أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - أُفكِّرُ بأشياءَ كثيرة















المزيد.....

أُفكِّرُ بأشياءَ كثيرة


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2840 - 2009 / 11 / 26 - 17:13
المحور: الادب والفن
    





(1)
أُفكِّرُ أحياناً بأشياءَ كثيرةٍ
بفلسفةِ علمِ الأحاسيسِ
بالصرختينِ اللتينِ تطلقهما عيناكِ من حنجرتي طائرٍ حبيسٍ
بملايينِ النجومِ والمجرَّاتِ... وبمصيرِ الكونْ
وأحلمُ مطعوناً بشظايا الأمَلْ
فيقولُ لي صديقي الذي لا صديقَ لهُ
أنَّ ما أفعلهُ أشبهُ بجنونِ نيتشة...

(2)
يحدِّثني صديقي الذي اشتعلَ الثلجُ في رأسهِ
كما اشتعلَ في قلبي
في غمرةِ اليقظةِ والحلمِ
والفضيلةِ والخطيئةْ
عن همِّهِ الشخصيِّ الساذجِ كهمومِ دون كيشوت
عن أزمةِ العالمِ الاقتصاديةِ الخانقةِ
والملتفةِ حولَ عنقي أنا وحدي كأفعى شرسةْ
يحدِّثني بفتورٍ قاتلٍ عن المستقبلِ الغامضِ لطيورِ السنونو
وللشعرِ العربيِّ والعالميِّ
قالَ أنَّ الشاعرَ عصفورٌ أزرقُ اللونِ والصوتِ
ستسحقهُ كلُّ جسورِ العالمِ المتحضِّر
فهيَ لا شكَّ سوفَ تسقطُ عليهِ وحدَهُ
وهو في الطريقِ إلى مكتبِ العَمَلْ
في مدينةٍ ساحليَّةٍ حزينةٍ برتقاليَّةِ اللونِ...
فيزدادُ عجبي
فما شأنُ الشعرِ بالبطالة؟؟!

(3)
أُفكِّرُ بأشياءَ كثيرةٍ
وأحلمُ بتحرُّرِ القصائدِ العربيَّةِ المظلومةِ
من قيودِ الوزنِ والعبثيَّةِ التي لا طائلَ وراءها
فهيَ في نظري المتواضعِ على الأقلِّ أقفاصٌ ذهبيَّةٌ
تسجنُ الطيورَ المُلوَّنةَ وراءَ قضبانِ الصيفِ في برجِ الروحْ

(4)
أفكِّرُ بأشياءَ كثيرةٍ
وبكلامِ الستينيِّ الذي لا صديقَ لهُ سوى الوهمِ
وبسخريتهِ من مواجهتي الحياةَ بنشيدِ الإنشادِ
وسيفِ الرومانسيَّةِ الحريريِّ

(5)
يُثرثرُ عن فشلِ تجربتهِ الشعريَّةِ
التي كثيراً ما تبجَّحَ بها أمامَ أرباعِ المثقَّفينَ والشعراء
عن نجاحِ أحفادهِ في الصناعةِ الحديثةِ
أشياءَ لا أفهمُ عنها شيئاً ولا أريدُ أن أفهمَ
ولكنني أراهُ في مرآةِ قلبي
حينَ يكشفُ لي عن بكائهِ الخفيِّ
وعن دموعهِ غيرِ المرئيَّةِ وراءَ الغمامْ

(6)
في الظهيرةِ المُشتعلةِ كأُوارِ الجسدِ
كشبقِ العينينِ الجائعتينِ إلى النورِ
الظهيرةِ الملساءِ كفروِ قطةٍ تركيةٍ
كنتُ أغبطُ شاعراً جميلاً انفجرَ شريانُ قلبهِ
من فرطِ شلاَّلِ حبِّهِ
وماتَ قبلَ أُمِّهِ

(7)
كنتُ أغبطُ شاعراً لم يتحمَّلَ دموعَ أمِّهِ
فلاذَ بموتهِ في ظهيرةٍ غامضةٍ

(8)
آهِ يا يهوذا خُنتني مرَّتينْ
وها أنا أتفتَّتُ كالملحِ
وأنفرطُ كسنبلةِ القمحِ
على مدخلِ سدومْ
ها أنذا أموتُ موتاً بطيئاً على عمودِ النورْ

(9)
لا أريدُ أن أشمَّ كلاماً هلاميَّاً بلا لونٍ ولا طعمٍ ولا رائحةْ
عن وصولِ الغربِ إلى المرِّيخِ ونومِ الشرقِ في زوايا الكهفِ المظلمِ
لا أريدُ أن أغمزَ وألمزَ بمعلَّقةِ طرفةَ ابنِ العبدِ ووصفِ الناقةِ
وبأشعارِ امرئ القيسِ ووصفِ المعشوقةِ
وبكبرياءِ المتنبِّي وزهوِ شعرهِ
أريدُ فقط أن ألعنَ الثرثرةَ
وأبعثَ قبلةً ساخنةً إلى جون كيتس

(10)
لا أريدُ أن أهذي كالمحمومِ في ليلةِ الكوكائينِ
التي أغرقتْ رمبو والوحشَ الذي أفلتَ من مختبرِ العالمِ

(11)
تحفُّ جسدي القصائدُ الرجيمةُ الملعونةُ
وقلبي يتدَّلى من شرفةِ الكونِ الفضِّيةِ
كشالٍ مطرَّزٍ بالقُبَلْ

(12)
سأثبتُ لكَ يوماً أيُّها الآخرْ
أنَّ حياتَكَ لا حياتي
مطروحةٌ بجانبِ الطريقِ كالمعاني المُستهلكةِ
كقشرةِ موز

(13)
أُدرِّبُ القلبَ على الطيرانِ العصيِّ على الريحِ
والمقصلةِ الصدئةْ
أُدرِّبُ الروحَ على الهبوطِ والمشيَ في شوارعِ القدسِ
وأزقَّةِ أثينا الجميلة
أدرِّبُ الروحَ على السباحةِ في فضائكِ

(14)
وحدي أُكلِّمُ الصمتَ وظلَّ الشجرةِ العجوزْ
وحدي أقاتلُ مع سبارتاكوس
وأُصلبُ فوقَ شعلةِ المجدِ الوحيدةِ
في الطريقِ إلى روما

(15)
ما شأني بمخمورينَ على أرصفةِ المدنِ الكبرى
ما شأني بأحلامِ راعي الغنمِ المسكينِ المكسورةِ فوقَ رأسهِ
ما شأني بالعالمِ الغبيِّ الذي يسيرُ بسرعةِ الضوءِ إلى الكارثةِ
ما شأني بسقوطِ جمهوريَّةِ الشعرِ
وما شأني أخيراً بقلبِ الحبيبةِ الثلجيِّ

(16)
تجربتي مغموسةٌ بدمِ الطفولةِ الأبيضِ وبدموعِ أوفيليا
ومنقوعٌ حبِّيَ العربيُّ بهواءِ سمرقندَ الطازجِ كالرصاصِ الحيِّ..
كجمرةِ الكتابةِ.. كالعذابِ.. كالماءِ.. كالأنثى

(17)
لماذا تتداخلُ قصائدي الصوفيَّةُ
بموسيقى الصباحْ؟

(18)
لماذا تتشابكُ فكرتي برقصةِ مارلين مونرو
وبأغاني البيتلز
فما شأنُ مقامِ الحجازِ بأنظمةِ الحكمِ في أمريكا اللاتينية

(19)
أُحاولُ أن أتنفَّسَ محارَكِ المعجونَ في قدميَّ
ولكنني آهِ لا أستطيعْ

(20)
أُحاولُ أن أمشي على عينيَّ أو على أضلاعي
أُحاولُ أن أشدَّ قلبي شراعاً لصاريةٍ في بحرِ المساءْ
أُحاولُ أن أتحوَّلَ إلى صفةٍ وراثيَّةٍ للحمامِ الزاجلِ

(21)
أُحاولُ كلَّ ما هو مستحيلٌ
أُحاولُ إرضاءَ الحديقةِ العامَّةِ
ومعانقةَ الوردتينْ
بالشفاهِ وباليدينْ
أُحاولُ أن أهمسَ في آخر الليلِ
" آهٍ كم أتعبني اللورد بايرون "

(22)
أُحاولُ حلمَ الربيعِ العصيِّ..
أُحاولُ البسمةَ المعلَّبةَ
أُحاولُ إضاءةَ مساحاتِ عينيكِ
أُحاولُ ما لا أستطيعْ
أحاولُ كتابةَ قصيدةٍ عصماءَ في مديحِ التبغِ

(23)
أُفكِّرُ بالقلبِ فيكِ
وأستلُّ أحجارَ طفولتي من وادٍ أخضرَ الصبحِ
وأرشقُ الشمسَ القاسيةَ بها
أُفكِّرُ بالقلبِ فيكِ وأحملُ ما تبَّقى من قُبلاتي وأرحلُ
كالمغولِ إلى الأسطورةِ
في باطنِ هذا الشرقِ
أو باطنِ هذا الحُبِّ...

(24)
سئمتُ من مطاردةِ الحريَّةِ سأمي من وجهِ ممثِّلٍ عربيٍّ
قضيتُ عمري كلَّهُ في متابعةِ أفلامهِ الفارغةِ
ومغامراتهِ الرومانسيةِ التافهةْ

(25)
الضوءُ الأخيرُ يتساقطُ كنقاطِ الماءِ من أقواسِ قزحٍ
ومن أجنحةِ طيورِ المُحيطِ
وأنا من تعبي وحزني أسقطُ تحتَ الضوءِ الأخيرِ
كشمشومَ عندما انهارتْ عليهِ
أعمدةُ الحكمةِ السبعةْ



آب 2009












#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات نقدية عن تجربة نمر سعدي الشعرية
- مقالات أدبية
- مجموعة قصائد جديدة
- تأمُّلات حجريَّة
- أُنوثةُ القصيدة لدى الشاعر شوقي بزيع
- سلامٌ على قمرِ البنفسجِ في عينيكَ
- نشيدُ الإنشاد
- مجموعة قصائد
- يا قَمَراً يُصوِّبني إلى نفسي
- هذيَانُ ديكِ الجنِّ الحمصيِّ الأخيرُ
- مقالات وحوارات في الأدب
- قُبلةٌ للبياتي في ذكرى رحيلهِ العاشرة
- يُخيَّلُ لي
- محمد علي شمس الدين..
- إغمدي قُبلةً في خفايا الوريدْ
- مُعضلةُ الصَداقةِ اللدودةْ
- وشمُ نوارسْ
- في حضرةِ الماء
- أمشي كيوحنَّا
- كائنُ الشمسْ


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - أُفكِّرُ بأشياءَ كثيرة