جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2826 - 2009 / 11 / 11 - 20:33
المحور:
كتابات ساخرة
طبعاً يا ناس أنا بحكي عن بعض الدعاة غير الرسميين الذين لمجرد حفظهم آية من آيات القرآن يشعرون وكأنهم علماء في كل الكتب المقدسة وغالبية هؤلاء لا يقبلون بالإنجيل ويعتبرونه مزوراً ولا بالتوراة وبنفس الوقت لا يملكون معرفة في القراءات المتعددة للقرآن وهي تتشابه مع قصة انتشار الأناجيل الأربعة على أن الفارق بين الإنجيل والقرآن هو أن القرءات المتعددة للإنجيل بقيت ثابة والقراءات المتعددة للقرآن تلاشت ولم يبقى منها إلا مصحف عثمان.
وبالمناسبة أريد التنويه إلى أن غياب مؤسسات المجتمع المدني في الدول العربية فرصة كبيرة لنمو طحالب متسلقة من دعاة الماضي وغياب الجمعيات والأحزاب السياسية والأندية الثقافية يزيد هذا من فرص عدم توحد الجهود الثقافية وبموت جميع المثقفين وانتحارهم على أبواب المدن والقرى كما تنتحرُ الحيتان على شواطىء البحار .
لكل شيء مراحل نمو وتطور وتقدم , وللداعية الإسلامي مرشد ومعلم , ومراحل نمو الداعية الإسلامي تبدأ مثل أي هاوي على المهالك ناوي, ولتفسير الكتب المقدسة غاوي , فهي تبدأ على شكل هواية وتقليد وتنتهي بمحاولة أن يعيد الإسلام كما كان في الماضي البعيد مدعياً أنه يرغب في التجديد.
وكما قالت جدتي : أوله دلع وآخره ولع .
ومن الغريب أن غالبية الذين يرتادون المساجد تبدأ هذه الرغبة لديهم بالنمو في كل يوم , فهم على الفور يرغبون بتوجيه الدروس والخطب والعبر , وهذا يضعف إلى حدٍ كبير مؤسسات المجتمع المدنية , فمثل تلك الدروس يجب أن تنتشر من خلال مؤسسات المجتمع المدنية مثل الجمعيات والإتحادات النسائية والنقابات العمالية , ولكن غياب مؤسسات المجتمع المدنية يزيد من فرص انتشار المؤسسة المسجدية الدينية , وغياب المثقف المدني يزيد من فرص تكاثر رجال الدعوة وأهل السلف والسلفية.
ويعتقدُ هو أنه مقلدٌ للصحابة والتابعين وتابعي التابعين , فهو يبدأ بتقليد حياتهم وخصوصاً في حبهم لرسول الله , ولكن هنالك فرق بين الداعية الهاوي المقلد وبين الصحابة والتابعين وتابعي التابعين .
فالداعية الإسلامي في يوم وليلة أو بين ليلة وضحاها يصبح مفتياً عاماً للمسلمين وللديار المقدسة وللأمة العربية والإسلامية ويوجه انتقادا من أول يوم يمسك فيه مصلوة للصلاة لأهل بيته وأهل حارته ولزوجته وللتلفزيون وللزعماء العرب ويبدأ القول لزوجته أن كشفها عن يديها زنا وأن رؤية الناس لوجهها زنا ومن ثم يطلب ُ منها ومن بناتها الالتزام التام بتعاليمه هو وليس بتعاليم الإسلام .
وبعد شهر أو شهرين من مواضبته على الصلاة يبدأ بأداء الآذان فجراً وظهراً وعصراً , ومن ثم يقوم بتشغيل المراوح للمصلين واطفاءها ومن ثم يأخذ مفاتيح المسجد فيفتحه في أوقات الصلاة ويغلقه بعد الصلاة ويجلس في المسجد بين صلاة المغرب والعشاء والظهر والعصر يقرأ القرآن ومن ثم يشعر أنه يفقه في أمور الدنيا والدين وما على الناس إلا اتباعه كما تتبع ارشادات الأطباء , ومن ثم تجده يجلسُ في المسجد بينه وبين نفسه وكأنه علامة في الفقه واللغة والنحو ويتخذ لنفسه من المسجد ناحية يرغب فيها أن تأتي إليه الناسُ فيها فيلتفوا حوله مشكلاً حلقة درس وكأنه عبد الله بن عباس أو أحمد بن تيمية أو ابن الجوزية أو الإمام النووي.
ومن ثم يصرح بأن كافة علماء الإجتماع لا يفقهون شيئاً قياساً بفقه أبي هريرة وخصوصاً فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة ,فيقول مثلاً عن ويل ديورانت و آرنولد توينبي أنهم أطفال قياساً على علمه هو بالتاريخ , وداروين (دارون) يصفه بالمعتوه لأنه لم يقرأ قصة الخلق التوراتية أو القرآنية , ويصف كبار الفنانين والفنانان بالعهارة ويتخيل أم كلثوم ترقص وتغني في النار لأبي جهل وأبي الحكم ولفرج فوده ولجلال صادق العظم هي وسامية جمال وتحيا كريوكا وشريفه سيف النصر .
وحين لا تأت إليه الناس تجده يمدُ عينه إلى إمام المسجد فيبدأ بتوجيه انتقاده إلى إمام المسجد ويبدأ بالحقد عليه مدعياً أنه العثرة الوحيدة أمامه ولولاه لأصبح إماماً ومفتياً عاماً للمسلمين فيبدأ عن غير قصدٍ منه أوقصد بتوجيه الشكاوى عليه لدائرة الإفتاء العامة أو لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية , ثم يقترح عليهم تسريحه من الخدمة على أن يقوم هو بإمامة أهل حارته بالمجان رغبةً منه بالأجر والثواب للهروب يوم القيامة من العقاب لكي يدخل جنة الله من غير عقاب أو حساب .
وبعد سنة من مواضبته على الصلاة يبدأ بانتقاده للناس المارة في الشوارع والطرق فيمسك كل شخص يعرفه في الطريق ويريد منه دخول المسجد ليكون له مُنجداً ومعلماً ومرشداً ْفيطلبُ منه إن رفض موعداً ْيعدهُ فيه أن يأتي للصلاة .
وبعد هذه المرحلة حين لا تستجيبُ له الناس يبدأ بتوجيه انتقاداته جملة وتفصيلاً للزعماء العرب ويقف أمام التلفاز وكلما يشاهد صورة لأي زعيم عربي يبدأ بالبصاق عليها ولعنه وشتمه واتهامه بالشيوعية وبالماسونية والعمالة الإسرائيلية الأمريكية.
وبعد سنة من ذلك يبدأ بشتم كل امرأة تظهر على شاشة التلفاز وبالبصاق عليها وتوجيه تهمة الدعارة لها ومن ثم يغلق التلفاز ويأمر زوجته وبناته باحترام تصريحاته واعتبار التلفاز عملاً من رجس الشيطان.
وكلما طالت لحيته زادة رغبته في الزواج , كما يحدث مع المخلوقات الضواري المفترسة التي ترغب بالزواج والتزاوج بعد موسمٍ جيدٍ من الغلال فكل المخلوقات وخصوصاً الضواري تبدأ رغبتها بالتزاوج والسفاح بعد- أن تنتعش أجسامها من الحيوانات المهاجرة لمواقع المياه .
وكذلك هؤلاء تزدادُ رغبتهم بالتزاوج بعد أن يشبع من التعاليم الدينية فتزداد لحيته طولاً وعرضاً ومن ثم يصارح زوجته من أنه ينوي الزواج لكي لا يقع في الفتنة والزنا الحرام فيتزوج عليها .
ثم يخرج من المسجد أوالبيت لاستغلال بيوت العزاء مذكراً الناس باليوم الآخر ومرة من ذات المرات تجرأت عن غير قصد مني لأقول لأحدهم من أنك يا شيخ تتعاطا في الربا الاسلامي حين تقوم ببيع سيارتك بأقساط شهرية بزيادة سعر إذا قمت بتبديل سيارتك بسيارة أقل منها جودة بفارق سعر متفق عليه على أن يدفع المشتري الفارق على أقساط شهرية , فقام وقال لي : والله إنك يا ابن عمي أتيت بما لم يأت به الأولون والآخرون , وكأنه بهذا درس النظريات الاقتصادية الإسلامية والاقتصاد الانكليزي الكلاسيكي والحديث , وهؤلاء الفئة من الشيوخ يستغلون بيوت العزاء لنثر خطبهم العصماء ولا أحد يستطيع أن يقول لهم أي شيء لمجرد أنهم يطلقون لحاهم وألسنتهم.
ومن ثم يبدأ بمرحلة التحليل والتحريم فيحرم كثيراً من أنواع البسكويت لاعتقاده أنها تحتوي على دهون الخنازير ومن ثم تصبح الصور المعلقة في منزله وبيته وغرفة نومه حراماً لأن الله يوم القيامة يطلب من صانعها أن يضع فيها الروح , فينزلها ليكسرها وليكسر معها ذكريات البنات والأولاد والعائلة المصونة , وإذا بنته بدها اتروح على الجامعة يا ويلها يا سواد ليلها مش إذا رفض ذهابها لالالا بس إذا وافق واتبعت تعليماته وخصوصاً تدخلاته في التخصص واسم الجامعة .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟