|
لماذا يعبدون البابا؟
أيمن رمزي نخلة
الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 12:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1. هناك مشكلة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وهي وجود حالة مِن "السرطان" المستعصي المتفشية بين أغلبية البسطاء المتعبدين الذين يتبعون جلالة وعظمة البابا. وأي نقد أو عرض لوجهة نظر مختلفة لوجهة نظر قداسة فخامته، تجد كَم معارضات غير منطقية وغير عقلانية لما تقوله، وكأن كلام قداسته وحي يوحى وأفعال معاليه شريعة سماوية لوقتنا الحاضر ومستقبلنا الأبدي.
2. مشكلة أخرى وهي أن التابعين لجلالة البابا يرون في معالي جلالته "بابا وماما وأنور وجدي"، أي يرونه صورة الإله الذي يوحى له والصدر الحنون والملجأ الدافئ والنجم الساطع الذي ينير ظلام الحياة الدنيا. كثيرون يرونه مصدر الراحة في دولة الكنيسة وهو مصدر الطعام الجسدي والروحي وهو راعي الرعاة الذي يعرف أكثر منا ومِن الآخرين، وهو الباب الصالح ضد هجمات الذئاب الخاطفة مِن ذوي التعاليم الأخرى أو مِن رجال الأمن ومسئولي الدولة المدنية، ويقولون لك: ألم يستوى على عرش الكرازة المرقسية باختيار الرب الأعلى؟؟ وبناء على ذلك فهو الذي يفتش لهم في الكتب المقدسة، وهو الذي يفسر ويقدم لهم الطعام الروحي المناسب لطفولتهم الروحية تلك. مما ترتب على ذلك أنه عند وجود أي طعام آخر أكثر نضجاً فلا يستسيغه الرعية ما لم يوافق عليه بابا أو ماما أو حاشيتهم المباشرة، لذلك نجد صورة جلالته تتصدر الكتب المَرضي عنها، والمُراجعة مِن قِبلْ نواب ومساعدي الجلالة العظمى.
3. بعد نشري للمقال الأخير: "لماذا لا يتبع جلالة البابا السيد المسيح؟"، انهالت عليّ الشتائم والكلمات القبيحة مِن كل حدب وصوب. لقد توقعت ردود الأفعال هذه. فكما قلت سابقاً لقد حاولت مناقشة الورم السرطاني المستشري في جسد الكنيسة المصرية، ولأن الورم تفشى حتى النخاع في معظم جسد الكنيسة الذي يطلق عليه جسد المسيح، فكان لابد مِن تشريح الورم كما هو دون استخدام مُغيبات وعي، حاولت مناقشة الورم السرطاني دون استخدام "بنج" متمثل في كلمات ناعمة أو مصطلحات هادئة. نعم، كنت عنيفاً في مقالتي السابقة. فما رأيته وما أراه أن معظم الشعب القبطي المسيحي الأرثوذكسي يتبع جلالة وعظمة البابا والحاشية المحيطة به.
4. حين نقرأ رسائل رسول المسيحية العظيم بولس نجده يقول عن نفسه أنه "عبد يسوع" وتتكرر هذه الجملة كثيراً في مقدمات معظم الرسائل. وقبله السيد المسيح الذي قال جل شأنه: جئت لكي أخدمكم لا لكي تخدمونني. وحين نقرأ في سير الرهبان الأوائل قبل انحراف الرهبنة عن هدفها الأسمى نجد عيشة الرهبان البسيطة وتجوالهم المستمر بين البلاد بطهارة ونقاء للخدمة الاجتماعية بكل فروعها ومعانيها. حتى أن القرآن الكريم ذكرهم قائلاً: إنهم لا يستكبرون. نعم لقد كان الكبار منهم سابقاً لا يستكبرون.
5. وكم ألمني وأحزنني طريقة وقوف المهنئين بعودة جلالة البابا مِن رحلة العلاج الماضية في طابور طويل يمتد مئات الأمتار لتقبيل يديه الكريمتين، وهناك الأساقفة الذي ينظمون التقبيل والآخرين الذين يحرسونه مِن الجانبين ومعاليه يجلس في أفخم السيارات. كان السيد المسيح الذي جاء نوراً للعالم مِن ألفي عام يذهب للمحتاجين والمعوذين والمرضي. لماذا نحن الآن نطبق شعار: "اللي عايزيني يجيني أنا مبروحش لحد"؟؟ كَم رحلة رعوية قام بها جلالته لتفقد رعيته المضطهدة والمنبوذة في كل أيبرشيات الصعيد؟ في مقابل تفقده لأبرشيات أمريكا وأستراليا وبلاد الأموال الكثيرة؟؟
6. ليس بيني وبين جلالة البابا وبين عظمة الحاشية المحيطة بعظمته أي علاقات أو مصالح أو احتياجات، لكن ما اشاهده وما اسمعه مِن كثيرين مِن الشعب القبطي المسيحي أنه لكي تصل إلى جلالته فلابد أن يكون له واسطة كبيرة تفوق مكانة مار مرقس الرسول نفسه. وجود جلالته وجلالة المحيطين به في قصور منيعة تحيط بها حراسات وثكنات بشرية منيعة تمنع المريدين مِن الوصول لهم يذكرنا بجلالة وعظمة وفخامة كبار المسئولين في إدارة النظام المصري الذين يحكمون البلاد بقبضة حديدية مِن خلال أماكنهم المنيعة المجهولة عن طريق ارسال التعليمات بواسطة وكلاء الوكلاء. يقول النص المقدس أن الإله في العهد العتيق لم يره أحد قط، لكن ملائكته الأطهار كانوا يوصلون رسائله إلى الشعب المختار، وهكذا الحال في أيامنا المختارة هذه، كيف أن المختارين مِن المطارنة والمقربين هم الذين يسمحون بوصول رسائل الشعب مِن وإلى جلالته طبقاً لارتياحهم الشخصي.
7. وما ترتب على ذلك أن مسئولي الأمن أو قل مسئولي النظام المصري الحاكم يتلاعبون كيفما شاؤوا بأبناء البابا وغيرهم الغير ناضجين الذين يهربون إلى دولة الكنيسة، وليس إلى دولة القانون. لقد أصبحنا نعيش في دولة تحكمها قوانين القبائل وكبار القبيلة وخواطر شيوخ القبائل هي التي تتحكم في مجريات الحكم.
السؤال الأخير، متى ينضج التابعين؟ متى يتحول المفعول بهم إلى أفراد فاعلين؟ كيف يتحول قطيع الصغار إلى أفراد ناضجين يأكلون اللحم ولا يكتفون بشرب اللبن العقلي، حتى يكونوا ناضجين وفاعلين للمجتمع العام ويمارسوا مواطنتهم؟؟
#أيمن_رمزي_نخلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا يتبع جلالة البابا تعاليم المسيح؟
-
عرقنة الرياضة
-
التدين والغش.
-
اكتب باسم الحرية.
-
رجل دين كندي
-
نساء قاضيات، لما لا؟
-
ألهة الأديان.
-
قراءة في الدولة الدينية الأموية والعباسية عند فرج فودة.
-
قراءة في أول دولة دينية عند فرج فودة.
-
الإيمان ونظافة القاهرة
-
سرطان الجسد الفلسطيني
-
كان أبي مسلماً.
-
الإرهاب والإصلاح الكنسي.
-
الكنيسة وفكر الخرافة
-
ماذا لو اصبح البابا القادم من النساء؟
-
كنتُ وزيراً للأديان المصرية.
-
حوار مع الرسام المسيء للرسول بعد إيمانه.
-
الكنيسة والمسجد والعمال.
-
الإرهاب الفكري ضد البهائيين.
-
الحجاب والكنيسة والحريق.
المزيد.....
-
الشرطة الألمانية تنفي أن تكون دوافع هجوم ماغديبورغ إسلامية
-
البابا فرانسيس يدين مجددا قسوة الغارات الإسرائيلية على قطاع
...
-
نزل تردد قناة طيور الجنة الان على النايل سات والعرب سات بجود
...
-
آية الله السيستاني يرفض الإفتاء بحل -الحشد الشعبي- في العراق
...
-
بالفيديو.. تظاهرة حاشدة أمام مقر السراي الحكومي في بيروت تطا
...
-
مغردون يعلقون على التوجهات المعادية للإسلام لمنفذ هجوم ماغدب
...
-
سوريا.. إحترام حقوق الأقليات الدينية ما بين الوعود والواقع
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة ليست حربا بل وحش
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل
...
-
وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|