|
الديكتاتور 17 ( فرمانات)
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2841 - 2009 / 11 / 27 - 05:06
المحور:
الادب والفن
المشهد السابع عشر ( فرمانات) ( يجلس الزعيم إلى طاولة مستديرة في قاعة الاجتماع مع عسال وسياف وعقاب والشيخ هدهد ) عسال : سيدي الزعيم ، لقد امتلأت السجون بالمعتقلين . سياف : والشعب بدأ يثرثر ويطلق العنان لخياله الجانح حول ما يجري . عقاب : ما العمل يا سيدي ؟. الزعيم ( يتنحنح) : بدايةً لابد لي من الوقوف عند رأي فضيلة الشيخ هدهد. الشيخ هدهد : الرأي رأيكم سيدي ، ولا رأي لي بعد رأي سيادتكم . الزعيم ( يهز برأسه ) : أجل ، ولابد من سماع رأيك . الشيخ هدهد : استسمحك سيادتكم بالسؤال . الزعيم : تفضل .. تفضل . الشيخ هدهد : أتود سيادتك أخذ رأيي في كل قضية أم في هذه القضية تحديداً؟ . الزعيم ( بعدم اكتراث ) : سأرى لاحقاً ، لكن رأيك لن يتعدى حدود الاستنارة لما سأقرر اتخاذه من قرارات ، على العموم لا يمكن أن أتغاضى وقوفكم معي في مرضي ومساعدتكم إياي في لجم عدوان رعد . عسال ( متملقاً ) : هذا واجب مقدس ، ولا فضل لنا يا سيدي . الزعيم : حسناً .. حسناً ( يشير بعصاه إلى الشيخ هدهد ) لم تقل رأيك بعد . الشيخ هدهد : سيدي الزعيم ، أرى من بعد علم سيادتكم ، أن كل ما جرى ، ورغم خطورته ، لا يستحق أن نعير له أي اهتمام ، فكلما نفخنا فيه كلما اتسع مداه في أسماع الشعب وزاد صداه ، وبات من الصعب علينا إحكامه ، لذا ، أرى أن من الأفضل لنا طي الصفحة السوداء ، وفتح صفحة جديدة ، نتسامى فيها عن خلافاتنا ومشاكلنا . الزعيم (عابساً ) : لا غبار على ما قلت ، لكنه لا يخرج عن إطار المشكلة القائمة. الشيخ هدهد : عفوك سيدي ، وما هي طبيعة المشكلة ، وهل ثمة مشكلة جديدة لا نعرفها ؟. الزعيم : ما قصدته ، أننا لا نستطيع أن نتسامح مع هؤلاء الانقلابيين إلى الحد الذي نظهر فيه أمام الشعب وكأننا منحازين إلى طرف على حساب أخر ، أو نشعرهم أننا ضعفاء لا حول لنا ولا قوة . عسال : أجل سيدي ، ولهذا سألت سيادتكم ما يجب علينا فعله إزاء المعتقلين من أزلام رعد . الشيخ هدهد : قبل أن نفعل أي شيء ، ليتسع قلبنا ، ونعفو عما مضى . سياف ( حانقاً ) : لا تنسى أيها الشيخ ، أن رعد ورجاله ، كادوا أن يتسببوا في بتر ذراعي اليسرى ( يرفع ذراعه اليسرى) كما تسببوا في حرق مدينة الشاهد ، لتبقى شاهدة على غدرهم ، ونحن مَن يتحمل وزر أعمالهم المشينة . الزعيم ( حانقاً ) : ليت الشعب يُقدّر حسن نوايانا تجاهه ، لكنا على الأقل ، تخلصنا من جريمة رعد النكراء . سياف : لكن الشعب مرعوب ولا ينبس بحرف واحد ، إذا ما قلنا له إن سبب احتراق مدينة الشاهد ، عائدٌ لغضب الطبيعة ، فقد يصدق ذلك دون أدنى شك . الزعيم : سأعتبر أن هذا الموضوع قد انتهى بحثه ، لكن ما يقلقني الآن ، ردة فعلهم غير المتوقعة . عسال : اطمئن سيدي ، استطيع أن أؤكد لسيادتكم أن الوضع تحت السيطرة والمراقبة ، وكل أهل مدينة الشاهد وغيرها من المدن ، يهتفون بحياتكم ويرفعون صوركم عالياً في البيوت والشوارع . الزعيم ( كاظماً غيظه ) : لا أقصد الآن ، إنما في المستقبل البعيد ، فما الذي يضمن لنا ألا يثأر جيل الغد لماضي أجداده ؟. الشيخ هدهد : حسبي الله ونعيم الوكيل . الزعيم (ساخطاً) : وحسبي أن أصدر قراراً أمنع بمقتضاه دخول رعد إلى هذا البلد ما حييت . سياف : هذا هو القرار الصحيح ( بتشف ) ها قد جنى علينا مثلما جنى على نفسه . الزعيم ( محتداً) : ولأجل هذا لن أتسامح مع أزلامه ، سأجعلهم عبرة ودرساً لمن تسول له نفسه التطاول على شخصي . عسال : لكن عددهم في الداخل والخارج كبير يا سيدي . الزعيم : سأسحقهم حتى لو كانوا بالملايين . عقاب : هون عليك يا سيدي . سياف : بل لا بد من سحقهم ، فالشجرة لا تموت إلا باقتلاعها من جذرها . الزعيم ( يشير إلى سياف بعصاه ) أيها الجنرال ، أنت المسؤول عن سحقهم نيابة عني . سياف ( مطأطئاً ) : أمرك سيدي الزعيم . الشيخ هدهد ( مقاطعاً بقلق ) : ولكن كيف ستتصدون لهم ، دون أن يعرف مكانهم لا في الداخل ولا في الخارج ؟. الزعيم ( يغمز لسياف ) : أجبه أيها الجنرال . سياف : أمرك سيدي ( يشير إلى الشيخ ) لا تنسى أيها الشيخ ، أن أكثر من نصفهم رهن اعتقالنا ، فمن هو بين أيدينا سنخضعه لمحاكمة ميدانية ، ومَن هو متخف عن أنظارنا سنتتبع خطاه ونرصد تحركاته إلى أن نأتي برأسه حياً أو ميتاً . الشيخ هدهد ( يفزع ) : يا إلهي . الزعيم ( ساهماً ) : يبقى أن نتدبر أمر رعد . عسال : لقد كفانا شره ، ولم يعد يهمنا أمره . الزعيم ( عابساً ): أيها الوزير إياك أن تقيس الأمور وفقا لهذه القاعدة . عسال ( مستفهماً ) : عفوك سيدي ، على أي قاعدة أقيسها إذن ؟. الزعيم ( يشعل سيجاراً ) : على قاعدة أن رعد فر ورجاله إلى دولة شمالستان التي تناصبنا العداء أصلاً ، وهو ما سيزيد الوضع توتراً واشتعالاً بيننا . عقاب : وما العمل في هكذا موقف ؟. الشيخ هدهد ( محذراً) : إياكم والحرب ، فإنها لا تبق ولا تذر . الزعيم ( ينفث دخاناً): أيها الوزير عسال . عسال : أمرك سيدي . الزعيم : ابتداءً من هذه اللحظة ، عليك القيام بعملية فرز دقيق لرجال رعد . عسال ( مقاطعاً ) : وما الغاية من ذلك ؟. الزعيم ( مقطباً حاجبيه ) : دعني أكمل ولا تقاطع . عسال ( مطأطئاً ) : عفوك سيدي . الزعيم : إذا تبين لك في نهاية العملية مَن هو على لون رعد ، أرسله إليه عارياً عبر حدودنا مع دولة شمالستان ، ومَن هو على غير لونه ، أبعث به إلى الجنرال سياف ، ليقوم بإعدامه حالاً دون تردد . عقاب ( متملقاً ) : سيدي الزعيم ، دائما ما تكون قراراتكم الحكيمة محل إعجاب الجميع ، لكن هلَّ أوضحت لنا الهدف من هكذا عملية ؟. الزعيم ( يهز برأسه ) : حسناً ، سأعمل على توجيه رسالتين في آنٍ واحد ، الأولى لدولة شمالستان ومفادها أن لا شيء يمنعنا من استهدافها واستباحة حدودها ، عندما تقرر استضافة خصومي ، أما الثانية ، فهي لرعد ، ومفادها أن لا مكان له ولشرذمته الضالة بيننا . الشيخ هدهد : نِعمَ الرأيُ رأيكم سيدي . الزعيم ( عابساً ) : أيها الشيخ ( محذراً ) إياك ثم إياك أن ترخي الحبل للمتحذلقين في الدين ، يجب أن تبقى متيقظاً لكل كلمة تقال . الشيخ هدهد : أعدكم سيدي أني سأتولى تزويدكم بتقارير دورية حول ما قيل أو سيقال . الزعيم ( يقف ) : أمفهوم هذا ؟ ( يخرج). الجميع ( يقفون باستعداد) : مفهوم سيدي ( يخرجون ). * * *
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهلة التطرف الإسلامي
-
الديكتاتور 16 ( الشاهد )
-
مأسسة الطائفية في سورية
-
شيوخ الإرهاب في دمشق
-
الديكتاتور 15 ( الحِداد )
-
الديكتاتور 14 ( الانقلاب )
-
الديكتاتور 13 (صحوة الزعيم)
-
نقد رعاعية النظام السوري
-
الديكتاتور 12 (معسكر الجيش)
-
هيثم المالح ... الحق لا يوهن الأمة
-
الديكتاتور 11 (المؤامرة)
-
الإسلام بين الاستبداد والديمقراطية
-
الديكتاتور 10 (مرض الزعيم)
-
الديكتاتور 9 ( المواجهة )
-
النظام السوري : القمع خبز الثورة
-
الديكتاتور 8 (الاستعداد للمواجهة)
-
إخوانية حماس : عبث الإسلام السياسي
-
الديكتاتور 7 ( المعارضة )
-
الديكتاتور6 ( القصر- مكتب الزعيم )
-
الديكتاتور 5 ( منتدى العدالة )
المزيد.....
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|