أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مفيد مسوح - ماذا لو باعت صباح فساتينها ؟!














المزيد.....

ماذا لو باعت صباح فساتينها ؟!


مفيد مسوح

الحوار المتمدن-العدد: 860 - 2004 / 6 / 10 - 06:30
المحور: الادب والفن
    


سَرتْ منذ أسبوعين شائعة تفيد بأن الفنانة الكبيرة صباح تعـْرض الفساتين التي ظهرت بها في أفلامها ومسرحياتها وسهراتها الفنية للبيع نظراً للضائقة المالية التي ألمَّت بها مؤخراً.
ليس غريباً أن تصل الحال بفنانة عظيمة ملأت الدنيا وشغلت الناس مثل جانيت الفغالي إلى مثل تلك التي نسج ثقيلو الدم إشاعتهم على نولها. فقبل صباح تعرَّض فنانون ومبدعون خالدون، من كافة بقاع الأرض وخلال مراحل التاريخ الفني والأدبي، إلى أزمات مالية وهم في أواخر فترات حياتهم التي كانت مليئة بالنشاط والعطاء والشهرة أيضاً ..
وبما أننا نشهد أياماً انقلبت فيه القواعد والمعايير لتتحفنا بأفظع صور العبثية واللامعقول فإنه لا مناص من قبول واقع كهذا، على مرارته، تذهب فيه الأموال المصروفة على كافة أشكال الفن إلى الرخيص والغث منه ويحرم الطرب الأصيل والمسرح الجيد وأصحاب الإبداعات من جزء يسير من هذه الأموال، بالرغم من أن أرقامها أصبحت كبيرة جدا ً لا بل خيالية كي تعكس حالة (الرخاء) المدعوم بذهبنا الأسود.
وبغض النظر عن مدى صحة الخبر، والذي كذبته صباح، فإن الفكرة بحد ذاتها ليست كما يحلو للبعض تصويرها كعمل مُخجل أو كملجـأ يائسٍ من الفاقة بل من الممكن النظر إليه من زاوية أخرى بكل بساطة وجدية، ولنقطع الطريق على تجار أخبار الفنانين، وخاصة من له في تاريخ الفن باع طويل ومكانة عظيمة.
فساتين صباح في أعمالها ليست قطعاً من القماش التي حيكت لستر جسدها ولا هي ملابس عادية تقيها البرد والحر بقدر ما هي أجزاء من العمل المسرحي الذي أطلت فيه الشحرورة على جمهورها ومحبيها في مسارح بيروت ودمشق وبعلبك والقاهرة وتونس وباريس وعشرات المدن العربية والعالمية برشاقتها وحيويتها ووجهها المشرق وصوتها العذب ومواويلها التي سحرت الألباب وقربت المتباعدين وأعادت للمهاجرين مشاعر الحنين إلى أوطانهم وأهلهم.
إن في ثناياها وزركشاتها صور لفن صباح الذي اشتركت لإكسابه الصفة الأدبية مع عشرات الكتاب والمؤلفين والشعراء والمخرجين والموسيقيين والمصورين والممثلين في تآلفات إنسانية رائعة.
وهي غالباً من تصميم وتنفيذ محترفين فنانين أكثر من كونهم مجرد مصممي أزياء فكانت ابتكاراتهم بمستوى فن صباح وأدوارها وأغانيها.
ولأنها كذلك، ولأن وظيفة هذه الفساتين انتهت بانتهاء العروض، ولأن أحداً لم يفكر بإقامة متحف لملابس الفنانين والفنانات فإنه لا ضير في توزيع هذه الفساتين على من تعني شيئاً ما بالنسبة إليهم والاستفادة من ثمنها الذي يجب أن يكون مرتفعاً في حالة صباح بالذات نظراً لحقيقة يعلمها الجميع وهي أنه عرف عن هذه الإنسانة كرمٌ غير محدود واستعداد لمساعدة الجميع، أفراداً ومؤسساتٍ إنسانية كما أنها صرفت مراراً على حفلاتها ولم تتلق الريع بل تبرعت به كاملاً لأعمال خيرية.
لو كان لدي المال لما ترددت في شراء "فستان نجلا الحريري" .. كنت سأضعه معلقاً في فيترينة زجاجية خاصة ذات فتحتين لتمر منهما نسائم الربيع تتلاعب بأطرافه فأتصور حرج نجلا الخجولة التي أتعبها الفستان فغنت تهدده: (انضل الهوا يعمل هيك رح ضبك بالخزانة) وكنت سأشتري "الفساتين المكوية" التي لبستها "سلوى" في المدينة بدلاً من ملابس الضيعة وربما تحسَّرْتُ على الفساتين الأخرى التي رافقت صباح على مدى ستين عاماً من المجد والتألق والنجاح في السينما والمسرح والغناء ومن الكرم في صناعة الفرح وتقديمه مجاناً لعشاقه.
ولكن، هيهات يابو الزلف، المال ليس في جيبي .. إنه في جيوب آخرين معظمهم لم يتلذذ العتابا والميجانا ولم يتذوق مواويل الدلوعة ولم يحلق مع صوتها الرنان فوق أرز لبنان العالي.
ومع هذا فلا بد أن هناك من هو على استعداد لاقتناء فساتينك الجميلة.
بيعي فساتينك ياشحرورة الوادي .. فـُرادى أو حتى للـ "سمسار اللي بيلبس قمباز وكمره مليان" كما بعتـِه القصب لصنع "دواليب الهوا" فأسعدت الأهالي ..
بيعيها فربما انتقلتْ من خزائنك، حيث لا يراها أحد سواك، إلى فيترينات من أحبك في "عقد اللولو" و "كرم الهوى" و "الشلال" و "القلعة" و "ست الكل" و "الأسطورة" .. فإن رأوها عادت بهم الذاكرة إلى "البيصير يصير" و "عَ الندَّا الندَّا" وغيرها ..
بيعيها وبيعي بيتك واطلبي لهم ثمناً عالياً يليق بقيمة ما أجدْتِ به وأنت في رونقك وبهاء محياك وكذلك بقدر ما أبهجتِ القلوب ونشرتِ الفرح وأحييتِ في النفوس حب الوطن والإخلاص له. بيعيها وتمتعي بصرف ثمنها كما يحلو لك .. فما نحن متأكدون منه أنك كعادتك ستتبرعين بسخاء لمن هو محتاج.
وكما تـُزين جدران البيوت الفاخرة بلوحات قيمة لعظماء الرسامين ورفوفها بمقتنيات الملوك والأمراء والأميرات فإن فساتينك الناعمة ستكون من أغلى ما يحتفظ به معجبوك وستذكـِّر من يراها بجبال لبنان التي ارتفعت بصوتك القوي مخترقة الغيوم لتمسح قطرات العرق عن وجه القمر الذي لم يتوقف عن الحضور في سهراتك الممتعة، وستزيد من حماس الفتيان والفتيات في حلقات الدبكة وهم يخبطون الأرض "عنَّي يا منجيرة عنـي" و " يا خيل بالأرض اشتدي" ومن دَلـَع الصبايا يتمايلن مع "أهلا بها الطلِّة أهلا" ومن فرح جمهورك وفخرهم يرددون "يسلم لنا لبنان".
يا سيدة لبنان وأيقونته، يا لحن العتابا والميجانا، يا شلح الزنبق .. يا حلا الثورية و سلوى المغامرة وأم مرعي الصبورة القنوعة ونجلا يصل صوتها المتدفق كالشلال إلى النجوم فتطرب وتحزن لأنها ليست معنا على الأرض ..
يا مليكتنا .. ألم تـُقرِّي بأن "حب الجمهور هو أصدق أشكال الحب وأرفع التيجان" إذن .. هنيئاً لك هذا الثراء الذي لا يزاحمك إليه أحد .. لا خوفاً بل اعترافــاً بأنك مـالكةُ قلوب عشاق الطرب الأصيل .. ولا تكترثي للإشاعات التافهة وابقي لنا الصبوحة الشحرورة صانعة الفرح ورمزه الأبدي.



#مفيد_مسوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجيـب ســرور الفنـان الرقيـق .. المنــاضل العنيـد - ترتيــــ ...
- العقــل والديــن منفصلان !!
- الأصغر بيوم أفهم بسنة
- مقتطفــات من شعر جميــل صدقي الزهـــاوي في الفلسفة والمـــرأ ...
- شتم المرأة يشفي غليل المتخلفين
- 8 آذار (مارس) اليـــوم العالمــي للمــرأة
- الشبع باستنشاق رائحة الشواء
- استفتاءات قناة الجزيرة وآخر أبواق صدام
- ما ذا يريد عبد الباري عطوان؟
- رحيل المفكر والأديب السوري الكبير الدكتور حافظ الجمالي
- يوسف حنــــا نــورٌ أفـــَـل قبــــل الأوان


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مفيد مسوح - ماذا لو باعت صباح فساتينها ؟!