أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - حامد حمودي عباس - ألبغاء .. وحياء المجتمع .















المزيد.....

ألبغاء .. وحياء المجتمع .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 13:36
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    


إن من دواعي الشعور بالشفقة على أمتنا المنكوبة بشرائعها وأعرافها ، وما تعيشه من إنتكاسة في هويتها ، هو إصرارها عند أهم مفاصل تلك الانتكاسة على تجنب الخوض فيما تعتبره خروجا عن الذوق وتعرض مشين للسمعة العامه ، وإهانة تجلب شماتة الاعداء .. بل إن الكثير ممن أبدوا رأيا في الممنوع هذا ، أطيح بهم لا لعدم الايمان بما ورد عنهم من أفكار ، وإنما فقط بدعوى الحفاظ على ماء الوجه ، وبتهمة المساس بكرامة الأمه .
ألبغاء .. هو ظاهرة من تلك الظواهر التي لا يشجع الملتزمون ( بثوابت القيم المجتمعية والدينية ) الخوض فيها مهما كان هدف ذلك الخوض ، إذ كيف لمن ينتمي لأمتنا ( المجيده ) والمتعالية على بقية الأمم ، أن يطرق بابا سيؤدي حتما إلى استغلاله من متربصين كفرة ، يحاولون النيل بنا عند كل منعطف وعلى كل سبيل ؟ .. ثم أليس من باب التخريب أن نتحدث عن البغاء في حضرة ابنائنا وبناتنا فنشجعهم على الولوج الى أشد المحذورات ، ونؤدي بهم الى التمرد على قيمنا وتاريخنا وديننا وأسس ما تربينا عليه من مفاهيم ؟؟ .. ألا يكفينا ما تعرضه شاشات التلفزيون وما يجري في المدارس والجامعات من إختلاط بين الجنسين ، وما نراه من تفشي الاخلاق غير الحميدة بين صفوف الشباب حين يعمدون الى الالتقاء في المتنزهات العامة ، أو يتحدث بعضهم مع البعض الآخر في الباصات والمحلات التجاريه ؟؟ ..
بهذه الروح المريضة يتصدى حملة الفكر المتخاذل أمام ضرورات الحياة والتي راحت تقتحم عالمهم قسرا بفعل التطور ، ليمنعوا ويقتلوا أية بادرة متفتحة ، الهدف منها دراسة تكوين المجتمع وعلى أسس حضارية وتقدميه . . وبهذه المقدرة المتراجعة من التفكير يتم الوقوف ضد أي تحاور عقلاني لتشخيص علل المجتمع ووضع الحلول المنطقية لهذه العلل .
فحينما يكون الامر مثلا يتعلق بظاهرة البغاء في بلدان الشرق الاوسط ، ويتم تناول هذه الظاهرة الخطيرة والآخذة بالتفشي رغما عن أنوف جميع المتحفظين والتقليديين والمتراجعين الى الوراء ، بفعل عوامل موضوعية لا يمكن نكرانها ، يبدأ الصراخ والنحيب على هدر القيم ، وسخف التفكير ، وترك ما هو أهم الى ما هو ليس بالمهم .
ومهما بالغ هؤلاء بنكران ما يجري ، فإن ظاهرة البغاء لا زالت تشكل إحدى المطبات المعترضة لمسيرة التطور الاجتماعي والأسري في بلداننا ، لا بسبب الانعكاسات الحضارية غير المجدية كما يروجون ، وإنما بفعل عوامل القمع النفسي المسلط على الجماهير المسحوقة جراء الفقر وتفشي الجهل المدقع وعدم وضوح معالم المستقبل .. فليست هناك من بغي ولدت حاملة لجين البغاء ، ويدرك الكثيرون ممن تستهويهم متابعة أمر من يمارسن البغاء ، بأن جميعهن يبدين شاردات الذهن ، يكتسين صوريا علامات السعادة ، ويتظاهرن باللامبالاة في ممارسة الجنس مع الآخر وبدون أي إحساس ، بهدف الكسب في أغلب الحالات ، وقد يكون لكل واحدة منهن عشيق يختص بمنحها سعادة اللقاء دون غيره من زبائن المهنه .. إنها كيان أقحمت عليه قسرا عوامل سلب الكرامه ، فليست من بغي تجد على محياها سمات الشعور بالكرامة الانسانية ، وهي بالتالي تبحث عن أي منفذ يعيد لها كرامتها المفقوده ، ولكن هيهات .. فمعاول العرف والشرع وحتى القانون لها بالمرصاد .. ليبقى الاعتراف بالواقع شاخصا على الدوام ، والاستمرار بالخضوع لهذا الأمر لا مفر منه ولا معين على تخطيه.
جميع النساء اللواتي يمارسن البغاء هن طاهرات في صميم نفوسهن ويكرهن هذه المهنة الرخيصه ، وجميعهن ينزعن الى أي باب للخلاص من هذه العبودية المقيته ، ولا توجد واحدة منهن لا تهوى أن تحب بصدق ، وتتزوج بصدق ، وتبني أسرة يعمها الاستقرار ، غير أن المجتمع المريض أصلا لا يدعها تستعيد عافيتها وتتراجع عن مسارها الغير مريح .
في العراق ، وكأي بلد عربي آخر ، يوجد هناك وبالقرب من إحدى المحافظات ، تجمع سكني للغجر ، ممن يمارسون الرقص في الأعراس وتمارس نساؤهم الهوى في بعض الحالات طلبا للمال ، حيث يقصدهم أجلاء القوم وأثريائهم ممن يضرعون الى الله أيام الجمع من كل اسبوع ..
حينما حدث التغيير في نظام الحكم عام 2003 ، وسارت الامور بمساراتها المعروفة ، تشرد سكان ذلك المجمع وانتشروا بين بقية المحافظات تحت تهديد التصفية بالسلاح .. ولم تعمد أية جهة تربوية أو دينية لإحتضان هؤلاء ، والعمل على تصفية مشاكلهم الاسرية والاجتماعية ودراسة أوضاعهم عن قرب لمعالجة الخلل الحاصل فيها كي يعودوا مواطنين أسوياء ، بل راح الغوغاء من الشباب وأغلبهم من زبائن ذلك الحي في السابق ، وتحت تأثير الهياج الديني العام ، يطاردون الرجال والنساء والاطفال في ذلك المجمع ، مما حدى بهم للإنتشار غير المنظم بين البيوت والاحياء ، خوفا من تصفيتهم جسديا بحجة إقامة الحد عليهم وبمباركة رجال الدين من الحاكمين الجدد .
لقد ظهرت في السابق دعوات منكره ، لحصر نطاق من يمارسن البغاء من النساء في أحياء بعينها تحددها عناوين مختاره تشير الى أنها أحياء لبيع الهوى ، وتمادى الحريصون على سلامة المجتمع ، الى حدود إقتراح شمول هذه الاحياء بالرعاية الصحية خوفا من انتقال الامراض المعديه .. وكأنهم يضعون بذلك تشريعا قانونيا لهذه الظاهره ، ويساهمون في إذلال كيانات بشرية مقابل توفير عوامل الأنس لكيانات أخرى ..
إن تحديد ظاهرة البغاء بالنساء فقط ، ومن ثم عدم السعي حثيثا لتتبع أسباب هذه الظاهرة أصلا بهدف معالجتها بدل هذا التجني غير المنصف بحق من ساقتهم ظروفهم المعيشية والحياتية بشكل عام الى الانحراف ، شأنهم في ذلك شأن أي منحرف آخر يستغل وضعه الاجتماعي والاقتصادي لسرقة قوت المستحقين من ابناء الشعب دون وازع من ضمير ، إن سلوك كهذا ، سوف لن يجدي نفعا في إستأصال ما نعتبره عارا في جبين مجتمعاتنا ويلفنا الحياء عندما يأتي ذكره بين الحين والآخر . . وعلى الحريصين على سلامة النشأة الاجتماعية في بلداننا أن يتصدوا لهذه الظاهرة بشيء من الحكمة والتحليل المنطقي ، والمساهمة في فضح القوى الرجعية المتخلفة والتي تنبري لمحاربة البغاء من منطلقات لا تعي طبيعة الأسس التربوية الحقة والصحيحة ، فتعمد الى أساليب التصفية الجسدية والإقصاء والمحاربة القذرة في الرزق و منع الحصول على القوت الكافي لممارسة الحياة .








#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوتها من داخل الطائره
- لتتوقف جميع دعاوى التصدي الرجعي للمفكر والكاتب التقدمي سيد ا ...
- حملة من أجل إطلاق سراح الملكين المحجوزين بأرض بابل
- ألقطيعة بين قمة الثقافة العربية وقاعدتها .. أزمة تبحث لها عن ...
- ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟
- ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا ...
- هذيان اللحظة الأخيره
- صرخة ألم في فضاء عذابات المرأة العراقية .. بائعات الملح يبصق ...
- عشق ما بعد الستين
- إعتذار
- نداء عاجل لكافة الوطنيين والتقدميين في العراق
- فلتسقط السياسه .. وليتوقف تدمير عراق النهرين والشط
- تحدي
- إشراقات خارج حدود وطن الأزمه
- ألعقلية العربية وتصدير الأزمات
- ألعقلية العربية لا شأن لها بثقافة التغيير والديمقراطيه
- عشق غير مألوف
- متى ياعراق ؟؟
- سجال متأخر .. حول ضرورة وحدة قوى اليسار في العراق
- ألعوائل ألعراقية بدأت تسكن القبور ... أيها المحللون لواقع ال ...


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- الروبوت في الانتاج الراسمالي وفي الانتاج الاشتراكي / حسقيل قوجمان
- ظاهرة البغاء بين الدينية والعلمانية / صالح الطائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس - حامد حمودي عباس - ألبغاء .. وحياء المجتمع .