عصام عبد العزيز المعموري
الحوار المتمدن-العدد: 2850 - 2009 / 12 / 7 - 00:03
المحور:
الادب والفن
ظاهرة الخرس الزوجي في بيوتنا
د0 عصام عبد العزيز المعموري – بعقوبة – العراق
إن الرغبة في أن يسمعنا أحد أو في البوح والإفضاء لتخفيف حدة القلق والتوتر صارت شاغلنا فلا أحد يجيد الإصغاء 0 فقد تجد في العائلة الواحدة ثلاثة أجيال ، الأب من جيل والأم من جيل والأبناء من جيل ثالث ، وكل من هذه الأجيال يعيش عالمه الخاص ويعتقد أن لا أحد في البيت يفهمه ، فترى الأبناء يقضون جل وقتهم خارج البيت وكأن البيت فندق لايحضرون إليه إلا وقت المنام ، فحتى الوجبات الثلاث قد يتناولونها خارج البيت ، أما الزوجة فهي الأخرى تعيش عالمها الخاص بين الاستغراق في الوظيفة حد التوحد إن كانت موظفة أو الولع بشراء مقتنيات المنزل وإدارته إن كانت ربة بيت 0
أما الزوج فلسان حاله يقول : إن الابتسامة لاتليق بالرجال ويجب أن تختفي عند عتبة الدار ناسيا" قول سيد الكائنات محمد (ص ) : خياركم خياركم لأهله 0 لقد افتقد الجميع المفتاح السحري للغة الحوار والإحساس بالأمان وأصبح حتى الأهل والأصدقاء مجرد علاقات صوتية لاترى ، تسمعها فقط في الهاتف وفي الليل تحديدا" حين يتعاظم على الناس مشاعر عدم الشعور بالانتماء وفقدان البهجة والسعادة 0
لو تأملنا عدد الكلمات المتبادلة يوميا" في عصرنا هذا بين الزوج والزوجة بغض النظر عن توفر عنصر الرقة فيها والمشاعر الدافئة لنجدها لاتتعدى دعوة الزوجة لزوجها لتناول إحدى الوجبات أو الطلب إليه لتغطية احتياجات المنزل 0
لقد تفشت ظاهرة الخرس الزوجي في بيوتنا في أغلب الأسر العراقية فلا أحد يجيد الإصغاء للآخر ، والأدهى من ذلك نرى على الرغم من تفشي هذه الظاهرة فان الأسرة عندما يأتيها ضيف فان الزوج والزوجة يتبادلان مشاعر الود والمحبة أمامه وكأنهما في صفاء وسعادة لامثيل لها تأكيدا" لما قاله عالم الاجتماع العراقي الكبير المرحوم د0علي الوردي : ( إن الرجل العراقي حجي عليوي في البيت وجوزيف في الشارع ) تعبيرا" عن الازدواجية التي نمتلكها في شخصياتنا 0
كل الذي نرغبه جميعا" هو أن نتحدث ويسمعنا أحد 0 لقد قرأت قبل أشهر خبرا" طريفا" في مجلة العربي الكويتية نقلته عن جريدة الاوبزرفر البريطانية يقول : إن الحكومة البريطانية تعد خطة فريدة من نوعها تقضي بتنظيم برنامج جديد يهدف إلى تدريب سائقي سيارات الأجرة على الإنصات إلى الركاب بدلا" من توجيه الكلام إليهم 0فقد كشفت الدراسات عن أن سيارات الأجرة توفر مناخا" مريحا" لمساعدة المواطنين على البوح بمشكلاتهم 0 وفي العدد نفسه كان هناك خبر أكثر طرافة عن أرقام مكاتب في أمريكا يمكن للمواطن الذي يرغب في إزاحة قدر من التوتر والحزن والغضب أن يطلبها لتحكي له نكتة وان لم يضحك فلا تضاف نفقاتها على القائمة 0
نشرت في جريدة الصباح
#عصام_عبد_العزيز_المعموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟