أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر الحاج امين - - كلاب الآلهة - .. شهادة بيضاء عن حقبة سوداء















المزيد.....

- كلاب الآلهة - .. شهادة بيضاء عن حقبة سوداء


ثامر الحاج امين

الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 19:46
المحور: الادب والفن
    



الشهادة مسؤولية ، وأمانة ، وموقف اخلاقي ، تسهم كثيرا في اظهار الحقيقة وكشف المستور ، وحينما تكون مقرونة بالمعايشة الشخصية ، فان هذه الشهادة ستكون ـ دون شك ـ على قدر من المصداقية والقبول.
هذا ـ باعتقادي ـ ماكانت عليه قصص " كلاب الآلهة " المجموعة الثانية للقاص نعيم شريف ـ التي افرغ فيها تجربته الشخصية ـ بعد مجموعته الاولى " عن العالم السفلي " الصادرة عام 2000 ، حيث وجدتها شهادة أرخت بصدق لحقبة زمنية عاشها العراقيون وكان للكثير منهم ذكرياته السود عنها . كما لم تكن شهادة فحسب ، بل ونبؤة بالخراب الذي حلّ بالبلاد حيث توّج القاص مجموعته بمقطع من رؤيا يوحنا يتنبأ فيه بدمار " بابل" التي يتخذ منها رمزا لدمار العراق ، فمن خلال مشهد استعراض الموت الجماعي المتمثل بمسيرة الجنائز لأطفال عراقيين لاقوا حتفهم بسبب الحصار الذي تسببت به سياسة النظام السابق واستغلاله لمأساة أهاليهم استغلالاً قاسياً وصل به ان يحبس الجثث اسابيع بانتظار استكمال العدد المخصص لاستعراضه البشع ، يتخذ من هذا المشهد مدخلا لقصصه التي هي الاخرى ولدت من ظلام الزنازين وساحات الاعدام ، وغرف البؤس والشقاء كاشفا بها عن واقع القهر والفساد والظلم الذي عانت منه جماهير شعبنا .
في قصة " كلاب الآلهة" التي حملت المجموعة عنوانها يستهل القاص اولى شهاداته الست بالكشف عن واحدة من الجرائم بحق الانسانية ، حيث نتابع وبألم معاناة عسكري سجين يتعرض لأبشع اساليب التعذيب في اجهزة الاستخبارات تبلغ ذروتها بسحق آدميته وذلك بارغامه ورفاقه المعتقلين على النباح كالكلاب، نباح يمتزج بدموع الانكسار الانساني مع الم وقع العصي على الاجساد ، ويبرز من بين النباح والصراخ صوت الرفض الآتي من احدهم حيث يقف هذا الصوت شامخا ، نازفا كبرياؤه ودافعا حياته ثمنا لدرس بليغ ظلّ يؤرق الجميع وذلك باستفزاز رجولتهم المنتهكة باقدام الجلادين . هذه القصة وفي القصص اللاحقة نكتشف قدرة القاص على الرصد والمتابعة لأدق تفاصيل حركه شخوصه وادارته الماهرة لموقفين متضادين يعملان على تشكيل موضوعة القصة ، متمثلان بالصلابة في مواجهة الضعف ، الصلابة المتمثلة بالرفض لالغاء ادمية الانسان امام الضعف الذي رمزله بالعواء ، وفي النهاية ينحاز القاص الى الموقف الاول حيث يهمس الضعف معتذرا لجثة رفيقة ( رغبت ان اودعك لكن العواء يملؤني ، العواء ياصديقي ينبثق من قاع قلبي ، عواء طويل ) [ ص28] .
في القصة الثانية" قيامة وليم " يستمر القاص على ذات النهج الذي اختطه في قصته السابقة ، فهي قصة تقف الى جانب الانسان في كفاحه ضد مستغليه حيث يكشف لنا القاص عن مأساة فتاة عراقية مسيحية تتلقى خبر اعدام حبيبها " وليم" الذي سئم القتال بلا قناعة ولاهدف ، يبرز فيها ذات الموقفين المتضادين حيث هزيمة الموت ـ الاعدام ـ امام حركة الحياة وتدفقها التي جسدها القاص ببراعة في مشهد الفتاة التي لاتريد ان تصدق نهاية حبيبها ، لذا تعد ليلتها الوحيدة باشعال الشموع وخلع غلالتها الخضراء واطلاق شعرها الاشقر الطويل من اساره والدوران مع ذكراه بعناق حميم متخيلة ان كل الدنيا تدور معها فالشهداء حاضرون بارواحهم .
وحتى قصة " تلك البلاد " التي اراد لها القاص ان تولد في عالم اكثر هدوءاً وبراءة حين انفتح فيها على علاقة انسانية حميمة بين " رياض " الفنان الحالم واخته " زينب" المصابة بسرطان الثدي ، فانه لم يتمكن من تجاوز عالم الخوف الذي ساد قصصه السابقة حيث سرعان مايغادر هذا الفردوس وهذه الالفة وينتقل الى " قصر النهاية" المعتقل الرهيب حيث صراخ المعتقلين ورعب القناني الزجاجية ذات الاعناق الطويلة المشفرة الحواف المعدّة لمؤخراتهم .هكذا اراد لنا ان نعيش الآم ابطاله حيث فجأة نجد انفسنا نشارك " رياض" ألمه وهو يواجه انغراز عنق الزجاجة في احشائه . قصة هي الاخرى جمعت بين عالم ابيض في مواحهة آخر اسود ، فكانت صرخة اراد بها القاص ان يوقظ الضمائر النائمة والغافلة عن هذا الشقاء المرير .
قصة " اكياس الخيش" هي تأكيد آخر على ان القسوة هي ثيمة المجموعة ، فهي قصة تؤرخ لاعدام خمسة عشر من ابناء الديوانية عام 1988حيث يستهل القاص حكايته بمشهد الاخت المحامية وهي تشعل شموع الغائب على صفحة النهر ـ وهو تقليد دأبت عليه كل عام ـ على امل ان القدر قد استثنى شقيقها المعتقل من بينهم ، ثم تجد الاخت في شخصية " كامل مزهر" صديق شقيقها والذي شاركه زنزانته وكان شاهدا على لحظات اعدامه ، تجد فيه مايبدد شيء من حزنها ووحدتها . ومن خلال استعراض علاقة الصديقين نتعرف على حقيقة شخصياته فهي حيوات شابة بريئة تواقة للحرية ، كما وتكشفت لنا القصة الاساليب الدنيئة التي كان يمارسها رجالات الامن من ابتزاز ورشوة واللعب على مشاعر ذوي المعتقلين وفي النهاية يختم القاص حكايته بانتصار الحرية على القمع والقسوة معبرا عن ذلك بمشهد الزرازيز وهي تخرج من اكياس الخيش نحو فضاء الحرية مثل غيمة خضراء مؤكدا بذلك رؤيتة التي جسدها في اتخاذ الحرية لمواجهة القمع .
وفي قصة اخرى هي " ليلة القدر " يتخذ القاص من النبل سلاحا لمواجهة الخسة وذلك في حكاية هي الاخرى تنتصر لقيم الانسانية ونقاء الروح فـ " جابر " الجندي الذي شهد جريمة مقتل ام كردية مع اطفالها الثلاثة على يد امر سريته يجد في حرق نفسه امام الملأاسلوبا للاحتجاج على هذه الجريمة وهكذا يضعنا القاص مرة اخرى امام موقفين متضادين ينتهي بانتصار الانسانية على الوحشية رغم مافي هذا الانتصار من ثمن وقسوة ورعب .
ويستمر مشهد الموت وايقاع الرعب يخيم على عالم القاص في قصة " معرض العظام " يعرض لمأساة ام عراقية تقف مع ابنها " كرار" في مقبرة جماعية بانتظار استلام رفات زوجها المغيب منذ سنوات في اقبية النظام السابق ، تعود للبيت منهكة ويائسة من العثور على اثر لرفاته ، و تستعرض في خلوتها لحظات اعتقاله وكيف استجارت بامامها المعلقة صورته على جدران غرفتها والذي كانت تجد فيه الملاذ والمنقذ لها في ساعة الشدة لكن الصورة خذلتها في حين تجد العون والمساعدة من جهة انسانية لاتمت لها بصلة . قصة هي الاخرى تضع البراءة في مواجهة الرعب حيث يجري " كرار" في خط مستقيم بين عظام المقبرة متحيا الموت واجوائه.
والملاحظ على قصص " كلاب الآلهة" انها تميزت بخصوصية هي انها جميعها كتبت في المهجر وفي مطلع الالفية الثالثة وهذا يعني انها تمثل مرحلة او فاصلا في تجربة القاص " نعيم شريف" .
ان اقاصيص المجموعة تؤكد نزوعا واضحا عند القاص الى تقديم شهادة صادقة ذات قيمة تاريخية تؤهلها لان تكون وثيقة عن حقبة سوداء ما تزال اثارها ماثلة امامنا .



#ثامر_الحاج_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ملتقى الوركاء للثقافة والفنون-..خطوة فريدة
- هل يفعلها العراقيون.؟
- -جدل-...اشراقة على عالم الثقافة
- الجدار الثقافي في الديوانية .. يحتفي بالروائي-سلام ابراهيم-
- -الارسي- الوجه الاخر للتجربه
- التكريم يأتي في أوانه
- قفشات من اوراق كزار حنتوش
- -اوراق من ذاكرة مدينة الديوانية- .. سيرة مدينة طيبة
- الروائي -علي عبد العال- العودة الى الرحم
- في ذكراه الثانية كزار حنتوش..استشراف الموت
- المستبد .. صناعة قائد في حكم 4 عقود
- انتخابات نقابة الصحفيين ... ما لها وما عليها
- معاداة السينما..الى اين؟
- جمهور الثقافة امام-مجتمع المعرفة-
- -حين يتكرر الوقت...يتوقف-خطوة شعرية واثقة
- شموع تأتلق ايذاناًَ بالعرض
- كم انت رائع ياعراق
- بلابل تشدو للحرية
- القاص كريم الخفاجي(رحلة الابداع)
- دموع فييرا


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثامر الحاج امين - - كلاب الآلهة - .. شهادة بيضاء عن حقبة سوداء