|
عمليات الاستجواب والاصطفافات السياسية
علي محمد البهادلي
الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 24 - 02:59
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
إن عملية الرقابة على الأداء الحكومي من قبل مجلس النواب هي إحدى مهمتيه الرئيستين ، ويجب أن لا تعرقلها العقبات والمعوقات ؛ لأن إيقاف الدور الرقابي للبرلمان أو تعثره معناه استفحال الفساد في مؤسسات الدولة لا سيما الوزارات . بيد أن هناك بعض المؤشرات الخطيرة التي تمس هذا الدور الفائق الأهمية ، أوضحها الاصطفافات السياسية التي تكتنف عملية الاستجواب ، فكلنا سمعنا وشاهدنا استجواب وزير التجارة المستقيل فلاح السوداني ، فإن هناك بعض الكتل دفعت وبقوة باتجاه استجوابه واتهامه والمقربين منه بعمليات فساد كبيرة ، وفي الجانب الآخر رأينا بعض السياسيين وبالأخص من حزب الدعوة وتحديداً حزب الدعوة تنظيم العراق ، وهو الحزب الذي ينتمي له الوزير ، تدافع وبقوة عن هذا الوزير وعمل جاهداً على أن لا يُستجوَب . الاستجواب الآخر هو استجواب وزير النفط د . حسين الشهرستاني إذ رأينا كيف تدخل رئيس الوزراء وبعث برسالة إلى د . إياد السامرائي رئيس مجلس النواب يطلب منه عدم الموافقة على عملية الاستجواب . بينما رأينا كتلاً سياسية أثارت ضجة إعلامية من أجل استجواب وزير النفط ، ومن ثم سحب الثقة عنه ، ومن المؤيدين لعملية الاستجواب كتلة التحالف الكردستاني . كانت حجة رئيس الوزراء في طلبه عدم الاستجواب هي أن عملية الاستجواب تسبق الانتخابات البرلمانية بمدة قصيرة ربما تكون شهرين ، وهو ما يفسر أن هذه الاستجوابات ـ حسب رأي رئيس الوزراء ـ تدخل في سياق الدعاية الانتخابية ، وهذا الأمر نفسه أشار إليه النائب عن حزب الدعوة في البرلمان علي الأديب ، عندما اتهم الأطراف الداعية للاستجواب أنها تسعى إلى التسقيط السياسي قبل الانتخابات . والنائب سامي العسكري والمحسوب على جناح المالكي في مجلس النواب انتقد تدخل النائب حسن الشمري رئيس كتلة الفضيلة في البرلمان ، عندما تدخل في عملية الاستجواب التي قام بها النائب جابر خليفة جابر للوزير ، وعدَّ هذه المداخلة كاشفة عن الوجه الحقيقي لعملية الاستجواب ، إذ إن النائبين حسن الشمري وجابر خليفة كليهما من حزب الفضيلة ، أي أن هذا الاستجواب ذو طابع سياسي وليس مهنياً . لقد تعمدت الإسهاب في سرد ما جرى في جلسات الاستجواب والأسماء التي أدلت بدلوها ؛لأن ذلك يكشف أن عمليات الاستجواب دخلت في إطار الاصطفافات السياسية ، فالكتلة التي ينتمي لها الوزير أو الكتلة المتحالفة معها تعارض بشدة استجوابه وتصف الاستجواب بأنه دعاية انتخابية للأطراف الداعية للاستجواب ، ودعاية مضادة لها ، وبالضفة الأخرى نجد الكتل التي لها ثأر سياسي أو تصفية حساب مع الوزير أو كتلته التي رشحته لهذا المنصب تدفع بشدة باتجاه عملية الاستجواب وتستنزف كل قواها وطاقاتها من أجل إنجاح عملية استدعاء الوزراء واستجوابهم ومن ثم سحب الثقة عنهم . إن هذا الوضع لا يسرُّ المواطن العراقي والمتابع للمشهد السياسي ؛ لأن حرية إبداء الرأي والتصريح واتخاذ المواقف كل ذلك يجب أن يكون مقيداً بقيود وأحكام العقل والمنطق السليم ، لا أن نطلقها بحيث يتكلم الإنسان عن أي شيء ولشتى الأسباب والنيات والأغراض بدون رادع أو وازع من دين أو أخلاق أو عقل ؛ لأن الانتهازيين يرقصون طرباً في مثل هذه الأجواء ، ويتحينون الفرصة المناسبة للإدلاء بدلوهم في هكذا معترك تنعدم فيه المصداقية ، ويتسيد الموقف المصالح الشخصية والفئوية والحزبية ، وهذا من الأمور الخطيرة التي تهدد بناء العملية السياسية الفتية في العراق . إن حجج الطرفين لا تخلو من صحة ، لذا المؤمل من هذه الكتل أن تبتعد ـ ما أمكنها ـ من التشكيك بالطرف الآخر ؛ لأن انعدام الثقة يرسل رسالة خاطئة للمواطن ، مفادها عدم مصداقية ونزاهة أطراف العملية السياسية ، وهذا يؤدي بدوره إلى نفور الناس من الانتخابات بحجة أن الأطراف كلها غير أمينة ولا يوجد فيهم إنسان نزيه . الحل يكمن في أن لا تعارض القوى الموالية للمستجوَب ـ بفتح الواو ـ عملية الاستجواب ما دام في العراق قضاء يتفق الجميع على أنه مهني مستقل ؛ لأنه مهما كثرت عمليات الاستجواب ، ومهما كانت نية المستجوِبين ـ بكسر الواو ـ فإن القضاء العراقي في النهاية هو من يثبت أو ينفي الاتهامات ، واما اذا كان هناك من يشكك في نزاهة القضاء فلنا كلام اخر . أما القوى المعارضة للوزير المستجوَب ، فالواجب الوطني والديني والأخلاقي يحتم عليها أن تنتهج طريق الحق والصدق ، لا أن تبغي من وراء عمليات الاستجواب إحداث ضجة تستغلها في إسقاط خصومها السياسيين ، وتوجيه أنظار الناخبين نحوها ؛ كونها رافعة لواء مكافحة الفساد .
#علي_محمد_البهادلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانتخابات اللبنانية أغلى أم الانتخابات العراقية
-
ماذا بعد إقرار قانون الانتخابات ؟
-
الرقابة الشعبية تجبر الرعاية على الغاء تعيينات
-
الفساد السياسي كوة الفساد الاداري والمالي
-
لعنة السماء تنزل على المسؤولين غير المسؤولين
-
وزارة العمل أم وزارة العاطلين؟!
-
الانتخابات البرلمانية الانطلاقة الاولى نحو الفساد السياسي وا
...
-
ترميم نفسية الفرد العراقي
-
الرشوة والمحسوبية
-
نزاهة القوات الأمنية على المحك
-
الحصانة مطية الفاسدين
-
من المسؤول عن تفشي الرشوة في دائرة الرعاية الاجتماعية
-
البرلمانيون وشرعية هيئة النزاهة
-
مفهوم السيادة
-
استجواب المسؤولين
-
قانون الاحزاب متى يبصر النور
-
الكرة الان في ملعب النزاهة
-
النظام الرئاسي الطريق الامثل لمحاربة الفساد
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
المزيد.....
|