أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد العزيز المعموري - الأديبة ( مي زيادة ) وسيكولوجية الابداع














المزيد.....

الأديبة ( مي زيادة ) وسيكولوجية الابداع


عصام عبد العزيز المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 20:52
المحور: الادب والفن
    



كثيرا" ما يتهم العباقرة من المفكرين والفلاسفة والمخترعين والأدباء والفنانين والمبدعين بشكل عام بأن أغلبهم ، إن لم نقل جميعهم ، يتسمون بشخصية عصابية وأنهم يتميزون بغرابة الأطوار ، وان الغالبية العظمى منهم كانت تعاني الاضطرابات ولو لفترة محدودة 00 لماذا يتهم العبقري أو المبدع بأنه عصابي ؟ أحتفظ بكتاب ممزق الغلاف من بعض الصفحات ، مما جعلني أجهل اسم مؤلفه ، لكنني أعتقد أنه ( د0 قاسم حسين صالح ) ، وكان المؤلف يتناول في كتابه هذا الإبداع في الأدب والفن ، وكان يقارن فيه بين المبدع والعصابي بقوله : ( إن المبدع كالعصابي ينسحب من واقع لا يرضاه إلى دنيا الخيال ولكنه يختلف عن العصابي بكونه يعرف كيف يقفل منه راجعا" ليجد مقاما" راسخا" في الواقع ) ، ويقدم لنا د0 يوسف ميخائيل أسعد في كتابه ( سيكولوجية الإبداع في الفن والأدب ) تفسيرا" لعصابية العبقري أو المبدع وهو تفسير على ما أعتقد قد تفرد به عن غيره من المنظرين بتقسيمه الصحة النفسية للأفراد بشكل عام إلى ثلاث مراتب : المرتبة الأولى هي مرتبة السوية Normality والتي ننعتها لأنها الحالة العادية التي تتأتى لجميع الناس الذين لايثير سلوكهم أي ارتياب أو اندهاش ، فالشخص السوي هو الشخص العادي ، أو هو الشخص الذي لا تثير تصرفاته أو أفكاره سخطنا أو انفعالنا ضده ، أما المرتبة الثانية فهي مرتبة ماتحت السوية Sub Normality ، وهي الحالة التي ننعتها بالمرض النفسي أو العقلي أو العصبي ، فجميع الانحرافات النفسية التي تتصف بالانحراف عن الجادة إنما تقع في إطار المرتبة الثانية 0 أما المرتبة الثالثة من مراتب الصحة النفسية حسب رأي د0يوسف ميخائيل فهي مرتبة فوق السوية Super Normality ، وهي الحالة التي يكون فيها المرء في مستوى أعلى من مستوى الناس العاديين ، فالشذوذ الذي ينسب للعباقرة والمبدعين يشير في الواقع إلى الوقوع في إطار هذه المرتبة الثالثة من مراتب الصحة النفسية 0 ولو طبقنا ماتقدم من تفسيرات للإبداع لكل من د0قاسم حسين صالح ود0يوسف ميخائيل أسعد على الأديبة العربية ( مي زيادة ) صاحبة الصالون الأدبي المسمى باسمها لوجدنا الكثير مما يؤيد تفسيرهما ، إذ يتناول د0 يوسف ميخائيل حياة هذه الأديبة قائلا" : ( كانت مي آنسة لبنانية تكتب العربية والفرنسية وتقابل الرجال وتتحدث إلى الأدباء وأهل الفكر ويتحدثون إليها ، وفيهم أكثر من أعزب عاش حياته بلا زوجة ، وهم جميعا" بين متزوج وأعزب ، يضطربون في مجتمع لاتبدو فيه المرأة إلا كالطيف ، وإذا أسفرت واحدة من النساء ، كانت كالمحجبة تماما" ، لأنها لاتحسن حديثا" يشوّق الرجل المثقف أو يمتعه، أو يثير خياله ، أو يوحي إليه أو يلهمه بفكرة أو عاطفة أو خاطرة 0لذلك فقد تجمع حولها عدد غير قليل من الرجال ، بعضهم مثلها من لبنان وسوريا كخليل مطران وداود بركات وأنطون جميل وشبلي شميل ونجيب هواويني ، وبعضهم من مصر كلطفي السيد وعباس العقاد ومصطفى عبد الرازق ومصطفى صادق الرافعي وأمين واصف 0 وكانت تتبادل مع بعض هؤلاء الرسائل ، ومن هذه الرسائل ، ومما نشر عن أحاديث الندوة ، تحس أن هذه الأحاديث تكاد تكون غزلا" مستورا" بين صاحبة الدعوة وزائريها ، فالجميع يحاولون التودد إليها في تحفظ واحتياط ، وهي تستثير عواطفهم ، إذ تتلطف معهم ، وتقترب وتبتعد منهم بعد الآخر ، وفي حضور الآخرين ، فيكون لهذه اللعبة – لعبة الحب المستور – نشوة في نفوس هؤلاء المحرومين من المرأة في الصورة التي تمثلها ( مي ) ويخرج كل منهم من الندوة ، وهو أسعد حالا" وأطيب نفسا" 0 ولعل بعضهم كان يخرج من هذه الندوة وهو يحسب أنه ظفر بودها بأكثر مما ظفر سواه ) 0
ويقول المفكر المصري ( سلامة موسى ) عن الأديبة ( مي زيادة ) : ( إن مؤلفات الأديبة مي زيادة كثيرة ، ولكنها كانت في حديثها أبرع وأذكى مما كانت في جميع ما كتبت ، وكنت أقول لها أن السبب لتفوق حديثها على مقالاتها أنها شرقية تخاف في الكتابة أن تبوح بكل ما تفكر فيه ، ولكن هذا الخوف يزول عنها في الحديث ، وقد يتساءل القارئ هنا ولم لم تتزوج (مي ) مع جمالها وثقافتها ؟ فالجواب أنها كانت تعيش في وسط شرقي ، ولو كانت مي قد نشأت في برلين أو باريس أو لندن لوجدت الكثيرين ممن ينشدون الشرف والسعادة بالزواج منها والفخر والمجد بالتصاق تاريخهم بتاريخها ، ولكن إخواننا اللبنانيين على الرغم من عصريتهم ، مايزالون شرقيين ولم يستطيعوا أن يسيغوا زوجة تستقبل ضيوفها في صالون أدبي له حرية الصالونات الأدبية في المناقشة والاختلاط ، وبكلمة أخرى نقول : إن مي عاشت عمرها قبل ميعاده بخمسين سنة )0
وهكذا نرى أن هذه الأديبة العربية قد دفعت ثمنا" باهظا" من صحتها للتوفيق بين المتعارضات التي كانت تعيش في داخلها ، فأرادت أن تكون عربية بعقلها ، شرقية بوجدانها ، فدفعت ثمن هذا التمزق آلاما" ، كانت ثمن صدقها مع نفسها وحيرتها بين الناس 0 ففي ليلة من ليالي شهر أكتوبر عام 1941 تعلن الممرضة أن المريضة ( مي زيادة ) يضيق تنفسها ، ويحاول الطب عبثا" إنقاذها ، ثم تنطوي آخر صفحة من هذه الحياة العجيبة لأديبة عربية 0

( نشرت في جريدة الصباح العدد ( 657 ) في يوم الاثنين 15 شعبان 1426 هجري المصادف 19 أيلول 2005 م ، صفحة ثقافة ، صفحة رقم 8 )



#عصام_عبد_العزيز_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل شيخوخة بلا هموم
- من أعلام العراق00 د0 نوري جعفر : التفكير حق مشاع لكل الناس
- كيف تلقي محاضرة فعالة ؟
- التفكير.. هل يمكن تعليمه ؟
- حوار مع الدكتور فاضل عبود التميمي
- لماذا ترتدي المرأة العراقية الحجاب؟؟
- المبدعون وغرابة الأطوار
- حوار مع الكاتب والقاص(ضمد كاظم وسمي)/بعقوبة_العراق
- ماذا يقرأ اكاديميو ومثقفو بعقوبة؟
- القطيعة بين الاكاديميين والابداع.... كيف نفسرها؟
- حوار مع المترجم احمد خالص الشعلان


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد العزيز المعموري - الأديبة ( مي زيادة ) وسيكولوجية الابداع