أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود المصلح - أيام في بيروت ... 2/5














المزيد.....

أيام في بيروت ... 2/5


محمود المصلح

الحوار المتمدن-العدد: 2849 - 2009 / 12 / 5 - 09:04
المحور: الادب والفن
    


_
لم يستطع زجاج الحافة الكبيرة ( جت ) المكيفة والمغلقة ، ان يحجب عني رائحة البحر ، كما لم تستطع فيروز وهرج ومرج المجموعة السياحية ، وبناتي الصغيرات، ان تحجب عني صوت جلبة الثوار وهم يلملمون آخرما تبقى لهم في رحلتهم الى قبرص ةتونس ، عبر السفينة القبرصية العملاقة الرابضة على كتف ( مخيم برج البراجنة ) وموج الأبيض المتوسط يداعب كعبها وكأنه يواسيها ، او يتوسل اليها ان تكون حنونة على الركب والحمولة ..
لعل السفينة لم تدرك ثقل ما تحمل ..وكبر ما على ظهرها .. لعها لم تفهم انها تحمل ثورة وثوار .. بكل آلامهم وآمالهم واحلامهم الصغيرة والكبيرة ..لعها لم تدرك وطاقمها .. مشاعر تلك الفتاة البيروتية وهي تطبع قبلة ظنتها وحسبتها القبلة الاولى والاخيرة .. وعندما لوحت لها وهي تبحر مبتعدة ... هل فكرت او شعرت السفينة بفداحة الجرح الكبير .. ولحظة الوداع الاليم .
الحافلة الان تحاذي البحر .. الزبد يرغي على وجه الموجه .. والدمع يتحفز في عيني لحظة ان برز مخيم برج البراجنة من خلف لافتة كبيرة ..تحمل شعارا مكتوبا لحزب الله .. لست اذكره ..لا ادري ما اصابني .. وفيض من الذكريات فاض علي واغرقني في حالة من البؤس .. نز الدمع من عيني.. حارا موجعا .. تماسكت امام الناس وامام الصغار .. زوجتي تربت على كتفي وهي تدرك وتعرف ما بي وهي موقنة متوقعة هذه اللحظة ..
كلما تذكرت بكيت وان في اربد .. فكيف بي وانا في برج البراجنة المخيم والرحيل .. الثورة والثوار .. الصمود والرحيل .. الحقيقة والكذب .. وتقول بهمس :
محمود نحن في رحلة .. ولسنا في .. وتصمت ..
ادرك ان ما في عصي على الفهم ، عصي على الصبر ، عصي على الفرح .. فحزني عميق وجرحي اعمق .. وقلبي يعتصر الما .. لكن بيروت .. لكن لبنان قادرة على ان تنهض من الرماد وتنهض معها من تشاء بحب والفة نادرة ... نزلنا نبتاع من مخيم برج البراجنة بعض الحاجيات .. وجت العجوز تجلس الى جانب الصغيرة خلفهمها صورة ( جورج حبش ، والى يمينه صورة ابو عمار وتحتهما عشرات الملصقات ..من الصمود والعودة والتحرير والمقاومة وصور قادة حزب الله ... ) لا ادري كيف شعرت ان المخيم لا يزال بخير .. ولا ادري كيف شعرت ان البوصلة لم تفقد قوة مغناطيسيتها وانها لا تزال تؤشر شمالا جنوبا كعادتها لتترك لنا ان نحد الشرق والغرب ، معتمدة على ذكائنا الذي تفترضه عندنا .
وانا اتجول بين المحلات كانت الشعارات لا تزالهي هي الشعارات الثورية .. وكان الثورة والثوار ما برحوا المكان ، ولا تزال آثار الطلقات النارية ترسم على الجدران صورتها البشعة .. لأكبر آلة غدر وخيانتة وعنصرية في التاريخ .. مررت على المقبرة الصغيرة الضيقة كانت تكللها الخضرة والظلال ، وشمس لعوب تداعب الظل .. فتخترقه لترسم بفعا على القبور .. فيظهر شاهد القبر :
( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احيا عند ربهم يرزقون ) .
وبجانبه : شهداء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .. ومجموعة من القبور .. عرفت لاحقا انها قبور جماعية ..كيف خطر لي وانا امرسريعا اننا رسمنا بدمنا خريطتنا .. وكيف لونا بدمنا علمنا .. وكيف سكبنا حزننا في بحار وبراري الدنيا كلها .. وما كان كل هذا ليشفع لنا ... وبقينا هكذا في الشتات مجرد ارقام في سجلات الامم المتحدة ومفوضة شؤون اللاجئين .
سمعت صوت بوق الحافلة وهو يصرخ فادركت انني تهت في برج البراجنة .. فرحت اركض سريعا لاجد الحافلة والركاب وزوجتي وصغاري في حالة من الهلع والغضب على تأخري .... فما وجت عذرا اقوله لهم وانا اعود بيدين فارغتين ..




#محمود_المصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايام في بيروت ..3/5
- ايام في بيروت 4/5
- السقوط في فخ النجاح
- ايام في بيروت 1/5
- صديقي العزيز راسم فلاح بامتياز
- أمي.. معلمة .. ومرشدة ....
- حرية المرأة بين الاطماع والطموح ...
- الاحزابالعربية
- ايام ام كلثوم
- المدنية
- ذكريات من المطبخ
- الحجر بارضه قنطار ..
- النخوة .. رخوة
- بابا ... بلا حنان ..
- جرائم ضد الانسانية ........
- قراءة في النقد الديني
- الفصل الاول من رواية صوت الجبل
- حوسبة التعليم .. قيم جديدة .. تحديات كبيرة
- شاشات ...
- التربية المرورية


المزيد.....




- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود المصلح - أيام في بيروت ... 2/5