أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مجد ميشيل البهو - ورقة بحثية حول القروض التي تعقدها السلطة الوطنية الفلسطينية















المزيد.....



ورقة بحثية حول القروض التي تعقدها السلطة الوطنية الفلسطينية


مجد ميشيل البهو

الحوار المتمدن-العدد: 2840 - 2009 / 11 / 26 - 03:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


ورقة بحثية حول القروض التي تعقدها السلطة الوطنية الفلسطينية


قائمة المحتويات:
اسم الفصل: رقم الصفحة:
 تقديم. 3-4
 الفصل الأول: حجم الاقتراض الفلسطيني وآليته. 4-6
 الفصل الثاني: الآثار المترتبة على اقتراض السلطة الوطنية الفلسطينية:
1. الآثار الاقتصادية:
o التأثير على الطاقة الاستيرادية.
o التأثير على معدلات التضخم.
2. الآثار الاجتماعية.
3. ثالثاً: الآثار السياسية للديون الخارجية. 6-8
 الفصل الثالث: دور الخطط التنموية للحكومات الفلسطينية المتعاقبة
في استغلال أموال القروض ودور الفساد في هدرها. 8-9
 الفصل الرابع: دور القوانين الفلسطينية في عقد القروض. 10-11
 الخاتمة. 11
 قائمة المصار والمراجع. 12







تقديم:
القروض، لطالما أثقلت كاهل الدول الفقيرة والنامية، فما من دولة نامية إلا وتعاني من الديون التي تسببت فيها القروض التي تأخذها من مصادر مختلفة، لدعم موازنتها؛ ولسنا هنا في صدد البحث في قروض الدول النامية ككل؛ بل في بحث القروض والديون المترتبة على السلطة الوطنية الفلسطينية، وآثارها السلبية والإيجابية على الاقتصاد الفلسطني، هذا الاقتصاد الذي كان منهوباً خلال فترة الاحتلال المباشر ولا يستطيع ان يكون مدينا ولا دائناً لأنه اقتصاد تحت ادارة اقتصادية استعمارية أما من الناحية العملية فكان هذا الاقتصاد ملحقاً بالاقتصاد الاسرائيلي، ولذلك، فإن فترة الاحتلال لا يمكن أن يُبنى عليها فيما يخص مسألة المديونية باعتبارها فترة استعمار يعتمد النهب المباشر .

يوجد نوعان من القروض هما القروض الخارجية والتي تقترضها السلطة الفلسطينية من مصادر مختلفة من الخارج كالبنك الدولي والدول المانحة حيث تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة الدول المانحة التي قدمت المساعدات الدولية (2001 )، ثم يليها كل من الاتحاد الأوروبي واليابان والنرويج. والقروض الداخلية التي تقترضها السلطة من البنوك المحلية، بهدف سد العجز في موازنتها للعام المالي الذي اقترضت فيه، والمأخوذة من عدة مصادر مثل صندوق الاستثمار الفلسطيني والبنوك التجارية المحلية إذ إن الدين الداخلي على السلطة الفلسطينية هو للقطاع الخاص، الذي سوف يتضرر كثيراً في حال عجز السلطة عن تسديد ديونها له، وقد تلجأ السلطة بالطبع لتمويل القروض الداخلية والخارجية بقروض جديدة، لكن هذا لن يحل المشكة بل سيغرق الاقنصاد في أزمة أعمق .

وهناك الكثير من المشاكل المترتبة على القروض المرتفعة والديون، والتي من أهمها، إبقاء الدولة المُقتَرِضة تابعة اقتصادياً، بحيث يتطلب نضالها لفك هذه التبعية سنين طويلة، هذا إن استطاعت أن تستقل اقتصادياً، ومشكلة أخرى تبرز في هذا الإطار؛ وهي عجز الخطط التنموية للحكومات من استغلال القروض بالطريقة التي تجني الفائدةالتي يجب ان تسد حاجة هذه القروض أساساً، ومن الجدير بالذكر هنا هو مشكلة القانون الذي ينظم هذه القروض وعقد القروض واستخدامها بما يخالف القانون الفلسطيني الخاص بها؛ هذا عدا الفساد وعدم الشفافية الذي يضخ القروض في مشاريع لا تجني فائدة على الصعيد العام، بل على الصعيد الشخصي.

تطرح هذه الورقة العديد من التساؤلات التي سنجيب عليها والتي بعضها يصعب الإجابة عنه، مثل: ما الآثار المترتبة على اقتراض السلطة الفلسطينية؟ ما هو دور الخطط التنموية للحكومات الفلسطينية في استغلال هذه الأموال؟ هل تُستَغل هذه الأموال بصورة تضمن الفائدة؟ هل تُعقَد هذه القروض بناء على القوانين المالية التي تنظمها؟ والعديد من الأشئلة التي سنطرحها هنا.

وتكمن أهمية هذه الورقة البحثية، في أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني الكثير من المشكلات التي تتصدرها مشكلة المديونية العالية الناتجة عن القروض الخارجية والداخلية، والتي تدفع بالاقتصاد الفلسطيني ليظل أسير التبعية الاقتصادية للدول المانحة واسرائيل التي تتحكم بالاقتصاد عن طريق سيطرتها على الصادرات والواردات، وفرض الرسوم الجمركية على البضائع، بما يتناسب مع مصلحتها ويعرقل مسيرة التنمية الفلسطينية ويضعفها.

وقد استخدمنا في هذه الورقة المنهج القانوني الذي يرتكز إلى القانون الأساسي وقانون الموازنة، كما استخدمنا منهج صنع القرار المتعلق بإقرار خطط التنمية، وأمكننا استخدام المنهج الموضوعي الذي يمحص الأحداث بصورة موضوعية بحتة ترتكز إلى الحقائق الواقعية على الأرض. ولم نجد الكثير من الأدبيات التي تعالج هذا الموضوع بصورة مباشرة، وربما يعود هذا إلى حداثته، أو إلى نقص المعلومات التي يصعب الحصول عليها في بعض الأحيان، فارتكزنا بشكل أساسي على القانون الأساسي وقانون الموازنة وبعض الأدبيات التي تناولت الموضوع كمجلة كنعان وغيرها.

الفصل الأول: حجم الاقتراض الفلسطيني وآليته:
تختلف آلية عقد القروض من بلد إلى آخر وفق القوانين التي تنظم هذه العملية والمعروفة عادة بقوانين الموازنة، وفي السلطة الوطنية الفلسطينية هناك العديد من القوانين منها القانون الأساسي وقانون الموازنة المالية، والتي بموجبها يتم عقد القروض ولا يجوز عقد أي قرض إلا بموجب القانون الخاص بذلك، فالقانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005 في مادة (92) ينص على أنه"تعقد القروض العامة بقانون ولا يجوز الارتباط بأي مشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزينة العامة لفترة مقبلة إلا بموافقة المجلس التشريعي" . وفي قانون الدين العام رقم(24) لسنة 2005 " مع مراعاة ما ورد في أي قانون آخر، يعد الوزير مخولاً من مجلس الوزراء بالاقتراض لصالح الحكومة وفقاً لأحكام هذا القانون، على أن يعرض على مجلس الوزراء كل حالة اقتراض وأخذ موافقته عليها" .

وتحدد القوانين الفلسطينية بهذا الشأن الجهات المخولة بالتوقيع على القروض حيث نص قانون رقم (7) لسنة 1998 م بشأن تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية على " الوزارة هي الجهة الوحيدة المخولة بالتوقيع على اتفاقيات القروض للوزارات والمؤسسات العامة في السلطة الوطنية حسب القوانين والأنظمة المعمول بها ولا يجوز لأية جهة أخرى القيام بذلك، كما تتولى الوزارة إدارة الدين الحكومي ومتابعته" .

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن للسلطة الفلسطينية وضع دولي خاص بالاقتراض والمساعدات حيث أن حجم الإقراض من الدول المانحة والبنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية مرهون بتطور عملية السلام وما يُوَقَّع من اتفاقيات مع اسرائبل .

أما عن حجم القروض التي عقدتها السلطة الوطنية الفلسطينية، "فقد اشارت معطيات وردت على ألسنة اقتصاديين فلسطينيين بأن الدين العام الفلسطيني المستحق حتى الربع الاول من العام 2004 يقدر ب مليار و 875 مليون دولار منها مليار و 320 مليونا قروضا خارجية والباقي 555 مليون دولار قروضا داخلية. وكان اول قروض للسلطة الفلسطينية هو 15 مليون دولار عام 1993 ، ولكنها تسارعت بشكل جنوني لتصل بعد عشر سنوات الى 1,3 مليار دولار موزعة على 62 قرضا يضاف عليها 20 مليون دولار حى نهاية الربع الاول من العام 2004. ويبلغ حجم القروض الخارجية 80 % من اجمالي الايرادات وما نسبته 39 % من الناتج المحلي الاجمالي للعام ذاته" .

وفي تقدير آخر لحجم الاقتراض الفلسطيني العام وأشارت مديرة معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية "ماس" الدكتورة غانية ملحيس إلى أن" السلطة أخذت ما يقارب 28 قرضاً خارجياً بقيمة 534 مليون دولار وهي تشكل ما نسبته 21.8 % من إجمالي الناتج المحلي، مؤكدة أن 13 قرضاً منها جرى أخذها من البنك الدولي بقيمة 225 مليون دولار وتشكل 41.7 % من إجمالي القروض، إلى جانب ستة قروض من بنك الاستثمار الأوروبي بقيمة 170 مليون دولار مشيرة إلى أن أسعار الفائدة على القروض تتراوح بين (صفر-6 %)" .

كل هذه التقديرات والقروض المستحقة على السلطة الفلسطينية حتى العام 2004 أما بعد ذلك فيصعب تحديدها وذلك لعدة أسباب، وأهمها الوضع الفلسطيني الداخلي والصراع الفلسطيني الفلسطيني، وعدم إمكانية انعقاد المجلس التشريعي الفلسطيني لإقرار خطط الموازنة، خاصة بعد إقالة الحكومة التي لم تقدم خطتها وتشكيل حكومة طوارئ.

الفصل الثاني: الآثار المترتبة على اقتراض السلطة الوطنية الفلسطينية:
تنقسم الآثار المترتبة والناتجة عن الاقتراض إلى إيجابية وسلبية. وتتجلى الآثار الإيجابية عندما يتم استغلال القروض في مشاريع تنموية ناجحة تعود بالفائدة على الصالح العام بحيث يتم سداد القرض في الموعد المتفق عليه بما يضمن عدم تزايد الفائدة المترتبة عليه وإبقاء الدولة أسيرة المديونية العالية التي تُعَدُ من أهم أسباب التبعية الاقتصادية، ولكن هذا الاستغلال المنظم والمثمر لا يوجد في الحالة الفلسطينية إذ إنَّ السلطة لا تقوم باستخدام القروض في مشاريع تنموية لكي تقدم بعد فترة ما مردوداً مالياً يسد متطلبات القرض نفسه بل تنفق السلطة هذه القروض على المصاريف الجارية وعلى البنى التحتية، هذه المشاريع التي لا تبذل فائضاً لسداد متطلبات القرض نفسه. وعلى هذا فإن الآثار السلبية للقروض على الاقتصاد الفلسطيني أكثر بكثير من الآثار الإيجالبة التي تكاد لا تذكر.

وتنقسم الآثار السلبية للقروض على الدولة المقترضة إلى ثلاثة أنواع، إذ أنها لا تتوقف على الآثار الاقتصادية بل تتعدى ذلك إلى آثار اجتماعية وسياسية أيضاً.

أولا: الآثار الاقتصادية: بجانب الأثر الاقتصادي المذكور وهو التبعية الاقتصادية فإن هناك الكثير من الآثار الاقتصادية السلبية المترتبة على القروض والمديونية منها:
• التأثير على الطاقة الاستيرادية: إذا استطاعت الدولة توفير القدر الكافي من المال اللازم لاستيراد الآلات والمعدات الإنتاجية الضرورية للتوسع الاقتصادي, استطاعت تنفيذ مخططاتها الإنمائية دون ضغوط خارجية أوحدوث اختناقات تعوق طموح وتنفيذ هذه الخطط.
وهناك عدة عوامل تؤثر بشكل أوبآخر في المقدرة الاستيرادية منها: حجم وعائدات الصادرات وتكلفة السلع المستوردة وخدمة الديون الخارجية والتي تتمثل في مجموع الأقساط والفوائد التي تدفعها الدول المدينة خدمة لديونها وإعادة جدولتها، وتؤثر هذه الأعباء سلبا على إمكانية تنمية الموارد المالية الذاتية بسبب استنزافها للحظ الأوفر من العملات الصعبة المتاحة للبلد .
• التأثير على معدلات التضخم: إن ارتفاع اعتماد الدول النامية ومنها الدول العربية على القروض الخارجية أدى إلى تزايد معدلات التضخم في هذه الدول, لما تشكله هذه القروض والمديونية المترتبة من ضغط على القدرة التنافسية لصادرات الدول المدينة .
ثانياً: الآثار الاجتماعية: إن الآثار السلبية للديون الخارجية لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط في الدول النامية وإنما تتعداها إلى الأبعاد الاجتماعية ومع تنامي ظاهرة العولمة بشكل عام وتفاقم أزمة المديونية بشكل خاص, كان من الطبيعي أن تتأثر الدول العربية بهذا الواقع من خلال آلـيات مختلفة، فإن أغلب الدول العربية ومنها السلطة الوطنية الفلسطينية التي لجأت إلى تطبيق برامج التثبيت والإصلاح الهيكلي تحت وطأة ارتفاع مديونيتها الخارجية وبمباركة من المؤسسات الدولية الدائنة (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونادي باريس ونادي لندن...), عانت من معدلات بطالة مرتفعة أصبحت تهدد استقرارها الاجتماعي والسياسي، وترجع هذه المعدلات إلى عدة عوامل منها على سبيل المثال: تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في هذه الدول نتيجة لتطبيق سياسات انكماشية تتضمنها هذه البرامج خاصة في المراحل الأولى لها, مما يؤدي إلى خفض الطلب المحلي ويزيد من حدة الركود الاقتصادي الذي يؤدي بدوره إلى تراجع الطلب على العمل .
ثالثاً: الآثار السياسية للديون الخارجية: إن خطورة تفاقم الديون الخارجية لا تقف عند الحدود الاقتصادية والاجتماعية بل إنها تتجاوز إلى تعريض حرية صانع القرار السياسي إلى مزيد الضغوطات والتدخل الأجنبي. وفي ظل عالم يتميز بهيمنة الدول المتقدمة ومؤسساتها المالية الدولية ومع تنامي ظاهرة العولمة بكافة أوجهها -خاصة الوجه المالي- فإنه من المتوقع تسارع عملقة رأس المال واحتواء الشركات المتعددة الجنسية المحركة لهذا المال لمصير الخطط الإنمائية وتعميق المشاكل الاقتصادية والاجتماعية إلا أن خطورة هذا النفوذ لن تقف عند البعدين الاقتصادي والاجتماعي بل ستتعدى إلى البعد السياسي. فيرى البعض أن هذه الأموال والشركات الكبرى المحركة لها قادرة على التأثير في سيادة الدول وتلعب دور الشرطي الذي يلزم الدول المضيفة بتوجهات معينة في سياساتها العامة وهوما يشكل مساسا للسيادة الوطنية واستقلال القرار السياسي وتتمثل الآثار المصاحبة لدخول رؤوس الأموال الأجنبية والشركات الدافعة لها في اختراق النظام السياسي والتأثير عليه بما يتلاءم مع مصالحها. فقد كشفت التحقيقات الجنائية أن هذه الشركات تمول الأحزاب المتنافسة في الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا مثلا حتى لا تأتي نتائج الانتخابات بأي أثر سلبي يمكن أن يضايق مصالحها فما بالك بالدول النامية وبهذا يتحول السياسيون من رجال دولة إلى بياعين بالإضافة إلى شراء ذمم الكثير من أعضاء البرلمان وحتى الحكومة .
لعل المصير الذي ينتظر السلطة الفلسطينية هو ما آلت اليه دول اميرآا اللاتينية في ثمانينات القرن الماضي. فعندما استحقت الديون تحولت السلطات الى الشعب في ما اسمي بتأميم الديون حيث أخذت الحكومات بإرغام المواطنين على دفع اقساط الديون عبر ضرائب اعلى وعبر تطبيق سياسات التصحيح الهيكلي التي قلصت انفاق الحكومات على الحاجات الاساسية للشعب آالصحة والتعليم بأوامر وشروط من صندوق النقد الدولي بشكل خاص ومن البنك الدولي. وإذا ما طبق هذا على الوضع الفلسطيني فستكون النتائج آارثية على اقتصاد فقير ضعيف الانتاجية ويعيش حالة عدوان دائم عليه
الفصل الثالث: دور الخطط التنموية للحكومات الفلسطينية المتعاقبة في استغلال أموال القروض ودور الفساد في هدرها:
إن إعتماد السلطة الوطنية الفلسطينية على المساعدات الدولية كمصدر أساسي ورئيسي في تمويل الموازنة ومشاريع التنمية أوجد لديها حالة من الارتباط القسري مع الخارج، وهذا بدوره أثر على قدرتها في الاستغلال الأمثل للمساعدات، إضافة لفقدانها إستقلالية القرار الاقتصادي، والذي بدوره أضعف قدرتها على تحقيق الاستقلال السياسي.

هذا ولا تستخدم السلطة الوطنية الفلسطينية أمول القروض في مشاريع تنموية تعود بالنفع على الصالح العام، أو على الأقل تسد حاجة القرض نفسه كما ذكرنا سابقاً، فهي تستخدمها في المصاريف الجارية وعلى البنى التحتية وهذه المشاريع لا تدر مالا ثابتاً لسد احتياجات القرض ولا تساهم في التنمية المحلية.

ولا نغفل دور الفساد هنا في هدر هذه الأموال ويتجلى ذلك في تهافت السلطة الفلسطينية عبْرَ العديد من الوزارات والمؤسسات للحصول على أموال الدول المانحة بهدف تمويل العديد من المشاريع، ودون أن تكون لهذه المشاريع جدوى تعود بالمنفعة العامة، وإنما لاعتبارات خاصة بالقائمين على هذه الوزارات والمؤسسات؛ فعلى سبيل المثال تمثل نسبة القطاع الإنتاجي المولد لقيمة مضافة حوالي 9.2% من إجمالي ما تم صرفه في الفترة من 1994-2001 (وفقا لأرقام وزارة التخطيط الفلسطينية عام 2001).

وتنقسم المعوقات التي تحول دون استخدام هذه الأموال في مشاريح تنموية جيدة تعود بالنفع على الصالح العام إلى قسمين:
أولا: المعوقات الداخلية:
1. تستأثر المنظمات الأهلية (غير الحكومية) بـ9% من إجمالي ما تم صرفه من المساعدات الدولية في الفترة من 1994-2001؛ أي بواقع فعلي يساوي 361 مليون دولار تقريبا، ويعتبر البعض هذا المبلغ مرتفعا مقارنة بأنشطتها الاقتصادية الإنتاجية، كما أن إنفاق هذه المنظمات للمساعدات لا يخضع للرقابة.
2. تنامي معدل القروض؛ حيث بلغ إجمالي المبلغ المقدم على صورة قروض للسلطة الفلسطينية 494 مليون دولار، وهو مؤشر سلبي سيجعل من الاقتصاد الفلسطيني رهينة للمديونية الخارجية؛ فقد تم تخصيص مبلغ 65 مليون دولار أمريكي من موازنة عام 2003 لتسديد قروض وفوائد قروض مستحقة على السلطة الفلسطينية. ومع العلم أن هذا المبلغ سيتم تغطيته من أموال المساعدات المخصصة لدعم الموازنة لهذا العام.
3. غياب الرقابة الفعَّالة من طرف السلطة الفلسطينية، وخاصة المرتبطة بالجوانب القانونية والمحاسبية المتعلقة بأوجه صرف المساعدات الدولية، أو حتى على مستوى تقييم المشاريع مقارنة بالجدوى المرتبطة بها.

ثانياً: معوقات الاحتلال الإسرائيلي:
1. الإغلاقات الإسرائيلية المتكررة للأراضي الفلسطينية عملت على الحد من تنفيذ البرامج المختلفة، وعدم القدرة على توفير المدخلات الإنتاجية اللازمة لتنفيذ المشاريع، أو استمرار تشغيل المشاريع العاملة.
2. زيادة تكلفة استيراد الآلات والمعدات نتيجة للإجراءات الأمنية الإسرائيلية على المعابر، والمتمثلة في رسوم الأرضية والتعبئة والتعليق والفك وإعادة التركيب، إضافة للمواصلات غير المبررة.
3. مماطلة إسرائيل في إصدار التراخيص اللازمة للمشاريع أو للبنية التحتية الخاصة بها في المناطق الفلسطينية التي ما زالت تقع تحت الإشراف الأمني الإسرائيلي، مثل المناطق C أو حتى في بعض المناطق B.
4. إحجام الدول المانحة عن تمويل بعض المشاريع إرضاءً للطرف الإسرائيلي، كما أن بعض الدول المانحة تستخدم المساعدات كوسيلة ضغط على السلطة الفلسطينية لتقديم التنازلات التي دائما تكون لصالح الطرف الفلسطيني.



الفصل الرابع: دور القوانين الفلسطينية في عقد القروض:
كما ذكرنا سابقاً ومما لا شك فيه أن القروض يجب أن تُعقد وفق القانون الذي ينظمها، والذي نص القانون الأساسي في مادته (92) على أنه"تعقد القروض العامة بقانون ولا يجوز الارتباط بأي مشروع يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزينة العامة لفترة مقبلة إلا بموافقة المجلس التشريعي" ، في حين نجد أن معطم القروض التي تُعقَد وخاصة ما يتم صرفه للمنظمات غير الحكومية غير خاضع للرقابة وهذا يخالف القانون،"حيث تستأثر المنظمات الأهلية (غير الحكومية) بـ9% من إجمالي ما تم صرفه من المساعدات والقروض الدولية في الفترة من 1994-2001؛ أي بواقع فعلي يساوي 361 مليون دولار تقريبا، ويعتبر البعض هذا المبلغ مرتفعا مقارنة بأنشطتها الاقتصادية الإنتاجية، كما أن إنفاق هذه المنظمات للمساعدات لا يخضع للرقابة، وهذا يستدعي إعادة تقييم شامل حول تمويل هذه المنظمات، وأوجه الصرف والإنفاق لديها بما يتوافق مع جهود التنمية الفلسطينية وخصوصيتها التي تميزها عن غيرها، وليس من الغرابة أن نجد نسبة الإنفاق على المصاريف الإدارية والقرطاسية، والأجور تتعدى نسبة 60% من الأموال المصروفة عبْرَ المؤسسات غير الحكومية.، هذا الذي يُعَدُّ من أهم المعوقات الداخلية في استغلال الأموال فيما يضمن الإيفاء باحتياجات القرض نفسه" ؛ هذه الرقابة التي نص عليها قانون رقم (7) لسنة 1998 م بشأن تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية في مادته رقم (9)" لمجلس الوزراء أن يضع أنظمة مراقبة إنفاق الأموال العامة وتنظيم وحفظ الموجودات العامة" .

كما يتسنى لنا أن نلمس غياب الرقابة الفعَّالة من طرف السلطة الفلسطينية، وخاصة المرتبطة بالجوانب القانونية والمحاسبية المتعلقة بأوجه صرف المساعدات والقروض الدولية، أو حتى على مستوى تقييم المشاريع مقارنة بالجدوى المرتبطة بها، حيث وكما ذكرنا سابقاً تُستَغل هذه الأموال في مشاريع لا تعود بالفائدة على الصالح العام ولا تفي متطلبات القرض نفسه، بل تُستَغَل في مشاريه تعود بالفائدة على الأفراد القائمين عليها في ظل تغييب القانون أو أخذه باليد.

وهناك مقترحات لضمان الاستغلال البنَّاء اهذه الأموال:
1. إعطاء الأهمية القصوى للقطاعات الإنتاجية المولدة للدخل مثل: الزراعة، الصناعة، تنمية القطاع الخاص، وتكنولوجيا المعلومات، والتوفيق بين متطلبات التنمية ومساعدة الطبقات الميسورة.
2. تقليل الدعم المالي للقطاعات غير الإنتاجية، وبما تتناسب مع الأهمية النسبية لها.
3. التأكيد على عدم توجه وزارات ومؤسسات السلطة الفلسطينية للممولين بصورة مباشرة، وأن يتم ذلك عبر جهة واحدة فقط (وزارة التخطيط والتعاون الدولي)، وأن يكون ذلك ضمن خطة تنمية شاملة.
4. التقيد بصرف المساعدات الدولية عبر قناة واحدة، وأساليب محددة تتسم بالشفافية والموضوعية.
5. تمويل المشاريع حسب الأولويات الفلسطينية، والجدوى الاقتصادية على المستوى الوطني، وضمن التوجهات الرئيسية لخطة تنمية فلسطينية موضوعية وفعالة.

الخاتمة:
تناولت هذه الورقة البحثية موضوع القروض التي تعقدها السلطة الوطنية الفلسطينية من مختلف الجوانب، حجمها وآليتها؛ كيفية استغلالها؛ تأثيراتها على الاقتصاد والمجتمع السياسة الفلسطينية، والقوانين التي تنظمها، استناداً إلى حقائق وأرقام اقعية، ومحصلة لبحث موضوعي تناول الموضوع من مختلف الأبعاد.

ومن المهم هنا وضع بعض النقاط والخطوات العملية التي بموجبها ستخف حدة مشكلة القروض لكي يتسنى للسلطة التغلب عليها في المسقبل، لأن الإبقاء عليها طريحة الطاولة سيؤثر سلباً على الأجيال القادمة المستقبلية وعلى الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وبعيداً عن بتأميم الديون الذي إذا ما طبق على الوضع الفلسطيني فستكون النتائج كارثية على اقتصاد فقير ضعيف الانتاجية ويعيش حالة عدوان دائم عليه.

خطوات وتوصيات عملية للخروج من الأزمة:
1. إعادة النظر بصورة عامة في آلية وأهداف توزيع أموال قروض السلطة الوطنية الفلسطينية.
2. التأكيد على عدم توجه وزارات ومؤسسات السلطة الفلسطينية للممولين بصورة مباشرة وأن يتم ذلك عبر جهة واحدة فقط ( وزارة التخطيط والتعاون الدولي(، وأن يكون ذلك ضمن خطة تنمية شاملة.
3. التقيد بصرف المساعدات الدولية، عبر قناة واحدة وأساليب محددة تتسم بالشفافية والموضوعية.
4. الحد من إزدواجية المؤسسات العامة في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية والعمل على إعادة هيكلة مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ضمن توجه شامل يأخذ بالاعتبار الإمكانات والأهداف الوطنية .
5. تمويل المشاريع حسب الأولويات الفلسطينية، والجدوى الاقتصادية على المستوى الوطني، وضمن التوجهات الرئيسة لخطة تنمية فلسطينية موضوعية وفعالة.

بالاضافة إلى ما ذكرنا آنفاً والنقاط التي لم نذكر، فإن هناك الكثير من الأمور التي يمكن عملها حيال هذه المشكلة؛ منها تطبيق سياسة المساءلة (من أين لك هذا؟)، لكي لا يتسنى لأحد أن يغرف من الأموال العامة؛ ويضع في جيبه، وبالتالي يصبح المواطن هو الخاسر الأكبر الذي يدفع الثمن، وتقليص حجم الأموال المهدورة على المشاريع غير المنتجة، كالأموال الطائلة التي تُصرف للمؤسسات غير الحكومية والتي يضيع معظمها على اللوازم المكتبية والقرطاسية التي لا تغني ولا تسمن من جوع. ولا تبقى هذه المشكلة بمعزل عن الوضع السياسي العام في البلاد، وخطط التنمية الفاشلة، والفساد المتفشي في معظم المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وستظل المشكلة قائمة ما لم تُوضع سياسات لحلها.








قائمة المصادر والمراجع:
 القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005.
 القانون الفلسطيني رقم (7) لسنة 1998 م بشأن تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية.
 د. سمارة، عادل, أزمة مديونية السلطة هل ستتحول الديون ليدفعها المواطن؟, مجلة كنعان, العدد 497,رام الله, 11 تشرين الثاني(نوفمبر) 2004.
 سعيد،عماد الدين, أين تذهب مساعدات فلسطين؟, إسلام أون لاين, 10/6/2003, http://www.islamonline.net/

 عبد الهادي، مها, ربع الفلسطينيين تحت خط الفقر_دعوة السلطة إلى عدم الاعتماد على القروض الخارجية, إسلام أون لاين, 10/10/1999, http://www.islamonline.net/

 قانون الدين العام الفلسطيني رقم (24) لسنة 2005.
 ولد سيد محمد، المصطفى, الآثار السياسية والاقتصادية للديون العربية:الآثار الاجتماعية للديون الخارجية, الجزيرة نت-المعرفة-ملفات خاصة, 3/10/2004, http://www.aljazeera.net/NR/exeres/93D52245-184E-4F91-B6B7-6A79E1BF4DE2.htm#2

 لبد،عماد سعيد, تجربة السلطة الفلسطينية في إستغلال المساعدات الدولية, مجلة الجامعة الإسلامية (سلسلة الدراسات الإنسانية) المجلد الثاني عشر- العدد الثاني, غزة, يونيو 2004.








#مجد_ميشيل_البهو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مجد ميشيل البهو - ورقة بحثية حول القروض التي تعقدها السلطة الوطنية الفلسطينية