أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - الزنزانة رقم 3














المزيد.....


الزنزانة رقم 3


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 04:25
المحور: الادب والفن
    


الزنزانة رقم 3

الباب حديدي،والرقم ثلاثة.المكان زنزانة موحشة باردة، تنبعث منها رائحة الموت،والخوف والغياب المفاجئ…كنا هنا،نتعفن كعلب سردين نتن.وكان ينزوي في ذاك الركن موليا وجهه نحوالجدران. !
كلما ضاقت به أمتارالزنزانة.
أشار أحد رفاق دربه قائلا.
تقدمت° حيث أشار رفيقك بخطوات غير ثابتة.. صوب ركن الزنزانة الضيقة.جلست في المكان ذاته. تتحسس الجدران بأصابع مرتعشة.اقتربت أكثر،بحثا عنك،عن رائحتك،وعن أثرك هناك.
شعرت بصقيع الزنزانة،حين بدأت ذاكرتها تضج بالسؤال عنك وعن ليال الشتاء الباردة،كيف كانت وكيف كنت..؟وعن ليال الصيف الحارقة،الخانقة في هذه الزنزانة الضيقة جدا،وعن سوط جلاد لايرحم..وعن..وعن..
كلما لمست جدران الزنزانة بأناملها المرتعشة..تشعر أنك هنا،قريب منها،.تربت على كتفها،تمسح
بدفء كفك دمعة منسكبة على خدها الشاحب.وترد على أسئلتها الحارقة المعلقة لسنين طوال.تصيخ السمع،فيتردد صدى صوتك الدافئ، في هذا الفضاء الضيق،رغم برودة المكان..هامسا لها:
-.صغيرتي آم آن لك أن تكبري..آم آن لك أن تبسمي..؟
كيف تبسم ..؟وكيف تكبر..؟والطفلة الصغيرة مازالت تحن لدفء حضنك.الطفلة الصغيرة تأبى
أن تكبر في إنتظارأن تعود يوما ما وتحكي لها الحكاية..
إلتفتت بحثا عنك هنا وهناك.لكنها لم تجد غيرالوحدة والوحشة الباردة، في هذا المكان البعيد عن دفء الأحبة.أحبة أّرغمت على تركهم ذاك الفجر الضبابي القسمات.أحبة دونهم “بيدا دونها بيد”. انتشلها احد رفاقك بكلماته مشجعا عندما شعر ببحر صمت مخيف يطوق أنفاسها.
-لك الأمل عزيزتي،لك الغد والفرح الجميل،لك الفخر به أيضا..
كلماته ممزوجة بوجع الغياب،وبمرارة من مروا هنا..لاشئ ،لاشئ غير جدران صماء،باردة وصوت حارس كريه كان يسمعك ألفاظا قذرة،وأنت الذي سمعت أذناك أعذب الكلمات..وأنقى الألفاظ.
تغمض عيناها علك تتراء لها في زاوية من زوايا زنزانة، تناثرت سنين عمرك الهاربة بين حيطانها الموحشة..وتناثرت سنين عمر صغيرتك على أرصفة الانتظار..
في ذاك الركن كان ينام متوسدا ساعده الأيمن.أردف رفيقك قائلا.
أخذتها الذكرى بعيدا ،بعيدا بحثا،عن حلمها المغتال.وعن دفء مفتقد.فلاساعد بعد ساعدك استراحت عليه.ولاساعد بعدك حماها من صقيع الليل الطويل…
كل أحلامها أَجهضت ،وكل الحكايات ابتلعها المجهول.لم يبق في ذاكرة صغيرتك إلا دفء ساعد توارى وراء الغياب…
لم ينقذها من شرودها العميق غير وقع خطى رفاق درب المعاناة.وأصوات جريحة،تنضح بمرارة الذكرى..فلان كان هنا،وفلان كان هناك..وفلان لفظ أنفاسه الطاهرة هنا، وذاك هناك.. ذاك وذاك والائحة تطول..
لاشئ غير مكان بارد تطوقه رائحة الغياب،على ذكرى من ابتلعهم ظلام دامس، وداستهم أقدام
قذرة صباح مساء.لم يبق غير جدران صماء،لونطقت يوما ما،لملأت الأرض صراخا وبوحا جريحا..
لم يبق غير الزنزانة ذاتها،ببرودتها،بوحشتها،برائحتها،بحيطانها،بصريرأقفالها،بسقفها،بشقوق جدرانها
وبخيوط عنكبوتها..شاهدة على يوم شاحب لفظت فيه أنفاسك الطاهرة على إسفلت
زنزانة باردة،وحيدا بعيدا عن أمكنة الدفء والحنين.
وحيدا دون دمعة مواساة أو دفء كلمة لحظة احتضار باردة..رحلت بعيدا بعيدا،وبقي مكانك
شاهد على غروب شاحب..
البتول المحجوب لمديميغ






#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارض السمراء
- منفضة سجائر
- رائحة ضفائر أمي
- جزء من حكاية الوجع
- ايام معتمة
- رائحة الوطن
- صمت المدن
- سر الحكاية
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار


المزيد.....




- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...
- -شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - الزنزانة رقم 3