كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 859 - 2004 / 6 / 9 - 04:42
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
أطل علي من الداخل ….ظل برهةٍ يتابعني وقد بانت على وجهه علائم السخرية من تفاهتي ، وأنا منشغل بتدريب طيرٍ صغير بائس على أن يتآلف معي …
أضعت ساعات وساعات ، جربت الكثير والكثير من أساليب التأثير النفسي ، فلم أفلح ، حاولت أن أنومه مغناطيسياً ، فلم يستجب …
أحسست بداخلي بأنه لا زال هناك عند المدخل ، لم أجرؤ على النظر إليه ، لا أحتمل سخريته …
- ها …أين وصلت …
- ليس بعد …ولكني سأنجح …
- مسكين …
- من …أنا أم الطير …
- كلاكما …ولكنك الأكثر مثاراً للإشفاق …
- لم …
- لأنك تضيع وقتك وجهدك هدراً ….ثم ….هل تضن إنك ستنجح مع طيرٍ أبكم …وأنت الذي لم تنجح مع الناطقين…
- ماذا تعني ..؟
- لقد أضعت أكبر قسط من حصتك في التواجد في هذه الحياة ، بمحاولة كسب حب الآخرين ….زوجتك …أبنائك …وها أنت وصلت إلى قمة إفلاسك ، إذ جئت تجرب أساليبك العتيقة على طير أبكم ، لا عقل له …ماذا تبغي من وراء ذلك ، شعور بالقوة ، بالقبول ، بالأمان …ماذا …
- ولكني سأنجح …إنني أجرب معه أساليب التأثير الروحي ، وهذه لا تخيب أبداً ، مع كل ذي روح …
- وأنت هل أنت أصلاً ذي روح …؟
- ماذا …ماذا تقول …ما هذا الهراء …
- أعني هل لديك روح متجانسة ، منسجمة …
- طبعاً …
- في الداخل كما الخارج ؟
- …." فكرت لبرهة …
- طبعاً …
- وهل هما متطابقين متوافقين …؟
- من …تعني ب.."هما .."
- الداخل …والخارج..
- لا شك …
- إذن لم تتحاشى أن تنظر لي ..
- أنا …
- طبعاً …أنا شخصياً لا أكاد أرفع عيني عنك …وتعاطفي معك لا حدود له ، ولكنك لا تجرؤ على النظر لي …
- ولماذا علي أن أنشغل بك ، وأترك الخارج ..؟
- لأنك لن تستطيع أن تنجح بدوني … جرب أن تنظر وسترى …
حاولت أن ألتفت إليه ، أصبت بتشنج في عظام الترقوة ….جاءتني ضحكته ساخرةٍ مجلجلة …
حاولت ثانيةٍ جاءني نشيجه قوياً … ثم اختفى في مخبئه ، هناك في القبو الأرضي المعتم ..
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟