محمود المصلح
الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 12:52
المحور:
الادب والفن
كنت استمع لأم كلثوم في صغري ، وعنما اصبحت في الثانوية ، انغمست في الحب من طرف واحد ( طبعا من طرفي ) لبنت الجيران وانا اشاهدها بقميص النوم كل صباح تتشمس في باحة البيت المقابل لبيتنا ، بيضاء غضة ، بشعرها الاسود الفاحم المتهدل على كتفيها ، اتربص ان ترفع ذراعها لارى ابطها الابيض الطري ، واترك لمخيلتي ان تكمل الباقي ، كانت ام كلثوم رفيقة دربي على طول درب العشق الذي الهبني واشغلني عن المهام الجسام التي كان ابي يعتقد انني موكل بها . حفظت اغلب اغانيها .. ابكتني واضحكتني . . .واطربتني .. وانا في خلوتي كنت استمع للست ام كلثوم . . وكانت بنت الجيران تجلس في خيالي .. اجلسها مجلسا مختارا من قبلي .. كم احسست ان الست كانت تغني لي وحدي .. تبكي لي وحدي .. وتنوح لي وحدي .. وتزغرد لي وحدي ..فتحملني الافكار بعيدا .. بعيدا جدا .. أثرت أم كلثوم في حياتي بطريقة قد تكون غريبة نوعا ما .. كما اثرت بنت الجيران ..في مرحلة الثانوية العامة ( التوجهي ) ونحن نستعد على طوال العام الدراسي للامتحان النهائي .. كانت الحياة الدراسية تتطلب جهدا مضاعفا في هذه المرحلة.. والجهد بحاجة الى خلوة وجلسة ووقت .. اتاحت ام كلثوم الجو الذي احب .. ووفرت بنت الجيران الخلوة الروحية ..فجلست في بيتنا .. وفي غرفتي اكاد اكون وحيدا ..الا من ام كلثوم وصور بنت الجيران التي كانت تملء علي حياتي ، التي كانت تضفي على خلوتي حالة من الرومنسية والجو الذي احب والذي لا ازال احب الى الان .
تفوقت في الثانوية ، ولم تغادرني ام كلثوم ولم اغادرها وما نسيتها ، وبقيت اجوائها وصورها والحانها وزغاريدها ونواحها وبكائها عالقة في خيالي . وتركت بنت الجيران كما تركتني عندما ذهبت وتزوجت وهي تحبو نحو الصف العاشر ..لاشق طريقي بلا صورها وبلا خيالاتها التي كنت احب .. وتركت الباحة خالية .. انظر اليها كل صباح فلا اجدها .
بقيت ام كلثوم في لحنا جميلا احبه واعشقه ، وبقيت اجوائها كما اتمنى ، لكني لم ابقى انا كما كنت ، فتغيرت حياتي راسا على عقب ، اخذتني حياتي مني ، نزعتني من اجوائي التي احب ، ونزعت من احب من أجوائي .. اخذت وقتي وشغلتني وتركتني في اشتاق للحن الجميل .. كم اطير من الفرح وانا اقود سيارتي ذات مساء واسمع ام كلثوم
كم تكون الامسيات سعيدة .. كم اتمنى لو ان الوقت يسمح لاحلق معها في لحنها العالي السامي .
سلاما على الايام الخوالي ، سلاما على ام كلثوم .. وسلام على الزمن الجميل ...
#محمود_المصلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟