|
آدم وشجرة الحياة
راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 2847 - 2009 / 12 / 3 - 21:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ذكر في التوارة(واخذ الرب الاله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها واوصى الرب الاله آدم قائلا من جميع شجرة الجنة تأكل أكلا وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لانك يوم تأكل منها موتا تموت) الى قوله(فأوقع الرب الاله سباتا على آدم فقام فأخذ واحدة من اضلاعه وملأ مكانها لحما وبنى الرب الاله الضلع التي اخذها من آدم امرأة وأحضرها الى آدم) الى ان يقول(فدلت الحية المرأة على الاكل من اثمار الشجرة الممنوعة وقالت ان الله منعكما عن تناول هذه الشجرة لئلا تنفتح عيناكما وتعلمان الخير والشر ثم تناولت حواء من الشجرة واعطت لآدم فوافقها آدم ايضا ففتحت عيناهما ووجدا نفسيهما عريانين وسترا عورتيهما من ورق الشجرة ثم عوتبا بعتاب الهي(فقال الله لآدم هل أكلت من الشجرة الممنوعة فقال آدم في الجواب ان حواء دلتني فعاتب الله حواء فقالت حواء ان الحية دلتني وصارت الحية ملعونة وحصلت العداوة بين الحية وسلالة آدم وحواء وقال الله صار الانسان نظيرنا واطلع على الخير والشر فلعله تناول من شجرة الحياة فيبقى الى الابد فحفظ الله شجرة الحياة) فلو اخذنا هذه الحكاية حسب المعنى الظاهري للعبارات وحسب المصطلح عليه بين العامة لكانت في نهاية الغرابة ويستحيل على العقل ان يقبلها ويصدقها ويتصورها لان ترتيبا وتفصيلا وخطابا وعتابا لهذا بعيدان يصدر من شحص عاقل فكيف به من الحضرة الالهية؟ التي رتبت هذا الكون اللامتناهي على اكمل صورة وزينت هذه الكائنات التي لا عداد لها بمنتهى النظم والاتقان وغاية الكمال 0 فلتفكروا قليلا لانه لو نسبت ظواهر هذه الحكاية الى شخص عاقل فلاشك ان عموم العقلاء ينكرونها ويقولون ان هذا الترتيب والوضع لا يصدر يقينا من شخص عاقل ابدا0من اجل هذا فحكاية آدم وحواء هذه وتناولهما من الشجرة وخروجهما من الجنة جميعها رموز من الاسرار الالهية والمعاني الكلية ولها تأويل بديع ولا يعرف كنه هذه الرموز ومعانيها الا مهابط الوحي المقربين لدى الحضرة الالهية واذا فلآيات التوراة هذه معان متعددة نبين معنى واحدا منها فنقول:ان المقصود من آدم روح آدم ومن حواء نفس آدم لان في بعض مواضع من الكتب الالهية التي يذكر فيها الاناث يقصد منها نفس الانسان والمقصود من شجرة الخير والشر هو عالم الناسوت لان العالم الروحاني الالهي خير محض ونورانية صرفة واما في عالم الناسوت فموجود حقائق متضادة من نور وظلمة وخير وشر0 والمقصود من الحية هو التعلق بالعالم الناسوتي وقد ادى تعلق الروح بالعالم الناسوتي الى حرمان روح آدم ونفسه واخراجه من عالم الحرية والاطلاق الى عالم الاسر والتقييد وصرفه عن ملكوت التوحيد الى عالم الناسوت0 ولما ان دخلت نفس آدم وروحه في عالم الناسوت خرج بذلك من جنة الاطلاق والحرية الى عالم الاسر والتقييد وبعد ان كان في الخير المحض وعلو التقديس ورد على عالم الخير والشر0 والمقصود من شجرة الحياة هو اعلى رتبة في عالم الوجود وهي مقام كلمة الله والظهور الكلي0لهذا احتفظ بذلك المقام حتى ظهر ولاح بظهور المظهر الاشرف الكلي0 لان مقام آدم كان كمقام النطفة من حيث ظهور الكمالات الالهية وبروزها ومقام حضرة المسيح كان كمقام رتبة البلوغ والرشد وكان طلوع النير الاعظم هو رتبة كمال الذات والصفات ولذا كانت شجرة الحياة في الجنة العليا هي عبارة عن مركز التقديس المحض والتنزيه الصرف اي المظهر الكلي الالهي وما كانت الحياة الابدية والكمالات الكلية الملكوتية من دورة آدم الى زمان حضرة المسيح شيئا يذكر0فشجرة الحياة كانت مقام حقيقة المسيح وهي التي غرست في الظهور المسيحي وتزينت بالاثمار الابدية فانظروا كيف ان هذا التأويل يطابق الحقيقة0 لان روح آدم ونفسه لما ان تعلقت بالعالم الناسوتي خرجت من عالم الاطلاق الى عالم التقييد0وعلى ذلك كان نسل آدم0وهذا التعلق الروحي والنفسي بالعالم الناسوتي المعبر عنه بالعصيان بقى موروثا في سلالة آدم وهذا التعلق كان حية تسعى ما بين ارواح سلالة آدم الى الابد وبه استقرت العداوة واستمرت0لان التعلق الناسوتي اصبح سبب تقيد الارواح وهذا التقيد هو عين العصيان الذي سرى من آدم الى سلالته اذ ان هذا التعلق اضحى علة حرمان النفوس من تلك الروحانيات الاصلية والمقامات العالية0 ولما انتشرت نفحات قدس حضرة المسيح وانوار تقديس النير الاعظم بالحقائق البشرية اعني النفوس التي توجهت الى كلمة الله واستفاضت من فيوضاته تخلصت من ذلك التعلق والعصيان وفازت بالحياة الابدية وانطلقت من قيود التقليد واهتدت الى عالم الحرية والاطلاق وبرئت من رذائل عالم الناسوت واستفاضت من فضائل عالم الملكوت هذا هو معنى الاية القائلة(انفقت دمي لحياة العالم) يعني اخترت جميع البلايا والمحن والرزايا حتى الشهادة الكبرى للحصول على هذا المقصد الاسمى ودفع الخطية بانقطاع الارواح عن عالم الناسوت وآثرت انجذابها الى عالم اللاهوت حتى تبعث نفوس تكون جوهر الهدى ومظهر كمالات الملكوت الاعلى0 لاحظوا:انه لو كان المقصود هو المعنى الظاهري بحسب تصور اهل الكتاب لكان ذلك ظلما واعتسافا0 فلو ان آدم أذنب باقترابه من الشجرة الممنوعة:فاي ذنب جناه الخليل الجليل واي خطأ أتاه موسى الكليم واي عصيان فعله نبي الله نوح0 واي طغيان عمله يوسف الصديق واي فتور وقع لانبياء الله واي قصور ينسب ليحيى الحصور0فهل تقبل العدالة الالهية ان تبتلى هذه المظاهر النورانية بالجحيم الاليم من اجل عصيان آدم حتى يأتي المسيح ويصير قربانا لينجو هؤلاء من عذاب السعير فتصور كهذا خارج عن كل القواعد والقوانين ولا تقبله نفس عاقلة ابدا بل المقصود منه ما ذكرناه0فأدم روح آدم وحواء نفس آدم والشجرة عالم الناسوت والحية هي التعلق بعالم الناسوت0وهذا التعلق المعبر عنه بالعصيان سرى في سلالة آدم وقد نجى حضرة المسيح النفوس من هذا التعلق بالنفحات القدسية وخلصهم من تلك الخطيئة والعصيان0وهذا الذنب بالنسبة لحضرة آدم بحسب المراتب وان كان قد حصل من هذا التعلق نتائج كلية لكن التعلق بالعالم الناسوتي بالنسبة الى التعلق بالعالم الروحاني اللاهوتي يعد ذنبا وعصيانا ويثبت في هذا المقام(حسنات الابرار سيئات المقربين)فكما ان القوة الجسمانية قاصرة بالنسبة الى القوة الروحانية بل نسبة هذه الى تلك عو عين الضعف كذلك تعد الحياة الجسمانية مماتا بالنسبة الى الوجود الملكوتي والحياة الابدية كما ان حضرة المسيح سمى الحياة الجسمانية موتا فقال(دع الموتى يدفنون موتاهم)ومع ان تلك النفوس كانت حية بالحياة الجسمانية ولكن تلك الحياة كانت موتا في اعتبار حضرة المسيح0هذا معنى واحد من معاني حكاية حضرة آدم المذكورة في التوراة فتفكروا انتم ايضاً حتى تهتدوا الى المعاني الاخرى 0(مفاوضات عبدالبهاء)
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل اتّحاد الأديان ممكن؟ وإذا كان ممكنًا فكيف يحدث؟ ومتى يحدث
...
-
خاتم النبيين-وأبدية الرسالات الإلهية
-
سؤال- إلى كم تنقسم أخلاق النّوع الإنسانيّ ومن أين جاء هذا ال
...
-
براهين روحانية
-
يا أهل العالم إلى متى هذا الهجوع والسّبات، وإلى متى النّزاع
...
-
البهائية وقضايا إجتماعية- التطور الاخلاقي
-
البهائية وقضايا إجتماعية -ازدهار العالم الانساني
-
البهائية وقضايا إجتماعية -حقوق الانسان-المرأة والسلام
-
البهائية وقضايا إجتماعية-التعصُّب نار تحرق العالم
-
الدين العالمي
-
الدين البهائي يقف على رؤية إنسانية موحّدة وأسلوب للحياة ليست
...
-
المدنية الإلهية و النظم الإداري البهائي-النظم الإدراي و مرجع
...
-
المدنية الإلهية و النظم الإداري البهائي- ولي أمر الله شوقي أ
...
-
المدنية الإلهية و النظم الإداري البهائي -مقدمة عن النظم الاد
...
-
المدنية الإلهية و النظم الإداري البهائي
-
رؤية الدّين البهائي لعالم مُتّحد-(3/3)
-
رؤية الدّين البهائي لعالم مُتّحد-(2/3)
-
الرؤية لعالم مُتّحد-1/3
-
هاتوا برهانكم -(3/3)
-
هاتوا برهانكم -كمال الخطّة الإلهية الأصلية- (2/3)
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|