|
الرقص على إيقاع كلمات سبارتكوس الأخيرة
محمد سنجر
الحوار المتمدن-العدد: 2846 - 2009 / 12 / 2 - 12:06
المحور:
الادب والفن
( معلق أنا على باب المشفى ، و جبهتي لسكرات الموت محنية ، لأنني لم أحنها بالذل حية ، حاولت استبيان صورتي المنعكسة على زجاج النافذة المقابلة ، أرى رأسي تتدلى على صدري ، صرخ في وجهي من خلف كمامته البيضاء ، قبل أن يغرس مشرطه بين أحشائي ) ـ زنديق ، مارق ، تخطيت كل الخطوط الحمراء ... ( تذكرت ما حدث ، خيمت على قلبي الشكوك ، عندما جن الليل ، تسللت بين طرقات المشفى ، تتبعت نقاط النزف الحمراء المتناثرة هنا و هناك ، اختبأت بين مئات الثلاجات ، رأيت بعيني إحدى ملائكة الرحمة ، تخرج من إحداها بقايا من أعضاء الصغار ، تلقيها هناك للجياع من كلاب الأغنياء ، حاولت منع الغضب الذي تأجج بصدري ، فشلت ، فصرخت ) ـ يا أولاد الكلاااااب ...... ( لم أكمل بعدها كلمة واحدة ، دقة قوية اخترقت رأسي ، فقدت الوعي ، ساعات مرت أم أيام و سنوات ؟ أفقت لأجدني هكذا ، معلق فوق هذا الباب ، عبرة لمن من الفقراء يعتبر ، نظرت لصورتي هناك ، وجدتني مجوف البطن بلا أحشاء ، لافتة مقلوبة الكلمات شنقت إلى جواري ، حاولت فك رموز ( شفرة دافنشي ) ، من اليسار لليمين ، ذ خ ن ي ت ع ط ق و ة ث ل ا ث ل ا ا ن ا ج م حاولت النظر لأسفل ، أتفقد هؤلاء الذين تجمهروا أمام الباب ، لعل صوتي يصل إليهم ، صرخت ) ـ يا من تصطفون على باب المشفى ، مطأطئي الرؤوس ، تنتظرون دوركم كي تبيعوا أعضائكم لمن يدفع بالدولار و الدرهم و الريال ، لا تخافوا ... و لترفعوا أعينكم إلي ، لأنكم مشنقون إلى جانبي ... ، فلترفعوا عيونكم إلي ، لربما .. إذا التقت عيونكم المكحلة بذل الفقر في عيني ، يخرس الألم بجانبي ... لأنكم رفعتم رأسكم .. مرة ، يا من ولدتم في مخادع الرقيق ، إياكم أن تتألموا من شدة الجوع ، فصوت قرقرة أمعائكم تجذب كلاب أسيادكم ، إياكم أن تقولوا و لو مرة واحدة ( لا ) ، و لترفعوا عيونكم للاعتراض المشنوق فوق الباب ، فسوف تنتهون مثلي غدا ، فما نحن إلا قطعة غيار ، و الجزار ينتظر الإشارة ، و ودعوا زوجاتكم قبل الخروج كل صباح ، إني تركت زوجتي بلا وداع ، و إذا رأيتم طفلي على ذراعها بلا ذراع ، فعلموه الانحناء ، نعم ، علموه الانحناء ، إذا ما رأى اللصوص يقتبسون من جسده الأعضاء ، فأمروه بالتزام الصمت و علموه الانحناء ، انصحوا له أن يحافظ على ما تبقى من حياته ، فالدين النصيحة ، و ليحيا محاولا إخفاء الفضيحة ، حتى و لو بفص من كبد أو نصف كلية ، و لينحني كل صباح ليلثم أيدي الأغنياء ، و إذا ما تجرعوا دمه في كبرياء ، فليدعوا لهم بالهناء و الشفاء ، فلا أمل هناك ، أيها الأغبياء ، لا ترهقوا أنفسكم و تذهبوا لمستوصف بعيد ، فخلف كل جزار يموت ، جزار جديد ، و خلف كل فقير معلق على الأبواب ، أحزان تموت ، و دموع مهما سالت أنهارا ، سيأتي يوما تجف ، يا سيدي ، يا من ورثت عن أبيك الحكمة ، يا كبير ملائكة الرحمة ، لقد أخطأت في حقك .. إني أعترف ، أرجوك ، دعني معلق ـ على باب زويلة ـ ألثم كفك المنقوش بدماء أطفالي كل مساء ، امنحني شرف تقبيل نعل حذائك ، أمحو ما به من نجاسة، فلقد أخطأت في حقك يا ملك النخاسة ، دعني أكفر عن خطيئتي ، فلقد غوتني مبادئي البالية فلم أسن لك القوانينا ، فعلى الأقل اجعلني ممن يسن لك السكاكينا ، و لكن أرجوك و كلي رجاء ، إن كنت مصرا على بيع كل ما يقع تحت يديك من أعضاء ، أن ترحم صغار الفقراء ، فلقد شدوا الأحزمة على بطونهم في وضاعة، و العالم أمسى على أبواب المجاعة ، أما أنتم يا من تقفون على الباب ، مطأطئي الرؤوس ، لا ترهقوا أنفسكم و تذهبوا لمستوصف بعيد ، فخلف كل جزار يموت ، جزار جديد ، يلمع بين يديه منجلا من حديد ، و إن رأيتم في الطريق ، مبعوث لجان حقوق الرقيق ، فأقرئوه مني السلام ، و أخبروه أني انتظرت طويلا طويلا ، فقد مر ألف أمس و يوم و غد ، و لم يأت كما بالأمس قد وعد ، و إذا رأيتم طفلي النحيف ، يجلس إلى الرصيف ، يستجدي كسرة من رغيف ، فعلموه أن يبيع ما تيسر له من أعضاء ، فإن لم يقبل بها النخاس لوهن أو لداء ، فعلى الأقل علموه الانحناء ، علموه الانحنــــاء ، علموه الانحنــــــــــاء ، علموه الانحنــــــــــــــــــاء .
#محمد_سنجر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جيفارا الذي لا يعرفه أحد ( دقات بقلم : محمد سنجر )
المزيد.....
-
عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل
...
-
بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
-
افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
-
صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا
...
-
-القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب
...
-
ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|