شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)
الحوار المتمدن-العدد: 2827 - 2009 / 11 / 12 - 00:29
المحور:
الادب والفن
كنت القريب من التراب في كل خطاك ،
الموغل في أزقة المخيم والبلدة والمدينة ، تصعد سلّم الأحلام
وتبني وطناً حراً حتى في الخيام ، كنت اللاجئ والمواطن ،
المقاتل والمهادن ، الذي يدرك خطوات الجياد حين تدق بحوافرها رمل البلاد
وتمضي بثورةٍ كالريح نحو الحرية ، عشت تناور الرماح المصوّبة لظهرك
وتجعل الأفق ملاذك كلما اتسع المدى ، فكان الوطن مبعث صبرك ، والقدس قبِلة أحلامك .
عرفتَ متى الصمت ومتى الكلام ، متى التوقف ومتى المسير ،
وفي غفلةٍ من الزمن شاؤوا أن يصلبوك على معبد التنازلات
فكنت وحدك القرار ، وحدك الذي قال للطوفان : " لا " ،
فتحوّل حصاركَ لظلامٍ يلف طغيانهم ، صرعوك حياً قبل أن ترحل ،
وكأنما في جسدك يكمن الوطن الذي يأبى الانكسار ،
فبتَّ لغزاً يثير دهشة الباحثين عن حقيقتهم فيك .
ذاك الرصاص من حولك صار عزفاً يثير شجون الكلام ،
والمسافة بين الشظايا والقبر لم تكن سوى رحلةً تمر عبرها للوطن
الذي خضت لأجله هذا السفر الطويل .
لم يصرعوك وإنما أرادوا أن يصرعوا الوطن فيك ،
فلم تمت ، بقيت حياً تنتظر خارطة تهديك للطريق الذي عرفته قبل غيرك ،
فهل يا سيدي كانت خطاك هي البداية،
أم أننا بعدك طمسنا أثر المشوار ورحنا في غيبوبة المتاهة ؟
يا صاحب الرسالةِ بعدك طال نومنا
وليتنا نستفيق من كابوس الغياب ، وليتنا نأخذ من خطاك التي حيّرتنا
مساراً للصحو مما نحن فيه ، ولعلّنا نبني من أحلامنا جسرا يوحدنا ،
ويوطد القرب بين خلايانا المستحيلة .
أينك الآن من ترابك ، فغيابك يكاد يجبر شمسنا على أفولٍ أبدي ،
فاشرق لنا من أحلامك بعضا من نور الأمل ،
لنعود لمسارات الوطن قليلا ، ونستدرك ما ارتكبناه من خطايا ،
فدماؤنا المصلوبة على نفوذ الغواية لم تعد تسامحنا لما أرقناه منها وأهدرناه فينا ،
عد بروحٍ تتلبس طيفك لتمنع المقصلة عن رقابنا ،
عُد بطيفٍ يمنع جباهنا من الانحناء ، أو اقرأ علينا السلام
فبعدك كسرنا سلّم الأحلام ،خلطنا الأوراق ، فكثرت في فلسطين الخيام .
#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)
Shojaa_Alsafadi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟