|
تكفيرات ابن تيمية .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 22:21
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
**كثيرا ما يساء الضن بالقائلين بأن ابن تيمية ميال إلى تكفير المسلمين لهوى في نفسه ، أو حبا لغيره ، والدفاع عن أخطائه غي ، لأنه بشر مثلنا يصيب ويخطيء ، وخير الخطائين التوابون ، أما النظر إليه كأنه معصوم من الخطأ ، وأن ما قاله قرآنا لا يحتمل إلا الصدق، فذاك لا يقبله العقل المفتور على التمييز ، بين ماهو حق ، وما هو باطل ، كمالا يجوز التقليل من قيمة الرجل في خدمته للإسلام با اجتهاده الذي لا ينكره عاقل ، غير أن بعض فكره الجهادي والتكفيري انغرس في وجدان البعض وأنتج فكرا سقيما ، وأصبح أسفين في جسد الأمة ، يقرع طبول التكفير جهارا نهارا ، ويؤسس للعداء والعدوانية دون وازع ديني ولا أخلاقي ، وفي ذلك شنآن وتعدً صارخ على خصوصية المعتقد، وعلاقة الإنسان بربه لا بعبده . وابن تيمية الذي عرف بشيخ الإسلام ، عُرف علماء آخرون بنفس التسمية كذلك ، ولجهده العلمي أتباع ، ومداح، وقداح ، ووسطيون، في تقبل بعض علمه الذي لم يكن قويما بمنظور زماننا ، لهذا كثيرا ما أخضع للوزن والتقدير في بعض من جوانبه المخالفة للنص القرآني والسلف الصالح ،ولا شك في أنه صنو ومثال للأستاذ سيد قطب رحمه الله، الذي كان صاحب قوة وشجاعة نادرة ، وقف بها في وجه الظالم، ورفَضَ أن تشتري حياته بكلمات يكتبها لا تعبر عن قناعاته، وهو الأديب المثقف المطلع الذي تمتلئ كتاباته صورا معبرة ومثرية، وفكرا فيه جوانب مضيئة، ولكنه أيضا صاحب المعالم والنسخ المتأخرة من الظلال، التي تأصل للاٍنفصال عن المجتمع ، والاستعلاء عليه، وتبني التنظيم قبل الفكرة، وتنعت المجتمع بالجاهلية، والناس لا ترى فيه إلا أحد الجانبين، فهو إما سيد الشهداء المعاصرين الذين دافعوا عن الإسلام وليست له نقيصه ، أو أنه مؤسس التطرف ، والأب الفكري لتيارات العنف المعاصرة. ويقول الله في ذات الشيء (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة)، ويقول كذلك: (اعدلوا هو أقرب للتقوى). **يقول المدافعون عن ابن تيمية والمداحون له ، بأنه ليس بتكفيري ، ظنا منهم بأنهم قادرون على حجب الحقيقة ، والأنترنت الآن جاثمة على رأس كل معتد أثيم ، بفضلها سقطت أوراق التوت تباعا ، وتبين الصحيح من السقيم ، وحتى يتضح المقال أفردت لكم جملة من الحقائق التي تثبت تكفيرات بن تيمية بالدليل القطعي الذي لا يمكن تسفيهه إلا من لدن عُباد الأشخاص ،أوعباد الفكر الترهيبي ، أوعباد الضلالة وإن تبين زيغها ، وهم في ذالك متنكرون حتى لأبسط مباديء الوهابية في رفض التبتل والتوسل والتقرب من الآدميين لبلوغ رحمات الرحمن ؟ وقد اطلعت على تكفيراته التي لم أكن أعرفها ، رغبة في استجلاء الحقائق التي دُفعت إليها دفعا من طرف بعض المتعصبين للفكر الأحادي ، الذين لا يرضون عنه بديلا ، أمثال المكنى بالعزيز لدين الله ، وعزته لا تكتمل إلا برأي شامل لا يقصي أحدا من ملة الإسلام ، وسأختصر لكم تلك التكفيرات في النقاط التالية على سبيل المثال لا الحصر : 1) يقول الإمام الذهبي في كتابه ( سيرة أعلام النبلاء ) ص 11 ، قال أبو إسماعيل الترمذي بأنه سمع الإمام ابن حنبل يقول (من قال بأن القرآن محدث فهو كافر) ، والله يقول ( مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأنبياء : 2]. 2) وفي الفتاوى الكبرى لابن تيمية الصفحة الأولى ، وعن سؤال عن رجل جهر بالنية في المسجد ، فأفتى شيخنا ابن تيمية بأنه إذا أصر الجهر بالنية قُتل ؟ 3). في كتابه الفتاوى الكبرى المجلد الأول ص 244 يكفر من يقول بأن القرآن مخلوق ، يستتاب فإن تاب وإلا قتل . 4) النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيت لحم حيث ولد النبي عيسى عليه السلام ، وابن تيمية يفتي بأن من زار بيت لحم ، أو صلى بها فهو ضال خارج من ملة الإسلام . 5) تحريم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى على أهل المدينة وبدون شد الرحال ،و قال أيضا ( أن إتيان القبر للسلام عليه فقد استغنوا عنه بالسلام عليه في الصلاة ، وعند دخول المسجد ، والخروج منه ، وفي إتيانه بعد الصلاة مرة بعد مرة ذريعة إلى أن يتخذ عيدا ووثنا ) هكذا ، وهذا يعني أن المسلمين جميعهم على خطأ بزيارتهم المدينة المنورة والصلاة في الروضة الشريفة، ولماذا لم يسعى خادم الحرمين الشريفين الوهابي منع الحجاج من الزيارة والصلاة في الروضة الشريفة ؟؟. 6) ابن تيميه كفًر من كفًر الصحابة ، وكفًر من لم يعتقد كُفر مكفر الصحابة ،والخوارج كفروا الصحابة واعتبروا أن مرتكب الكبيرة كافر،ابن تيميه لم يكفرهم ،إذن يكون حَكم على نفسه بالكفر. 7)أحصى بعض قراء ابن تيمية ماورد في كتابه من أسماء الكفر، والتكفير ، والقتل ،وضرب الأعناق ، الشيء الكثير، وقد عدها بعضهم على النحو التالي : ورد : اسم الكافر : 917 مرة . وكافر مرتد 29 مرة ، حلال الدم 19 مرة ، يقتل 849 مرة ، يضرب عنقه 34 مرة ، فهل من توفرت في كتبه هذه المواصفات لا يدعوا إلى التكفير وإزهاق الأرواح التي قال الله بشأنها ( وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ،وصدق الغزالي إذ قال في كتابه [التَّفْرِقَة بَيْن الإِيمَان وَالزَّنْدَقَة]وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الإحْتِرَاز عَنْ التَّكْفِير مَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلا فَإِنَّ استباحة دِمَاء الْمُصَلِّينَ، الْمُقِرِّينَ بِالتَّوْحِيدِ خَطَأ , وَالْخَطَأ فِي تَرْك أَلْف كَافِر فبالحياة أَهْوَنُ مِنْ الْخَطَأ فِي سَفْك دَم لِمُسْلِمٍ وَاحِد ..). الخاتمة : ما أريد قوله هو أن شيخ الإسلام بن تيمية ومن لحقه من العلماء المتشبعين بفكره ، مجتهدون في الدين ، لهم باع طويل في خدمة الإسلام والمسلمين ، إلا أن تكفيراتهم طغت وترسخت ، ورسمت نهجا قاتما للجهاد ضد الذات ، وعززت قيم القتل على الهوية ، بفعل المتشابه من الآيات لا بمحكمها ، وهي أمور وصلتنا من الشرق ، و ذقنا مرارتها في الجزائر طيلة عشرية كاملة ، عرفت في قاموسنا باسم عشرية الدم والدموع ،والتي رسخت صورة سوداوية عن الجهاد ، وأنتجت جيشا من اليتامى والمشردين ،والأمهات العازبات، وأعادت إلينا تفكير الزمن الماضي في السبي ، والإعتداء على الأعراض ، وملكات اليمين ، وتفسير المفوضة والمؤولة . ولا يدرك الشوق إلا من يكابده ، ولا المشقة إلا من يعانيها ، ( وما يحس بالجمرة غير اللي كواتوا) كما يقال المثل الشعبي عندنا ، وكان الأجدى تحويل سيل الجهاد إلى فلسطين المغتصبة ضد الصهاينة الذين عاثوا فسادا في أولى القبلتين وثالث الحرمين ، التي تذرف الدموع الحمراء وأمة الإسلام تنعم وتتفرج .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأفناك والبافانا بافانا والتحدي .
-
العلمانية بين الإختيار والإضطرار .
-
بين العلم والدين ( بين غاليليو وابن باز)
-
سقوط تاج العروبة ..أو نتائج مقابلة مصر والجزائر .
-
كرة القدم ...وبعث الفتنة .
-
مقابلة الجزائر مصر ..أين المفر..؟؟
-
...لأننا عرب وإخوة ...!!!
-
مقابلة مصر الجزائر في الميزان .
-
العروبية نزعة معادية للأعاجم والمسلمين .
-
الصراع الهوياتي في المغرب الاٍسلامي .
-
الولي والمولى ( العرب والموالي )
-
الإختلاف الرحيم ، لا الإختلاف الرجيم .
-
وجوه متعددة ... بغاية واحدة
-
ثورة المظلوم على الظالم .
-
هل الصحابة معصومون من الزلل؟
-
لبنى والبنطال
-
الاباضيون في الجزائر.. أمازيغ أقحاح يا سادة!
-
الحضارة ...عربية ؟ أم اٍسلامية ؟
-
المسلم / بين نشيد شالكة ، ودموع السبايا .
-
هوية الاٍنسان أم هوية اللسان ؟ (3)
المزيد.....
-
بعد أن فرضتها أمريكا على الصين وكندا والمكسيك.. ما هي الرسوم
...
-
بسبب بطة.. رجل يتعرض لموقف مرعب بينما كان يحاول اللحاق بكلبه
...
-
ظهور الشرع في -سدايا- للاطلاع على أهم الجهود ضمن -رؤية السعو
...
-
الرئيس الألماني يزور الشرق الأوسط لبحث الوضع في سوريا
-
قائد عربي جديد ينضم إلى قائمة مهنئي الشرع بتنصيبه رئيسا لسور
...
-
ستارمر يضغط لإحلال السلام في فلسطين بصيغة السلام في إيرلندا
...
-
أمريكا.. مظاهرات ضد خطط الترحيل الجماعي (فيديو)
-
إصابة عشرات الأشخاص على الأرض في حادث طائرة فيلادلفيا
-
قمة للاتحاد الأوروبي والناتو وبريطانيا حول الإنفاق الدفاعي ي
...
-
قلق صالات الـ-جيم-.. لماذا يخشى البعض الذهاب إلى النادي الري
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|