أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غيث آل ردام - الردة - قصة قصيرة















المزيد.....

الردة - قصة قصيرة


غيث آل ردام

الحوار المتمدن-العدد: 2837 - 2009 / 11 / 22 - 17:21
المحور: الادب والفن
    


الردة - قصة قصيرة

انزل قدمه من حوض المغسلة مكملا وضوءه استعدادا منه للذهاب لاداء الصلاة في المسجد الذي تعود الذهاب اليه للصلاة والتقاء اصدقاءه الجدد بعد ان تركه اصدقاء طفولته وصباه بسبب استغرابهم من ميله المفاجيء نحو التدين. مسح بقايا ماء الوضوء من وجهه ويديه وتوجه لغرفته التي تناثرت على ارضها علب الاصباغ فقد كان ينوي اعادة طلاء جدرانها بسبب التشويه الذي حصل لها بعد ان مزق ماكان يلصقه على جدرانها من صور لفنانين كان مغرم بهم وباغانيهم وصور لرياضيين ولوحات كان رسمها قال له امام الجامع انه لايجوز الرسم فمزقها وبقيت بقاياها على الجدران بشكل شوه الغرفة فقرر اعادة صبغ الغرفة بلون جديد يتناسب وميوله الجديده...
لم يكن متدينا يوما ولم ينشأ في عائلة دينية والده محامي معروف وتقلد مناصب قضائية عديده قبل ان يتفرغ للعمل الخاص كمحامي ووالدته مديرة مدرسة تنحدر من عائلة كبيرة معروفة بالادب وحب الثقافة ولم تكن محجبه او لديها التزام بفرائض العبادة وكانت ناشطة في عدة منظمات لحقوق الانسان وتقديم المساعدات للناس ...
لم ينجبا غيره واخت اكبر منه متزوجه من استاذ معها في الجامعة وسافرت معه خارج البلد ليعملا في نفس الجامعة
فتح دولاب ملابسه كان معتادا في السابق ان يلبس الملابس الحديثة دولابه مليء بهذه الملابس من ماركات ازياء عالمية بدأ بتقليبها وهو يتحسس ملمسها ثم ازاحها جميعها ليظهر في نهاية الدولاب الزي الجديد حيث الجميع في المسجد يلبسه وهو الزي الذي استبدله بملابسه الحديثة بعد ان وبخه بطريقة النصح احد اصدقاءه الجدد من ان ملابسه غربية وهي ملابس الكفره الذين لايجوز التشبه بهم .
ما كان يرتاح للخروج بالزي الجديد لكنه كان يخاف ان يكون غريبا عن اوساط اصدقاء المسجد الذين يلبسون هذا الزي وكان يخاف ان يكون مغضوب عليه من قبلهم وبالتالي من السماء لانه يخاف ان يكون من سبقوه الى التدين هم الاقرب الى السماء والاعرف بما تريده ومايغضبها ويرضيها وربما كان يشك ان لديهم صلات معها لم يطلع عليها قد يوصلون عن طريقها مخالفاته في الملبس فتغضب عليه .
وضع عطرا بعد ان اكمل لبسه وحمل السواك في يديه ليتلقفه فمه بينما يضع في جيبه النقود ومسبحة طويلة.
مر في طريق خروجه بوالده وهو يجلس وحيدا يقرأ كتاب في القانون الجنائي لم يلقي بالتحية على والده وركز نظره على عنوان الكتاب الذي يحمله والده الذي مارفع نظره عن الصفحة التي يقرأها حين كان ولده يمر من امامه .
اخذ يتمتم عنوان الكتاب بشفتية وهو خارج من باب الصالون ليخرج الى الحديقة متوجها للباب الخارجي للدار وفي تفكيره تساؤلات كم ان اباه ضال وربما ان لم يتدارك نفسه فانه بالتاكيد ذاهب الى جهنم هذا مافهمه من درس لاحد الشيوخ حين جاء الى الجامع يلقي محاضرة حول عواقب عدم العمل بالقوانين الشرعية وكان يجلس في هذه المحاضرة بالقرب من احد اصدقاءه الجدد الذين يعلمون ماعمل والده فاخبره ان كلام الشيخ ينطبق على والده وان الواجب عليه ان يهجر والده ولاياخذ من امواله شيء ولا يكلمه مادام يعمل في مهنة تستخدم القوانين التي ربما بعضها كان والده قد وضع التشريع لها اثناء عمله في الهيئات القضائية العليا في الدولة .
لذلك لم يعد يستخدم السيارة التي كان اشتراها له والده عند تخرجه من معهد الفنون الجميلة ولم يعد ياخذ منه المال انما كان يستعين بالمال من إرث والدته التي توفيت من وقت قريب وكان لوفاتها السبب الرئيسي لتحوله الى الالتزام الديني.
منذ طفولته كان متعلقا بوالدته بشده لدرجة انه رفض ان يتزوج حتى لاتاخذه امرأه اخرى من والدته وقبلها كان رفض السفر للدراسة خارج بلده حين عرض عليه والده الدراسة في البلد الذي تعمل فيه اخته وزوجها
كانت له الام والاخت والاستاذه وكم كان معجبا بما تمتلكه من ثقافة .حين كان يجلس معها كان ينصت لها كتلميذ تعطيه خلاصة ماتطلع عليه من ثقافات العالم التي تستخلصها مما تقرأه وهي المدمنة للقراءه وكانت تزرع فيه محبة الناس والفقراء وعشق للحياة وجمالها وهي من اقنعت والده ان يدخله معهد الفنون الجميلة لما رات لديه من موهبة في الرسم وكانت هي الناقد الاول لاعماله الفنية.
توفيت بينما كان هو في رحلة مع اصحابه القدامى وحين عاد لم يلق عليها النظرة الاخيرة لانه تم دفنها قبل ان يصل من سفرته وحين علم بدفنها اصابه انهيار عصبي فقد كان يامل ان يلقي عليها نظرة اخيرة قبل وداعها الابدي وقرر في لاوعيه ان يلتحق بها لعالم الاموات وذلك بان يضرب عن الطعام حتى الموت وبقي ليومين معتزلا الناس بغرفته مضرب عن الطعام حتى دخل عليه احد اصدقاء والده ليكلمه وهو حزين لما آلت اليه احوال ابن صديقه المقرب فقال له في محاولة لثنيه عن اضرابه عن الطعام انه ان كان يريد اللحاق بوالدته فهذا من حقه لكن عليه ان لايضيع فرصة لقاءها فهي ذاهبة الى الجنه وهو ان اقدم على الانتحار بالاضراب عن الطعام فان مصيره النار ولن يلتقى والدته في العالم الاخر.
اخذ يفكر في كلام صديق والده وفي داخله نزاع بين مازرعته فيه والدته من محبة للحياة والاستمتاع بها وبين رغبته في ان يلتحق بوالدته التي لايتصور الحياة بدونها.
خرج من هذا النزاع بفكرة ان عليه ان يكمل مسيرته في الحياة لكن بطريقة ثانية وهي ان يعمل باتجاه الدخول للجنه ليلتحق بوالدته التي تنتظره بلا ادنى شك هناك ومن تلك اللحظة غير اسلوب حياته بالكامل وبدا يتردد على المسجد القريب من بيته
تلاقفه اصدقاء جدد في هذا المسجد هذا ينصحه ان لايستمع للموسيقى فهي مزامير الشيطان فيذهب لاتلاف كل مالديه من اشرطة موسيقى كان يستمع لها مع والدته في احيان كثيرة وهذا يغير له ذوقه في الملبس والاخر يحثه على بغض جاره المسيحي لانه كافر لايجوز ان يبتدا بالسلام عليه وهو الذي لم يسمع بكلمة البغض والكره في بيته.
وصديق جديد يدفع له بادلة ان صديق والده الذي اقنعه بوقف اضرابه عن الطعام يجب ان لايكون بينهم موده لانه من مذهب يخالف مذهبهم!!! حتى وصل الامر في النهاية الى مقاطعة والده لانه يعمل في مهنة قوانينها غير شرعية ووالده من مشرعي بعض هذه القوانين .
كل هذه التعلميات التي تنهال عليه وهو منفذ لها بدون تردد خوفا ان يعصيهم وبذلك تضيع منه فرصة الذهاب للجنة ويحرم من رؤية والدته في الجنة فقد كانت والدته في نظره مثال للانسان الكامل الذي لانقص فيه فهي مثقفة متعلمة تعشق الحياة وتمد يد المساعده لكل محتاج لها لرقة قلبها وكانت تدفعه لحب الناس ومساعدتهم كلما كان ذلك باستطاعته تقوم بواجباتها تجاه زوجها وتجاهه مع مشاغلها الكثيرة بكل ود ومحبة وابتسامتها لاتفارق وجهها بل انه كلما اغمض عينية ليرى صورتها في خياله لايراها الا وهي ضاحكة بابتسامه عذبه مملؤة حب لكل شيء حتى إنَّ وقع كلمة الحب لديه اقترن بصورة والدته.
كان اليوم وهو يذهب الى الجامع يخامره شعور بالفرح كون ان المسجد يستضيف شيخا سيعطي درسا جديدا بالنسبة اليه والاهم من هذا ان الدرس سيكون عن المرأه وكم كان يود ان يكون هذا الشيخ من اصدقاءه ليخبره عن عظمة والدته والاعمال التي كانت تقوم بها في مساعدة الفقراء والمعوزين وكيف كانت رقيقة القلب علمته محبة الناس وعمل الخير كان يتمنى ان يعرف الشيخ بسيرة والدته لعله يذكرها في محاضرته ويترضى عنها فلابد ان الشيخ ان ترضى عنها فان الله سيرضى عنها اكثر!!!!
عند باب المسجد التقى احد اصدقاءه الجدد الذي راى على وجهه علامات الفرح فسأله عن اسباب هذا الشعور الظاهر على وجهه فذكر له ماكان يفكر فيه وهو في طريقه للمسجد وبعد ان انتهى من كلامه ظهرت على وجه صاحبه المؤمن ابتسامة صفراء ادخلت الشك وعدم الارتياح لقلبه وبقي هذا الشعور يرافقه اثناء قيامه للصلاة وانتهاءه منها وبحث عن صاحبه ليستفسر منه عن سبب ابتسامته الكريهه تلك فوجد ان صاحبه برفقة الشيخ الذي سيلقي الدرس الذي ينتظره وهم يتجاذبان اطراف حديث يبدو انه رسم ابتسامة على وجهيهم تشبه ابتسامة صاحبه الصفراء عندما كلمه عن اسباب فرحه. بدأ الشيخ بالقاء درسه وهو منصت له وقد احتل مكان في الصف الاول القريب من الشيخ وبعد مقدمة تقليدية تعود على سماعها اخذ الشيخ يسهب في وصف منزلة المرأه في الشريعة وحقوقها التي اقرتها لها السماء مستشهدا بالايات والاحاديث وفجأة استدار الشيخ بوجهه اليه وقال: ان ماذكره لايشتمل على النساء الغير محجبات فهن الى نار جهنم لامحالة وفيما الشيخ يتوسع باظافة ادلة لاستثناءه الذي ذكره كان حاله كمن ضرب على راسه ضربة مزقت كيانه الى شقين :جسده مع ملابسه الغريبة في شق وروحه وافكاره التي تربى عليها في شق ثان ...هل هذا الشيخ يقصد ان والدته ستدخل الجحيم لانها غير محجبة ؟ وهل تعلم السماء كم المحبة والخير التي كانت تحملها والدته في قلبها وكم اعمال الخير التي قامت بها والسرور التي ادخلته باعمالها الى قلوب البسطاء؟كيف يقولون ان السماء عادلة وهي تلقي بوالدته الى جهنم وتدخل هذا الشيخ الذي لايمتلك من الثقافة ولاعمل عملا مفيدا للناس غير القاءهم في الجحيم كيف تدخله الجنه؟لقد ترك حياته القديمة واصدقاءه المقربين واجبر نفسه على معاداة كل من يحبه طمعا في ان يلتقي بوالدته في الجنة فكيف سيلتقيها الان وهي ذاهبة الى الجحيم لامحالة كما قال هذا الشيخ؟اسئلة كثيرة انهالت على راسه لايجد لها جوابا مقنعا وفيما سيل الاسئلة يثقل راسه كان جسده يتوحد مع روحه التي انفصلت عنه ولينهض من جلسته واصوات الشيخ تملأ المكان وليتخطى الصفوف خارجا من المسجد الى الشارع مستذكرا كلام صديق والده عندما اضرب عن الطعام انه لن يلتقي والدته لانها في الجنة وهو ان انتحر سيذهب الى النار ومتسائلا ان كان صديق والده قد خدعه بقوله هذا وابعده عن لقاء والدته التي هي في جهنم ؟ امسك راسه متألما من ثقل الاسئلة التي حيرته ولايجد لها اجابة واحس بحاجة كبيرة لوالدته ليلقي عليها الاسئلة التي اثقلت راسه كما كان سابقا يفعل عندما تشكل عليه مسألة ما.نعم لاأحد ينقذه من ثقل هذه الاسئلة إلا والدته ويجب ان يلتقيها فوراً حتى لو كان هذا اللقاء في الجحيم وفيما كان هذا القرار يحتل مساحة تفكيره بكاملها كانت سيارة مسرعة في الشارع تلوك بين عجلاتها جسمه بعد ان القى به تحتها وترتسم على وجهه الممرغ بالدم والتراب ابتسامة الذاهب للقاء حبيباً طال فراقه.







#غيث_آل_ردام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غيث آل ردام - الردة - قصة قصيرة