أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - راندا جمال - صراع الثقاقة والفكر والتحضر














المزيد.....

صراع الثقاقة والفكر والتحضر


راندا جمال

الحوار المتمدن-العدد: 2834 - 2009 / 11 / 19 - 15:59
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


كل شيء ينمو في الإنسان حتى يبلغ مرحلة " النضوج الحقيقي " و ذلك بشكل عضوي كطوله و عرضه و غير ذلك , إلا عقله , فإنه لا ينمو بشكل تلقائي إلا على نحو " تمرسي " و يبقى النضوج الحقيقي متعلق بطريقة تعامل الإنسان مع فهمه و أدوات الإدراك لديه .

ليست المشكلة في أن تعيش في هذا العالم و لكن المشكلة الحقيقية هي في كيفية أن يعيش العالم فيك فتتصوره و كأنه لوحة بين يديك أما ممارسة الحياة فهي لا تتعسر حتى على الحيوانات بل أن بعض الحيوانات تمارس حياتها بشكل صحيح أكثر من كثير من الناس و ذلك بسبب الخلل فيهم تجاه تصور وظائفهم في هذه الحياة .

علينا أن نعترف أننا – جميعا- مازلنا أصغر من هذه المرحلة التي نعيشها من حيث إدراكنا و تصورنا لما يجري حولنا , و الاعتراف بذلك هو أول خطوة للوصول إلى " تفهّم حقيقي " لما يجري .

لم يعد اليوم كافيا أن نمارس " ثقافة تهويل الفتن " لأنها قديما كانت مجدية لمنع الناس من الخوض فيها و لكن الفتن اليوم هي التي تخوض فينا فإن كان ثمة " حالة استنفار دفاعي " فعليها أن تكون موجهة تجاه تلك الأشياء القادمة نفسها و ليس تجاه من سيقع تحتها و لن يكون ذلك إلا بمزيد من الفهم و الاستقراء و التتبع التاريخي لما يطوف بنا اليوم من أفكار و مناهج لأنها ببساطة أتتنا على هيئة " نتائج " و لم تنشأ بيننا لنتصور أننا نفهمها بشكل صحيح فهي غريبة عنا من حيث المنشأ و الدوافع التي بنتها و لن نتمكن من نقدها و نحن فقط لا نعرف منها إلا " طور النتيجة النهائية " المتمثلة مثلا في العلمانية و الليبرالية و مزاعم العدل و الحرية و المساواة .

و علينا أن ندرك أيضا أن الشعوب الأخرى ليست بلهاء و لا غبية و لا شريرة بشكل محض فكل ما يأتي من الغرب بقبيحه و مليحه هو ناتج عن " دوافع ملحّة حقيقية " عاشتها تلك المجتمعات في مسيرة تطورها و تشكلها و نحن اليوم نعايش كثير منها لأننا نمر بنقلة كبيرة على مستوى " التركيب المعرفي و الاجتماعي " . و بما أننا نقول بسياسة " الانتقاء الحكيم " فكيف سنحكم على شيء لا نعرف الدوافع من ورائه أنه حكيم أم لا .

إن عرض الأشياء على النصوص الشرعية بشكل مباشر دون وعي لحقيقتها و دوافعها قد يوقعنا في " ظاهرية فقهية " لن تستطيع الوقوف أمام " العلل و الغايات " القوية التي يفرضها تكوين المجتمع الجديد.

و هذا ليس من باب " إخضاع النص للحاجة " بقدر ما هو توجيه للنص ليكون أكثر تناغما مع غايات الشريعة دون تغليب جانب على جانب , و أضرب مثالا على ذلك , بناء معاهد الحاسب الآلي الأهلية و انتشارها فقد كانت في نظر الكثيرين تعتبر " خطوة تغريبية " للمرأة المسلمة و ذلك بسبب ثقافة " كشف التغريبيين " التي كانت سائدة ثم و بعد مرور السنين وجدت المرأة تعمل في قسم خاص في البنك و إدارات التعليم مما يفتح المجال لقريناتها بالمراجعة و المطالبة و ممارسة حياتهن بشكل أفضل و لم يكن هذا ليحدث لولا أنهن يجدن العمل على الحاسب الآلي . هذا لم يكن هو محور المقال و لكنه مثال بسيط تجاه مسألة " الانتقاء الحكيم " .

هناك ثلاث نظريات في علم الاجتماع تحكم تشكيل أي مجتمع ناشئ :
- النظرية المادية أو الماركسية و هي التي تقول بأن أي مجتمع يتم تشكيله تبعا للمواد التي فيه .
- النظرية الوظيفية و بعضهم يسميها " نظرية الانتقاء الطبيعي " و هي التي تقول بأن أي مجتمع يتم تشكيله تبعا لقدرات الأشخاص بحيث يحتل كل شخص الوظيفة التي يستطيع السيطرة عليها بقوته سواء المعرفية أو السلطوية !.
- النظرية الجدلية أو نظرية الصراع و هي التي تقول بأن أي مجتمع يتم تشكيله عن طريق " صراع الأفكار " المتبناة" من قبل أفراده إن أتيحت لهم " الحرية المطلقة " في التعبير .

و نحن اليوم نعيش تحت تأثير كل هذه المدارس مجتمعة و المحزن فعلا أن بعض الملتزمين أو المنظرين من الشيوخ يزهدون كثيرا في مثل هذا و يمارسون على المجتمع " الإدارة الصوفية " فكل ما حولنا " فتنن مبهمة " علينا أن نواجهها بالحوقلة و الاستعاذة و الدعاء دون أن يكون هناك تفسير حقيقي لها ناتج عن التفرس فيها .

فليس الغرب مثلا ينظر إلينا بنظرة " دينية عنصرية بحته " و لكنه أيضا يريد تسويق منتجاته و أكثر ما نعانيه اليوم هو " الانفتاح المعرفي و الاتقصادي" بحيث أصبح متاحا للمؤهل و غير المؤهل لتعاطيه , و هذا بحد ذاته ناتج عن " تطور مادي لوسائل الاتصال " أكثر منه ناتج عن " مؤامرة فكرية " غير أن البعض ممن يعانون من " عقد اضطهادية " استغلوا هذا و صاروا يمارسون حنقهم اللامبرر تجاه أبناء جلدتهم فاستغلوا الأمر لترويج أفكارهم الباطلة .

الأمر ليس سهلا و الحكاية طويلة جدا و لن يكفيها مقال عارض غير أن ما نعيشه اليوم من " هوس نقدي " و كذلك " هوس منعي " هو في الحقيقة ناتج عن حالة يسميها علماء الاجتماع بـ " الصدمة الثقافية " تماما كما لو أنك سألت طالبا نائما أثناء الحصة و بشكل مفاجئ : ما رأيك فيما قلناه يا فلان ؟ .

فمن الصعب جدا أن يقول كنت نائما و من الصعب جدا أن يجيب و من الصعب أيضا أن يثق فيمن يرمون له الإجابة من وراء ستار فلعلهم يغررون به ! , فيعيش حالة من الذهول و الاضطراب و الشك فيمن حوله و الحنق الشديد تجاه من ورطه بهذا , و كل هذه المشاعر بداخله لن تصنع له حلا و لن تبني له رأياً




#راندا_جمال (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا عينى عليكى يا بلدى
- التربية واثرها على العالم الانسانى
- دعوة للحب
- اولادنا والعولمة
- مفهوم العدل والتسامح
- اموت كل لحظة
- العالم اليوم جزيزة من الاغنياء تحيط بها بحار من الفقراء


المزيد.....




- سوريا.. نفل سفيري دمشق في السعودية وروسيا إلى -الإدارة المرك ...
- طبيبة: أمعاء الإنسان تمتص الحديد من المصادر الحيوانية بسهولة ...
- دراسة أمريكية: السمنة ترتبط بـ16 مرضا مزمنا
- إسرائيل تبرر قتل 15 مسعفا في رفح بـ-الشعور بالتهديد-
- -تايمز أوف إسرائيل-: نتنياهو يغادر واشنطن بخيبة أمل
- ترامب لأردوغان: لقد فعلت ما عجز عنه الآخرون على مدى ألفي عام ...
- العلماء الروس يعتزمون إنشاء نموذج رقمي يحاكي -معبد المرجان- ...
- طريقة بسيطة للسفر عبر الزمن!
- العلماء يؤكدون إمكانية تصنيع ألواح شمسية من الغبار القمري
- أطعمة على العشاء تسرّع خسارة الوزن وحرق الدهون


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - راندا جمال - صراع الثقاقة والفكر والتحضر