|
حول ملاحظات قوجمان الدِّياليكتيكية
أنور نجم الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2827 - 2009 / 11 / 12 - 22:27
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
أقدر جداً جهود السَّيد (حسقيل قوجمان) لتكريسه وقتاً لنقد أبحاثي عن (التَّناقض بين المادية والدِّياليكتيكية)، ولكن لابدَّ من طرح الملاحظات الآتية:
يقول السَّيد قوجمان: "يعرِّف الأخ أنور الدِّيالكتيك بأنَّه نظرية المعرفة، ولا أدري من أين أتى بهذا التَّعريف، إذ لم أسمع أو اقرأ تعريفاً كهذا من أي باحث آخر". ويواصل السَّيد قوجمان ويقول: "إنَّ اعتبار الدِّيالكتيك (نظرية المعرفة) واعتبار نظرية المعرفة ظاهرة فكرية فلسفية لا علاقة لها بالواقع هو أساس كلِّ هذه الاستنتاجات الخالية من كلِّ أساس علمي في مقال الأخ أنور".
يقول لينين: "إنَّ الدِّيالكتيك هو حقاً نظرية المعرفة (عند هيغل) وعند الماركسية: إنَّ هذا الجانب من الأمر (وهو ليس جانباً، إنَّما هو جوهر الأمر) قد أهمله بليخانوف، فضلاً عن الماركسيين الآخرين – لينين، حول الدِّياليكتيك".
أمَّا ما إذا كان الدِّياليكتيك فكرة فلسفية أم لا، فيقول أنجلس: "إنَّ ما بقي على قيد الحياة، بصورة مستقلة، من كلِّ الفلسفة السَّابقة هو علم الفكر وقوانينه – أي المنطق الصُّوري والجدلية – أنجلس، أنتي دوهرنغ". إذاً: فالجدلية هي قوانين علم الفكر، أمَّا علم الفكر فهو المنطق.
والسُّؤال الموجه لأنجلس، ولينين هنا، هو: هل للفكر، أو نظرية المعرفة، قوانينه الخاصة به؟ ومن أين أتى أنجلس، أو لينين، بهذا التَّعريف؟ وهل يقع أنجلس، أو لينين، في التَّناقض مع مادية ماركس التَّاريخية من خلال هذا التعريف أم لا؟ وماذا يعني في الواقع علم الفكر؟
لندع هيغل يجيب عن هذا السُّؤال: "المنطق هو علم الفكرة الخالصة، علم الفكرة في عنصر الفكر المجرد، ويمكن القول إنَّ المنطق هو علم الفكر، تعيناته وقوانينه"، "فالمنطق ينطبق في الهوية مع الميتاقيزيقا"، "موضوع علم المنطق هو الفاعلية المفكرة ومجموع تعيناتها"، "علم المنطق هو علم الفكر وحقيقته"، "المنطق يعتبر ميدان الفكر وعموميته، الفاعلية المفكرة هي دائرته الخاصة – هيغل، مختارات".
وهكذا، فمن وجهه التَّاريخي، جاء المنطق الصُّوري ليدرس طبيعة الفكر الخالص، أو العقل الباطن، فعلم الفكر وقوانينه، أي المنطق الصوري والجدلية، فكرة فلسفية، تبحث عالم ما وراء الطَّبيعة، تبحث الحقيقة، وجود الله، فليعدْ الماركسيون هذا العلم لأصحابه الواقعيين، ونعني بهم المسيحيين والمسلمين، فالدِّياليكتيك مشتق في الأصل من اللاهوت (سوف نعود إلى هذا الموضوع بالتفصيل في حينه). وللمعلومات عن تناقض ماركس مع المنطق الصُّوري، انظر الأيديولوجية الألمانية، ترجمة الدُّكتور فؤاد أيوب، الصَّفحات (200 – 400) بالتَّحديد. وللمزيد من المعلومات حول تناقض مادية ماركس التَّاريخية مع منهج كلٍّ من هيغل، وأنجلس، ولينين، وبالأحرى منهج المادية الدِّياليكتيكية، فانظر: (تعارض ماركس مع المادية الدياليكتيكية) و(تعارض المنهج المادي للتَّاريخ مع المنهج الدياليكتيكي) و(تعارض ماركس مع المنهج الدِّياليكتيكي) و(التَّاريخ ما بين ماركس وهيغل) في الحوار المتمدن.
أمَّا السُّؤال الموجه للسَّيد قوجمان هو: ما هي المادية الدِّياليكتيكية التي تتحدث عنها في ملاحظاتك؟ هل هي فلسفة أم لا؟ وهل يعتبرها لينين، وستالين، وتروتسكي، وماوتسي تونغ، والماركسيون الآخرون فلسفة أم لا؟ ولماذا إذاً كلُّ هذا الاستغراب لاعتبار الدِّياليكتيك فكرة فلسفية؟ وهل نسبة هذه الفلسفة إلى ماركس، يحول ماركس من عالم اقتصادي - تاريخي، إلى فيلسوف أم لا؟ أمَّا فيما يخص التَّناقض بين (المادية) و(الدِّياليكتيكية) فنحن نتحدث عن مفاهيم متناقضة، لا عن السالب والموجب، نتحدث عن الوحدة السَّالبة للواقعية والمثالية، أي: التَّناقض بين المادية والدِّياليكتيكية بالتَّحديد، أو التَّناقض بين العمل التَّجريبي (العلم) والتَّأمل التَّاريخي (الفلسفة). وهكذا، فليس من الضَّروري كشف القوانين المادية - الفيزيائية أو الاقتصادية - من خلال العلوم التَّجريبية، التي اكتشفها هيغل سلفاً، وببساطة، أو دون أي جهد من خلال الفكر المجرد، المنفصل عن واقعه التَّجريبي، وعلى عكس القوانين المادية، فلا تحتاج القوانين الدِّياليكتيكية أي جهد لكشفها، أي لا نحتاج دخول الأشياء لكشف القوانين الدِّياليكتيكية، حيث الدِّياليكتيك نفسه، لا يرى سوى غلاف الأشياء، فالدِّياليكتيك يحِلُّ أفكاراً جاهزة، محلَّ البحث عن الشُّروط التَّجريبية لتطور الأشياء والعلاقات المادية في العالم - انظر: (التَّناقض بين المادية والدياليكتيكية) و(التَّناقض بين المادية التَّاريخية والفلسفة الماركسية)، فالمنطق أو الدِّياليكتيك، يبحث أمور غيبية لا واقعية، أمَّا المعرفة الواقعية، أو المعرفة النَّاتجة عن القوانين المادية، غير موجودة، إلاَّ بعد دراسة الواقع، وإجراء التَّجارب عليها من خلال الوسائط التّقنية.
إنَّ مصدر المادية الدِّياليكتيكية، هو التَّأمل الألماني وطريقته الدِّياليكتيكية في البحث، أمَّا منشأ المادية التَّاريخية، فهو العلوم الاقتصادية والتَّاريخية وطريقتها الواقعية في البحث، وعلى الأخص طريقة علم الاقتصاد السِّياسي الإنجليزي (انظر: تعارض ماركس مع الفلسفة الألمانية، والاقتصاد السِّياسي) في الحوار المتمدن، فتوفر المواد اللازمة للبحث عن التَّاريخ، وسبل فهم علاقات البشر بهذا التَّاريخ، يعود في الأساس إلى التَّطور الصِّناعي الذي يحِلُّ وسائط عملية محلَّ الدِّياليكتيك، فمن خلال هذه الوسائط التي تعطينا فرصة العمل التَّجريبي، اكتسبنا معارف مادية، واقعية، عن التَّاريخ وفهم علاقتنا بالطَّبيعة بالذَّات.
مرة أخرى أقدر جهودكم، واقبلوا تحياتي الخالصة.
#أنور_نجم_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التَّاريخ بين ماركس وهيغل
-
تعارض ماركس مع المادية الدِّياليكتيكية - 2
-
تعارض ماركس مع المادية الدِّياليكتيكية - 1
-
تعارض ماركس مع المنهج الدِّياليكتيكي
-
تعارض المنهج المادي للتَّاريخ مع المنهج الدِّياليكتيكي
-
التَّناقض بين المادية والدِّياليكتيكية
-
تعارض ماركس مع الاقتصاد السياسي
-
تعارض ماركس مع فلسفة هيغل وفيورباخ
-
مدخل إلى: تعارض ماركس مع الفلسفة الألمانية، والاقتصاد السياس
...
-
التناقض بين المادية التاريخية والفلسفة الماركسية - 2- المارك
...
-
التناقض بين المادية التاريخية و الفلسفة الماركسية - 1- المار
...
-
التروتسكية: نظرية الثورة الدائمة - )مقتطفات من: التروتسكية ث
...
-
الهوبسنية – اللينينية و الحركة الكومونية العالمية - التناقض
...
-
المادية التأريخية و اسطورة الماركسية – جوابا لانتقادات المار
...
-
تصحيح خطأ!
-
الشيوعية وأسطورة الماركسية – ماركس ولينين ((1))
-
هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد وثورة أممية جديدة؟ 6 أزمة
...
-
هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد وثورة أممية جديدة؟ 5) أزم
...
-
الهوبسنية – اللينينية و الحركة الكومونية العالمية: التناقض ب
...
-
هل نحن على أعتاب انفجار عالمي جديد و ثورة أممية جديدة؟ 4) لن
...
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|