إني لأول مرة ارى البحرَ على حقيقته ِ... لم اعرفه بهذه الوحشية بدواماته ِ وزبده ِ...حتى أنني أتخيله ُالانَ كائنا ً الهيا ً سوفَ ينشقُ ويبتلعنا... قالتْ لي :انك َ تتحدثُ العربية َ الفصحى؟ اجبتها موافقا ...ً الفصحى يفهمها الجميعُ ثم دعوتها الى تناول العشاء وطلبتْ من النادل ان يأتي لنا بقائمة الطعام... اشرتْ الى طبق ٍمن السمك البحري المقلي وبعض المقبلات حدثتها عن الطعام العراقي وانه اطيب الاكل في العالم لكننا نفتقد ُ الى نعمة الامان والى من يحملُ الهوية َ العراقية َ بصدق... تحدثنا عن الادب ِ والشعر ِ ثم سألتها ان كانتْ عائلتها معها على الباخرة فهزتْ رأسها نفيا قالت انها ايضا وحيدة في هذه الرحلة ِ.تفرست ُ بعمق في ملامحها.كانت المرأة ُ بيضاء َ وعينيها عسليتين..ثمة َ ندبة ٍ حمراء َ على خدها الايسر شعرها أشقر ٌ يبدو لي من منتجات صالونات التجميل..،.نظرتْ الى ساعتها وقد انتصفَ الليلُ.. شكرتني وهمستْ مبتسمة ً: آنَ لي أن أذهبَ الى غرفتي لأنام ونهضتْ متثاقلة وهي ترمقني بابتسامة ٍ ساحره ..لم يكنْ الوجهُ غريبا ً عني لكني لا اذكرُ اين رأيتها لعلها إحدى بطلات الافلام الأجنبيه.. واشارت بيدها الى اللقاء غدا لا تنسى سيكون فطورك َ على حسابي. شكرتها وانا انهضُ احتراما ً لها وودعدتها بنظراتي...ثم نهضتُ ايضا وتوجهتُ الى غرفتي واخرجتُ من الحقيبة ِ الحاسوب َالشخصي كي ارى صورة َ الحبيبة ِ التي احتلتْ كياني وكلي شوق بلقائهابعد ذلك داهمتني الافكار السوداء تساءلت ُ بخوف ٍ هل ْ قادتني قدماي الى المنية ربما افقدُ حياتي...وبدون وعيي مني غمغمتُ احدثُ نفسي هل يا ترى اراها وجها لوجه... ربما لا أجدها وأظنني كمن يبحث ُ عن عصفور ٍمميز ٍ في غابة...كانت ْ صورٌ كثيرة ٌ وافكارٌ متصارعة ٌ ومتضادةٌ وصوت ٌ في الداخل يهتف ُبي ما الذي فعلته ُ بنفسك َ وانت َ تخطو في متاهات الجنون؟..تذكرتُ صديقي الجزائري الذي حذرني من هذه المغامرة المجنونة كذلك صديقتي سهام... لكن الان َ لا ينفع ُ الندم ُ فقد وقع َ ما كنت ُ أريده ُ وأتمناه ُ ولا أعلم الى اين سيبلغُ ُ مداه ، كما انني اعرفُ ان سفري سيطولُ وأسوأ ما به أنه في فصل الشتاء...يا الله...( مشيناها خطى ً كتبت ْ علينا ومن كتبتْ عليه خطى ً مشاها) ، في المنام رأيت نفسي وانا اتسلق ُ بصعوبة ٍ شديدة ِ الخطورة برجا ًمن الطابوق المتهرأ واتشبث بكل ما املك من طاقة وغريزة حب الحياة تدفعني لكي اتفادى السقوط قال القلبُ لابأس يا هذا انها تستحق ُ انْ تقاتل َ من أجلها ألم تذكر ذلك في قصائدكَ...تذكرتُ المتنبي حين رأى فاتكا ًومعه ثلاثين فارسا طالبا قتله...أرادَ أن يلوذ َ بالفرار وهم ثلاثة لا غير...هو وأبنه محسد وعبده ، ادرك إنَّ المعركة َ لم تكنْ متكافئة ً إطلاقا ً...لكنَّ عبده صاح َ به الستَ القائل َ: الليل والخيل.......الخ.؟؟؟ التفت َ إليه ِ المتنبي وعاد الى قتالهم قائلا : لقد قتلتني ايها العبد.ُ...................................
http://abdul.almuttalibi.googlepages.com http://www.youtube.com/watch?v=JN3D_AU2AuI&eurl=http%3A%2F%2Falodaba%2Ecom%2Fvb%2Fshowthread%2Ephp%3Fp%3D70143%26posted%3D1%23post70143&feature=player_embedded
#عبد_الوهاب_المطلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
همسات ُ القلب ما بين كلمات رسالتها
-
يا ليت َ الأحزانَ تنام
-
أصابها سهم ٌمن الفضه
-
: مرثية الرؤيا
-
جواز السفر
-
ليس َ عدلا ما اراه ُ من جروح لا تنام
-
آهات ٌ في محراب العشق الراحل
-
أنفاس حيرى في لغة العشاق
-
انانا تتوشح ابتسامة الحزن
-
رسالة الى إمرأة في وكر الدبابير
-
رحيل طائر العشق
-
جوهرة ٌ وجمره
-
ليلى هبة اللهِ ملهمتي
-
عجبا ً مازلتَ سموا
-
( 2 ) المختبأ في واحات روحي
-
(( 1 ))المختبأ في واحة روحي
-
ألا فأرفع جبينك يا عراق
-
لن أعشق
-
الكائن الخرافي والمختل عقليا
-
توكا
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|