أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيفاء عبد الكريم - في مهب الخريف














المزيد.....

في مهب الخريف


هيفاء عبد الكريم

الحوار المتمدن-العدد: 2837 - 2009 / 11 / 22 - 21:04
المحور: الادب والفن
    


صيفٌ أثيرٌ ذلكَ الذي تناثرتْ فيه حباتُ رمل ٍِ، على شواطئ البوح ِ الناعم ِ ، حين أخذ َ الموجُ يعلوُ، ليطردَ أقدامَهم الراكضة َ نحوَ سواحلٍ ، بددتْ لهيبَ صيفٍ ، يطاردُ العمرَ العتيدَ، هارباً الى خريف ٍباهتٍ ، يطلقُ صيحاتهَُ المجنونَة ُ ، في عنفوان ِ أوراق ِ شجرٍ يزهوُ فوقَ حدائق ِ الأمل ِ والحلم ِ البعيد ِ، وهو يرسمُ الدروبَ نحو أبوابٍ، تطلقُ صيحاتهَا الأولى بوجهِ السماءِ، لتعلن َنشيداً يتخطى الزمنَ لا محالة ، الى بقعةِ ضوءٍ نادرةٍ في زمن ِ العتمةِ واليأس ِ.
تقفُ على حافةِ الطريق ِ بردائِها الأبيض، وروحِها الصافيةِ العذبةِ ترقبُ نوافذ َ الغرباءِ، في أواخرِ ذلك الصيف ذاته، ترقبُ أوراقَ تلكَ الشجرةِ الوارفةِ، وهي تتساقط ُ فوق طرقاتِ النهار في شهر أيلول الخريف ، لينعكسَ لونها الأصفر المشوب بالأحمرار ِ ، تحت شعاع شمس باهتِ ،يسرقُ زهوّ الغاباتِ ونضارتّها،
تجمع شتات عمرها ، بين راحتي يديها ، وهي تقبضُ على مفتاح بيتها النائي خلفَ ضبابِ الوحدةِ والتأمل ، تمسك به كي لايهربَ منها ثانية، الى عالم ِ العزلةِ والمنافي البليدةِ.
تلقي بضيائِها الفذِ النبيل،ظلالا ً تمنحهُ اليه في ساعاتِ لقاءٍ تعدُ لهُ الأيامَ، كي يدنو منها ، وفي يدهِ زهرة القرنفل ِ النادرةِ ، تلك التي أرتوت بدموع ِ القلب ، وماء الروح حينَ أودعَتها عندهُ في عهدٍ بعيدٍ، وهي ترقبُ أضواءَ عام ٍ جديدٍ، يحملُ لها تلك الرفقة َ الفريدةَ َ، في خضم ِ أيامٍ من شبابها ، الذي هرب َسرا ً أبدياً في واحة الدهشة والريبة والغموض.
لم تتمالكْ غفلتها ، وهي ترقبُ أزرارَ الهاتفِ لديه .. وهي تنبض بالغرابةِ واللعنةِ، لتعلنَ آياتاً شيطانيةَ ، مكتوبةً بحبر الخطيئةِ والأعتراف..الرقم الذي على شاشة الهاتف ، كان( صفراً )..صفراً... وحسب.. في حصيلةِ تلك الأعوام، التي أمضتها وهي ترقبُ الحقيقة َ، خلف ستارٍ من الوهم ِ ، تعلقت بين أذيالهِ حتى يومها هذا،ليأتي بالخيبة والذهول المر، تتأمل أصابع َيدها المرتجفة، وهي تمتد الى حقيبة يدها ، لتلتقط َ قلماً أهداه لها يوم ما، في عيد ميلادها ...
لازال الهاتف يرن ويرن، حتى أوشك النهار أن ينتهي، ليخيم الليل على مسالكِ الدروبِ الوعرةِ، لم تترددْ أبداً في أن تكتبَ له كلمة َ الوداع ، بذاتِ القلم ، ولم يتردد أن يركض لاهثا ً خلف شِباكِ ، يقع في شركها متوهماً شارداَ ، ليقع فريسة خدعة سينمائية في مشهدٍ مرعب ومهين ، يبدد سراب الوهم لديه، الى حقيقة ٍلايدركها الا من يقعَ في وهم ِ الزيف ِالمقنع ِ، وخدعة ألذاتْ.

تَذكرَتْ هنا قصيدةً كان مطلعها:

كانا أثنين
يمشيان معاً
في الشوارع المهجورة
منه تفوحُ رائحة َ التبغ ِ
ومنها تتساقط ُ أوراقَ الليمون
وعند المنعطفِ
كنجمتين ِ سقطا....

كانا أثنين
أحدهم يغني
والآخر يحب الإصغاء
فجأة توقفَ عن هذا
وتوقفتْ عن ذاك
عندما انكسرَ المزمار

كانا أثنين
أهداها قلماً للكتابة
كتبت له به( وداعاً).....


حزَمتْ حقائبَها ، لتتوجهَ الى اقربِ محطةٍ ، باتجاهِ منزلها الأول ِ والأخيرِ ، هاهو مرة ًأخرى في المحطةِ ذاتِها ، يقطع تذاكر لسفرة ٍ نحو المجهول...
أشاح بوجهه عنها وهو يرتجل القطار ، قاصدا ًرفقة ًغامضةً ، نحوّ بيوتٍ رقم هواتفها تبدأ بالرقم (صفر) وينتهي بالأ.....................صفار..

( القصيدة الواردة استعارة من قصائد الشاعر رياض الصالح الحسين...)



#هيفاء_عبد_الكريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلمٌ في شرنقة
- الى أ ُمي
- الشهيد الشيوعي: دمٌ يكتب التأريخ ويلونُ القلوبَ بعطر الحب
- منزلٌ في الغياب
- خواطر لم تكتمل
- ليكن 8 آذار يوم المرأة العالمي حافزاً تأريخياً لتأكيد حقوق ا ...
- عشاق الحياة:شهداء يكتبون عن الشهادة (من دفاتر شهيد شيوعي)
- أزمنة خاسرة
- معنى العيد...كل عام وانتم بخير
- الأعلان العالمي لحقوق الانسان و ألأتفاقية الدولية لحقوق الطف ...
- رياض .. قوس قزح يعانق الشمس
- رشدي العامل ، صوت المغني.. ووجع السنين
- سقط الصنم ولم تسقط بغداد
- الروائية الفرنسية آني أرنو


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيفاء عبد الكريم - في مهب الخريف